مقالات وآراء

كلام لا علاقة له بالأمور السياسية….(9)

ستجد في أوروبا أن كل مواطن أوروبي يتنقل بين دولها كافة بدون حاجته لسمات الفيزا أو التأشيرة ..

وستجد كل المعابر ونقاط الحدود فيما بين دولها طيلة النهار والليل مفتوحة للمسافرين ولمن يرغب بعبورها. وتعبرها بعربتك التي تقودها دون الحاجة للتوقف أمام نقاط التفتيش أو الجمارك و مراكز الجوازات والهجرة. وفي نقطة الحدود ستستدل فقط على أنك على وشك مغادرة البلد الذي أنت فيه ,أو أنك عبرت إلى دولة أخرى مجاورة لدولة تعيش فيها أو تحمل جنسيتها أو أنك من زوراها. وستتوقف فقط إذا لمحت من أشار إليك بيده من رجال المركز الواقفون على الرصيف للمراقبة,وحينها ستخلي عربتك الطريق لغيرك فتنحرف بها لإيقافها إلى يمين أو يسار الطريق أو في الساحة المجهزة سلفاً لهذا الغرض.وستبقى جالساً مكانك تنتظر من أشار إليك بالتوقف أو من يرسل بديلا عنه ..

وسيحضر الرجل بسرعة, وبكل لطف سيسألك ويستوضح منك ما يريد أن يستوضحه أو يستفسر عنه.أو يطلب منك وثائقك ووثائق عربتك كي يدققهما,أو يطلب منك السماح له بتفتيش العربة أو صندوقها.وبعد أن ينتهي من عمله ستجد الشرطي غاية في الذوق واللباقة والأدب وحسن التصرف..

وبعد أن ينتهي من عمله فهو إما أنه سيعتذر حين يجد أن الأمور التي شك فيها غير موجودة, وحتى إن ثبتت شكوكه أو كانت بعض منها في محلها كوجود بضائع ومشتريات ممنوعة سيطلب منك العودة بها من حيث أتيت لإعادتها أو التخلص منها أو دفع قيمة الغرامة أو أجور جمركتها أو الضرائب المترتبة عليها إذا كانت كمياتها تزيد كمية نقلها عن الكميات المسموح بها.وسيكون لك الخيار بتسديدها واستلام إشعار بذلك مباشرة,أو أن تستلم ضبط المخالفة أو الغرامة لتعالجه فيما بعد.ولن تصادفك مثل هذه الأمور التالية بتاتاً ..
 
• كرؤيتك لمظاهر فساد وتجاوزات وعدوانيات وإرهاب وتسلط وقلة أدب وعدم لباقة وجهل وتطاول وتنمرد وطغيان وجور مسؤولي نقاط الحدود أو من رجال أمن وجمارك وشرطة.
• أو أن تصلب ساعات طويلة يهدر فيها وقتهم ووقتك,أو أن يدخلونك بمتاهات وأمور أخرى, أو يدخلونك في جولات مفاوضات طويلة ومتعددة,وكل جولة تواجه فيها بشروط وتعجيزية جديدة.
• أو أن يحثونك على ضرورة التنازل لهم عن بعض مما تحمله,أو أن تضع في جيوبهم بعض الأموال التي تحملها معك والتي ادخرتها لإسعاد أسرتك وقضاء ما أستوجب من ديون عليها جراء غيابك.
• ولن تجد من يمنعك من دخول وطنك ويطلب منك العودة إلى بلد اغترابك,بذريعة أن العربة التي تستقلها وتحمل لوحة بلد اغترابك غير مسموح لها بالدخول,أو أنها لم تستوفي المدة المطلوبة لغيابها عن وطنك بعد أن دخلت وخرجت بها من وطنك منذ مدة قريبة.
• ولن تجد موظف من العاملين بهذه المراكز ممن هو معقد نفسياً أو ذو سلوك وشخصية مريضة لا يستسيغ إلا أن يرى أن أمور وأوضاع العابرين يجب أن تكون معقدة ومريضة ومذلة ومهينة.
• ولن تجد من يسعى من وجوده في هذه المراكز ليفرض ذاته كشخصية يجب أن يهابها كل عابر لها.
وحتى في هذا المجال فليست حال أوربا فيما مضى بأحسن حالا من حال بعض الدول الأخرى.فالكل يعلم بأن دول أوروبا دخلت فيما بينها بحروب وصراعات دامية ومريرة.كان آخرهما الحربين العالمية الأولى والثانية ..

وفي هذه الحروب خسروا الكثير من شبابهم, وكانت خسارتهم في هاتين الحربين بمثابة الطامة الكبرى, والتي مازالت مجتمعاتهم تترنح تحت وطأة ثقلها لهول مصابها وما ألم بهم من خسائر كبرى في الأرواح وخاصة الرجال وجيل الشباب,والذي ستبقى آثاره السلبية مخيمة على مجتمعاتهم لقرون عديدة. ولذلك فالمجتمعات الأوروبية باتت مقتنعة بعد حروب وصراعات مريرة خاضتها لقرون عدة. أن من الأفضل لها هو الالتزام بالأمور التالية ..

1. أن يترك القانون حراً ومطلق اليدين وغير مقيد, بحيث يكون هو من يسود ويحكم ,كي يتفيأ الجميع تحت ظلاله الوارفة,وأن يكون في أي شأن هو الحكم والفيصل, وهو من يضع أشارات الدلالة حمراء أو خضراء على معابر الأمور عامة,بحيث يكون للقضاء الدور والقرار للبت بهذه الأمور كافة.
2. أن يأخذوا على أنفسهم عهداً بأن على كل واحد منهم أن لا يلجأ خلال مسيرة حياته في أن يكون تعامله مع نفسه أو فيما بينه وبين غيره أو مع جيرانه في المسكن والحي والمدينة والوطن,أو بين أقرانه في المدرسة والعمل,أو مع السلطة ومن يمثلها بطرق معوجة وملتوية وشاذة ومنحرفة وخاطئة.
3. وأن تنضوي دولهم في وحدة أوروبية كي تستفيد من أخطائها فلا تكرر ذات الأخطاء مرات ثانية.
4. وأن لا تفسح المجال لفاسد أو ممن هو عاشق متيم بالمال أو السلطة,أو ممن له مطامع ومطامح شريرة, أو ذو شخصية مقيتة بغيضة وكريهة,في أن يكون لهم دور أو مكان يتمكنون من خلالهما أن يكون لهم شأن مستقبلاً فيتصدرون من خلالهم الواجهة,ويعودوا بالبلاد إلى ترهات ما قد سلف ومضى.
5. أن يدافعوا عن سلطة القانون وأن يعضوا بالنواجذ والأنياب والإظفار والمخالب وبكل ما أوتوا من قوة ليبقى قانون وطنهم هو الأعلى شأنا ومقاماَ يرفل بتمام العافية وموفور الصحة والهناء والقوة.
6. وأن لا يسمحوا لأحد بأن يتاجر بالقانون خارج وطنه فيتركه إلى وطن آخر أو دولة ثانية ليرثي حال القانون في وطنه, أو يَبكيه ويذرف الدموع لأن هناك بنظره من هو طامع فيه,أو أن يعبث به ليغويه. أو أن يتهم غيره بأنه يسعى لاغتصابه. وأن هدفه من هذا التصرف هو أن يحميه من كل غاصب يريد أن يغتصبه أو يعتدي عليه.وينطلق مع غيره ليسد الطرقات والشوارع في دول أخرى,و يملئون الفضاء بالنواح والبكاء والندب والعويل والصراخ عن انتهاك القانون في بلدانهم. ويتصدرون شاشات الفضائيات وصفحات وسائط الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة,بعد أن نصبوا من أنفسهم رجال دفاع عن القانون,أو أن يتجمهروا في طوابير معارضة تضم بين صفوفها كثير من رموز الطغاة والفساد. فمثل هؤلاء بنظر أي مواطن أوروبي وبنظر الشعوب الأوروبية ليسو سوى مراهقون أو متصابون ينظرون إلى القانون على انه امرأة فاتنة وساحرة ,وكل واحد منهم يدعي كذباً وجوراً أنه يريد مصلحتها ويريد الدفاع عنها وحمايتها, إلا أن كل واحد منهم جل ما يسعى إليه هو أن يتمكن من غوايتها أو فرض سلطته عليها أو إرهابها لعله يتمكن من اغتصابها. أو أن يجهد لخداعها والتغرير بها كي تضعف أمامه ويظفر منها بشهواته الدنيئة.وأنه كغيره مع من تجمهر وبكى وندب,ليسوا سوى أصحاب مصالح خاصة,يظهرون عكس ما يضمرون,وكل ما يريدونه أن يكون القانون عاهرة ليشبعوا منه شهواتهم المريضة والفاسدة. فالدفاع عن القانون بنظرهم يكون باحترامه أولاً, والدفاع عنه في الوطن لا في دول أخرى,وفي عدم التعامل مع فاسد, أو إفساد الغير لتحقيق مآربه الخاصة.
7. أن وجود تعقيدات في مراكز الحدود سينعكس سلباً على التنمية ومجالات التجارة والصناعة والزراعة والسياحة.وسيضعف الحس الوطني, ويلحق الكثير من الأضرار الفادحة بالمجتمع وبكثير من الأسر.
وطبعاً لو تجرأ احد ممن يتعرض للأساليب المهينة في كثير من دول العالم أن يتقدم بشكوى مرفق معها تقرير شامل عما حصل معه إلى وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية لوجد من ينصفه.وسيرى كيف سيحاسب هؤلاء الفاسدون من رؤسائهم وقادتهم حساباً عسيرا.ولكن مازال وللأسف الجديد بعض المواطنين ممن يطئون حدود وطنهم بوثائق خاطئة أو ناقصة وغير مكتملة ,أو اصطحابهم لممنوعات متنوعة.وحينها سينتعش كل فاسد, ويضطر الواحد منهم للتفتيش عمن هو مغرم بالرشوة,أو أن يسعى كي يفسد آخر حين يعرض عليه من الرشوة أو الإكرامية ما قد يسيل لهما لعابه وتنهار أمامهما كل مقاومته وركائز تربيته الصالحة.وبعمله هذا يفسد من هو صالح وقويم ومستقيم في وظيفته ومهمته وأثناء عمله في فترة دوامه, كي يؤمن له إدخال ما أصطحب من بضائعه الممنوعة, أو كي يضمن دخوله أو خروجه بوثائقه الغير مكتملة. وحينها لن يجرأ على أن يتقدم بشكوى لأنه سيحاسب مع من سهل له المهمة.وسيكتفي حينها بالثرثرة عما عانى من مشقة,أو كي يشفي غليله وحقده بالإساءة لوطنه ولقيادته ولمن سهل له مهمته ومسعاه من عناصر الأمن والجمارك والشرطة. 

ولذلك كم هو ضروري أن تقوم الجهات التي تتبع لها مثل هذه المراكز بالتدقيق اليومي لمهمات وسلوك عناصر وأساليب تعامل هذه المراكز مع كل عابر لها.وحتى الاستفسار من شريحة لا على التعيين لمن عبروها بالاتصال معهم على هواتفهم أو مقابلاتهم في أماكن تواجدهم المحفوظة في هذه المراكز عما لاقوه من معاملة,ليقفوا على الحقيقة,وحينها فقط سوف ستستقيم الأمور, ولن يجرؤ أحد على تشويه الصورة,أو استهدافه الوطن بالإساءة. ومن يهمل هذا الأمر حتى مستوى وزير,فهو شريك في الجرم, وتسره الإساءة لوطنه وقيادته وتشويه الصورة. 

بواسطة
العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
المصدر
زهرة سورية / دمشق

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. من الواقع الذي نمر به اونتعايشه ولكن ما باليد حيلة كف واحد لايصفق وان صفق لايسمع علينا التحلى بالصبر ليأتى الفرج والفرج آت بأذن الله والقيادة الحكيمة هي غير غافلة عن شيء ولكن على قولت النثل العامى كل شيء بوقته حلو

زر الذهاب إلى الأعلى