مقالات وآراء

هل يَعي (الإسلاميون) في شرقي الأردن ما يتحدثون به ؟ بقلم حسن عثمان

في خبر حول بيان حزب جبهة العمل الإسلامي المنشور على موقعه الالكتروني بتاريخ 5/8/2009، تأكيد لأمينه العام إسحاق فرحان على أنّ مبدأ حق العودة “مقدس عبر التاريخ البشري وفي كل الشرائع الدينية” وربط ذلك بحديث الملك الأردني حول إصراره على حق العودة للفلسطينيين
صراحة، أنا لم أفهم ماذا قصد أمين عام الحزب بجملته السابقة (مقدس عبر التاريخ البشري وفي كل الشرائع الدينية)، ولكن بما أنها جاءت دعماً لكلام الملك، فأعتقد أنّ كلامه أصبح واضحاً!!، وما علينا إلاّ أن نستذكر خلفاء وسلاطين العصور الماضية ( تنذكر وماتنعاد ) ومن كان بجانبهم من فقهاء، وعلماء ورجال دين، وكيف كانت تجري الأمور من خلالهم، و تحت اسم الدين. فما تحدث به إسحاق فرحان هو ما جرت عليه العادة… هكذا دائماً كلام بلا مسؤولية، وبدون تحليل فكري ومنطقي للواقع والأمور… " مقدس عبر التاريخ البشري و في كل الشرائع الدينية " من أين أتى بهذا الكلام لا أدري… يعني المهم أن نربط كل شيء بالدين ونُنزل عليه القدسية… و بالتالي تصبح الأراضي وقف إلهي ولا تسع غير المقربين من الله ( برأيهم طبعاً… ولا ندري إن سألوا أنفسهم يوماً إن كان الله قريب منهم ؟، فليس المهم أن يدّعوا القرب منه ). هذا ما حصل لمسألتنا الفلسطينية، أصبحت وقفاً لله، والنتيجة ماذا ؟ فقط كلام بكلام. فنحن بالتالي أمام أمرين لتوضيح موقف هؤلاء: إما حقيقة خاطئة وتصور غير منطقي لما يدّعوه، أو إيمان كاذب، يُراد منه أن تكون فلسطين وأهل فلسطين صهوة خيل للوصول لمآربهم.

يا أخي، جميع الحكّام في العالم العربي هم مسلمون، ( طبعاً لا نعرف إن كانت ما تسمي نفسها مراجع دينية توافقنا الرأي، وتكفّر أحدهم ؟؟ ). ونضيف عليهم أيضاً حكّام العالم الإسلامي، وجميعهم يُدوخوننا بمناداتهم اللامتناهية لأجل القدس، والنتيجة ماذا ؟ ضحك على اللحى ، و …. على البلاط. ( الغريب والمضحك بالموضوع قول الكثيرين منهم أنّ الحديث عن عاصمة غير القدس وأمر احتلاله لن يحدث فهذا خط أحمر وهذه أمر ديني لا يمكن السكوت عنه وووو…. يعني كل فلسطين ليست مهمة، وهذه البقعة المقدسة فيها هي همهم، طبعاً لأنّ الواجب الديني يقتضي ذلك!!!، وطبعاً أيضاً هذا دجل وافتراء… وهو كلام المتقاعسين والمتخاذلين .. لأنه سيأتي اليوم الذي سيقولون به إنّ للقدس رب يحميها… !؟!؟!؟؟!!؟).

طبعاً إنّ تثمين أمين عام الجبهة الإسلامية على موقف الملك الأردني في دعم القضية الفلسطينية من خلال رفضه التوطين والتمسك بحق العودة، ليس في الحقيقة إلا( تسمين ) لكلام الملك ( كان الأفضل التثمين على مواقف النواب الرافضين لاتفاق وادي عربة ). فالأعمى السياسي لن يكون لديه أدنى شك في أنّ كلام الملك وموقفه ليس دعماً للمسألة الفلسطينية وإنما دعماً لإمارته المقدمة من انكلترا. ولا يشير التاريخ صراحة إلى أنّ شرقي الأردن ( المتمثل بثلاثة ملوك على مدى السنوات القليلة الماضية ) وقف دعماً للمسألة الفلسطينية في يوم من الأيام. لا أدري إن كان يريد أن يُشير الأمين العام للحزب عن ربع كيلو الدم الذي شغّل الملك الإعلام العربي والعالمي به و بتصويره ( ولا ندري إن أعاده،أو إن كان دماً أو عصير كرز !؟!؟!)، اذ ما قدمه الملك ، يقدمه تقريبا كل يوم أطفال تتراوح أعمارها من أيام إلى سنة، فكيف لو أصبح أحداً منهم ملكاً، عربياً ومن أشراف المسلمين ؟!؟!؟؟.

ولقد جاء في ختام تصريح أمين عام جبهة العمل الإسلامي " حركة فتح أنشئت في وقت كانت فيه الضفة مع الاردن وغزة مع مصر وكان الهدف من انشائها تحرير فلسطين المحتلة عام 48 وليس المحتلة سنة 67 فحسب" معتبرا اختزال القضية في مناطق فلسطين المحتلة عام 67 نوعا من " التهميش والنسيان" للقضية الأساسية التي هي "تحرير فلسطين من النهر الى البحر ".
طبعاً الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي يتحدث من وجهة نظر ملكية، فإن كان يتهم الغير بالنسيان والتهميش، فهو مدان بذلك أيضاً وباعترافه المنوط بالبيان.لأنّ التاريخ لا يذكر شيء اسمه الأردن، وإنما شرقي الأردن التابع لجغرافية فلسطين، والتي تمثل بدورها الجزء الجنوبي من سوريا الطبيعية. وكذلك الحال بالنسبة لغزة وسيناء حتى. نعم مسألتنا الأساسية هي تحرير فلسطين كل فلسطين، ولكي يتم ذلك حقاً يجب أن نبدأ بالتحرير من حيث بدأ الاستعمار ، بعبارة أخرى علينا أن نبدأ بإلغاء كل ما نتج عن اتفاقية سايكس بيكو من إمارات وزعامات وطوائف وقوميات وملوك ودكتاتوريات.. وما أتى بعد ذلك من اتفاقيات و معاهدات…. ( فالتهميش والنسيان الحقيقي يكون بإهمال سايكس بيكو وما نتج عنها) ، وعندها صدقوني سنستعيد فلسطين كل فلسطين، ونهدي لكم القدس الشريف وكنيسة القيامة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى