تحقيقات

طيبة القلب.. صفة نادرة أم ضعف في الشخصية؟؟

راما .. شابة رقيقة طيبة القلب .. تعيش في أسرة ريفية بسيطة.. اضطرت للسكن في المدينة الجامعية بعد دخولها كلية الهندسة المدنية..

ومنذ الأسبوع الأول بدأت رحلة معاناتها مع صديقاتها في الغرفة اللواتي كنّ يوجهنَ الأوامر لها.. ويسمعنها كلاماً جارحاً: (لاتصدري صوتاً ونحن نائمات ظهراً.. لا تشعلي الضوء أثناء نومنا من أجل دراستك المسائية.. الخزانة لا تتسع لملابسك فضعيها في مكان آخر..) وغير ذلك الكثير.. وهي صامتة.. تبكي بلا دموع.. تشكي بلا صوت.. وتتالم بلا وجع.. فهل هذا بسبب ضعف شخصيتها؟ أم بسبب طيبة قلبها كونها عاشت وترعرعت في بيئة ريفية بسيطة؟؟

(ربما يكون ذلك بسبب طيبتها لأن البيئة التي عاشت فيها فرضت عليها أن تكون كذلك.. وانطلاقها إلى الحياة في المدينة جعلها تجد صعوبة في التكيف مع هذه الحياة التي يتواجد فيها البعض من الناس الذين يستغلون طيّبي القلوب وكأنهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم) هذا ما قالتهُ منى صديقة راما..

ولكن رهف خالفت صديقتها في الرأي بعض الشيء حيث قالت

(كان على راما أن تحاول التكيف مع صديقاتها في الغرفة, وتظهر لهم أنها فتاة ذات شخصية مستقلّة.. رغم طيبتها.. فنحن فهمنا طبعها ونقدّر طيبة قلبها التي تعذبها في بعض المواقف وحاولنا تقديم النصائح لها ولكن كما يُقال "الطبع يغلب التطبّع"..

لطيبة القلب حدود..

ومن بين أصدقاء وصديقات راما, قال رامي/هندسة مدنيّة/

(لا يستطيع الإنسان التخلي عن الصفات التي منحه الله تعالى إياها, وبالنسبة لراما فإن طيبة قلبها لن تفيدها في الحالة التي تمر بها, فهذه المواقف تتطلّب إخفاء طيبة القلب والظهور بشخصية حازمة وقوية).

وأضافت ديمة/أدب عربي/

(منذ أن تعرّفت على راما أحسست بأنها فتاة بسيطة وطيبة, وحاولت أن أبيّن لها أن هذه الصفات لا يتقبّلها كل الناس أو قد لايستطيعون فهمها وربما يستغلون هذه الطيبة لدرجة نشعر بها أننا ضعفاء لا نستطيع الدفاع عن حقوقنا).

قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الضياع..

قصة مؤثرة تحكي عن الشاب رضوان/25سنة/ الذي قاده قلبه الطيب إلى نهاية مؤسفة.. 

فقد تعرّف على شخص سيء السلوك والأخلاق .. وأعطاه كل ثقته.. وكان يصدق كل ما يقوله له.. حتى بدأ يتغير في سلوكه وتعامله مع أهله وأصدقائه, واستمر في سلوك الطريق المظلم الذي رسمه له ذلك الشخص حتى انتهى به الأمر إلى السجن بتهمة تعاطي المخدرات..

هذا ما أكده لنا حسن /27سنة/ صديق رضوان وأضاف قائلاً

(رضوان شاب مهذب.. خلوق.. طيب القلب.. يثق بكل الناس ويصدق كل ما يقال له, وعندما اكتشفت أنه قد انقاد وراء رفاق السوء حاولت توعيته وإبعاده ولكنه لم يكترث لنصائحي وتابع سَيره في ذلك الطريق حتى انتهى به الأمر بالسجن)..

بينما اختلفت قصة دانا /19سنة/ عن قصة رضوان ولكن السبب الذي أدى إلى ضياعها هو طيبة قلبها الزائدة عن حدها.. 

هذا ما أكدته السيدة أسماء والدة دانا.. حيث قالت بصوت مختنق حزين: (دانا فتاة طيبة جداً وحساسة ولا تعرف أنها تعيش في مجتمع يحتاج إلى أشخاص أقوياء واعيين.. ورغم كل التوعية والنصائح التي قدمتُها لها انحرفت عن طريق الصواب بسبب ثقتها العميائ بأي شخص تتعرّف عليه).. 

وأضافت السيدة أسماء بلهجة ملؤها الحزن

(لقد كانت دانا تخاف أن تكون صريحة معي, فقد علمْتُ عن طريق إحدى جاراتي أنها ترافق شاباً يبدو على ملامحه أنه سيء الأخلاق هذا ما قالته لي جارتي.. وعندما علمت حاولت أن أفتح الموضوع مع ابنتي بهدوء وطلبت منها أن تعرفني على ذلك الشاب, وهي بدورها طلبت منه ذلك ولكن في نفس اليوم لم تعُد دانا إلى المنزل, وكانت الساعات تمر علينا كالسنين لنكتشف بعد عدة أيام أنها اغتُصبت من قِبَل ذلك الشابّ.. ذلك الخبر الذي نزل علينا كالصاعقة)..

لم تستطع والدة دانا إكمال الموضوع لحزنها الشديد لما حدث مع ابنتها.. لذلك التقينا بصديقة دانا وتدعى /سحر/ التي قالت

(من خلال صداقتي الطويلة مع دانا عرفت أنها طيبة القلب إلى حد يزيد عن الحد الطبيعي.. كانت تصارحني بكل ما يحصل معها, وقد عرفت الشاب الذي تعرّفَت عليه وحاولت تحذيرها منه ولكنها أصرّت على علاقتها معه بسبب الوعود الكاذبة التي وعدها بها.. فقد وعدها بأنه سوف يتزوجها إذا ذهبت معه إلى منزله الذي استأجره من صديقه ليفعل فعلته.. لم أكن أدري بهذا الأمر إلا بعد الحادثة وإلا كنت منعتها وأخبرت أهلها أو استعنت برجال الشرطه.. أما راما فمن طيبة قلبها ذهبت معه وحصل ما حصل..).

ماهو رأيكم بطيبة القلب؟؟

سؤال وجّهناه للبعض.. لنعود لكم بالآتي:

تسنيم/17سنة/ قالت

(إن طيبة القلب شيء جميل لكنها في هذا الوقت أصبحت تعادل ضعف الشخصية, لأن طيب القلب سهل المنال من قبل الناس الذين لا يقدرون هذه الصفة).

لكن السيدة رغد/41سنة/ خالفت تسنيم قائلةً

(إن الطيبة في أصلها صفة من عند الله ويفخر الإنسان المتصف بها لوجودها فيه, أما ضعف الشخصية فهو مرض وحالة نفسية).

وأضاف حازم /20سنة/

(إن من يمتلك قلباً طيباً يتعامل مع من حوله بكل عفوية وصدق ومحبة, لكن هذه الطيبة لم يعد وجودها في هذا الوقت يعبّر عن السماحة بل أصبح يعبر عن ضعف في الشخصية لأننا نعيش في زمن لا مكان فيه إلا للقوي "اللي قد حالو").

طيبة القلب في رأي الإرشاد النفسي..

خلال تحقيقنا التقت زهرة سورية المرشدة النفسية نيرمين حداد التي أغنت موضوعنا برأيها حيث قالت

(طيبة القلب سمة للشخصية تعني العفوية في التصرف والتسامح مع الآخرين.. وهذه السمة تختلف في وجودها من شخص لآخر وتؤثر على صاحبها تبعاً لاختلاف الموقف الذي تظهر فيه)..

وأضافت قائلة : (التسامح بالأمور الصغيرة أمر طبيعي.. وجميل أن يكون موجود لدينا.. ولكن حبن نتسامح في أمور تقرر مصيرنا وأسلوب حياتنا فهذا يفتح الطريق أمامنا نحو الفشل في تحقيق أهدافنا المرجوّة.. والطيبة الزائدة عن حدها مؤشر رئيسي لشخصية ضعيفة تمارس واجباتها وتتساهل في الحصول على حقوقها مما يعيق التكيف بين صاحبها والبيئة التي يعيش فيها)..

بواسطة
تحقيق زينة حسين
المصدر
زهرة سورية / طرطوس

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. التواضع في التعامل مع الناس والأدبيات التى يتعامل بها بها الناس مع بعضهم هي قصة او روايه شاعرية تنسج من حولها القصص ولكن من المطلوب لتحقيق الذات هو القوة بالشخصية في مواقف الحزم وان لايضيع بصخب الأيام وضجيج الأسواق وفي بواطن الامور حكايات كثيرة
    عليه ان يكون طيبآ بعمله وفعه وليس التردد والخوف او التراجع طيبة لالالا هذه انهزامية بالواقع
    ومثل هوؤلاء الناس يكونون رجالا اشاوس ومناضلات في ساحات الوغى لايكثر حائط ولاتهزهم الريح المونيتور يعطيهم القوة والمستخبي بيطلع يعنى تفريغ شحنات

  2. صحيحي لطيبة القلب سمات خاصة بكل انسان بس احياناً بتكون موئرة على الشخص وخاصة اذا كان الشخص الي عم نتعامل معو ……….؟
    وتسلمي زميلة زينة على الموضوع الرائعة والربط بين الافكار كان جميل والدخول الى المقدمة احلى واحلى

  3. طيبة القلب امر مهم جدا للانسان قد احيانا يكون القلب قاسي ولكن طيبة القلب تقود دائما لان نكون متميزين عن غيرنا بصراحة المادة كانت جميلة ومشكورة يا زينة على المادة ولكن لي تعليق وحيد اين هو الايجابي في طيبة القلب في المادة كانت تفتقر اليه قليلا وشكرا على هذه المادة الجميلة هذا بصراحة(ما طيبة قلب)

زر الذهاب إلى الأعلى