تحقيقات

الزواج عبر الانترنت للسوريين

لم تكن الأزمة السورية لتحط رحالها حتى بدأت الإنعكاسات السلبية على واقع المجتمع السوري لتظهر وبدأت تداعيات اجتماعية خطيرة تظهر على العلن نتيجة لما خلفته الحروب والمعارك التي شهدتها عدة بلدات ومدن سورية

والتي أدت لتهجير السكان والشباب والأدمغة لخارج البلاد وظهرت مشاكل كتيرة اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية …

من أبرز قضايا المجتمع التي خلفتها الأحداث في سورية كانت قضايا العمل والزواج .. !!

مع زيادة أعمال العنف في معظم بقاع الوطن السوري وانقطاع أسباب المعيشة وزيادة أعداد البطالة وانخفاض مستوى العمل وارتفاع الأسعار ، كان لابد من الشباب السوري إلا وأن يفكر بالهجرة أو السفر خارج البلاد بهدف تحقيق مستوى معيشة أفضل عبر البحث عن فرص عمل تناسبه والهدف الثاني الاستقرار بعيدا عن دوامة العنف التي تشهد البلاد ..

الزواج في سورية كباقي مناطق إقليمنا الشرقي كانت تمر بطقوس ، حيث شهدت حقبة من الزمان امتناع الشاب عن رؤية شريكة حياته إلا بعد ليلة العرس فيبقى الشاب بحسرة وتفكير في ما إذا كانت شريكة حياته مناسبة له أو غير مناسبة فهو لايحق له اختيارها وإنما الأم هي من تراها وتختارها له تحت مسمى "عيب وحرام" ..

غادرت هذه الحقبة مجتمعنا دون استأذان لتصبح العادة أن تبحث الأم وبناتها على البنت المناسبة لابنهم ثم يتقدم الأب بطلبها لابنه ويشاهد الشاب الفتاة وبعد مشورات وبحث ودراسة إما توافق البنت وأهلها أو لا وفي حال الموافقة يتم مراسم الخطبة وبعد فترة يحددها كلا الطرفين يجري عقد القران والعرس والزفة والدخلة وكتب الكتيب ووو …

كل هذه الطقوس والعادات بدأت تغادر مجتمعنا السوري لسببين ، الأول هو حالة الفوضى وعدم الاستقرار بالبلاد ، والثاني بسبب التواصل عبر الانترنت ووجود شبكات تواصل اجتماعي "الفيس بوك ، التوتير ، السكاي بي ، الوتس أب … " فلم يعد الشاب السوري وخاصة بالمغترب مقتنع بالعادات والتقاليد التي كانت ساءت بالمجتمع بعد التطورات الكبيرة في وسائط الاتصال ..

كيف يتم التعارف بين الطرفين ويتم عقد القران بينهما ؟ !!

"مهند" شاب سوري مقيم بدبي يقول وهو أحد الذين تزوجوا عبر الانترنت .. لقد جذبتني بسحر كلماتها عبر مجموعات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" فقررت أن أراسلها وبدأت المحادثات بيننا كحالة إعجاب بأفكارها .. وبعد أن تجزرت الثقة بيننا بدأنا المحادثة عبر برنامج "الوتس أب"وتمكنا من التوصل لاتفاق يرضي أهلي وأهلها ، فهي تسكن بريف دمشق وأنا خرجت من سورية بسبب الأحداث باحثا عن الاستقرار والعمل … بعد فترة تقدم أهلي لخطبتها وقمت بزيارة وحيدة إلى سورية عقد فيها القران وعدت بصحبتها إلى دبي وهانحن نعيش حياة كريمة ومستقرة بعيدا عن أسرنا وبلدنا ..

"سامر" غادر سورية إلى الجزائر بعد أن ضاقت به أسباب البقاء في سورية فبعد أن خسر عمله بحرق المعمل الذي توظف به في حلب على أيدي مسلحين وهربا من الإلتحاق بخدمة العلم أو الخدمة "الجهادية" التي أفتت بها "جبهة النصرة" قرار البحث عن فرصة تضمن بقاءه واستقرار فحط به الرحال بالجزائر ليحظى بالعمل المناسب له ، بعد أن استقرت أحواله بدأ "سامر" يبحث عن شريكة حياته ، فيقول بذلك .. لقد تم التعرف عليها عبر برنامج "السكاي بي" وكنا نتحدث فيديو في معظم الأوقات وقد تقدمت لخطبتها عبر "السكاي بي" وقد تحدث عبر الفيديو مباشرة مع أهلها وتم الاتفاق على عقد القران بين وكيلي القانوني بحلب "أبي" وبين "أبيه" وتم بعد ذلك ايصالها إلى المطار وعندما وصلت إلى مطار الجزائر كنت باستقبالها وحتى هذه اللحظة نعيش حياة لامثيل لها بين طرفين جمعهما الحب عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالانترنت ..

إذا هي الظروف والأحداث التي فرضت على الشاب السوري أن ينسف كل العادات والتقاليد التي نشأ عليها بفضل وجود شبكات التواصل الاجتماعي فهل يتوقع المزيد من الاختراقات لعادات وتقاليد مجتمعنا الشرقي ؟ !!

بواسطة
أحمد دهان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى