تحقيقات

الواقع التعليمي في المناطق المنسية بحلب وكرم النزهة نموذجاً

تحدثنا في تحقيقات سابقة عن الواقع الخدمي والصحي لمنطقة كرم النزهة بحلب وبعضاً من جوانب تدهور واقع الخدمات فيها , واليوم نكمل الحديث عن هذا الحي من الناحية التعليمية ..
كرم النزهة أحد أحياء حلب , يعتبر من الأحياء المتطرفة من المدينة والتي لم تلقى الدعم المناسب من حيث تأمين الخدمات المطلوبة وتوفير المناخ المناسب للعيش ببيئة صحية , زهرة سورية رصدت الواقع التعليمي في المنطقة المذكورة , خاصة بعدما وصلتنا عدة تساؤلات واستفسارات حول مستقبل المنطقة التعليمي , فأعداد الطلاب ما يزال بتزايد , وعدد المدارس لم يطرق عليه أي جديد , البعض يتساءل , هل يستطيع أبنائنا أن يتابعوا تعليمهم بنفس المدرسة ضمن الحلقة الأولى للتعليم الأساسي ؟؟ هل يمكن أن تستوعب المدارس الموجودة أعداد الطلاب الجدد ؟؟ والعديد من التساؤلات التي دفعتنا لزيارة الحي والاطلاع على الواقع التعليمي , حيث كان لقاءنا الأول مع مدير أحد مدراس التعليم الابتدائي الموجودة في الحي ..

• قمنا بالتسوية ولازلنا نواجه ضغوط كبيرة ..

الأستاذ صالح كوسا مدير أحد المدارس الابتدائية في كرم النزهة بدأ حديثه بالتعريف عن مدرسته التي يديرها قائلاً ..

مدرسة كرم النزهة ( 13 ) غرفة صفية تشمل من الصف الأول حتى الصف التاسع لكن من جديد قمنا بعملية تسوية للصف الثامن والتاسع بسب الضغط الكبير للإناث , وحتى تاريخه لدينا ست شعب في الحلقة الأولى , وكل صف يتجاوز عدد طلابه الخمسين طالب وبالرغم من التسوية ونقل طلاب السابع والثامن و التاسع فلازلنا نواجه مشكلة كبيرة تجلت بازدياد الطلاب حيث وصل عددهم حتى الآن (1200) طالب , علماً أن العدد كان أكثر من ذلك لكن عدم اتساعهم جعلنا ننقلهم مجبرين لمدرسة أخرى تبعد عن مدرستنا (700) متر ..

• من عشر سنوات الأرض بيعت وحلم المدرسة طار ..

ويتابع الأستاذ كوسا محدثاً عن الأرض التي كانت حلم لإقامة مدرسة بالقول : ضغط عدد الطلاب جعلنا في موقف محرج لذا قمنا برفع كتاب للسيد مدير التربية بالحاجة الماسة لبناء مدرسي في هذه المنطقة التي يقطنها أكثر من خمسين ألف مواطن , وتمت الإجابة أصولاً وتحول الكتاب للخدمات الفنية , وتابعنا الكتاب حيث تم وضع اليد على أرض قريبة من الشارع الرئيسي بمساحة (2200) متر مربع , عند الأستاذ محمد غزال ..

لكن المفاجأة الحلوة كانت !! أنه وبعد ستة أشهر بدأت الأرض تباع كل قطعة على حدا , عندها ضاع حلم الأطفال والأهالي وحلمنا الذي تعبنا من أجله كي ننتهي من أزمة ازدياد الطلاب , ولا ندعهم بعيدون عن المقاعد الدراسية , وللأسف لم نعرف سبب ضياع الأرض , فالتربية ليس لها أي علاقة , بل من يتحمل العبء دائرة الخدمات الفنية قسم الأبنية المدرسية التي تبنت الموضوع فالملاك باعها على وضعها الحالي رغم وجود إشارة حجز على الأرض !؟؟

• المدرسة ستبقى للإناث والذكور مصيرهم غير معروف ..

ويتابع الأستاذ صالح ليقول : سيأتي يوم , بعد سنة أو سنتين أو أكثر لنجد أن المدرسة أصبحت للإناث فقط , أي من الصف الأول حتى الصف السادس والمعضلة الأكبر وقتها , فيما إذا تركنا الصف الرابع والخامس والسادس بالمدرسة سنضطر وقتها لعدم قبول الطلاب الجدد من الصف الأول وإذا قلنا لأسرهم سجلوهم بمدرسة أخرى والتي تبعد كما قلنا (700) متر , سيرفضون ولن يدرسوا أبنائهم وسيكتفون بالقول ( إجت والله جابه ) فهم الآن يملكون حجة , لأن فقرهم أكبر من تحملهم هموم تدريس أبنائهم ..

• سنبني صفوف بالباحة ولن ننتظر أحد ..

وتابع الأستاذ صالح قائلاً : وحتى تاريخه تابعنا الموضوع في الخدمات الفنية , وتمت الإحالة للأستاذ إلياس , الذي وعدنا بالكشف ، ليصار ببناء ثلاثة غرف في باحة المدرسة أي بعد تقرير الكشف إن كان إيجابياً , وكل ذلك من أجل عدم إقامة تسوية في العام القادم نظراً لبعد المدرسة الأخرى عن سكن أهالي المنطقة ، فنحن نقوم بحلول إسعافية كي لا نظلم أحد من الطلاب ..

• سأحرم الطلاب من الفرصة أفضل من أن أحرمهم التعليم ..

وتابع الأستاذ صالح قائلاً : سنحرم الطالب من فرحة وبهجة الفرصة ( الباحة ) والتي من خلالها يقوم بادخار نشاط للدخول للحصص الدراسية بشكل جيد , أفضل من أن نحرمهم التعليم فهذا واقع فرض علينا لأنه اليوم إذا أتاك طالب في الصف الأول يريد أن يتعلم فلا أظن أن أهله يوافقوا على أن يدرس طفلهم بعيداً عنهم , لذلك يقوم بتسجيله بأقرب مكان له وإن لم يكن فالبيت أرحم له ؟؟؟

• الواقع التربوي ممتاز والكتاب المدرسي منذ بداية العام ..

عن مدى توفر الكتاب المدرسي وكفاءة الجهاز التدريسي أكد لنا الأستاذ صالح كوسا توفرهما بالقول : ما يجعلنا نعيش الأمل المشرق هو الواقع التربوي والأساتذة الموجودين في هذه المدرسة , فطاقمنا التعليمي والإداري ممتاز , وأنا أوجه دعوة للموجهين لكي يزورونا ويتطلعوا بأنفسهم , أما عن الكتاب المدرسي فهو موجود من بداية العام الدراسي ولم يسجل أي حالة غياب من قبل المدرسين ..

• الأسر غير متعاونين تعليمياً ..

حول تعاون الأسر مع الإدارة التربوية حدثنا الأستاذ كوسا قائلاً : هنالك معاناة ومعاناة كبيرة جداً , فالأسر غير متعاونة تعليمياً , مع العلم أن ظاهرة التأخير بدأت تنتشر بكثرة وللأسف الطالب يأتي متأخراً أكثر من نصف ساعة وبالتالي لا أقوم بإدخاله للمدرسة حتى يأتي ولي أمره , لكن ما يصدمنا مجيء الأب وهو (عم يفرك عينيه ) , وذلك يدل على استيقاظه وعدم مسؤوليته تجاه ابنه فما ذنب هؤلاء الأطفال كي لا يأخذوا حقهم بالتعليم والتقدم , هذه المشكلة اضطرتنا للقيام باجتماع مع أولياء الأمور , حيث تكلمنا معهم بكل شفافية وصراحة من أجل هذه الظاهرة فهي أولاً وأخيراً ضرر لأطفالهم , وأكثر من مرة رد الآباء مبررين أنهم يأتون متأخرين من عملهم , ولا يستطيعون متابعة أبنائهم , إذاً المسؤولية تقع على عاتق الأم لكن الأم هنا في هذه المنطقة لا يوجد لديها الوعي الكافي للمتابعة ..

• الواقع مأساوي وأنا أناشد المعنيين ..

لدي طلب لكل المسؤولين والمعنيين أن ينظروا بأمر وواقع هذا الحي , الذي هو بحاجة ملحة لبناء مدرسة , وأتمنى منهم أن يشتروا الأرض ولو كان سعر المتر مرتفع , فالمدرسة هي لبناء جيل جديد يضخ نجاحه لرفعة وسمعة هذا الوطن , فالواقع مأساوي وأعود لأكرر وأقول أن المدرسة ستكون مع الأيام القادمة للإناث فقط فلا أظن أن أحد سيجعل ابنته تدرس بمدرسة بعيدة عن السكن ..

• طلب مني لفلفة الموضوع والأوقاف لم تتحرك ساكناً ..

وحول استفسارنا عن موضوع الأرض التي من المفترض أن تكون قد خصصت للبناء المدرسي الجديد حدثنا الأستاذ كوسا بالقول : رفعت كتاب مع بداية العام للسيد أمين الشعبة وفرغ الكتاب لإرساله لفرع الحزب بحلب , لحجز أرض تابعة ضمن ملاك الأوقاف , فنحن بحاجة كما ذكرت آنفاً لبناء المدرسة , حيث أن أرض الأوقاف رائعة ومساحتها تخدم أبناء هذه المنطقة تعليمياً ..

لكن يا حسرة ويا للأسف مديرية الأوقاف لم تحرك ساكناً , ولم تعطي الأرض للتربية وكأنهم بعيدين عن مسؤوليتهم في تعليم أبناء سوريا , والمفاجأة يا سيدي أن هناك جهة وصائية تمت من خلالها المخاطبة بين مدير التربية ومديرية الأوقاف التي تخاطب وزارة الأوقاف , وقد عملت ما بوسعي وأحضرت رقم المحضر و و و…الخ , لكن الموضوع لم يتم , ووصل لمرحلة أنهم طلبوا أن نطوي الموضوع , فمن المستفيد ومن هذا الطلب لا أعلم ؟؟!

• إن حرمان الأطفال من التعليم ذنب في رقبتنا !!؟ٍ

ويتابع الأستاذ كوسا قائلاً : الأهالي حملوني سبب ما يحدث مع أبنائهم قائلين " بأن ذنب أطفالهم من حرمانهم حق التعليم برقبتي " , وحتى الآن هم يأتون لي بكثرة ويناشدونني لكي أجد حل لهذه المشكلة , وأقسم مرة ثانية أنني أعمل فوق طاقتي لكن ( ما في باليد حيلة )؟؟!! حتى أني خيرت الأهالي بين أمرين هما , إما أن يسجلوا أطفالهم في الصف الأول في غير مدرسة أو أن ينقلوا أبنائهم من الصف السابع والثامن والتاسع إلى غير مدرسة لكنهم اختاروا الحل الثاني ..

• الأزمة تتفاقم والكادر الإداري بغرفة واحدة ..

منذ سنين وحتى الآن المبنى بقي على وضعه الحالي ولم يتغير منه شيء , والطلاب بازدياد , والأزمة تتفاقم والحلول صارت أضعف , لذلك عملت بشكل كبير أنا ومن معي في الكادر الإداري والتدريسي , لإيجاد حلول مناسبة , تصور أننا قمنا بجمع المدير ومعاونه وأمينة السر وأمينة المكتبة بغرفة واحدة كي نستغل تلك الغرف بوضع مقاعد وإقامة صفوف لنستوعب الطلاب ( يعني كل صف 60 طالب ) أي أننا أنقذنا (120 طالب ) من حالة نقل وتسوية , وربما أنقذناهم من ترك المدرسة ..

• تعليم إلزامي ولا مكان للطلاب الجدد ..

وحول سؤالنا عن أسباب التسرب من التعليم الإلزامي تحدث بالقول : حالة التسرب برأي حق طبيعي للأهل بأن يمنعوا أطفالهم للمجيء إلى المدرسة , لعدم وجود مكان للدراسة , والحال بقي على حاله ولا يوجد حل لمشكلة التسرب في هذه المنطقة سوى بناء مدرسة , وكالعادة كل ما رفعنا كتاب لبناء مدرسة يقولون لا يوجد أرض ! وعندما نحضر لهم أرض يمانعون راجعين السبب لغلاء سعر متر الأرض !!! ( إذاً ليشتروا الأرض بسعرها الحالي حتى ننقذ مستقبل أبناءنا وأطفالنا من الضياع )

• الحي تعيس أخلاقياً ومنتشر بالـ " زعران " !!

يؤسفني أن أقول أن هذا الحي تعيس أخلاقياً , فهنالك شبان ( زعران ) عابثين يقومون بالإساءة لأي طالب قد يمر بقربهم ، والحمد لله هناك تعاون وتنسيق مع بعض الجهات , سواءً مع مدير منطقة جبل سمعان من أجل تلافي وجودهم , أوربما ما يحصل من قبل هؤلاء الشبان أرغم بعض الأهالي على ( تبطيل ) أبنائهم من المدرسة ..

• قصر سور المدرسة الداخلي سبب لنا أزمة ؟؟؟

ويختم الأستاذ صالح قائلاً : هنالك أيضاً من يعبث باستراحة الأطفال بالباحة , أولئك أبناء الحي الذين يتسلقون سور المدرسة القصير , والذي سبب لنا أزمة كبيرة , ففي أي وقت تراهم متواجدين بالباحة ويقدمون على تصرفات سلبية وأعمال تخريبية , وعدا عن ذلك الطلاب أنفسهم صاروا يخرجون من المدرسة عبر هذا السور ..

ويتابع ليقول : يوجد معضلة وربما تعتبر أكبر الأزمات والتي تتجلى بوجود درج ضيق جداً يتزاحم عليه الطلاب فوراً انتهاء الدوام مما سبب بإصابة عدد من الطلاب , وآخر إصابة سجلت كانت لمديرة مدرسة قريبة مما استدعى الموضوع أن تأخذ إجازة مطولة بسبب حالتها المذرية جراء الإصابة بكسور ..




مواضيع متعلقة ..

– كرم النزهة , صلاح الدين , السكري , مناطق منسية بحلب 1
– كرم النزهة , صلاح الدين , السكري , مناطق منسية بحلب 2

بواسطة
أحمد دهان / رئيس التحرير
المصدر
زهرة سورية / حلب

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. شيء مؤسف لنا ان نسمع بعدم تعاون الاسر بتعليم اولادهم وتنويرهم بالعلم .لانه يجب علينا دائما الحرص على التعليم وهذا ما تحرص عليه بشكل دائم المجتمعات الواعية المدركة لطبيعة الحياة الآنية،

    “فالعلم يرفع بيوتًا لا عماد لها.. والجهل يخفض بيوت العز والكرم”

  2. طلاب هالمدرسة محظوظون لأنه لم يتجاوز عدد طلابها الستون طالباً ففي معظم ثانويات حلب بلغ عدد طلاب الحادي عشر والبكالوريا ال65 طالباً وما فوق . فستين طالب ابتدائي واعدادي بسيطة والخير لقدام

  3. نحنا بسورية وفرنا مجانية التلعيم والتعليم لازم يغطي الكل حتى المناطق المنسية لانو هدول بحاجة التعليم اكتر من غيرن

  4. الواقع المأساوي الذي يعيشه المواطن في هذه المنطقة والفقر الذي قد يشجعه على اتخاد قرار بمنع الطفل متابعه دراسته وعدم اتخاذ الجهات المعنية قراراً صادقاً وجدياً لحل المشكلة والتي قد تنفجر ان استمرت لعام آخر

  5. قال الشاعر:(العلم يرفع بيوتًا لا عماد لها.. والجهل يخفض بيوت العز والكرم”.

    نأسف لوجود مثل هذه المستوى الدراسي الرديئ والغير مشجع .
    كما نتمنى من جميع المعنيين بالموضوع واخص بالذكر وزير الثقافه والتعليم والحكومه بشكل عام ان تاخذ بعين الاعتبار ان هنالك اجيال تنهار وابواب تعليم تقفل في وجه الراغبين في الدراسه .
    كما انه من حق الجميع ذكور واناث ان يتعلموا التعليم الصحيح وان يحصلو على المستوى المطلوب لانشاء جيل جديد نفتخر به في المستقبل.
    لانهم سيكونوا بمثابة واجهه لهذا البلد(سوريه).

  6. يعني معقول هل الطلاب ينجحو بحياتون . أنا شخصياً مابتصور لأنو رح يتركو المدرسة , من هل الوضع ,يعني الطالب لما بيروح عل المدرسة لازم يلاقي جو لطيفحتى ترتاح نفسيتو ويحب المدرسة . وهيك بيصير أنسان ناجح . بلمجتمع. وشكراً

زر الذهاب إلى الأعلى