أخبار البلد

الطوائف المسيحية تحتفل بعيد الفصح المجيد

احتفلت الطوائف المسيحية في سورية التي تسير على التقويم الغربي اليوم بعيد الفصح المجيد عيد قيامة السيد المسيح رسول المحبة والسلام.
وبهذه المناسبة أقيمت الصلوات والقداديس في الكنائس وأماكن العبادة في دمشق والمحافظات السورية والتي تحدثت عن المعاني السامية للفصح المجيد ودلالاته المتمثلة بالمحبة والاخاء والتسامح.

وبهذه المناسبة اكتست المحال التجارية الموزعة في أغلب المناطق بالألوان البيضاء والصفراء قبل حلول عيد الفصح المجيد الذي أتى هذا العام في ظل ركود اقتصادي جراء الأزمة المالية العالمية التي أرخت بظلالها على حركة الأسواق لكن ورغم ذلك لاحظنا تحركا ونشاطا ملحوظا في أغلب الأسواق السورية التي تهتم بتوفير كل المنتجات التي تقدم في عيد الفصح بما فيها الهدايا والزينات والألبسة التي تحرص العائلات على ارتدائها يوم العيد.

وتتباين طرق احتفال الطوائف المسيحية بعيد الفصح فتبدو الكنائس زاهية بعد أن تخلع عنها شارات الحزن فيلبس المحتفلون الثياب البيضاء بعد القداس الذي يقام فجراً ويتبادل الناس التهاني بعبارة( المسيح قام) وجوابها ( حقاً قام) التي تستمر أربعين يوما بعد عيد القيامة حتى عيد الصعود .

تبدأ العائلات السورية بالتحضيرات قبل أسبوع من قدومه مثل شراء / الأرانب والصيصان والبيض الملون والشوكولا والشموع/ وتقوم بإعداد البيض المسلوق والملون لتتم المفاقسة علما أن البعض لا يزال يلونه من خلال سلقه مع أوراق البصل الأحمر أو الأزهار الملونة وهناك من يصنع بيضة خاصة جداً من شمع لينتصر على الجميع في معركة المفاقسة المنتظرة من سنة إلى أخرى وهي عادة تنسب إلى الفينيقيين الذين كانوا يعتقدون ان في البيضة حياة جديدة وروحانية خاصة وتعد ال/كليجة/ من أهم الحلويات التي تقدم في الفصح .

وترمز البيضة عند الشعوب القديمة إلى الولادة والتجدد والقيامة وبما أن البيض والأرانب من الرموز الأساسية للخصوبة أصبحا من رموز عيد الفصح وفصل الربيع فكان يعتقد ان أرنب الفصح هو الذي يجلب البيض الملون ويؤكل في أعياد الربية في مصر وبلاد فارس واليونان وروما القديمة وطوال اسبوع الآلام يقصد المسيحيون الكنائس وتكثر الصلوات والقداديس وإضاءة الشموع ويرتدون الثياب الجديدة ويتبادلون الزيارات وتقديم بيض الشوكولا رمز العيد وحلوى الفصح .

وتكتسب الرموز والتقاليد الدينية والروحية أهمية خاصة في سورية فالاحتفال لا يقتصر على الأمور المعنوية فقط بل يتعداها إلى أبعد من ذلك لانعكاسه على حياة كل مسيحي ومسيرته لكن الملفت هو أحد الشعانين وتعني سعف النخيل التي كان يستقبل بها الملوك المنتصرون في الحروب أو القادة العظام مع أكاليل الغار كما استقبل السيد المسيح في القدس عندما انتصر على الموت بقيامته لعازر .

ويقول قداسة البطريرك ماراغناطيوس زكا الأول عيواص.. الفصح عيد انتصار الحياة على الموت ‏فيما يقول قداسة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم.. أعياد الفصح انتصار الحياة على الموت والأمل والرجاء بحياة أفضل .

الفصح له مقام كبير في التاريخ فكان أهل حماة يحتفلون به مدة ستة أيام يوقفون أشغالهم ويتشحون بالثياب الفاخرة التي يسمونها الكساوة الفاخرة ويصنعون الكعك والحلوى بحسب ما أكده المؤرخ محمد أبي طالب الدمشقي كما كان أهل مدينة حمص والسويدية ومصياف ومعرة النعمان يجتمعون في حماة لمشاركة جيرانهم بأعيادهم المجيدة.‏

وعن عادات وتقاليد أيام زمان في عيد الفصح حدثنا أحد التجار القدامى فقال.. إن المعايدة اليوم تختلف عن أيام زمان إذ كان الرجل هو الذي يدور على البيوت معايدا فيما تبقى الزوجة في المنزل لاستقبال الزوار وحين يعود يسأل عمن أتى وجيوبه ممتلئة بالضيافات والملبس والشوكولا ليذهب لمعايدتهم في منازلهم أما اليوم يذهب الزوج مع عائلته لتقديم التهاني بالعيد .

وأشار إلى أنه في أول أيام العيد تجتمع بعض العائلات في أحد المطاعم بصحبة أمهاتهم وآبائهم وأخوانهم وأخواتهم وأولادهم أو في بيت العائلة على الغداء الذي يضم ما لذ وطاب من أصناف الطعام حضر خصيصا لهذه المناسبة .

وفيما يخص الضيافة أوضح أن العائلات تقدم اليوم المعمول المحشي بالجوز أو الفستق والكعك والعجوة والشوكولا والملبس لكن في السابق كنا نجتمع لصناعة الحلويات ونضعها في صوان وصدور سوداء ويأخذها الوالد إلى الفرن لتخبز ويعود بها ورائحة السمن العربي تفوح منها لتوضع في أوان زجاجية لحفظها بدل الثلاجات لافتا إلى أن والده في يوم العيد وبعد الغداء كان يحضر لهم صدرا من النمورة المليئة بالقشطة والسمن .

وأوضح تاجر آخر أن بعض العائلات كانت تقدم في العيد التطالي وهي عبارة عن صحن يوضع فيه مربى الكباد والنارنج والجوز والسفرجل بجانب العجوة والمعمول والكعك إضافة إلى شراب الورد الشامي والليمون والأفندي والتوت الشامي والبرتقال التي لا تزال أغلب العائلات تحرص على وجودها الآن مشيرا إلى أن بيوت زمان كان يوجد فيها كركة يقطر فيها ماء الورد لصنع شراب الورد وماء الزهر الذي يستخدم في صناعة العديد من الحلويات .

‏وأشار أحد المواطنين إلى أن اللوزة الشامية الملبسة بالسكر الأبيض أو الملون مع الشوكولا تبقى هي ضيافة الختام لكل من يأتي ليبارك بالعيد واليوم أصبحت الضيافات والحلويات جاهزة لمن يطلبها دون عناء أو اختصارا للوقت.‏

وتبقى الأيادي البيضاء الممتدة لتضم بحنو كل من يحتاج إليها زينة الأعياد وبريقها الذي يشع في النفوس الطيبة فرحاً وتآخيا ليكون العيد حقيقيا بحبوره الداخلي وغبطته التي تفيض من أعماق نفوسنا دفئاً وسلاماً نتمناه لكل إنسان على وجه الأرض.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى