شباب وتعليم

الأول من نوعه في القطر وحظي بجوائز عديدة في معرض الباسل ..مركز حلب لتأهيل ورعاية المخترعين والمبدعين

يحبو خطواته الأولى بحكم صغر سنه، يحتاج إلى تبنّ ومصروف جيب، يكافح ويناضل من أجل البقاء، يؤمن بالمواهب وسيلة للظهور وبالابتكار وطريقاً إلى التفوق، عناصره أطفال صغار، بلا مشرفين، مقره صغير، صعب الوصول إليه،
 تجهيزاته بسيطة، يضم نماذج لاختراعات اليافعين الذين يعملون كخلية نحل. إنه مركز تأهيل ورعاية المخترعين والمبدعين الشباب في حلب والذي يجسد مقولة طريق ألف الميل يبدأ بخطوة واحدة..

«حاز المركز في أول مشاركة في معرض الباسل للإبداع والاختراع الخامس عشر في دمشق درع المعرض الذي هو عبارة عن مكافأة مالية (75 ألف ليرة سورية) وشاركنا بعشرة أعمال لنحصل على ميدالية ذهبية عن أفضل اختراع شاب وأربع فضيات وشهادتي تقدير ونطمح إلى المشاركة في معارض دولية لأن لدينا طاقات شبابية علمية وعملية جديرة بالاهتمام»، بحسب مدير المركز ومستشار جمعية المخترعين السوريين لشؤون التعليم الإبداعي المهندس المخترع منذر بوش الذي سبق تكليفه متابعة تأسيس مركز لتعليم الإبداع والاختراع لليافعين في محافظة حلب بالقرار 151 الصادر عن مجلس إدارة الجمعية بتاريخ 16 تشرين الأول الماضي. 

يقول بوش لـ«الوطن»: «فكرة تأسيس المركز في حلب، والأول من نوعه في سورية، ترتكز على نشر فكر وثقافة الاختراع وابتكار الفكر العلمي والصناعي كحاجة للبلد، وعلى الرغم من أننا نتبع لجمعية المخترعين السوريين التي تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلا أننا لا نحصل على أي معونات مالية وليس هناك من جهة تتبنى المركز المستأجر من حساب المدير الشخصي لسنتين ويقع في آخر شارع سيف الدولة وينتسب إليه في الوقت الراهن 16 ريادياً في مجال الابتكار لا يتجاوز عمر أكبرهم سناً 17 عاماً. 

يضيف بوش: «كنا نعتذر عن المشاركة في المعارض الوطنية والدولية لعدم وجود شبان مخترعين بأعمال تحت إشراف علمي ودعم مادي لتكون لائقة للعرض فجاءت فكرة إنشاء مركز حلب على أن يعمم على باقي المحافظات السورية في حال نجاحه، وتعاون معنا اتحاد شبيبة الثورة ومنظمة طلائع البعث بتقديم كادر تعليمي متميز لطلابنا بخلاف مديرية التربية التي لم تتعاون معنا ولم تساهم أبداً بأي شيء يذكر». 

وعن الصعوبات التي تعترض سير عمل المركز الوليد، يشدد مديره على الصعوبات المادية «والتكاليف التي يتطلبها مثل هذا المركز البحثي العلمي المصغر واضطررنا إلى إقامة دورات تدريسية للطلاب المنتسبين دعماً لتحصيلهم العملي، وينقصنا التعريف بالمركز في وسائل الإعلام أمام المجتمع الأهلي المتحمس للفكرة والمتعاون معنا». 

مستشار المركز الدكتور المهندس هيثم خليل يأمل في حديث لـ«الوطن» في أن يحظى المركز بمساعدة ورعاية الجهات كافة «ونحن نضمن مشاركة وتفاعل شرائح المجتمع التي لاقت إقبالاً منقطع النظير مع الغاية السامية من إنشاء المركز بغية تحفيز التفكير الخلاق لجيل الشباب الذي لديه أفكار إبداعية تحتاج إلى تبنيها كي ترى النور، ونناشد أصحاب القرار تقديم الدعم اللازم لاستمرار عمل المركز وتطوير مجالاته». 

يحوي المركز عدداً ولوازم صناعية بسيطة لا تفي بالهدف الموجود من أجله، ويفتقر إلى الكفاءات العملية التي تدرب طلابه على فنون الابتكار والاختراع وأساليبه الحديثة وآخر ما توصل إليه العلم في المجالات ذات الاهتمام، وعلى الرغم من ذلك استطاع يافعوه تصميم ابتكارات جيدة بعضها يمكن الإفادة منه عملياً. 

ويتألف المركز (400 متر مربع) من صالة لعرض الابتكارات وغرفة لتصميمها وأخرى لتلقي الفروض الدراسية. 

محمد نور سويد ابن الـ12 عاماً طبق مقولة الحاجة أم الاختراع وانحصر هاجسه الابتكاري في التخفيف عن عائلته ووالدته في شكل خاص «فعندما نضع المائدة صيفاً على شرفة المنزل لتناول الطعام نعاني تجمع الذباب فاخترعت كشاشة خاصة به تطلبت محركاً صغيراً مثبت عليه ريش النعام يدور ببطء ضمن كأس، ورحب أهلي بالفكرة العملية الآمنة، ثم صممت آلة خاصة بحفر الكوسا لإعداده من أجل المحشي ففكرت بتثبيت محرك صغير على آلة القعر ثم استعنت بريشة مثقب ذات شكل خاص مناسب للعملية وجئت إلى المركز الذي أمّن لي الإشراف العلمي وساعدني على تصنيع الآلة التي أراحت والدتي من عمل شاق ثلاث مرات شهرياً». 

ويحرص سويد على القدوم للمركز كل يوم في العطلة الصيفية للخروج باختراع جديد تقوم فكرته على تبريد فرش النوم عبر محرك بآلية مناسبة ليساعد على النوم مع ارتفاع درجات الحرارة صيفاً. 

ونجح حباب بوش وفادي خليل (15 عاماً لكل منهما) في تصميم إشارة مرور تحمل أعلاها لوحة إعلانية بحجم مناسب يتزامن عرضها مع الضوء الأحمر الذي يستدعي توقف السائق أمام الإشارة لقراءة الإعلان ثم لا يلبث أن يتلاشى بظهور الضوء الأخضر. ويرى حباب أن مجسم هيكل الإشارة، الذي فاز بالجائزة الذهبية في معرض الباسل، يمكن استثماره بشكل عملي للإفادة منه في شوارع المدن. 

وفي صالة عرض الابتكارات رجل بدوي تتحرك يده بشكل عمودي لطحن الهال الخاص بالقهوة ضمن وعائه المناسب عند وصله بالتيار الكهربائي. واسترعت الفكرة اهتمام محمد ديستاني عيد (11 سنة) الذي يعمل داخل المركز لتنفيذ تصميم جديد مهمته فرم الخضار واللحوم من خلال سكين بحركة عمودية مشابهة على جسم صلب. 

واستطاع أحمد بشار عتر (16 عاماً) تصميم جهاز كهربائي لتوليد الأوزون صناعياً ويستفاد منه راهناً على مستوى العالم بتعقيم مياه الشرب وباستطاعة مقبولة يغني عن استيراد الأجهزة المماثلة مرتفعة الثمن لتعقيم المياه في المدن والبلدات المختلفة. 

وصممت إيناس مشاعل وحميدة حلاق (14 عاماً) ستارة صغيرة متحركة غايتها الإعلان في واجهات المحال والمكاتب، وضع محمد رفاعي (16 عاماً) وتيسير زيدية (14 عاماً) مجسماً لرسم توضيحي خاص بمادة علم الأحياء تيسر للمدرس شرح أي شكل توضيحي، وصمم عارف ابراهيم (13 عاماً) دارة إلكترونية تفيد في تحذير قبطان الباخرة كيلا يصطدم بالميناء أو الصخور وتسهيل مهمة الملاحة. 

ومن الاختراعات المهمة جهاز توليد غاز الكلور لأحمد كجان وأحمد حاج علي (16 عاماً) وهو عبارة عن جهاز مصغر يمكن أن تصنع منه أجهزة ذات استطاعات كبيرة تعتمد على الملح المنحل لدرجة الإشباع في الماء لتوليد الغاز الذي يستخدم في تعقيم مياه المسابح وتبييض الورق وتثبيت الألوان وكذلك استخلاص مادة ماءات الصوديوم ذات الاستخدامات المتعددة.
أما الطالبة خديجة الحاج علي فجهزت مخبر قياسات فيزيائية مهمته جمع تجارب أسس الهندسة الكهربائية والالكترونية ضمن حقيبة محمولة تمكن الطالب من إجراء تطبيق دارة نظرية علمياً وقراءة القياسات بدقة من تيارات وجهود واستطاعات الكهرباء والإلكترون. 

وأوضح مصطفى النصر (13 عاماً) لـ«الوطن» أنه اخترع آلة لمعرفة التقويم وجميع الأعوام، وهي مجموعة من ست آلات منها ثلاث يدوية واثنتان كهربائيتان وأخرى إلكترونية «ولا حد للأعوام مستقبلاً في المجموعة فيمكن معرفة أي يوم من أيام الأسبوع خارج التاريخ المعطى في أي عام اعتماداً على تكرار التاريخ كل 28 عاماً». 

يذكر أن مدير المركز بوش لديه براءات اختراع شارك فيها في العديد من المعارض وفاز بجوائز قيمة، وللمستشار خليل جهاز لحام غازي يعتمد على تشريد الماء كهربائياً إلى غاز الهيدروجين لاستخدامه في لحام الحديد والمعادن الملونة بشكل فعال ويتمتع بأمن صناعي كبير وهو صديق للبيئة وكلفته الاقتصادية قليلة تصل إلى 50 بالمئة من اللحام بالإستيلين التقليدي المستورد.

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى