تحقيقات

التعليم العالي في سوريا : قرارات مرتبكة ومسيرة متعثرة

يعتبر التعليم العالي القطاع المحوري لكل دولة ، فهو الذي يرفد أوجه الحياة المختلفة بالكفاءات اللازمة لسيرها، وهو الذي يحدد مستوى الأداء فيها …

وهذه الحقيقة التي أدركتها القيادة السياسية في سوريا في وقت مبكر , وهي التي دفعت لاتخاذ خطوات جبارة ورصد إمكانيات ضخمة في سبيل تحقيق نهضة شاملة تردم الهوة بيننا وبين الدول المتقدمة ، ولم يتوقف العطاء طيلة أربعة عقود كانت حافلة بالتضحيات والقرارات السخية من القائد الخالد حافظ الأسد وفخامة الدكتور بشار الأسد ، وكانت النتائج عظيمة والمستقبل واعد ، يشوب ذلك بعض العثرات الناجمة عن بعض النفوس الضعيفة وبعض الممارسات الخاطئة التي تنذر بالإساءة إلى هذه المسيرة المشرقة ، ونرصد في هذه العجالة بعض المظاهر التي تسيء لهذه الملحمة من خلال بعض التجارب الواقعية للطلبة والمتخرجين …

يقول الطالب م. عبد الحي ( خريج كلية الحقوق بجامعة حلب ) ..

بعد عقد ونصف من الدراسة تخرجت من جامعة حلب ، وسافرت للعمل في دولة خليجية ، ولم يكن لدي أدنى شك أنني أملك الكفاءة اللازمة للتقدم إلى أي وظيفة .. ولم يخطر ببالي أن اللجان الفاحصة ستكون على علم بأدق التفاصيل ، لدرجة أن بعض المدراء أخبرني بأسماء بعض دكاترتي وبأسعار المواد التي يبيع بها هؤلاء المواد لطلاب الجامعة ..

ورغم علمي بصحة كل ما رووه لمعايشتي إياه على أرض الواقع ، إلا أنني لم أكن أتصور أنه أصبح -عالمياً – يعرفه الغريب قبل القريب ، ونسيت أن العالم أصبح قرية صغيرة لا يخفى فيها شيء ..

فإلى متى سيستمر هذا النزيف لصالح ثلة من الدكاترة الذين باعوا شرف مهنتهم ، ووضعوا مستقبل ملايين الطلاب ومجهود أعمارهم في مهب الريح … وبعد أن تحولت سنين تحصيلهم إلى ورقة تباع وتشترى ؟؟؟ هل يعقل أن يستمر صمت الوزارة والجهات الرقابية على مثل هذه الجريمة التي فاق أثرها كل جريمة أخرى ؟؟ فهذه الجريمة – بحق – يصدق عليها وصف "إعدام بالجملة" أو "تدمير شامل" للمجتمع وطاقات أبنائه ..

ويقول الطالب م. خ ( طالب في الأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري – اللاذقية ) ..

شاهدت في الصحيفة اليومية إعلان افتتاح دورة الماجستير في الأكاديمية البحرية ، ولأنني أؤمن بقيمة العلم والتحصيل ، قررت إنهاء إقامتي للعمل خارج سوريا بهدف الحصول على الماجستير المذكور … وعند السؤال عن موقف وزارة التعليم العالي من الماجستير أبرزت الإدارة صورة عن قرار السيد وزير التعليم العالي بالموافقة على افتتاح دورة الماجستير ، وبالفعل تركت العمل في الخليج لأتابع دراستي في هذه الدرجة ، وبعد انقضاء الفصل الأول فوجئت وزملائي بإلغاء قرار الموافقة من جانب الوزارة وبتصرف فردي محض … ولم تنفع جميع المراجعات أو الاعتراضات على القرار التعسفي .. ونحن اليوم بعد ثلاث سنوات من الدراسة والعناء وبعد أن تكبد كل منا بمصاريف تتجاوز الـ (500 ألف ) ليرة سورية نحمل شهادة لا تصادق عليها وزارة التعليم ولا الخارجية أو أي جهة أخرى .. علماً أننا لم نكن لنقدم على التسجيل لولا نسخة قرار الوزير التي يحتفظ كل واحد فينا بنسخة منها ..

ويضيف ..

سوريا هي الدولة الوحيدة التي يدرس فيها الطالب من المرحلة الابتدائية حتى الحصول على درجة الدكتوراه دون دفع رسم أو قسط ، مع العلم أن هذا غير موجود حتى في أثرى الدول ، وحتى في الدول الثرية تتقاسم الدولة عبء التدريس والإيفاد مع أثرياء تلك الدول الذين يقدمون تبرعات ومعونات للجامعات والمؤسسات التعليمية ، في حين أننا في سوريا وبظل الرعاية الكريمة للدكتور بشار حافظ الأسد ، تنهض الدولة وحدها بهذا العبء ، كل ذلك بدعم وتوجيه من سيادة الدكتور بشار الأسد ، ولكن بعض المنتفعين – للأسف – آثروا مصالحهم الشخصية وأساؤوا لهذه المسيرة التي تعتبر بحق محل تقدير واحترام العالم بأسره ..

ونحن بدورنا نتساءل .. هل يليق هذا الوضع بجهة تقوم بتصدير القضاة للمحاكم والوزراء للوزارات والأطباء والصيادلة للمشافي والصيدليات؟؟؟
نتمنى أن تختفي هذه الممارسات من وزارة التعليم ، وأن نرى قريباً "تطهيرا" لكل ما اعترى هذه التجربة الرائدة ..

بواسطة
صديق الموقع أمير رزوق
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ثقافة الجهل التى سيطرة على عقول الناس لم تثتثنى منهالاالجاهل والمثقف كل واحد منهماأ تخذالجهالةعلى حسب درايته ومعرفتهالشخصيةبالمنفعةالذاتية ونسي اذى منفعته على حساب الأخرين وهذا ما كرسنالننبقى في صف الدول المتأخرةانهاثقافة الأنا الذاتية والأستبدادواللعب بعدة اوتارفي وقت واحد ولكن النتيجة معروفةوالوترتعودنا العزف عليه

زر الذهاب إلى الأعلى