تحقيقات

التعاون السكني في قانون جديد خطوة إيجابية في مسيرة الإصلاح والتطوير

التعاون السكني الذي يعتبر أحد أهم قطاعات السكن أهمية والذي يميزه عن غيره من أنواع القطاعات السكنية هو قيامه على مبدأ التشاركية بين المواطنين لتأمين مسكن مناسب وبسعر التكلف حيث يتميز بمرونة واستجابة لرغبات المكتتبين
 على مشاريعه والرقابة الذاتية وهذا ما قد لا يوجد في غيره من القطاعات .. 

ففي قطاع الاستثمار العقاري الخاص ورغم أن هذا القطاع يشكل حيز جيد من اهتمامات المواطنين وتقديم خدمات مميزة من حيث تأمين السكن اللائق إلا أنه لا يقدم الخدمة بسعر الكلفة , فلا بد من وجود هامش ربحي , يضاف إلى ذلك فإن مشتري السكن أو الحاصل على تخصيص لأحد المساكن في هذا القطاع فلا يوجد ضرورة من رقابة على آليات العمل ومتابعة التنفيذ لأنه بالنتيجة يسعى لاستلام المسكن جاهز وفق المواصفات المعروضة عليه .. 

في قطاع السكن الشبابي التي تقوم به الدولة فإن ذلك يقوم على أساس تخصيص مساكن بين الحين والآخر والتي قد لا تفي بحاجة المواطنين بالإضافة إلى أن الجهة التي تقوم بالتنفيذ هي مؤسسة عامة تسعى بنتيجة أعمالها لتسليم المسكن بالمدة المحددة وقد لا يكون المواطن مشاركاً حقيقياً في الرقابة على هذا القطاع .. 

حين الحديث عن تعدد في أنواع القطاعات السكنية فلابد من الحديث عن التجربة التي لاقت استحسان عدد كبير من المواطنين بسبب مشاركتهم في صنع القرار الخاص بإشادة وبناء مساكنهم , هذه التجربة يجب أن تنطلق من قاعدة ومناخ قانوني صحيح يمكن هذا القطاع الحيوي والهام من تحقيق أهدافه بعيداً عن العوائق والمخالفات .. 

وقد جاء المرسوم التشريعي رقم ( 99 ) للعام 2011 والذي عدل بموجبه المرسوم التشريعي رقم ( 17 ) لعام 2007 يشير إلى حالات لتطوير المناخ القانوني الذي يشكل الإطار الحقيقي لصيانة وتحقيق أهداف هذا القطاع , وعندما نملك تجربة جديدة لها حضور بين شرائح المجتمع فإن ذلك يتطلب من المشرع البحث وبشكل دائم عن قواعد قانونية وتحديث للمراسيم والتشريعات بما يكفل حقوق المواطنين ويحرص على تحقيق الأهداف بالطرق الأفضل وفق علاقات مؤسساتية حقيقية .. 

المرسوم ( 99 ) كان نقلة نوعية في مسيرة القطاع التعاوني السكني حيث ميز بين الجمعيات التعاونية الخاصة بالسكن عن الجمعيات التعاونية ذات الهدف الاصطيافي حيث أتبع الأخيرة إلى وزارة السياحية والتي بدورها تضع خطط متكافئة مع التوزيع السياحي والاصطيافي للمواطنين وبما يحقق انسجام وتنظيم للسياحة الداخلية في سورية , حيث ورد في المادة ( 71 ) من المرسوم التشريعي في الفقرة ( أ ) البند ( 1 ) " تنقل مهام وصلاحيات الإشراف على جمعيات السياحة والاصطياف ومشروعاتها وإدارتها من وزارة الإسكان والتعمير إلى وزارة السياحة مع المحافظة على مركزها القانوني ودون المساس بالحقوق المكتسبة لأعضائها وتخضع لأحكام هذا المرسوم التشريعي الجمعيات التي لم تستحصل على ترخيص بالبناء لمشاريعها ". 

