الجولان السوري

رسالة من فتاة لوالدها يفصل بينهما سنوات بقلم احمد دهان

خرج من منزله ذات يوم مسافراً إلى دول الخليج حيث يزهر فيها فرص العمل التي توفر له مردوداً جيداً تاركاً وراءه زوجته وفي حضنها فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات وعدهم بأنه سيعود في أقرب فرصة أو أنه سيجعلها يلحقان به حينما يوفر لهما فرصة الإقامة الجيدة ..
مضت شهور وهو يرسل لهم مكاتبيه وأمواله ليبني بيتاً يعيش به وسط عائلة كريمة إلا أنه لم يعد كذلك
فبعد أن نامت عيون الناس واستيقظت على نيران الدبابات وهطول مطر الطائرات كانت الكارثة بالاحتلال الصهيوني فالفتاة وأمها يعيشان في الجولان وسط قرية تدعى مجدل شمس والنيران جاءت لتهدم البيت الذي حاول أن يبنيه ذلك المغترب فسقطت أول حجرة ثم الثانية ثم سقط عمود المنزل " الأم " ضحية تلك الهجمة الشرسة وتلك الفتاة لم يكن لديها إلا أن تخرج لتجلس في منزل أحد أقربائها والدموع تنهمر في وجهه وأيام وشهور وسنين وهي لا تعرف ماذا بعد وفاة أمها هل سيعود والدها الذي تركها قبل سنوات مع أمها .. هل مازالت تفصلها حدود أما سنين أما قوى الاحتلال .. حملت دفترها وسجلت فيه رسالة لوالدها سترسلها لكنها لم تعرف العنوان .. فكتبت في دفترها ..
" تحية عربية .. إلى والدي الغالي .. أنا بنتك المخلصة التي فقدت أمها ولم تعرف إن كنت يا والدي مازلت على قيد الحياة أم المنية تبعتك .. النيران يا والدي قاسية جداً والقنابل لا تعرف رحمة ولا تخاف من الله .. البرد التهم جسدي .. والجوع مزقني وكل حياتي دمار وخراب .. الأعداء هنا يا أبي كثيرون .. يأكلون الحلوى ويحرقون ألعاب الأطفال ..إن كنت تسمعني يا أبي فساعدني كي أنجو من هذه النار …. "
ولم تكمل رسالتها حتى دخول عليها مجموعة من المسلحين يريدون اغتصابها فرفضت فكانت نهايتها الممزقة لا يتصورها إنسان امتلأت رسالتها بالدماء ولكن حروف رسالتها مازالت مكتوبة في السماء فإن كنت صاحب الرسالة الموجهة له أو تعرف طريقه فليكن لك بصمات واضحة في هذا الطريق

بواسطة
رئيس التحرير : أحمد دهان

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اكيد كل شي ممكن نتوقعه من العدو وبالأخص إن كان كافر..وما في إلا نحكي حسبن اله نعم الوكيل…تقبلوا مروري

زر الذهاب إلى الأعلى