مقالات وآراء

امرأة مضطَّهدة وكفَّين على الماشي

قبل أن تلقي تحية الصباح لابد أن تُرضي وجهها بكفين من زوجها على الريق‘وقبل ان تُغادر منزلها تنتظر قُبلته فيهديها كفَّين على الماشي لانها أخطأت في صنع الشاي ووضعت الملح بدل السكر.
وبينما هي تتدحرج على درج بنايتها تواجهها جارتها ( إم بطيخ) بنظراتها الحادة والسبب ليس مفاجئاً فهو لأنها لم تحسب حسابها بأكلة اليالنجي الحامضة لأنها تتوحم وألف مبروك….
وتتوالى النظرات الحادة الموَّجهة إليها كلَّما تمرّ امام باب شقق جيرانها‘ فتلك لأنها أجمل منها والثانية شمَّت رائحة الكيك يفوح من شقتها ولم تُناصفها إياها والثالثة شاهدت القطط تجتمع أمام باب منزلها ولم تبعث لها ماطبخته‘ والرابعة والخامسة وو……؟!
خرجت من باب البناية وهي تتمنى أن تجتمع جاراتها بها غداًً في المصعد المعطَّل وكلُّ واحدة منهنَّ يهدوها كفيّن على الماشي أفضل بكثير من نظراتهنَّ الحادة وسارت وهي تتذَّكر كفوف زوجها البارحة لأنها لم تطبخ…
في طريقها إلى العمل يبدو لها الوضع مختلف ‘فالكُلُّ يحترمون خصوصيتها إلاّ النساء بحجَّة إنهنَّ يفهمنَ على بعضهنَّ البعض‘ لم تعد تُاجه بالنظرات الحادة ولا بالمعاملة القاسية‘ فالكلُّ مشغولون بمشاكلهم‘ فازت بمقعد في الميكروباص بعدما تبرَّع لها إبن حلال بمقعده.
لحظات وتعال صوت السائق في وجهها:
– لو ماكنت إمرأة لعملتلك كفين على الصبح بس شو بساوي روحي الله لايسامحك بالعشر ليرات……
– _ياأخي والله دفعتلك…..
– _لك ياعمي أنا لسَّا مادفعت نسيت حالي(ينادي أحدهم في المؤخرة) يعتذر لها السائق.
" يبدو ان الجميع يجيد فنِّ الكفّين" قالت في نفسه..
وصلت إلى عملها بعد تأخير ربع ساعة واجهها مراقب الدوام:
– وين كنت يامدام المدير من ساعة عم يسأل عليكي، روحي قبل ما ينزل يعملِّك كفين على الماشي.
تنفسّت الصعداء وفكّرت في حلٍّ سريع لحالتها المأساوية ، الإنتحار؟ لا لا لديَّ اولاد أولااااااااااااد.
وقبل ان تصل إلى غرفة المدير شاع خبر فصلها نهائياً من العملوسلَّمها إياها السكرتيرة النقَّاقة .
بعد إغماءٍ ودوار إستمرَّ لبضع دقائق قرَّرت الإنتحارلأنَّ زوجها بعد فصلها لن يرضى بالكفين جزاءً لها بل الأسوأ.
وقفت على حافة سقف الطابق الحادي عشر لمكان عملها واستغفرت ربّها ووووو إستفاقت جارتنا سعاد من كابوسه الذي كان حلقة من برنامج أذاعه إحدى المحطات الغربية عن المرأة الشرقية ، إستفاقت على أصوات الصحون حيث كان زوجها يُحضِّر لها العشاء بعد يومٍ شاق من العمل ولم تندهش عندما سمعت المذيعة في التلفاز تتحدّث عن إزدياد حالات الطلاق في المجتمع الغربي؟!!.

بواسطة
فرهاد شامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى