مقالات وآراء

وشاء القدر .. بقلم سربست خلف

قالت لي العرافة يوماً بأن الحب يقف أمامك وأن حبك سيكون من القصص التي لم تنساها وأن حبك سيمر بأنهار من الدموع وأمواج من الحزن وسهولاً من الآلام وبراكين من القهر ..

نظرت إليها وقلت لها كل هذا سيحدث لي بسبب الحب .. قالت إن حبك يمضي معك يرافقك كظلك يحيك وسيقتلك يبنيك ويدمرك .. يجعلك عاقلاً حكيماً وأحياناً أحمق مجنون .. يضحكك والدموع في عينيك ويبكيك والبسمة على شفتيك فحبك يمشي يدٍ بيد مع هلاكك ..

نظرت إليها من جديد , قلت لها : ماذا أفعل ؟ هل أهرب منه , قالت لي : لم يهرب أحد من الحب فهو قدرك ولم يستطع أحدٍ أن يغير القدر أو أن يهرب منه فمضي يا بني وأنتظر قدرك فقدرك سيأتي إليك .. فالقدر يأتي إلينا أينما كنا فلا يوجد له زمان أو مكان فهو كالموت لا نحس إلا وهو أمامنا ..

مضيت وكلمات تلك العرافة لا تفارق مفكرتي أيعقل بأن الحب سيكون سبب موتي .. فمتى كان الحب يقتل الإنسان .. مرت الأيام واعتقدتُ أن كلمات العرافة مجرد ثرثرة عجوز لا تعرف شيءِ في الحياة فمتى كان أقدارنا مخبأة في أكفنا .. إلى أن بعث لي القدر ملاك بصورة إنسان فقلت لي نفسي :

كيف للملائكة أن تجرح وتقتل الإنسان فكلماتها لا تشبه الكلمات عيونها ,ضحكتها , شعرها الأسود كعتمة الليل فهي الملاك الذي انتظرته آه كم أحبها وكم أتمنى أن لا أفارقها ..

إن أغمض عيوني فتكون آخر وجهة أراه وحين أفتح عيوني تكون أول وجه أراه فعيوني لا تمل النظر إليها وكأنها خلقت كي تعبدها , أحبها وأشتاق إليها حتى وأنا معها أوريد أن أرسمها لوحة بكل الألوان بكل الفصول , فأن أن يكتب التاريخ بين سطوره اسم عاشق جديد ..

اعتقدوا بأن في الحب لا يوجد فيه دموع ولا أحزان فلا يوجد فيه سوى الفرح وبراكين من الأشواق .. اعتقدوا بأن الزمن أصبح ملكي وأن الحياة صارت لي وبأني حذفتُ من قواميس حياتي كل الأحزان والآلام وانتصرتُ على الحياة ولم أعلم بأنه مجرد لحظات .. كنت فيه منتشين كمحارباً منتصراً لم يفكر سوى بانجازه وانتصاره اللتان قد لا تدومان طويلاً ..

فمعركة الحياة لا تنتهي .. لم أدرك بأن الرد سيكون سريعاً من الحياة لينهي بها جميع أحلامي التي حلمتها وكل الممالك التي بنيتها فأحلامي كانت مبنية فوق رمال قاسية من فوق متفكك من الداخل جعلت مني محطم كريشة تلعب بها الرياح .. لن اعتبر فراقكِ خيانة أو أنتِ المسبب لجروحي ولن أضع اللوم عليكِ فأني ألوم الحياة وألوم الذين لم ولن يفهموا حبي .. وسأضيفك يا حبيبتي إلى قائمة الأشياء التي كنت أحراب الحياة من أجلها ..

فمعركة لم تنتهي فحبكِ لم يكون وهماً ولا سراب ولم ينبض قلبي من العدم أو مجرد كلمات ولا أحاسيس مراهقاً فحبي كالحرب لم يشتعل وقت وحين أشتعل من الصعب أن يخمد , فأنا الآن منهك من جروحي وأستريح استراحة محارب , فكل الضحكات أصبحت دموع وأحزان والآلام لا تفارق قلبي فالموت ليس أن تدفن تحت التراب فأنا الميت الذي أحيا فوق التراب فما أكثر الأموات الذين يعيشون مثلي جسداً بلا روح ..

تمضي الأيام ورحل من رحل وعادا من عاد أناسا رحلوا من دون رجعة رحلوا بأجسادهم وأرواحهم وذكرياتهم مازالت معنا وباقية معنا طوال العمر أنهم توائم لا رواحنا يبقون معنا .. إلى أخر أيامنا يعيشون ما دمنا نحن على قيد الحياة , ويموتون معنا فنحن نعيش على ذكراهم .. وعلى ضحكاتهم ودموعهم همساتهم لا تفرقنا حتى ولو لم نكن نريد ذلك .. فأنا الآن وحدي أحمل انهزاماتي وأرمم أغصاني المتكسرة اهوي في فضاءات الآلام انتظر كزهرة زيلت من شمس الانتظار مصلوباً على جزع الغياب لا زلت أرسمكِ بمخيلتي أزهاراً

ربيعية تسكن روحي .. مازلت أخبئك بين الحنايا طفلتاً تسكن الروح ستبقى حكايتي بعدك فصولاً تنتظر النهاية ولا أدري هل سيطول انتظاري والى متى ستصمد شمعتي ..

بواسطة
سربست خلف
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى