تحقيقات

الصناعة النسيجية تحت المجهر

لا ندري أين تصل مساعي الحكومة لتنقذ ما يجب أن ينقذ من صناعاتنا وخصوصاً الصناعة النسيجية التي تعاني ما تعانيه، وقد أثبتت النتيجة أننا لسنا بمعزل عن الأزمات المالية والكوارث العالمية بل نحن متأثرون كغيرنا حسب مشاركتنا في الكعكة،
وما يهم دائماً كيفية إدارة هذه الأزمات والوصول إلى حلول ناجعة وإمكانية تطبيقها على الأرض بسرعة وقد سمعنا ما سمعنا عن آليات الدعم للصادرات والصناعات التي لا تعتبر عيباً من العيوب في الاقتصاديات المتأثرة بل هي وسيلة للخروج بأقل الخسائر ولا يجب أن نعتبر الدعم نفقة بل هو أساس للحصول على إيراد والصمود في المنافسة.
فصناعة النسيج أمانة في أعناق الحكومة والصناعيين في آن الواحد ولا يجب أن يعتبر الأخيران أنهما فريقان مختلفان بل هما في نفس المركب يغرقان سويان أو يخرجان من المحنة أصحاء. وللوقوف على حال الصناعة النسيجية والألبسة والضرر الذي وقعت فيه التقينا السيد محمد ناصر السواح نائب رئيس رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج الذي حدثنا بكل صراحة عن هذا القطاع:
– بعد أخذ و رّد في حال الصناعة النسيجية هناك ارتفاع ملحوظ في أسعار خيط القطن ليصل إلى 140% ما تأثيره على هذا القطاع والى أين يتجه؟
لا يمكن إخفاء الكارثة العالمية التي حصلت في باكستان وبنغلادش والتي تعتبر مصدراً أساسياً للقطن في العالم ومفتاح التوازن وبغيابها ارتفع عالمياً، وسورية تتبع لهذه البورصة، ونحن كصناعيين كنا نأخذ بقدر الإمكان سنداً من الدولة لتظل داعماً للصناعات النسيجية وصناعة الألبسة القطنية بحكم أنها تعمل أربعة عشر حلقة مضافة للقطن، ولا أقول أن هناك تقصير.. ولكن كان يجب أن تجري عقود معهم بأسعار محددة بدلاً من رفعها كل أسبوع، لأن لدى الصناعي التزامات وعقود تصدير مع أوربا بأسعار معينة لا يمكن رفعها، مما أدى لحدوث تضرر كبير وعدم مصداقية بالتسليم بين المورد والمستورد، وكنا نتمنى من وزارة الصناعة أن تحدد السعر من شهر إلى ثلاث أشهر للصناعيين ويُعمل مثل كوتا للصناعيين، ولكن الرد أتى بالموافقة على إجراء عقود لثلاث أشهر للاستجرار وبذلك يثبت السعر، ولكن الصناعي يطلب من الوزارة أن تثبت السعر دون العقود لأن العقد ملزم بدفع التزام مادي، وبالأصل الصناعي لديه مشكلة مالية بسبب تردي بالصناعة.

– ما هو دور رابطة المصدرين في تقديم خدمات للصناعيين؟
الرابطة عبارة عن نادي كبير يضم كل المعنيين بصناعة النسيج، تعالج همومهم ومشاكلهم وعلى سبيل المثال كان لدينا مشكلة في تجمع مناطق البيع الموزعة في الحمرا والحريقة والصالحية ولحل هذه العقبة أحدثنا أول مول في البوابة الثامنة لشركة إعمار يجمع كل منتسبي الرابطة للصناعات النسيجية، وفي نفس الاتجاه دعم الصادرات النسيجية كان هاجسنا الأساسي في ظل الإشكالية العالمية على هذه الصناعة ودعم بعض الدول لها وغياب الدعم السوري عنها مما تتطلب التحرك لصياغة قرار الدعم. إضافة إلى وجود لجان مع الجمرك تسمى لجان الدعم السريع في حال مواجهة أي مشكلة تواجه المصدر، وتفادينا المشاكل التي تحدث مع المصدرين والعقبات التي تحول دون الحصول على" فيز" حيث أحدثنا مكتب متابعة مع السفارات الأوربية وبذلك يذهب مندوب من الرابطة يحضر الفيزا للصناعي دون عناء إضافة إلى باقة من الخدمات المتعددة.

– من يقف حائلاً دون تطور صناعة النسيج؟
بالحقيقة هي مجموعة فوضى فلا أحد يتبنى تطبيق قرار على عاتقه، والمشكلة بعدم وجود أشخاص"تكنوقراط" يستطيعون تشريع قوانين ويؤسسوا لها ويكونوا شركاء مع المشرع لإصدار قانون.

– اذاً تضع اللوم على أعضاء غرف التجارة والصناعة؟.
نعم.

– هل تعتقد أن ما تقوم به وزارة الاقتصاد في صياغة قانون تحدد فيه العمر والمستوى التعليمي وعدد الدورات المسموح للتاجر بالبقاء بالغرفة، سيساعد في وصول إلى أشخاص كما وصفتهم "تكنو قراط"؟
غرفة التجارة أساسية لدينا، والقانون الذي يصاغ عليه ملاحظات وهناك حق بمسألة ألا يكون المرشح في عضوية مجلس إدارة الغرفة لأكثر من دورتين وإذا كان أكثر من دورة يصيبه تكلس. وفي معالجة لذلك اقترحنا عدة مرات معالجة موضوع شراء الأصوات وهو موضوع يحدث في كل دول العالم، والحل بأنه يحق للمنتخب الذي يكون لديه عاملان مسجلان بالتأمينات الاجتماعية، بالانتخاب فقط وفي هذه الحالة عندما تريد شراء صوت لا يمكنك تسجيل عاملين لأربع سنوات وتضع على كاهلهم هذا العبء وهنا لا يختار إلا نخبة النخبة وتحل اشكاليتنا بأن يكون رأس الهرم "دماغ".

-ولكن هل نخبة النخبة تهتم بالصناعيين والشركات المتوسطة والصغيرة والتي أثبتت الأزمة العالمية أنها مهمة للنهوض بالوضع الاقتصادي العالمي مرهون بها؟.
هذا كلام منطقي ولكني لا أطلب تسجيل خمسين عامل بل عاملان فقط وأعتقد أن محل مفرق يحمل سجل تجاري يتجاوز العمال فيه الأربع عمال، وبالمقابل صاحب بسطة بندورة لديه أكثر من عامل، وفيما أطلب ينتج في موقع المسؤولية أشخاص تكنوقراط ليسوا من أصحاب النفوذ ويريدون أن يعملوا شيء للغرفة وينافسوا من يشتري الأصوات.
أما عن دعم المصانع والمؤسسات الصغيرة فهي موجودة على الخارطة ولكنها ليست مفعّلة لأنه لا يوجد دعم بدون مقابل والدعم يكون برهن البيت أو المحل، وأي واحد لدينا في البلد لديه بيت أو محل فهو ليس مؤسسة صغيرة لأن سعر البيت يتجاوز المليونين والمحل يتجاوز الخمسة ملايين ومن غير المعقول أن ترهنهما من أجل مليون ليرة, وإذا كان أحدهم لديه بيت بخمس مئة ألف ليرة فبالتأكيد يكون هذا البيت بالعشوائيات وبالتالي لا يرتهن وهذا واقع. ولم نصل لحالة أن تذهب لبنك يعطيك قرض بدون رهن والأمر يحتاج إلى منهجية كاملة بدءاً من دعم الصادرات الذي يحتاج إلى اكتمال الرؤية كما اكتمل في مصر وتركيا والصين.
ونقطة الخلل الحقيقية أن القطاع النسيجي بني في الظل حيث كان الصناعي كلما يشتري آلة يسجلها باسم أحدهم لأن المالية كانت تأخذ 85% ولم أكن في 2003 -2004 أستطيع أن أقيم مصنعاً لوحدي واليوم تطالب قطاع بأكمله بالنهوض وهذه الحالة تشبه العشوائيات حيث تطالبها بحل أمورها في غياب قوانين مساعدة، وتنظيم الدعم موضوع أساسي ليصبح التصدير حالة حيوية إضافة إلى النهوض بواقع المناطق الصناعية التي تحتاج إلى تكامل في الأرضية والخدمات أسوة بالمدن الصناعية المجاورة لسورية حيث ترى مدن صناعية تجاورها مدن سكنية، ومن غير المقبول أن يكون المصنع في عدرا وإقامة العمال في مكان آخر يحتاج إلى ساعتين للوصول إلى المدينة.

-تعودنا عندما نريد أن ندعم أي قطاع نحدث هيئة خاصة فهل هيئة دعم الصادرات هي عامل مساعد للصناعة النسجية؟.
عمل الهيئات مهم ولكننا لم نر لحد الآن أي نتيجة من هيئة دعم الصادرات لأنها لم تبدأ عملها بعد، ولحظنا بشائر لعملها حين شاركنا بمعرض بمصر حيث دعمونا بديكور المعرض على حسابهم لأنه يكلف كثيراً وكان هناك دعم من لجنة موتكس بالدعاية وبذلك استطعنا النجاح وكانت التكلفة بسيطة للمشترك في المعرض واستطعنا بيع منتجاتنا.

– في هذا الوضع هل أنت متفائل بأن الصناعة النسيجية ستستعيد أنفاسها؟.
كل شيء يموت إلا السوق ولكن الوضع الراهن سيتحسن في حال وجود خطة واضحة فأنا جد متفائل والأمثلة واضحة لدول عدم الدعم كـ (لبنان وايطاليا) التي أغلقت صناعتها النسيجية، في حين نهضت صناعات مثل (مصر وبنغلادش باكستان الهند الصين وتركيا) واليوم يدعى الصناعي لحلبة الخصم فيها دول, وبالرجوع إلى موضوع الرقابة على المستوردات جيد بالنسب للألبسة ولكنه ضاغط على المواد الأولية والمشكلة الاختلاف على مسألة هل الأقمشة مواد أولية أم لا إضافة إلى وقت التفتيش الطويل الذي يعيق من تسليم الطلبيات، ويجب فرز المواد الأولية عن غير الأولية وأي قرار لا يتخذ في العالم إلا بوجود أهل المهنة ولكن لدينا يصدر القرار ثم يناقش والنقاشات التي تجري بيننا وبين غرفة التجارة أساسها عدم وجود أناس أكفاء ولا يكفي وجود أناس لديهم المال فقط, وبصراحة الحكومة أعطت هامش تحكم بالقرار بشرط أن تكون مقنع ولا تأتي لمصلحتك فقط أي تأتي بالمشكلة وحلها.

– هناك من يقول أن الصناعيين سيستمرون بالشكوى؟.
أكيد فأي شخص اليوم لديه طفلين يشتكي فما بالك بصناعي مسؤول عن أربعمائة عامل وأقول للسيد وزير الصناعة وأطلب منه أن يسمي كل مدير عنده "صناعي" وينتظر النتائج أخر السنة مع العلم أن أغلب الشركات العامة خاسرة، والرابحة منها لعدم وجود منافسة كشركة القطن مثلاً، فإغلاق منشأة يحتاج إلى توقيع ولكن فتحها يحتاج إلى ملايين وأطلب من الحكومة أن ترى دجاجة الغد وليس دجاجة اليوم وتضع إستراتيجية للوصول إلى هذه الدجاجة.

بواسطة
محمد فراس منصور – عماد علي الطواشي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى