سورية في صور

الباحث الصواف: دمشق أعظم مدينة يمكن دراسة تاريخها وتراثها وعادات أهلها

من الضروري أن تحتضن مدينة دمشق الأجيال كما تحتضن الأم الواعية طفلها هكذا ينظر الباحث والمؤرخ حسن الصواف
إلى المكان (المدينة) والإنسان (المواطن) وعلاقة الاثنين ببعضهما وهو ما عمل عليه خلال عشرات السنوات من البحث والتأريخ والغوص في تفاصيل ومعالم مدينة دمشق وكل ما يتعلق بتراثها الحضاري.

ويوضح صاحب كتاب "دمشق ياسمينة الشرق" في حوار مع وكالة سانا أن علاقة المؤرخ والمشتغل في مجال التراث بالتاريخ علاقة صعبة ملؤها الجد والبحث والرجوع إلى الكتب فإن اتجه الباحث لدراسة مدينة ما فعليه الاطلاع على كل ما كتب عن هذه المدينة وبالتالي الوصول إلى دراسة عميقة تقدم معلومات صحيحة وأكيدة في مجال التراث القديم وما يحويه من معلومات موثقة.

وأضاف.. ينبغي على الباحث في مجال التراث أو الموءرخ أن تربطه علاقة وثيقة بتاريخ المكان خاصة إذا كان هذا المكان ينتمي لتاريخ عريق ومملوء بالحوادث والمعلومات كدمشق مبينا انه كلما توغلت المدينة بالعمق التاريخي كلما كانت دراسة تراثها وماضيها أصعب.

وبعد أن أنجز الصواف مجموعة من الكتب التراثية عن مدينة دمشق يقول من الصعب العمل في مجال التأريخ لقلة المراجع الموثوقة واختلافها حسب المؤرخ والزمان الذي تم فيه التأريخ منبها إلى ضرورة الحفاظ على كتب التراث بما تحويه من معلومات قيمة وثمينة وذلك عن طريق تعليمها للطلاب في المدارس إضافة إلىدور الجمعيات بشتى اختصاصاتها ونشاطاتها.

ولفت الصواف إلى ضرورة إحداث مركز توثيق خاص بالتراث والمناطق الأثرية عن طريق تشكيل لجنة عليا للحفاظ عليها وعلى الوثائق الفنية والتاريخية بما يسهم في إغناء الدراسات التوثيقية وإطلاع الآخرين عليها .

وعن اهتمامه بالأمثال يقول الأمثال تراث فريد من نوعه يتضمن عصارة تجارب الأفراد والجماعات المختلفة في كل امة مضافا إليها ما شاع بين هؤلاء الأفراد من عادات وتقاليد في كل عصر وما استنبطوه من حكم ومواعظ من خلال تجاربهم وما تفتقت عنه عقولهم وقرائحهم من افكار شفافة وخيالات رهيفة كان يضيف كل جيل حصاده منها الى حصاد الأجيال التي سبقته حتى تشكل من هذا المجموع التراكمي الهائل تراث ضخم من الامثال التي صيغت بعبارات موجزة مؤثرة وبديعة التركيب جميلة التشابيه سهلة الالفاظ رمزية الدلالات سهل على السامع حفظها وتردادها.

وأضاف أن السمة الرئيسية لمعظم الامثال في كل الشعوب هي ميلها الى الرفع من شأن الفضيلة واستقباح الرذيلة وذمها ليس بأسلوب الوعظ الممل ولا عن طريق الخطابة المباشرة وليس بعبارات جدية دائما بل هناك تعدد كبير في اساليب صياغة الامثال فمنها ما يجنح الى السخرية في حين يجنح بعضها الاخر الى الجدية مع حرص واضح في كلتا الحالتين على الطرافة والبساطة اضافة إلى الجرس الموسيقي اللطيف الذي ترتاح اليه النفس والاذن وذلك لشد انتباه السامع وسهولة التأثير فيه وتسهيل حفظ المثل عليه.

ويعتبر الصواف الذي أنجز كتاب "أمثال العوالم ملح الطعام" أن الأمثال الشعبية لون من ألوان الأدب يختلف عن سائر أجناسه الشائعة من شعر وقصة ومسرحية ليتألف بصيغته البنائية الخاصة وبمضامينه المكثفة جداً والغنية جداً بالحكم والفلسفات والنصائح المختلفة وخاصة في تراثنا السوري. وعن العامية والفصحى في تراثنا لفت المؤرخ الى أن استخدام العامية من الباحث يؤدي أحياناً إلى اتهامه بالشعوبية بسبب عدة عوامل منها تمايز العاميات في البلدان العربية بينما الفصحى وحدها تحرسها المعاجم والمجامع اللغوية.

وعن مدينة دمشق التي قدم فيها الباحث الصواف عشرات الكتب يقول هي مدينة أحبها وقد عشقها كل من عاش فيها من أبنائها أو مر بها تاجرا أو دبلوماسيا أو رحالة أو عالما أو طالب علم ويكفي دمشق فخرا أن الحافظ ابن عساكر الفقيه المشهور والمؤرخ الكبير ألف كتابا عن مدينة دمشق يقع في ثمانين مجلدا مشيرا إلى أنه مهما كتب عن دمشق فلن يفيها حقها فهي ام الدنيا واقدم عواصم الأرض وأكبرها سنا.

وأضاف أن من يقرأ تاريخ دمشق أول عاصمة في العالم لأكبر دولة وما يحتويه هذا التاريخ من آثار وحوادث وعلوم واخبار تدله دلالة واضحة وأكيدة على أن دمشق قادرة أن تكون موضوعا واحدا لمؤلف ومهما كتب عنها لا يعطيها حقها في التاريخ فدمشق أم الدنيا ومهد الحضارات ولولا دمشق ما كانت طليطلة.

وبين الصواف أنه نذر نفسه للتعريف العلمي الصادق بدمشق وليقدمها للأجيال المتوالية كلوحات ناطقة بالحقائق ومعززة بالوثائق معتبرا أن مدينة دمشق أعظم من أن يفيها حقها أي كاتب فما اعطته هذه المدينة الخالدة على مدى العصور من علم وتجارب وابحاث هو أكبر من أن يذكر.

ويتطرق الباحث الصواف في أبحاثه ودراساته إلى علوم النباتات والأعشاب حيث يجد أن هذه الدراسات هي جزء من دراسة التراث لأن الأعشاب وفق قوله جزء من تاريخنا ومن تراث الأمم وتاريخها الحضاري وقيمتها بقيمة عناصرها وقدرتها على العطاء.

وفي حديثه عن الأعشاب التي اولاها جزءا من اهتمامه يقول للأعشاب اهمية قصوى في بناء الجسم وهي العامل الأول لدوام الحياة الصحية وتدعيم السلوك القويم للجسم وايصاله إلى ينبوع من الصحة والنشاط والوقاية من الامراض فالطب سابقاً لم يكن يعتمد في معالجة الامراض على الادوية الكيميائية بل كان اعتماده الأكبر على الأعشاب والنباتات الطبية وأصبحت العقاقير والأدوية المستخرجة من النباتات والأعشاب البرية والأزهار تستقطب الاهتمام والتأمل والمتابعة والبحث فالبحث فيها هو عمل تراثي ثقافي علمي.

يذكر أن حسن الصواف من المؤرخين الباحثين في مجال تاريخ مدينة دمشق والتراث الشعبي والصحي وله أبحاث كثيرة أهمها دمشق أقدم عاصمة في العالم بردى والفيجة حياة دمشق العامرة-الجامع الأموي درة دمشق-دمشق ياسمينة الشرق-قاسيون والصالحية-دمشق الأسطورة والتاريخ-قاموس الكلمات العامية الشامية-أمثال العوالم ملح الطعام-فرائد الفوائد-موسوعة الشفاء بالعسل-الصحة والغذاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى