تحقيقات

الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة .. وخصوصية احتياجاتهم

كلنا يعلم أن أهم ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات هو عقله وتفكيره أو بكلمة أخرى تصرفاته العقلية والإنسانية ..

بيد أنه رغم ذلك قام بأفعال يندى لها الجبين, فقديماً إذا ولد طفل معاق كانت أمه تمنع من إرضاعه مدة يومين ليموت..

واليوم مع كل ما نشهده من تطور ما زال هناك أشخاص يشعرون بالعار ويسخفون بتلك الروح فيحبسون المعاق خلف أبواب موصدة أو لا يعترفون به أصلاً.. 

إلا أن الإنسانية بمعناها السامي تقتضي أن نقبل أخانا الإنسان بالهيئة التي خلقه الله عليها , وأن تتحول نظرات الشفقة إلى أعمال خيرية ودعم مادي ومعنوي وإنساني ليبقى الإنسان أعلى المخلوقات وأسماها..

ومن هنا انطلقت زهرة سورية لإلقاء الضوء على الجمعيات الخيرية ودورها في رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة..

وتتوزع هذه الجمعيات في كل محافظات القطر العربي السوري.. ففي محافظة طرطوس توجد أربع جمعيات خيرية ألا وهي: 

جمعية المجد لأمهات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة :

التي أشهرت بالقرار/323/ لعام 2006م.. وتقوم بتخديم (30-40) طفل وطفلة, أغلبهم إعاقات حركية .. وهناك معالجين فيزيائيين وغرفة نطق وغرفة صف لتلقي المهارات.

جمعية الكفرون:

التي تأسست في 25/12/2003م, وتعنى بحالات (داون – منغولي والشلل الدماغي ضمن الحالات المقبولة)..

وتستقبل هذه الجمعية الحالات حتى سن 22 عاما.. والبرنامج فيها تعليمي وترفيهي.. وهي الآن تقوم بتخديم من 10 حتى 15 طفلاً ضمن صفين, ويتم التعامل مع كل طفل على حدة ضمن برنامج علاجي يخص حالته. 

جمعية الرجاء/فرع بانياس/:

وتأسست عام 2003م, وتضم ثلاثة صفوف للإعاقات السمعية والذهنية, وتقوم بتخديم 32 طفلاً بينهم 12 طفل صمّ والباقي إعاقات ذهنية ومنغولي.. وتعمل هذه الجمعية ببرنامج الدولة بالإضافة لنشاطات أخرى خاصة بالأطفال.. 

جمعية الرجاء/طرطوس/:

أشهرت بالقرار رقم /1122/ تاريخ 25/10/1990م, وتم إنشاء فرع طرطوس في عام 2003م بإدارة الأستاذ عبد القادر سعيد , حيث بدأت بتخديم 14 طفل.. واليوم تخدم 65 طفل بدوام كامل بالإضافة إلى 22 طفل من الأرياف القريبة..

تستقبل جمعية الرجاء جميع أنواع الإعاقات (منغولي – داون – توحّد – صعوبة تعلّم…)

يتوزع الأطفال ضمن ثلاثة صفوف حسب المراحل العمرية.. 

يضم صف المرحلة الأولى الأطفال من عمر السنتين وحتى الست سنوات, أما صف المرحلة الثانية فيضم الأطفال من عمر 7 سنوات حتى 9 سنوات, ويضم صف المرحلة الثالثة الأطفال من عمر 10 سنوات وحتى 13 سنة.. كما يوجد حالات استثنائية تصل إلى أعمار أكبر من ذلك.. ويمكن إعطاء صفوف إضافية للأعمار من ستة أشهر وحتى السنتين ليتمكنوا من اللحاق بالمرحلة التالية..

يوجد في هذه الجمعية معلمتين لكل صف, معلمة رئيسية وأخرى مساعدة, وتقام في الجمعية معالجات فيزيائية يشرف عليها أطباء مبعوثين من قبل مديرية الصحة في طرطوس .. بالإضافة إلى وجود معلمتين للنطق لمن عندهم إعاقات سمعية وإعاقات في النطق..

يوضع البرنامج في الجمعية من قبل المعلمات الرئيسيات حسب الإمكانات الفكرية لكل طفل أي حسب نوع الإعاقة.. وقد خضعوا المعلمات لدورات حول كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كالدورة التي أقيمت في الأردن لمدة شهرين, ودورة أقيمت في مصر لمدة ستة أشهر, بالإضافة إلى الدورات التي تقام في مركز آمال للنطق في محافظة دمشق..

أما بالنسبة لنشاطات الجمعية.. تقام في كل سنة عدة نشاطات وحفلات يذهب ريعها للجمعية مثل حفلة العشاء التي أقيمت في برج شاهين, والمعرض الفني لرسومات أطفال الجمعية الذي أقيم في صالة طرطوس القديمة للمعارض, بالإضافة إلى حفل غداء خيري ضم أربع جمعيات في قرية المنارة السياحية برعاية كريمة من والدة السيدة الأولى.. 

لمحة عن صفوف الجمعية..

خلال زيارتنا إلى جمعية الرجاء في محافظة طرطوس حاولنا جمع الكثير من المعلومات حول المراحل والصفوف التي تضمها الجمعية وعدنا بالآتي:

الآنسة ميس حسن /المسؤولة عن صف المرحلة الأولى/ قالت: (يضم صف المرحلة الأولى الأطفال من عمر السنة حتى الست سنوات.. ويعنى بحالات المنغولي والداون ونقص الأكسجة..يختلف التعامل مع الأطفال في هذه المرحلة حسب إدراك كل طفل وحسب العمر)

الآنسة رنا صهر /مسؤولة عن صف المرحلة الثانية والثالثة/:

(يضم صف المرحلة الثانية الأطفال من عمر السبع سنوات وحتى التسع سنوات, ويعنى بحالات التخلف العقلي الشديد والبسيط, ونقص الأكسجة والداون وهي الحالة الغالبة.. أما صف المرحلة الثالثة فيضم الأطفال من عمر العشر سنوات وحتى أعمار تصل إلى العشرين في بعض الأحيان..

التعامل مع هذه الحالات والمراحل صعب بشكل عام لكن من تخطى المرحلة الأولى من خلال الجمعية يكون التعامل معه أسهل..

وبالنسبة لهوايات الأطفال فهم يمارسونها هنا في الجمعية كالرسم والغناء والرقص والأشغال اليدوية مما يساعد في زيادة مستوى إدراكهم وثقتهم بأنفسهم).

مشاكل الجمعية ومعاناة الأطفال..

تحدثت الآنسة ميس حسن عن بعض المشاكل التي تؤثر على دور الجمعية حيث قالت: (المشكلة الأهم التي نعاني منها هي المجتمع بالدرجة الأولى ثم الأهل.. فنظرة المجتمع للمعاق لم تتغير حتى الآن رغم كل التطور والانفتاح فالناس ينظرون إليه نظرة دونية مليئة بالاستهزاء أحيانا وبالأسف أحياناً أخرى وهذا ما يسبب رد فعل عكسي لدى المعاق مما يمنعه من التكيف مع وسطه الاجتماعي ويشكل لديه حالة من الخوف وانعدام الثقة بنفسه فنجد معظم المعاقين ينطوون على أنفسهم ويمتنعون عن رؤية أشخاص غير أهلهم..

أما بالنسبة للأهل فبعضهم لا يتعاون مع الجمعية ومع الطفل وبعض تصرفاتهم تعزز هذا الانطواء لدى الطفل المعاق حيث يرفضون أحياناً الاعتراف به أو يمنعونه من الخروج من المنزل أو يعاملونه بطريقة قاسية متناسين أنه إنسان وأن هذه مشيئة الله ويجب عليهم بل من المفروض أن يرضوا بها..

وهناك عدة حالات شوهدت من خلال الجمعية أو بالخارج تصور مدى المعاناة التي يعيشها ذلك الطفل الذي قُدّر له أن يكون من ذوي الاحتياجات الخاصة.. فما ذنبه لكي يتحمل قسوة المجتمع وسخريته ولكي يبقى سجين غرفة ملّته جدرانها أو أن يعامل من قبل أهله بطريقة تختلف عن معاملتهم لإخوته)..

مطالب لا بدّ منها..

وقد نتج عن زيارتنا للجمعية عدة مطالب من المسؤولين فيها..

حيث قالت الآنسة لينا عابدين /مسؤولة المحاسبة/: (هناك مشكلة تعاني منها الجمعية ولا بد من إيجاد حل لها ألا وهي مشكلة صغر البناء , فنحن نحتاج هنا إلى غرف إضافية وأوسع لكي يتم وضع كل حالة في صف خاص بها لأن أطفال التوحد يجب عدم دمجهم مع بقية الحالات لأن صف التوحد يحتاج إلى ترتيب أو نمط معين, ألا أن إمكانيات الجمعية المادية لا تسمح بإنشاء صفوف إضافية وإحضار وسائل إضافية خاصة بالأطفال)

أما الأستاذ عبد القادر سعيد /مدير الجمعية/ فقد طالب بإقامة ندوات في المركز الثقافي للتعريف بهذه الحالات وأضاف: (ربما حينها تتغير نظرة المجتمع لهم.. ولكن لانريد فقط إقامة الندوات بل نريد من الناس حضورها لأنهم للأسف بعيدون عن مثل هذه الأمور.. بالإضافة لهذه الندوات لا بد من إقامة دورات توعية لأهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع أطفالهم ولا يعرفون كيف يزرعون الثقة في قلوب أطفالهم بل يزيدون معاناتهم باعتبار طفلهم المعاق هماً وليس إنساناً بحاجة إلى رعاية وعطف أكثر من غيره)..

وأردفت الدكتورة فريال سليمان /رئيسة جمعيات رعاية الطفولة في محافظة طرطوس/ قائلة: (نشكر الراعي الأساسي والأول لهؤلاء الأطفال, السيدة أسماء الأسد, لأنها تقوم بالاهتمام بهذا الموضوع.. ونطلب من الجهات المعنية تأمين معاهد خاصة لتأهيل المعاقين للقيام بوظائف تناسبهم, وتقوم بمنح شهادات معترف عليها حتى تتحول هذه الشريحة إلى عنصر فاعل في المجتمع)..

الدمج بين الأطفال ودور وزارة التربية في ذلك..

وعن دور وزارة التربية في عملية الدمج بين الأطفال أكملت الدكتورة فريال سليمان حديثها قائلة: (لحد الآن عمل مديرية التربية في طرطوس بطيء ويجب أن تكون خطواتها أسرع لدمج الأطفال علماً أنه يوجد كوادر للتعامل معهم أهلتها مديرية التربية, لكن ما يؤخر هذه العملية هو أن وزارة التربية لم تبتّ بالأمر حتى الآن)..

أما الآنسة ميس حسن فقد قالت: (لا يوجد اهتمام من قبل المدارس العامة أو الحكومية وبرأيي لن تتم عملية الدمج في هذه المحافظة والسبب في ذلك هو التفكير الخاطئ لبعض الناس في مجتمعنا الذين ينظرون بسخرية لمثل هذه الحالات.. ولكن من المفروض تقديم الرعاية الأمثل لهم من قبل الجهات المسؤولة وخاصة من قبل وزارة التربية وعملية الدمج مع غيرهم من الأطفال)

وفي الختام يمكننا القول أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هم كغيرهم من الأطفال.. يحزنون ويضحكون.. يشعرون ويتأثرون.. لذلك يجب على المجتمع أن يرقى في معاملتهم وأن ينظر إليهم بعين الرأفة والعطف .. لا بنظرة السخرية.. وأن يدرك أن إعاقة هؤلاء الأطفال ظاهرة للعيان ويمكن علاجها .. ولكن هناك أشخاص يعيشون بيننا ربما معاقون ولكن إعاقتهم مخفية وغير ظاهرة للعيان..

بواسطة
زينة حسين/ طرطوس
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى