مقالات وآراء

بعض من ثقافة ونهج أنظمة الوسطية والاعتدال بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

نحن في زمن نرى فيه العجب العجاب بعد أن أُطلق فيه العنان لزمر الإرهاب والعمالة والعدوان والإغتصاب. فالإرهابي نتنياهو يصر على أن القدس بشقيها ستبقى عاصمة لإسرائيل, وأن العدو الأول لإسرائيل هي إيران.
ولقاء نتنياهو الأول مع الرئيس الأمريكي تمخض عن خلافات عميقة بخصوص موضوع قيام الدولتين والحوار الأمريكي مع إيران. وراح يتصدى لجهود ميتشيل حتى أجهضها ووارها التراب. ونتنياهو فرعون إسرائيل الجديد ليس بجبار أو شجاع ولا هو برجل كما يصوره بعض الخونة والعملاء, وإنما هو جبان رعديد راح يتفرعن حين وجد من قدم ويقدم له ولغيره الكثير من التنازلات ممن ينسبون أنفسهم إلى العروبة أو الإسلام. وكيف يجرأ أن يقر بحقوق أغتصبها كيانه وهو يسمع ويرى تصريحات بعض من هؤلاء المسؤولين, ومنها على سبيل المثال ما أسر به مسؤول عربي رفيع المستوى لوزير خارجية أوربي حين قال:في نهاية المطاف لا خيار حقيقي ضد إيران سوى الخيار العسكري,فإيران هي الهدو الحقيقي للعالم العربي المعتدل,وهي التي تزعزع الاستقرار وتقود إلى التطرف. وأن على العالم أن يصحو من غفلته, وأن ما يطالب به أوباما ويسعى إليه وخصوصا بتوجهاته نحو إيران يدعوا إلى الاستخفاف. ومثل هذا الكلام يخدم إسرائيل من كل ناحية واتجاه.
فبعض الأنظمة العربية والإسلامية ومعها بعض التيارات الليبرالية الملونة يتعنتون بمواقفهم التي تصب في صالح إسرائيل وتهدف لتعزيز مواقف حكومة نتنياهو. وكل همهم أن لا تهزم إسرائيل مرة جديدة أو أن تنهار.ولذلك أخذوا على عاتقهم مهمة محاربة المشروع العربي والعروبة والإسلام . ونذكر بعض منها على سبيل المثال:
• الجهد الحثيث لبعض وسائط الاعلام لفتح أحضانها وصدورها لكل خائن وعميل ولمن يعادي سوريا وإيران وفصائل المقاومة الوطنية والعروبة والإسلام, وحتى لوزراء ومسئولين وساسة إسرائيليين بذريعة الحوار وأحترام الرأي الآخر والواقعية وعلى أنها مظهر من مظاهر قيم الحرية والديمقراطية.
• الترويج لثقافة ونهج أنظمة الوسطية والاعتدال العربية والإسلامية, والتي ترتكز على الأسس التالية:
1. ضرورة تحقيق مصالحة بين الدول العربية والعدو الصهيوني بإعتبار إسرائيل هي الأقوى والأقدر, واستحالة هزيمتها بسبب دعمها اللامحدود من الدولة الأعظم والشرعية الدولية.
2. والترويج بأن إسرائيل باتت أمرا واقعا لايمكن تجاهله أو الالتفاف عليها أو إغفال دورها.
3. إعتماد أسلوب التفاوض معها ونبذ كافة الطرق الأخرى بما فيها نهج المقاومة والصمود. وأنه لا سبيل آخر معها سوى سبيل المفاوضات,فهو الطريق الوحيد المتاح لتحصيل مايمكن من تحصيله من بعض الحقوق للشعب الفلسطيني وللدول التي احتلت بعض أراضيها من قبل إسرائيل.والتحلي بالصبر مع إسرائيل أثناء المفاوضات مهما تعثرت أو طالت أو رفعت إسرائيل من سقف مطالبها أو تشددت بمواقفها أو تهربت من إعادة الحقوق لأصحابها.
4. محاصرة قوى الصمود والممانعة والمقاومة الوطنية. والعمل على إسقاطها لأنها باتت قلاع لاقيمة لها سوى كآثار بائدة. فالاصرار على التمسك بها أو دعمها وحمايتها وتعزيز دورها ومكانتها سيجر العرب إلى صدام عسكري مسلح مع إسرائيل, وسيحرج الأنظمة العربية والإسلامية التي أقامت مع إسرائيل علاقات دبلوماسية ووقعت معها معاهدات سلام.
5. التوقف عن نصرة عرب فلسطين من قبل أي طرف عربي وإسلامي ودولي رسمي كان أم شعبي بذريعة أن قضية فلسطين هي حكر على الفلسطينيون أنفسهم. والسلطة الممثلة بمحمود عباس وحكومته ومنظمة التحرير الفلسطينية هي المخولة فقط بتمثيل الفلسطينيين.
6. توجيه الاتهام لإيران على أنها بموقفها الداعم لقوى المقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية وحماس وحزب الله إنما هي تسعى من خلاله لخطف القضية الفلسطينية من يد اصحابها العرب والفلسطينيين لتحقيق مصالح ومطامح إيرانية وفارسية في الوطن العربي والعالم.
7. تبرير دعم الولايات المتحدة الأميركية وبعض الحكومات الأوربية وبعض الدول الأخرى لاسرائيل على أن هذا الدعم والتأييد إنما هو لأغراض إنسانية لكي لاتتكرر مأساة أخرى كالتي نزلت بشعب فلسطين.فخطأ وظلم قديم لا يستوجب إصلاحه بخطأ وظلم جديد.
8. معاداة كل من يخرج عن إطر هذه الثقافة وإعتباره عربي كان أو غير عربي على أنه قومجي أو ناصري أو بعثي أو متطرف ومتعصب أو حتى إرهابي. والوقوف بحزم مع كل من الادارة الأمريكية وإسرائيل ضده,وحتى تأييدهما حين تعاملانه على أنه تنظيم أو شخص إرهابي.
• انطلاق أصوات نشاز جديدة كالتي صدرت عن بعض النواب أو مرشحي الانتخابات في بعض الدول العربية المجهرية بضرورة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين بلادهم وإسرائيل. لأن إسرائيل باتت بنظرهم حقيقة ولها نفوذ دولي,وأن بلادهم هي من ستستفيد من نفوذ إسرائيل,وأن إقامة مثل هذه العلاقات معها ستعزز من شعبية بلادهم في دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
• والزج ببعض الفنانين لدعم موقف أنظمة الوسطية والاعتدال, ومنها موقف احد الفنانين الذي أنبرى يتهم رجال المقاومة على أنهم رجال السويتات الفاخرة الذين يستجمون ويستحمون في أحواض الجاكوزي. ولم يخجل حين راح يهزأ بالنصر الذي حققته المقاومة في فلسطين ولبنان.ويعتبر إسرائيل قوة كبرى تعرف ماتريد وكيف تحقق أهدافها.ويدافع دفاع المستميت عن الاتفاقيات التي وقعتها بعض الدول العربية مع إسرائيل. وبدون أدنى خجل أو حياء راح يتهجم على حزب الله وحركة حماس وحجاب النساء .ويبرر إحكام إغلاق المعابر على قطاع غزة حتى لا يهرب السلاح لرجال المقاومة.وبكل وقاحة راح يستخف بالشعب اللبناني, حين قال:هناك شيعة في الجنوب ,وجماعة مارون وقلة من السنة في بيروت. ولم يفطن هذا الفنان أنه بهذا الكلام وتلك الأقوال بات فنانا ساقطا هو وكل من راح يلهث خلفه بأن يكون شريكا معه في عمل مسرحي أو سينمائي درامي كان أم كوميدي عله يكسب الشهرة ويحصد النجومية بعمل مشترك مع هذا الفنان. في حين نسمع النجمة الإيرانية مهتاب كرامتي سفيرة النوايا الحسنة بمنظمة اليونيسيف تدين العدوان الإسرائيلي على غزة.
• والتضييق على كل رجل عربي أو مقاوم أو رافض لمنطق الاستسلام, وما يعانيه حاليا الإعلامي حمدي قنديل الذي يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الجماهير المصرية والعربية والإسلامية خير مثال.فإيمان هذا الرجل بالقومية العربية وإعجابه بالمقاومة وميوله الناصرية إنما هي السبب وراء التضييق عليه.
• ومعادة سوريا وفبركة الأكاذيب ضد قيادتها خدمة لإسرائيل ونتنياهو والمحافظون الجدد في واشنطن.
ومن نسي أو لا يذكر ما حدث في منتدى أمريكا والعالم حين وقف برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي ينافق ويدجل بكلامه على أنغام صديقه الحاضر الجنرال باتريوس فراح يشيد بالانجازات والنجاحات والأعمال الإجرامية التي حققتها الولايات المتحدة برئاسة جورج بوش في العراق,فأخذت المفاجأة الحضور حين تولت مادلين أولبرايت الرد على برهم, وقالت بصوت عالٍ: سيد برهم وسيد باتريوس علام تفاخران ؟أنا أمريكية أشعر بالعار من هذه الحروب اللئيمة والتي زهقت حياة آلاف الناس.لقد أصبحت سمعة أمريكا قي الحضيض. علينا أن نقول للعالم بشجاعة لقد كنا نفتري عليكم بالكذب وأن حروبنا ضدكم كانت مجردة من الأخلاق.
غريب وعجيب حين نجد بعض ممن ينسبون أنفسهم للعروبة والإسلام يدافعون عن مواقف الإدارات الأمريكية وحكومات إسرائيل في حين بات يخجل ويستحي منها كثير من الأمريكيين والإسرائيليين.حتى بات يتساءل الناس في كل أصقاع الأرض أهو الجهل أو الحمق أو الغباء أم هي الخيانة والعمالة بامتياز؟

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى