شباب وتعليم

الشباب السوري أضاع الطريق الى مسارات القراءة

فوجئ رواد إحدى المكتبات العريقة في وسط دمشق ( التسليم ) إلى أن تحولت أخيراً إلى .. مقهى للانترنت ..

وكانت هذه المكتبة زودت جيلاً كاملاً من الشباب السوري المثقف بالكتب اليسارية، هؤلاء الشباب الذين كانوا يغامرون بسرقة «كيف سقينا الفولاذ» أو «رأس المال» وبالطبع أعمال دستويفسكي وتشيخوف تحت طائلة «البهدلة» ..

وهناك مكتبات أخرى احتلت مكانها محال بيع أجهزة الهاتف النقال أو مطاعم للشاورما والوجبات السريعة. مكتبة إيزيس» التي كانت تقدم خدمة إعارة الكتب بمبالغ زهيدة، اضطرت إلى إغلاق أبوابها منذ أشهر بعدما أعلنت إفلاسها. أما آخر تقليعات «بسطات الكتب» عند سور الجامعة، فهي «ثلاثة بمئة». وهذا الإعلان كما هو واضح مستعار من عالم «بسطات الجوارب». فكل ثلاثة كتب بمئة ليرة (نحو دولارين). وفي هذه البسطات تختلط الكتب العلمية بالروايات العالمية بسير النجوم، فيتساوى كتاب لطه حسين بكتاب عن سيرة عمرو دياب ..

ويبرر بعض الشباب عدم الإقبال على القراءة بضيق الوقت، أو بسبب الوضع الاقتصادي الخانق. هذا الوضع الذي جعل القراءة في آخر سلم اهتماماته. لكن هذه الذريعة غير صحيحة وفق ما يقول صاحب إحدى المكتبات: «يفضّل شباب اليوم الذهاب إلى كافتيريا وقضاء وقت في التسكع على قراءة كتاب مفيد». ويستدرك قائلاً «لا شك في أن ثمن الكتاب مرتفع إلى حد ما، غير أن هذا الأمر لا يبرر العزوف عن القراءة، حتى بوجود وسائط اتصال أخرى مثل التلفزيون والانترنت». 

ومن موقع اليأس، يقول صاحب دار نشر أن «طباعة الكتاب تراجعت بالتدريج من 2000 نسخة إلى 1000 نسخة، واليوم لا نغامر بطباعة أكثر من 500 نسخة من الكتاب، عدا بعض الكتب الاستثنائية التي غالباً ما تحمل بين دفتيها موضوعات مثيرة أو ساخنة». 

ويوضح صاحب مقهى للإنترنت أن «متصفح شبكة الانترنت يختلف عن قارئ الكتاب. فهو ينتمي لجيل وجد نفسه أمام خيارات جديدة، ليست القراءة بينها، فهنا يكتفي الشباب بـ»التشات» والمراسلة والتعارف». 

يقول عاصم (25سنة): «عندما أسمع بكتاب أثار ضجة ما، أبحث عنه، بتأثير من أصدقائي. عدا ذلك فأنا أكتفي بقراءة المجلات الفنية ومتابعة أخبار النجوم» 

من جهتها، تقول دارين: «لا أثق بالروايات العربية، ولكنني أقرأ الروايات المترجم كثافة معرفية، من النادر أن أجدها في رواية عربية. فهي تصيبني بالضجر». وتعتبر أنّ اتهام جيل الشباب بالعزوف عن القراءة ليس صحيحاً. فالمهم وجود كتب جديرة بالقراءة: «أكثر كتب اليوم تفتقد المتعة، بعدما اختفى جيل الكتاب الكبار في العالم. أتابع اليوم كل ما يكتبه أمين معلوف وميلان كونديرا. وبمجرد أن أسمع بكتاب جديد لأحدهما، أذهب إلى المكتبة للحصول على نسختي منه». وباعتبار أن آخر العلاج الكي، كما تقول العرب، بادرت ورشة من المثقفين السوريين أخيراً برعاية «المنتدى الاجتماعي السوري» إلى إطلاق مشروع «اقرأ كتاباً تزداد شباباً». ويقوم هذا المشروع على إعارة الكتب للشباب بالمجان وإقامة ندوة شهرية لمناقشة كتاب ترشحه الورشة بحضور مؤلفه. وعلى رغم أنّ التجربة ما زالت في بدايتها، فانها تلقى إقبالاً معقولاً من بعض الشباب المتعطش للقراءة والسجال، لكنها لا تحل المشكلة. فالمسافة بين الشباب والقراءة تزداد اتساعاً بسبب وعورة الطريق .. لأنها تمنحني

بواسطة
مثنى النقشبندي
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى