تحقيقات

بعد أربعين عاماً من تأسيسها كيف تعايش منظمة الشبيبة العمل الشبابي

الدكتور صالح الراشد رئيس منظمة إتحاد شبيبة الثورة: لسنا منظمة حشود ولا يمكن قولبة العمل الشبابي وتغيره يعني التجدد وهذه نقطة لصالحنا , من يعمل في المنظمة يتعلم كيف يدير أكثر من قضية في آن واحد .

حاوره :عماد الطواشي – محمد فراس منصور

تَعلّمُ بناء الشباب وأسسه يعني أن نرتب الفكر ونطور درجاته، ونربطها مثل صفحات كتاب أو قوس قزح، وهذا التعدد في الألوان هو إبداع بحد ذاته لذا فإن أهمية أن تأخذ على عاتقك احتواء ودعم الشباب يعني أن تبني الوطن، يعني أن تعيش الحياة على مدار الساعة واليوم بتجدد، وكلما كبرت بالسنين تكبر تجربتك وتنعكس في الآخرين امتلاء وتحقق السعادة النوعية لهم فكرياً وجسدياً وبذلك تكتمل الحياة بكل مباهجها. وعبر أربعين عاماً أثبت منظمة اتحاد شبيبة الثورة أنها قادرة على التجدد والتأقلم مع كل الظروف المرحلية التي مرت على سورية. فكان تكوين وتربية الشباب وتزويدهم بالعلم هو الدافع لهم لخلق الفن والإبداع مستعينين بالمعرفة والشجاعة والمبادرة الفردية في إطار روح جماعية انعكست حباً للوطن وهذه الأساسيات شكلت عبرها رسالتها، وتزداد الأهداف كل سنة ولكن ما يلزم أن تترجم أفكاراً في خطة مستقبلية بعقول شابة أملها أن تنجز شيئاً في ظل تحولات عديدة تضرب بالمنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
بعد مؤتمرها الأخير كيف تنظر منظمة اتحاد شبيبة الثورة إلى هذه التحولات، وكيف تستفيد من عزم عطالة أربعين عاماً في بناء هيكلية جديدة تواكب العصر لتكون فاعلة لا منفعلة، مؤثرة ومتأثرة تسوق لفكر شبابي أمله التجديد في غمرة صحوة أهلية مجتمعية تريد أن تترك بصمة وهذا من حق الجميع.
الدكتور صالح الراشد رئيس منظمة اتحاد شبيبة الثورة التقيناه وتحدثنا معه في العديد من النقاط رحب بها مطالباً بإعلام ملتزماً بقضايانا, معتبراً أن دور الإعلام ليس البحث عن النصف الناقص من الكأس بل التحدث عن نصفي الكأسين معاً فإلى جانب السلبي هناك الايجابي الذي يجب أن نكرسه بموضوعية ودون مبالغة ونبحث عن الأدوات ونتوخى الدقة والمعلومة بكل جوانبها. بهذه الكلمات بدأ حديثه معنا وكان اللقاء التالي:

– كان شعار المؤتمر العام الثامن لمنظمة الشبيبة (علم وتكوين وتربية)، كيف يعكس هذا الشعار رؤيتكم للمرحلة القادمة؟
دور المنظمة كدور وطني ما زال كما هو، إنما التغيير طرأ على القيادات فالمطلوب دائماً منها كمنظمة شبابية دوران كوادرها وتجددها وهذا جزء من صيرورة الحركة الشبابية في سورية وكلما تقدمت في العتبة الشبابية كلما أصبح المجتمع يحمل كفاءات إدارية أكثر, فمثلاً عندما تخرج مدير لشركة في سن العشرينات أفضل من أن تخرجه في الأربعينات، ورعاية المنظمة للشاب وتركيزها على تكوينه أمر مهم وتعليمه أن يؤدي عمله ويضع الخيارات المتاحة أمامه ويدرسها ويختار منها طريقة صحية ليكون إدارياً ناجحاً فمن المهم أن تصنع القرار ولكن الأهم الوصول إلى آلية اتخاذه وتطبيقه وهنا يمكن للشاب أن يكون فاعلاً ومنتجاً ومؤثراً في المجتمع في كل المجالات (الرياضة والموسيقى والإعلام والفنون والثقافة والمهارات والتطوع) وهذا التنوع هو غنى وكلما حملناه هذه القيم مبكراً كلما أصبحنا أكثر إنتاجية في المجتمع .

– تشغل تفكير الشباب الكثير من القضايا والمشكلات، باعتباركم رئيساً لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة , أين أنتم منها؟
نجح المؤتمر العام الثامن للشبيبة أن يشخص هموم وقضايا الشباب في سورية وواجب المكتب التنفيذي للإتحاد أن يلتقط هذه الإشارات ويحدد منها أولويات الشباب، فقبيل المؤتمر طرح الشباب عدد من القضايا تتعلق بآلية عمل المنظمة وهذه الأطروحات التي قدمها شبابنا هي عبارة عن المشكلات والهواجس التي يفكرون بها وعلى هذا الأساس توزع المؤتمر لورشات وتوصلنا لخلاصة وأوراق عمل ومهمة قيادة الإتحاد اليوم هي أن تعكس ما تم التوصل إليه إلى حيز التنفيذ من خلال وضع برامج عمل وقد بدأنا بالفعل بتطبيقها، ومن جانب آخر يفصلنا عن المؤتمر القطري الحادي عشر مسافة قريبة ومرهون به رسم السياسة العامة وسننقل ما توصلنا له بكل أمانة.

– كنت مديراً لتربية حلب وقبلها عضواً في قيادة إتحاد الشبيبة, كيف تترجمون هذا التنوع على العلاقة بين التربية والشبيبة؟
الخبرة في العمل الإداري تساعدك على حسن التنظيم والإدارة أما الخبرة في العمل الشبابي تعطي حيوية للعمل الإداري وتقتل مساحات كبيرة من البيروقراطية في العمل ومن يعمل في المنظمة يتعلم كيف يدير أكثر من قضية في آن واحد لأنه ينسق عدة أعمال ويقوم ببرمجتها ومتابعتها، وسمة عملنا تطوعي في أغلبه مما يعني تبدل دائم في الكوادر التي هي متطوعة أيضاً وبالتالي إذا غابت الروح الحيوية فالفشل نصيبه مما يعني أن الديناميكية مهمة على مدى اليوم فلا يوجد أوقات محددة ودوام إداري للعمل على عكس العمل الوظيفي الذي تأتي فيه بوقت محدد وتذهب بوقت محدد وكلاهما يكمل الآخر.

– تسير المنظمة بعزم عطالة عريق، ولكن البعض يقول أن بريقها أفل ويعيبون عليكم أنكم منظمة حشود فالعالم اليوم يبحث عن النشاطات ذات الجدوى والنوعية؟
سؤال جميل وواسع لدرجة أنه بحاجة لتنظيم وجدولة لكي تستطيع إيصال المعلومة من خلال الإجابة. فما توصف به المنظمة أنها منظمة حشود فهذا صحيح ولكن ليس دقيق بل بحاجة إلى فهم خصوصية وآلية عملنا فهي منظمة متعددة المناشط والتجارب لدرجة أنها تستطيع أن تتعاط بالمنحى الذي تريد، فعندما تتحدث عن عمل نوعي تجد التواجد نوعي وعندما تتحدث عن فعل جماهيري يجب أن يكون هناك حشود وهذه هي طبيعة الظواهر فلا يمكن قولبة العمل الشبابي بإطار ثابت وتغيره يعني الحركة الدائمة والتجدد وهذه نقطة لصالح المنظمة وليس عليها، ففي دورات الكادر القيادي تجد أن العدد قد لا يتجاوز أصابع اليدين لأننا نريد التركيز على أن يحمل الشاب كفاءات معينة، فالصيغة التي نلجأ إليها يقتضيها الموقف فعلى سبيل المثال عندما تشجع فريق لكرة القدم فلا تأتي بعشرة مشجعين يجب أن يكون هناك جماهيرية عريضة. أما بالنسبة لتطوير المنظمة فهناك مشروع قائم نعمل عليه في جميع أنشطتنا وأعضاء قيادة المنظمة هم الذين يضعون آلية العمل ونحن ووزارة التربية شركاء قانوناً ولا يمكن أن تتحدث عن مشروع تطويري في وزارة التربية لا يكون له أثر مباشر على الشبيبة ولا يمكن أن تتحدث عن مشاريع تطويرية في المنظمة بمعزل عن العملية التربوية لأنها مطرح النشاط. فالشاب الموجود في منتدى المعلوماتية هو نفسه في المدرسة وما يتلقاه مثلاً في المنتدى ينعكس على العملية التعليمية وضرورة تطوير مناهج التعليم، وما يخضع له من مشاريع تقوم بها الوزارة في مجال دمج التكنولوجيا بالتعليم مثلاً تنعكس في دفع المنظمة لتحسين برامجها لتصبح مقنعة، وضمن هذه التشاركية يعمل الطرفان ولا يمكن فصلهما ولا يمكن تغييب طرف على حساب الطرف الأخر والعكس صحيح, ويجب أن يتناغم الطرفان في تطورهما ليقنعا الطالب في كل المجالات, والفرق بيننا أن الوزارة حكومة ونحن منظمة شعبية أهلية.

– وزارات كالثقافة والتعليم العالي والبيئة معنية بالتعاون مع المجتمع المحلي بشكل أو بأخر ما هي البرامج والخطط المشتركة بين المنظمة وبين هذه الجهات؟
الذي يحدد ماهية البرامج هو طبيعة النشاط وطبيعة الشريحة المستهدفة منها، وعلى سبيل المثال كنت حاضراً في نشاط احتفالي باليوم العالمي لمكافحة المخدرات والوزارة المعنية به هي الداخلية والحاضرين كانوا من كبار السن وللأسف ليسوا هم الشريحة المعرضة للمخدرات بل هي من تحت سن الخامسة والعشرين, وباللاشعور وبدراسة من الذي يجب أن يتصدر لهذا الموضوع قانونياً نقول وزارة الداخلية والبعد التنموي وزارة الإعلام والبعد الذي يملك الشباب ويتعايش معه يومياً هي منظمة الشبيبة ولذلك وجدنا أنفسنا معنيين بالموضوع وشاركنا, وينسحب المثال على جميع المجالات فكيف الحال إذا ضمت بنية المنظمة مكتباً للعمل التطوعي وهناك بالمقابل وزارة بيئة ووزارة شؤون اجتماعية وعمل وفي طبيعة الحال عندما تتحدث عن التربية والتعليم العالي نحن شركاء بامتياز.
وأصل هذه التشاركية أن نعطي دماً جديداً وحراكاً اجتماعياً للعمل الحكومي وبنفس الوقت تبذل دول العالم جهداً ومالاً للعمل المجتمعي الشبابي وما يميز سورية وجود بنية لها تاريخ مثل منظمة اتحاد الشبيبة التي تعمل أصلاً ضمن المجتمع ومتعايشة معه وبالتالي نستطيع أن نكمل عمل الوزارات ونغنيها وهذا أهم واجباتنا .
– تناقلت وسائل الإعلام والعديد من الأوساط خلال العام الماضي أفكار لضرورة وجود وزارة للشباب والرياضة وقدمت العديد من المقترحات في هذا المجال بين صد و رد, إلى أي مدى كانت هذه المقترحات ذات جدوى وما مدى مصداقية أن منظمة الشبيبة ستؤسس لمرحلة الانتقال للوزارة؟
لقد وضعت هذه المقترحات تحت المجهر ونوقشت ولكن هذا الأمر بعد المؤتمر العام الثامن حسم بأن منظمة اتحاد شبيبة الثورة هي المنظمة التي ترعى الشباب في سورية وكل الجهات التي تعمل ضمن قطاع الشباب يجب أن تعمل معها وهذا واقع وأصبحت المسائل التي أثيرت قبيل مؤتمر الشبيبة غير واردة بعد المؤتمر، ومنظمة شبيبة الثورة باقية بقوة وتقوم بدورها ومطالبة بمعالجة أي مشكلة في مجال العمل الشبابي في سورية, لأننا نريد لشبابنا أن يكون فاعلاً في أي مجال يختاره، نوعياً وليس سطحياً يتصدى للمشاريع الكبيرة في حياته وهنا يظهر مفهوم التربية والإعداد وقناعتي أن كل القضايا التي تميز المجتمعات المتخلفة عن المتطورة هو مدى فعالية وإنتاجية الشخص.

– تملك المنظمة علاقات قوية مع عدد كبير من المنظمات الدولية والهيئات الشبابية و الجمعيات الأهلية العاملة في قطاع الشباب، والسؤال المطروح كيف تستثمر المنظمة هذه العلاقة؟
هناك نقاط تتطابق ونقاط تختلف مع الآخرين ومهمتنا إيجاد القواسم المشتركة بيننا وبين جميع المنظمات والجمعيات الأهلية في سورية وإيجاد برامج مشتركة وتقاطعات ومساحة للعمل الجماعي. أما على الصعيد العربي فالمنظمة لها علاقات عربية وعالمية واسعة ونحن أعضاء في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي ونمثل سورية في مجلس وزراء الشباب العرب في جامعة الدول العربية , ونحن أعضاء ومؤسسين في اللجنة العربية لاتحاد التعاون العربي الإفريقي للشباب, كما تستضيف سورية اتحاد الشباب العربي في دمشق, ونعمل من خلال هذه العلاقات إلى تفعيل العمل الشبابي (العربي- العربي) و(العربي- العالمي) في سبيل دعم الشباب لتعزيز مقدرتهم على الحوار وفهم الآخر وتقبل وجهة النظر الأخرى وهذا يظهر من خلال برامج التبادل التي تقوم بها المنظمة في هذا المجال ولقد استضافت المنظمة العديد منها وكان لها الأثر الكبير في توضيح الصورة عن الشباب والمجتمع السوري كشعب صاحب حضارة ورسالة وقضية.

– كنت تتحدث عن إنتاجية مؤسسات وأفراد، ومن خلال استعراضنا لتاريخ المنظمة كان هناك بريق ولكنه لم يعد يغري الشباب في ظل وجود الجمعيات والمؤسسات الأهلية صاحبة المد الإعلامي الكبير،كيف لكم أن ترجعوا هذا البريق؟
لا أتفق معكم بالإطار التصنيفي في مسألة البريق الذي يختلف في كل مرحلة من مراحل التاريخ, وهناك أشكال مختلفة للجذب ولا أستطيع أن أقول أنه ليس هناك مسؤولية أو بريق للمنظمة في الوقت الحالي بدليل اجتماع \800\ شاب وشابة في مؤتمرها العام الثامن ولا تظنن أنهم تجميع بل أتوا بملء إرادتهم وهم من كل قرية وحي ومدينة من القطر السوري, إذاً علينا مسؤولية ملقاة على عاتقنا بالتجدد المستمر رغم الضخ الإعلامي الموجود لتلك الجمعيات وغيرها ولكن هذا لا يلغي دورنا ونؤمن بدور الآخر الذي يعمل بنفس المجال الذي نعمل به ونستطيع أن نحقق بعض الانجازات المهمة في أنشطتنا ولا مانع في ذلك, لكن عندما تنظر إلى الساحة من حيث الكم تستطيع الحكم كما أنك عندما تؤسس مكان لمائة عضو لديهم انتماء وليس أعضاء نشاط مؤقت فالموضوع ليس موضوع إعلام بقدر ما هو موضوع انتماء لهذه المنظمة التي تؤثر بشكل كبير في الحياة الشبابية في سورية بشكل يومي ونوعي و تتعاطَى بطريقة شمولية بالمعنى العام وقادرة على التعامل بالمعنى الوطني الشامل و التشاركية موجودة و المجتمع السوري مجتمع شاب ومستقبل الشباب غني ومتطور في كل تفصيلاته وعملنا مع الشباب يحتم علينا التطور والتجدد ودوران الكوادر في المنظمة دليل غنى ومن الجميل أن تكون اليوم في منظمة الشبيبة وغداً في محور من محاور العمل في المجتمع وبالنهاية سورية هي الحضن الدافئ الذي يجمعنا، ونَعد الشباب السوري ببذل أقصى جهد لتحسين الأداء وتلافي مكامن الضعف فإذا ضمنا شباباً مؤمناً نضمن مستقبل مشرق لسورية.

 

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى