تحقيقات

الشبكة العنكبوتية ..! لكن بطريق آخر للسيناريو ..!

في كثير من الأحيان نقول بأن التجربة خير من ألف مقال , وهذا الموضوع يحتاج للكثير من التدُقيق والتعامل مع كثير من البشر فأبدأ بالحديث بالقول ..

الانترنت عالميا ً : و كما يعرف الجنين في عمق رحم أمه .. إنه شريان نابض باستمرار , وبأساليب وفنون وثقافات وعلوم وحضارات وديانات مختلفة .. إلخ .. هو عقدة تتقاطع عندها قارات العالم .. فضاء لا حدود له .. شبكة مواصلات تتيح لك اختيار الطريق الأفضل والأسرع والأنسب .. وكُل طرقهْ سالكة معبدة .. فالانترنت دون أدنى شك هو ساحة تتلاطم فيها الحضارات بمعركة يطير فيها رؤوس , ينتج عنها اكتساب نوعي يسهم في رقي الفرد .. فقط إذا ما سلك الطريق المناسب , وهذه أغلبيته ما كان ناتج عن دول الغرب ..
آما.. الانترنت عربياً : فهو جنة وردية اللون تبعد بمقدار سنوات ضوئية عن الواقع .. جنة خالية من القيود الاجتماعية الصارمة .. خالية من العادات البالية والتقاليد المجحفة .. جنة حيز الكلمات فيها هو العضو الأكثر فاعلية .. هو ثورة كبرى ضد ما يُخيل لنا أنه اضطهاد وعنصرية المرأة والشاب ؟؟!

و حرية تعبير هزيلة أضيق من ثقب إبرة ..

فالانترنت كما يتراءى لنا هو ذلك الرادع الأكبر الذي خلق ليكبح لجام تزمتنا .. ويطلق حرياتنا لتبلغ الأوج فنحن نثور و نشتعل نغضب نندد و نعبر عن ما يدور في أحشائنا بشفافية مبتذلة , تكاد لا تنضب بين تأييد ومعارضة .. الوقت يمضي مسرعا ً وبعد لم يتبلور ذلك الانترنت الايجابي في عقولنا .. والشرخ بين عالمنا العنكبوتي و عالمنا اللاعنكبوتي لازال قطباه يتنافران متباعدان إلى اللانهاية .. فتباً لسلبيتنا وتباً أخرى لتخلفنا نحن العرب ..

نظرة تجريدية مواربة ..

ففي الانترنت .. الكل فارس ومقدام والكل يعرف فنوناً لا تحصى فهو شاعر ومتحمس وكما أن الكل ثائر ومتحضر , مثقف , عبقري طامح بالتغير والكل خبير بالجنس الآخر , ولو كان من الجنس الخامس عشر , الكل صاحب مبادئ وفيلسوف في جيناته الوراثية الكل عالم , الكل صاحب كبرياء ومهذب غرائزياً و يملك سيكولوجية النبؤة ضمن سياقه الفطري اللامتناهية ؟؟.

فهو مُخلص البشرية جمعاء ..

في الانترنت الكل مغوار ومستبسل ويطالب بالديمقراطية ويلعن ويسب " الحكومات" و الكل " أبو عنتر " متخفياً بالاسم المستعار خلف الشاشة الفضية .. و الكل "بيتهوفن" يطرب لأنغام نقراته المتنامية في جميع نقراته .. و سيناريو التفاخر بعدد الكلمات لازال مستمرا ً .. الكل موضع ثقة غير متبادلة .. ومؤمن بعلاقة الشاب بالفتاة حتى إذا بلغت الجنس فهو رومانسي بحاجة لعلاقة تبادل تجارية تحت ذريعة أن التركيبة الفسيولوجية للجسم البشري تحتم الجنس الوردي " بزنس إز بزنس " ..

الكل صياد وينسى أنه كان فريسة .. والكل قيس وليلى وعبلة وعنترة والبعض " روميو وجوليت " .. حتى بنات الليل وكلاب الشوارع , في الانترنت عنترة ليس بعبد فهو سيد ارستقراطي أبيض البشرة أو أسمر البشرة و إن تطلب الأمر كان قوس قزح ..

أما في الحُب ..

عبلة ليست مضطرة لانتظار ومحاربة عائلتها فحبيبها عنترة بالألوف وبالتقسيط المريح لأجل غير مسمى , فما عليها إلا أن تختار واحداً مناسباً لفترة وجيزة ثم تبدله بعنترة آخر " موديرن اكتر " ..

كما أن في الانترنت "سنوايت" لا تموت مسمومة بتفاحة لعينة , بل إنها تموت وهي تحتسي الشعر المسموم .. وترسم قصوراً بلورية بوعود كاذبة وهي تطالع صورة على يسار شاشتها الفضية .. مأخوذة بالعبق الحضاري وتمازج الجمال الغربي بالشرقي من خلال صورة ربما لأشخاص أغنوا شاشة الـ +18 مع هبوط الليل الزمردي .. تحت أصداء أغنية الرسم بالكلمات وهي تصدح عالياً ..
في الانترنت "قيس" لا يعرف البكاء ولا يصاب بالجنون لكنه يكتب المعلقات .. وليلى لا تكون فريسة للذئب .. لكن الذئب فريسة للمشرف ..أما عن سندريلا فترمي بفرده حذائها عامدة متعمدة مع تخطيط "لوجستيٍ" مسبق .. علّ الأمير ذو اللسان الأكثر عذوبة و تمرساً يجده و يعيده إدراجه ..

ليفاجئ بأزواج كثيرة من " الفردات " والأجمل من ذلك إنها جميعاً مطابقة لقدم جلالتها ولو مع قليل من المواربة ..فالكل يحاول الوصول للقمة صاعداً الأكتاف والرؤوس , مفارقاً الصداقة وحقوق الأخوي المفقود من عصور وما إلى ذلك متذرعاً بالغاية تبرر الوسيلة .. فغايته لا شك أسمى ما في الوجود ..

في الانترنت كلهم مقامرون ناجحون , فيراهنون على القلوب والأرواح , ويراهنون على النساء والأعراض .. فهناك كل شيء قابل للرهان ..حتى الكبائر في " النت " تصبح صغائر تغفر بنقرة زر سحري يسودها عبق إلهي ..

في الانترنت لا تتغيب فغيابك لا يقيس الأشواق .. فمدة تواجدك "أون لاين " هي التي تقيس حرارة ذكراك وتخلدك إلى أبعد خيط في خيوط الشبكة العنكبوتية .. هناك في الانترنت الكل عراب والكل مثل أعلى ومتأثر بكاتب مبدع ..وفي الانترنت الكل أديب حتى طالب العلمي ..والكل يفهم بالهندسة الكونية حتى طالب الأدبي ..والكل مدير تحرير حتى خريج الحرف الصناعية ..و خريج الزراعة يعمل دليلاً سياحياً ..أما خريج الشريعة فهو ثائر غاضب يدعو لليبرالية ..والكل أجبر على زواج ولد عمه عن دون حب أو رغبة .. الكل مظلوم بائس يبحث , وهو ضحية العائلة أو المجتمع أو العادات والتقاليد ..

و يبحث عن الخلاص ..في الانترنت الكل مصاب بتشابه الأفكار وتوارد الخواطر ..والكل رافض لفكرة الزواج التقليدي بدون ممارسات تمزق الخطوط الحمراء ..و الكل " أبو شهاب " مع تغيير طفيف في السيناريو المجحف بحقوق المرأة ..

يتيح له التغني بالجمعيات النسائية و نهجها .. في الانترنت الكل يمارس الخيانة كوجبة سريعة على طريق تكساس الطويلة .. و الكل يملك خبرة فرنسية باتيكيت المرأة وبروتوكولاتها ..والكل أكابر والكل ابن نعمة ويعيش في القصور ويلثم وجهه بالحرير ..

في الانترنت الكل همجي والكل مهذب تحت عبارة " المعاملة بالمثل" , والكل شهرزاد في طريقة الاسترسال ..و الكل أخوة لم تلدها الأم ذاتها في البداية .. وفي النهاية يتطورون جينياً إلى ذئاب جائعة ينتظرون الانقضاض ..والكل ينتظر نشوة النصر بحصوله على رقم تتجاوز خاناته الستة عشر أحياناً .. والكل يرتعش سعادة بحصوله على صورة .. ومشاركته للنشوة مع أصدقائه أمر طبيعي فهم أصدقائه ..

في الانترنت الكل أسنانه تصفق خوفاً من "البلوك " .. فإذا حدث وحصل عليه لا قدر الله ..ربما يصاب بكئابة غير معتادة وربما يتمزق عاطفياً رغم أنه لم تتجاوز معرفته الدقائق المعدودة ..

في الانترنت اطلب الكاميرا والصوت فإذا رفضت فانعتها بصفات " شوارعية " شتى والعنها واضغط على الدائرة الحمراء بتقاطع خط مستقيم فهي جاهلة متخلفة متقولبة بحياة العصور الجاهلية , ففي الانترنت لا حب بدون مكالمة ولا مكالمة بدون موعد ولا موعد بدون خصوصية بأربعة جدران وشيطان يحمل صولجان لتكفير الذنوب ..إياك في " النت " أن ترفع أصبعك لتقول كفاكم تبريراً .. فليس هناك من يسمع ندائك .. حتى الأبكم يتلفظ بأبجدية خاصة .. فالانترنت الأعمى ذو بصيرة ..والأصم صاحب إحساس عالي ..

الكل " أبو الطيب" والكل " أبو العلاء المعري " , أما في الحب فالكل "ابن الملوح " , والكل بائع متجول يبيع الحب و الهيام أما الغربة فهو "ع البيعة " .. في الانترنت الكل بورصة والكل أسهم محلقة ..
في الانترنت الكل فاجر والكل متدين ..
في الانترنت الكل " مارلون براندو" بأدوار متعددة ..والكل سفاح جزار بقلب رقيق يكاد يتمزق ..
في الانترنت الكل متطبع بأهواء جهنمية غير قابلة للنقاش .. لكن مع حرية النقاش ..
في الانترنت الكل يدعو لحوار الأديان والكل متفهم ..
الكل يتحلى بصفات ملائكية تقلب شيطانية أحياناً ..

إياك أن تظهر شفافاً دون أقنعة متعددة ففشلك سيكون المصير ..فاكذب وواعد وارسم شخصية من عدة شخصيات تراود أفكارك .. ففي الانترنت يجب أن تكون ذا خبرة بداخلاته وأزقته ودهاليزه وتعرف العزف على أوتاره وخبير بالكلمات والأساليب ومهندساً بارعاً في شق الطرق وفق أطروحات إبداعية ولو أنها منافية لإيديولوجيتك و أفكارك الشرقية ..

وإذا طردك احد المشرفين فلا تجعلها تمر كنسيم عابر لكي لا يقال انك جبان و خذ موعداً لملاقته ولا تنسى أسلحتك و اضربه بشراسة "علم عليه " لكي لا يعيدها إطلاقاً .. و إذا نعتهم أحدك بالشرقي فلا تقبل بذلك فهو يهينك فالشرقية صفة ذم بحتة فواجهه بشتيمة لم يسمعها من قبل واجعلها مبتكرة ..السمايلات ويسمح بتبادل الايميلات والأحبة لأنك شخص مواكب ومتحضر ..

في الانترنت لا تكون مملاً ذا أسلوب جامد لا يتغير .. تقلب وتغير و " مع السوق سوق" , ولا تنسى أن في " النت " أناساً محطمين فاقدي الثقة في الواقع وهم ضعفاء بلهاء .. فعليك بهم .. وعليك أن تكون انتهازي تبحث عن الشخص الضعيف وتحطمه وتستمتع بتناثر أشلاء شخصيته المتبقية لأنك ربما يكون مكانك في أحد الأيام ..

في الانترنت كن كريماً باستخدام سلطاتك وإذا كنت مشرف فتمرد واضرب بعصا الشرطي الانكشاري .. واستحوذ على كافة الفتيات فهم أصلاً خلقوا لأجلك وتواجدوا لأجلك فاسحبهم لمملكتك الخاصة وامنعهم مراودة الأماكن المكتظة بـ " المدردشين " خوفاً من أن يسرقهم أحداً منك .. ولا تنسى أن تحبهم جميعاً وتتزوجهم جميعاً فأنت تملك " ADSL " لا تخشى سرعة التواصل ..و أنتِ يا سوبر فتاة ( مشرفة ) عليكِ دائما بالقول أنكِ فتاة ولك امتيازات خاصة فحتى المشرفين والسوبر عضو يتهافتون عليكِ .. فما عليكِ ياأيتها الجميلة إلا بالدلال ..

وإذا نجح أحدهم بعد سنوات من المحاولة بالحصول على ايميلك فلا تنسي أن تعيريه بذلك وتفرضي عليه بأنك أعطيته عنوانك البريدي شفقة .. و أنه في أي لحظة مهدد بالتحليق عالياً فأنتِ مليكة له فأنتِ أنثى في عالم لا يحوي سواك .. فأنتِ الأنثى المطلقة في هذا العالم والكل يسعى إليكِ .. وإذا أرسل سلاماً بريئاً إلى أحداهن استشيطي غضباً فهو ملكك وحدك وأنتِ ملكة للجميع ..

أتقن قواعد الانترنت في التفنن بالكذب وتعدد الأسماء وتقلب المزاج وتغيير الطرف الأخر في كل فرصة سانحة وانتسب لكافة الأحزاب ولكافة الديانات .. كن عراباً للجميع .. لا تظهر بمظهر الضعيف .. اختبر كل شخص تقابله بعدة أسماء وأساليب .. حافظ على شكك .. ناقش واقمع .. اكره أبناء جنسك وتمنى لهم الويلات .. حاول خيانة كل أنثى تقابلها .. حافظ على إصرارك على الصورة والصوت ولا تتعجل بالبوح فربما كانت بشعة المنظر بغض النظر عن الطرف الآخر للجمال .. ارسم خطة يومية وهدف يومي وضع رقماً معين لضحايا كل يوم , وحافظ على نفس الوتيرة في تطبيق الفتيات .. لا تتغيب كثيراً فربما تقع من على الرف ..
كن لصاً محترفاً بسرقة النصوص الأدبية وتحويرها لأسلوب خاص بك .. كن عاقلاً في الاختيارات فإياك أن تختار القصيرة أو السمينة .. كن مفاوضاً جيداً وتعلم فنون الخديعة .. ادعي أنك " هكر" متميز لتبث الرعب ذات اليمين وذات الشمال.. وفي الانترنت الحمد الله على نعمة النسيان .. ونعمة الحظر والحذف .. في الانترنت حواراتهم لا تشبههم وكلماتهم المعسولة لا تشبههم و مبادئهم وفلسفاتهم لا تشبههم ..

يمارسون الجنس في كتاباتهم وحواراتهم و "مسانجراتهم " كما يمارسونها في أسرتهم ؟؟ ..واعلم أن كل إضافة جديدة "صيدة" وكل رسالة خاصة ولو أنها تدعي البراءة فهي "صيدة مبطنة" و كل " سمايل " غنج "فهو بداية لعلاقة"…

في الانترنت لا أحد يتقدم به قطار العمر وليس هناك امرأة قبيحة فكلنا في ريعان الشباب وملوك في الجمال .. أظهري جمال بشرتك بكامل نضارتها ولو بكلمات قلة أو باسم مستعار مشبوه .. ففي الانترنت بطنو رغباتكم وغرائزكم ببطانة قاتمة يتسلق فيها الحس الحضاري السلم صعوداً ..فكلنا مسيطرون وقادرون على التحكم .. في الانترنت كل شيء مباح .. حتى لو أن الكلاب بلغت مراتب الرفعة ..أو العاهرات بلغت مراتب الطهارة ..لا أحد يفقد عذريته .. ولا أحد يفقد فروسيته ..فجميع الحقوق محفوظة للاسم المستعار ..

و بداية النهاية ..

انه الانترنت .. الكون كله في بيتك والكون كله في جهازك والكون كله تحت أصابعك و نقراتك ..فأنت في غيبوبة لا استيعابية لواقعك فأنت لا تملك شيء من ذلك .. هذه المذكرة تم كتابتها على مر سنتين آو أكثر تم أخذ الاعتبار من فتيات وفتيان وأراء بها ومأخوذة من الحاضر وأفعال الناس في الانترنت , شكراً لكل من ساهم بها من أصدقاء " وفا " وكثير من الناس وشكراً للكل .. !

بواسطة
محمد وفا شامية
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. صدقت اخي محمد وفا شامية وسلمت يداك على هذه المقولة الرائعة التي تجسد الواقع الذي يعيشوه مئات بل الوف بل ملاين من الشباب والشابات اللذين ذهب بهم النت الى بعد من ذلك بكثير
    بالنهاية لا يسعني الا ان اقول اللهم اهدي ضال المسلمين

  2. سلمت اناملك مقالة رائعة . من يسمع ومن ينتبه كان الله فى عوننا نحن الاهل وعون اولادنا الجيل الضائع ولكن من يقرا الهم ساعدناواحمى اولادنا وشبابنا من مغبة الزمن الاغبر ضاعت القيم وضاع الوفاء ووووضاع الاستقرار الاسري

  3. هو عالم وهمي جميل لا يمتنع على احد نلوذ به هربا من واقعنا القبيح كي نتمكن من اعادة السيطرة على زمام امورنا … واعادة بناء شخصياتنا المُستهلكة المتشظية … ففي حفلة صاخبة ماجنة لا يسعنا الاّ الرقص مع الراقصين وإلاّ تقاذفتنا الأقدام ….أليس كذلك ؟؟؟؟فلا تحرمنا من عالمنا الوهمي … فلربما نستغني به عن عوالمنا الحقيقية ….

  4. عندما تدخل هذا العالم تنفرد به بكل ما تملكه من شجاعة وقوة وتحاول ان تبرز ما لديك من مفاتن او ان صح التعبير مميزات او اي شيء يوجد لديك كأنه نادر ولا يوجد عند اي شخص , انت تتحدث عن واقع يتوجب علينا ان نعيشه لأنه عايش معنا في كل الوقت وان لم تعاصره صرت (موضه ئديمة) يعني يجب ان نتأفلم ونعايش هذا العالم الوهمي …. او يمكن بيجوز انو بتلائي مكان يكون ئلك رأي فيه وسط ملايين الأراء لو كان ئد النملة

زر الذهاب إلى الأعلى