وجاء في الفقرة ( ب ) من المادة نفسها " يصدر عن المجلس الأعلى للسياحة قرار تحدد بموجبه النصوص القانونية والأنظمة التي تطبق على الجمعيات المذكورة في الفقرة السابقة ومشروعاتها وآلية الانتقال والنقل والمدة الانتقالية والمؤيدات " حيث حرص المشَّرع ضمن هذه المادة السابقة على حماية حقوق الأعضاء وعدم حرمانهم من حقهم في الاستفادة من مسكن اصطيافي أو سياحي في خطوة هامة لتشجيع السياحة الداخلية , كما أسند المرسوم مهام إقرار النصوص القانونية الخاصة بهذه الجمعيات للمجلس الأعلى للسياحة والذي بدور يملك الخبرة والقدرة على اختيار المناطق والأماكن المناسب لإشادة المساكن الاصطيافية وبما ينسجم مع خطط وبرامج السياحة في سورية .. 

أما عن المزايا والإعفاءات الضريبية التي تشجع على تنمية وتفعيل الحركة التعاونية في القطاع السكني فقد ورد ذكرها في الباب العاشر من المرسوم التشريعي والذي حمل عنوان " الإعفاءات والمزايا " , حيث شملت على الإعفاء من كافة الضرائب المفروضة حالياً والتي تفرض مستقبلا على الأرباح التجارية والصناعية أو من الرسوم والتكاليف التي تفرضها مجالس الوحدات الإدارية المتعلقة بالمرافق العامة في حال قيام الجمعية المشتركة بتنفيذ المرافق ضمن منطقة المشروع على حسابها على أن تتنازل عن المرافق العامة لصالح الوحدة الإدارية دون مقابل. 

كما شمل المرسوم على إعفاءات من الضرائب والرسوم الجمركية الواجبة على مادتي الحديد والإسمنت المستوردة من قبلها عند الاقتضاء وبموجب لوائح يصدرها وزير المالية بالاتفاق مع وزير الإسكان , والإعفاء من رسم الطابع المالي الذي يقع عبء أدائه على الجهة التعاونية , ومن الرسوم المستحقة على العقود والمحررات المتعلقة بتأسيسها أو تعديل نظامها الداخلي أو شهرها ورسوم التأشير على الدفاتر وترقيمها وختمها , والرسوم العقارية التي يقع عبء أدائها عليها بالنسبة للعقود التي تكون طرفاً فيها والمتعلقة بالحقوق العينية العقارية ورسوم التصديق والتوثيق على التوقيعات فيما يختص بهذه العقود , بالإضافة للمزايا الأخرى التي نصت عليها المادة ( 67 ) من هذا المرسوم .. 

كما شمل المرسوم بأن " تستفيد الجمعية من المزايا والإعفاءات المنصوص عليها في قانون التمويل العقاري " وهذا ما يشجع الجمعيات على تحقيق تمويلها المناسب تجاه تحقيق مشاريعها .. 

ومن أبرز ما تضمنه المرسوم أيضاً تحديده لطرق تأمين الأراضي للجمعيات من القطاع العام والخاص والتي شكلت في كثير من الأحيان عائق أمام هذه الجمعيات , وأشار المرسوم إلى حل الجمعية إذا لم تباشر نشاطها خلال ثلاث سنوات وتقوم بتنفيذ المشاريع , ورفع سن الانتساب في الجمعيات من سن الخامسة عشرة إلى سن الثامنة عشرة ومنع الانتساب لأكثر من جمعية واحدة ورفع عدد المؤسسين من 45 عضواً إلى 100 عضواً , وحدد المرسوم الحد الأعلى لعدد الأعضاء المنتسبين إلى الجمعية بـ ( 300 ) عضو ليتمكن مجلس الإدارة من التخطيط الجيد والأفضل لتحقيق رغبات هؤلاء الأعضاء بشكل مناسب , إلى جانب تعديل طريقة تشكيل لجنة الرقابة التعاونية المركزية واللجان الفرعية في المحافظات من تعيين مباشر من قبل الاتحاد العام للتعاون السكني إلى انتخابات من مؤتمرات الاتحادات , وحول دمج أو اندماج الجمعيات فقد خصص المرسوم فصل خاص لهذا الغرض ووضع الشروط لحالات الاندماج .. 

وقد حرص المرسوم على الحد من إمكانية الاتجار بالمسكن التعاوني وتحصين العمل ضمن هذه الجمعيات حيث أن الهدف من الجمعيات التعاونية للسكن تأمين السكن المناسب لأعضائها وليس الاتجار بهذه المساكن ..

بواسطة
أحمد دهان
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى