تحقيقات

تشبّه الشباب بالفنانين والفنانات ظاهرة خطيرة بدأت بالانتشار

الدكتور محمد.م ( إن ما نشاهده اليوم في الفضائيات وما نراه من انحطاط أخلاق البعض يجعلني أعذر الشباب ) ..

لقد فطر الله الناس على حب الجمال ولو استطاع كلّ منّا أن يختار لنفسه ما يحب من صفات لما بقي قبيح على وجه الأرض , ومن قديم الزمان تفنن الإنسان في صناعة وسائل الزينة ومستحضراتها وكل ما يساهم في شعور الإنسان بالرضا عن نفسه .. 

وإن كنا هنا نتكلم عن التجميل وليس الجمال الطبيعي الذي خلقه الله سبحانه وتعالى و إن كان معنى التجميل هو إعطاء الشيء العادي مسحة من الجمال والارتقاء بالجميل إلى وضع أجمل ويكون بإحلال الجمال محل القبح والكمال بدل النقص وليس بتغير ملامح وتفاصيل الإنسان, فإننا نجد أن التجميل قد أخذ في الآونة الأخيرة أشكال كثيرة ومتعددة وخاصة بعد انتشار ظاهرة الفيديو كليب وظهور عدد كبير من الفنانات والفنانين وتسابقهم على تغيير أشكالهم والبحث المستمر عما يسمونه بـ (New Look ) وأضحى معظم الشباب من ذكور وإناث حريصين على متابعة أخبارهم عبر الفضائيات العربية والأجنبية أو عن طريق الإنترنت أو الصحف والمجلات ولم يقتصر الأمر على ذلك .. بل تعدّى إلى لجوء بعض الشباب إلى تقليد بعض الفنانين والفنانات المفضلين لديهم سواء في طريقة اللباس أو الحركات أو تقليد شكلهم الجذاب الذي اكتسبوه عن طريق جراحة التجميل .. 

والسؤال الذي يطرح نفسه ..؟ 

ما الذي يدفع بعض شبابنا وشاباتنا إلى تغيير أشكالهم واصطناع مظهر جديد بهدف التشبه بفنان وسيم أو بفنانة فاتنة .. ؟؟
للإجابة على هذا السؤال وغيره من التساؤلات .. كان لابدّ من إجراء العديد من اللقاءات لوضعها بين أيدي قرّائنا الأعزاء ..

السيدة روان ( مرشدة نفسية ) حدّثتنا عن بعض الأسباب لانتشار هذه الظاهرة حيث قالت .. 

هناك العديد من الأسباب تدفع شبابنا وشاباتنا إلى التشبه بمن يعجبهم من الفنانين أو الفنانات, وتتوزع هذه الأسباب بين أسباب نفسية وأسباب خارجية .. وبالنسبة للنفسية منها فأنا أرى أن عدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص هو من أحد أهم الأسباب طبعاً بالإضافة إلى انعدام المعرفة بأن الله صورنا في أحسن صورة, وعدم الالتفات إلى الجمال الداخلي والتركيز فقط على الجمال الخارجي ..

أما الأسباب الخارجية فقد اختصرتها لنا الآنسة ناهد ( طالبة في كلية التربية ) فقالت .. 

تقدّم عمليات التجميل في العالم الذي نحن لسنا بمعزل عنه والوفرة المادية التي يعيشها بعض هؤلاء الشباب حيث يستطيعون دفع تكلفة مثل هذه العمليات بسهولة وربما يقدمون عليها كنوع من التجريب والتجديد , وكما نعلم أن الانفتاح على الغرب جعل من التقليد موضة في مجتمعاتنا, لهذا يجب أن نتعامل مع هذا الموضوع على أنه ظاهرة مرَضيّة وخاصة بين شبابنا ..

وفي مضمار هذا الموضوع كان لنا أن نلتقي بعض الشباب والشابات لنعود لكم بالآتي ..

ديمة ( 20سنة ) قالت .. 

أنا أسمع عن عمليات التجميل ودائما يتحدثون عنها في التلفزيون ويأتون بأطباء في التجميل ويتحاورون معهم , وأنا من مؤيديها ولكن بشروط فالمرأة التي ترى بنفسها شيئا لا يعجبها يمكنها القيام بإصلاحه وذلك لترى نفسها جميلة وتكون نفسيا مرتاحة لأن المرأة تفقد الثقة في نفسها عندما ترى شيئاً في شكلها لا يعجبها فتشعر وكأنها ناقصة في شيء ما, وينعكس ذلك سلباً على حالتها النفسية ما يؤثر على أسرتها وحياتها الاجتماعية ..

أما مجد ( 21سنة ) عبّر عن رأيه قائلاً .. 

إن التجميل بمعناه العام هو إعطاء الشيء العادي مسحة من الجمال والارتقاء بالجميل إلى وضع أجمل وإحلال الكمال بدل النقص. وتجميل الجسم الإنساني بشكل عام له أهميته فالجمال أمر محبب للنفس وله مكانته في الدين وكما نعلم (إن الله جميل يحب الجمال) فهو مطلوب شرعا بالقدر الذي يؤدي الغرض الطيب منه بعيداً عن الحرام في الأسلوب والهدف والغاية ..

بيد أن رزان( 20سنة ) عبرت عن رفضها لهذه الظاهرة حيث قالت .. 

أنا أرفض عمليات التجميل لأن الطبيعة أجمل بكثير وبداخل كل إنسان شيء جميل يجب أن يراه هو ولا ينظر فقط للشكل فان الله خلقنا هكذا ويجب ألا نغير بأشكالنا ,كما أني أسمع أن لها مضاعفات كثيرة وأنها ليست سهلة مثلما يقولون .. 

وأضافت قائلة .. 

لا توجد فنانة في الوسط الفني لم تقم بعملية تجميل بهدف الظهور بأجمل صورة , لكن نحن لسنا مضطرين لتقليدهن فلكل شخص أسلوبه الخاص ومبادئه في هذه الحياة ..

وأضاف باسل ( 22سنة ) .. 

لا أنكر أن الجمال الخارجي مهم لكنّي أرى الأهم هو الجمال الداخلي أي جمال الروح والأخلاق والثقافة , فالفتاة لو كانت جميلة ولكن ليس لديها جمال روحي ولا ثقافة طبعاً لا تلفت الانتباه على خلاف الفتاة التي تلفت الانتباه من خلال ثقافتها وأخلاقها, وأقول الجمال الخارجي مكمل للجمال الداخلي وليس العكس .. 

هذا وقد أغنت رنيم ( 23سنة ) موضوعنا برأيها حيث قالت .. 

موضوع عمليات التجميل وصلت عدواه للشباب والشابات اللذين يقلدون وبشكل أحيانا يكون أحمق .. كل ما يفعله نجوم الفن .. لا بأس إذا كان تقليدهم يقتصر على لون الشعر أو طريقة اللباس لكن الأمر بات يشكل خطراً على صحة هؤلاء الشباب لعدم إدراكهم خطورة هذا الموضوع .. أردت أن أقول أن الشكل عندما يكون طبيعيا وخالي من أي تشوهات سيكون أجمل بكثير من الشكل الصناعي خاصة إذا كانت الطبيعة قد حَبَت هذا الشخص شكلا جميلاً ومقبولاً ، ومهم جدا أن نرى الجمال في داخلنا ونكون واثقين من أن شكلنا جميل ومرغوب من قبل الآخرين والأهم أن نكون واثقين من أنفسنا دوما ومعتدين بها وأن لا نعرّض أنفسنا للخطورة حتى لو كان هذا الاحتمال بعيد لكنه وارد ، و يجب توعية الفتيات بأن الجمال نسبى يختلف من امرأة عن أخرى .. 

وبالتأكيد لبعض الرجال الدور الكبير في دفع النساء إلى تقليد فلانة من الفنانات خاصة من أصابهم الهوس بفنانات الفيديو كليب .. 

وبهدف اغناء موضوعنا بمزيد من الآراء التقينا مع أخصائية التجميل ( ميساء.ح ) وكان لنا معها هذا الحوار ..

لقد احتلت عمليات التجميل اهتمام كبير بين شرائح المجتمع في الآونة الأخيرة فما هو السبب في رأيك .. ؟  دعينا نتحدث عن العشر سنوات الأخيرة لأن جراحة التجميل أو التجميل بصفة عامة أصبح منتشراً جدا في آخر عشر سنوات والسبب الحقيقي وراء ذلك .. 

الفضائيات لأن الفضائيات أصبحت تتحدث وبكثرة عن تلك العمليات ويتحدثون مع أطباء ويجرون لقاءات عديدة ولكثرة الفضائيات التي أصبحت تتداول هذا الموضوع بشكل مبالغ فيه مما يثير انتباه الجمهور إلى مثل هذه المواضيع. 

هذا بالإضافة إلى المجلات حيث أصبحت كل مجلة لها صفحة خاصة ومحددة للتجميل و المكياج , كما تغيرت التقنية عن السابق وأصبحت الأجهزة جديدة وأصبحت العمليات سهلة فهناك الحقن بالبوتكس وأجهزة الليزر التي سهلت إجراء مثل هذه العمليات..

هل هناك فتيات ونساء يأتون إلى المركز ويريدون أن يكونوا مثل إحدى الفنانات .. ؟ 

نعم هناك من تأتي وتريد أن تصبح مثل إحدى الفنانات في الشكل ولكنني أرفض إجراء مثل هذه العمليات لأني على قناعة تامة بأنه لكل شخص ملامحه الخاصة وسماته الشكلية التي تميزه عن غيره, ولا أحد يشبه أحد ..

وما رأيك في الشباب الذين يريدون إجراء عمليات تجميل .. ؟ 

أوافق إذا كان هناك عيب أو حرق أو شيء من قبيل هذا لكن لا أغير في خلق الله لأن الرجل لا يشترط فيه أن يكون جميلا أو فائق الجمال ..

ولعلم النفس رأي .. 

لمعرفة رأي علم النفس في موضوع عمليات التجميل وتشبُّه بعض الشباب بالفنانين والفنانات قمنا بعدة لقاءات مع العديد من الأطباء والمرشدين النفسيين وكلّهم أجمعوا على أن عمليات التجميل قد انتشرت بصورة كبيرة جدا في الآونة الأخيرة مما يشعرنا بالقلق الشديد على أفكار وتصورات بعض الناس التي أصبحت تتجه نحو التقاليع الغربية والبحث والسعي وراء الجمال الصناعي .. 

إنّ الله عزّ وجلّ خلق الإنسان بصورة معينة وخلق بداخل كل إنسان ما يشعره بالرضا على نفسه وشكله .. 

وإن الإنسان الذي يفعل ذلك فإنه يرى نفسه ناقصاً رغم أن الله تعالى صوره بأجمل صورة .. أما إذا كان الإنسان يلجأ إلى تغيير نفسه بسبب تشوه في شكله أو عيب يشعره بالألم النفسي فهذا أمر طبيعي وممكن إذا كان بهدف تغيير حالته النفسية حتى لا يصير غير واثق في نفسه ..

آراء لابدّ منها ..

الآنسة لمى( مرشدة تربوية ) .. 

لقد بدأت ملامح هذه الظاهرة تظهر منذ انتشار ما يسمّى بالفيديو كليب .. لهذا لاحظنا في الفترة الأخيرة تكاثف العديد من الشباب ذكور وإناث في هذه المراكز بهدف الحصول على شكل جديد متأثرين بما يشاهدونه في الفضائيات , والكارثة أن بعض مراكز التجميل دخلت مرحلة أكثر خطورة بالترويج لنظرية وهمية جديدة اسمها (أنماط الجمال) و فيها يقوم المركز بعرض قائمة على كل من يرغب في عمل new look أو different look لتختار نمط الجمال المثالي بالنسبة لها .. 

وأبرز هذه الأنماط يتكون في شفاه نانسي عجرم و عيني هيفاء وهبي دون النظر إلى الآثار الجانبية و الأضرار التي تسببها مثل هذه العمليات .. 

وبتصوّري إن الإنسان الذي يسعى إلى التجميل مريض نفسي في الأساس وغالباً ما تجري الفتاة وراء الوهم لذلك لابد من عمل تأهيل نفسي لها قبل إجراء العملية .. وكثير من الفتيات لا يرضيهنّ شكلهن بعد إجراء العملية و يدخلن بعد ذلك في حالة اكتئاب شديد .. 

أما ما يحدث الآن و اختيار ( أنماط الجمال ) من القائمة فهو تهريج وتنويم مغناطيسي للعقول.. و يجب توعية الفتيات بأن الجمال نسبي يختلف من فتاة لأخرى, ولا يمكن أن تكون الفتيات في قالب واحد ..
كما لا يمكننا أن ننكر دور الرجل الذي يضغط على النساء خاصة الشباب الذين أصبح لديهم هوس بفنانات الفيديو كليب مما يجعل البنات متشوقات لتقليدهن و كل هذا على حساب صحتهن في المستقبل.)

الدكتور محمد.م ( علم اجتماع ) .. 

إن ما نشاهده اليوم في الفضائيات وما نراه من عريّ وانحطاط أخلاقي لدى البعض ممن يدّعون الفن , كل ذلك يجعلني أعذر الشباب .. 

وإن انتشار البطالة وعدم توافر فرص العمل لدى الغالبية العظمى من شبابنا والفراغ القاتل الذي يخيم على حياة البعض منهم , يجعلهم لا يجدون أمامهم سوى مشاهدة الفضائيات أو الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الإنترنت، وهذا ما ينعكس سلباً على الشباب فمنهم من يتعلق بالفنان « الفلاني » أو المطربة « الفلانية » ، وتظل تلك الصورة الجميلة المرسومة لذلك الفنان عالقة في ذهن ذلك الشاب.. لكنها بالتأكيد من الممكن أن تختفي وذلك لو حدث أي شيء مؤسف للفنان أو المطرب، كأن يتاجر أو يتعاطى المخدرات أو عندما يرتكب أي جريمة .. 

إنّ المرحلة العمرية التي يكون فيها خيال الشاب أو الفتاة واسع هي فترة المراهقة حيث تظل الفتاة تطارد ذلك النجم لأنه فتى أحلامها وتتمنى أن تتزوجه، لكن لو عرفت حقيقته، أو حتى لو رأى ذلك الشاب تلك الفنانة المتيم بها ستحدث له صدمة، لأن صورتها في التلفزيون أو السينما من خلال الإضاءة والكاميرات والماكياج كلها أمور مبهرة .. 

وفي الواقع أكثر الفنانين ليست لهم أي جاذبية نهائيا ومنهم المتكبرون والمتغطرسون لكن لو تركنا مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج ستختلف الصورة بالنسبة لفارس أحلام الشاب والفتاة من الشغف والجنون إلى الإعجاب الهادئ .. 

كما أؤكد على دور أولياء الأمور في تعريف أبنائهم بحقائق هم يجهلونها وتنبيههم بأنهم من الممكن أن يعجبوا بأحد هؤلاء النجوم ، لكن ليس لدرجة الهوس أو التفكير بالزواج منه فهذا شيء مرفوض ..

كلمة أخيرة .. 

شبابنا هم دعامة المجتمع .. لذلك يجب عليهم أن يترفعوا عن تلك الأمور التي لا تليق بشباب واعد .. وأن يبتعدوا عن التقليد الأعمى الذي يحط من شأن صاحبه ..
لكل منا سمة ميّزه الله تعالى بها عن الآخرين .. وعلينا أن نثق بالصورة التي صورنا الله بها.. ولنركز على الجمال الداخلي .. جمال الروح.. والأخلاق.. والعلم .. فبه ترتقي النفوس ..

بواسطة
زينة حسين
المصدر
زهرة سورية / طرطوس

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. بالأول تسلم على هل الموضوع الجميل 2- دول الغرب إذا ما احتلتنا بالأرض فبتكون احتلتنا بالعقل وهذا كلوا ضعف ايمان وأنا بدي أقول لكل شاب أو امرآة عملوا عمليات تجميل انوا يتوبوا لله ويستغفروا الله هذا كلوا تغير لخلق الله. استغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين فيا فوزاَ للمستغفرين .

  2. بصراحة زينة تفاجئت بموادك الرائعة والاسلوب الاحلى وبصراحة بدي قول شغلة انت كسرت قلام الصحفين الكبار والاسلوب التقليدي والحشو الاكبر بتمنالك المزيد من النجاح والتفوق وبدي قول شغلة الدورات يلي حضرتي فيا كانت مميزةبس ليش كنت صامته ما بعرف بس دائما ما يسبق العاصفة هو السكون بس بصراحة كنت عاصفة خير الله يوفقك

زر الذهاب إلى الأعلى