مقالات وآراء

ثقافة السلامة المرورية..طاسة ضايعة

حدد قانون السير المعمول به في سوريا قواعد و أسس الاستخدام السليم للمركبات وقيادتها على الطرقات أملاً في تخفيف وضبط ما يحدث من إخلال بأمان المستخدمين للطرق كمشاة أو سائقي سيارات لكن المؤسف أن القوانين وتعليماتها التنفيذية تبقى حبراً على ورق إن لم
تُنشَر مترافقةً مع شروحاتٍ مفصلة وندواتٍ إعلاميةٍ وملصقاتِ توعيةٍ وارشادات اذاعية مستمرة مع استمرار زيادة السيارات والسائقين فلا تستطيع القوانين مهما شددت عقوباتها وضع ضوابط أخلاقية لكثيرين ممن يستهترون بحياتهم وحياة الآخرين فمنهم من يفتقد الحدود الدنيا للفن والذوق بقيادة سيارته التي باتت مصدر إزعاج وخطر لغيره من مستخدمي الطريق فسهولة امتلاك سيارة بما يتوفر من عروض بالأسواق من دفعات بسيطة وتقسيط يمتد حتى ست سنوات و سهولة الحصول على رخصة سوق مركبة لمن يستحقها ولكثيرين ممن لا يستحقونها كانت من الأسباب العديدة لتكاثر مفرط بعدد السيارات المضافة لضيق شوارعنا وهو ما أدى ويؤدي لارباكات مرورية وعرقلة متفاقمة للسير وكوارث متلاحقة من حالات وفاة وإصابات تتراوح درجتها من البسيطة حتى العاهات الدائمة والعجز.
مما لا شك فيه أن الخبرة بأي شيء تأتي من الممارسة ولكن عندما تكون الممارسة مشوبة بالكثير من الاخطاء وبظل الافتقاد للوعي الكافي لتدارك تلك الأخطاء وبوجود تساهل أو تعامٍ أو تقصيرٍ ممن يناط بهم قمع المخالفات الواقعة تكون الطامة الكبرى وزيادة طردية بالكوارث وحجمها حيث من الملاحظ أن عمليات التوعية المرورية محدودة وتكاد بلا قيمة ترتجى حيث بعض الجهات مشكورة جهودها وإن لم تكن بالقدر المطلوب؛قامت بما استطاعت اليه سبيلا بحملات توعية لمستخدمي الطريق كمشاة وسائقين عبر فترة زمنية تقصر عن نشر الثقافة والوعي المروري المطلوب منها لأن ما يلمسه مستخدم الطريق من مشاة وسائقين يظهر مدى الاستهتار والطرق غير الأخلاقية والبعيدة كل البعد عن الإلمام بقواعد أساسية تحكم قيادة السيارة أو قواعد سلامة المشاة والأمثلة تتكاثر فبعض المشاة يحلو لهم المشي بعيداً عن الأرصفة ويتباهون بعبور الطرقات من غير الممرات المخصصة لهم ويعرضون بذلك أنفسهم للأذى والسائقين للعقوبات في حال وقوع حادث هم السبب الرئيسي به،كما يكون عبورهم للشارع باستهتار سبباً أساسياً أيضاً في عرقلة السير أما الأمثلة عن مخالفات المركبات تعد ولا تحصى ومنها الانعطاف المفاجئ من اليمين الى اليسار وبالعكس سمة يمتاز بها سائق التكسي العمومية عندما يرى يداً تمتد لتشير له بطلب التوقف ناسياً ذلك السائق المستهتر أن ثمة غيره في الشارع يقود سيارةً قد يربكه هذا التصرف اللامسؤول ويكون بذلك سبباً لوقوع حادث مروري،ويتفوق سائقوا السرافيس بامتياز عن زملاء مهنتهم من سائقي التكسي بمخالفاتهم التي باتت تشكل مصدر أرق وتوتر لغيرهم من مستخدمي الطريق حيث التوقف المفاجئ بقصد إنزال راكب أو صعود آخر والتوقف حيثما شاء السائق أو الراكب دون أي مراعاة أو احترام لغيرهم ممن لهم الحق بالتساوي معهم باستخدام الطريق فالوقوف على شكل رتلٍ أو نسقٍ ثانٍ وبشكل متكرر لا يرون فيه الا ما سيجنونه من الليرات ولا يقيمون وزناً لحق غيرهم من مستخدمي الطريق،دافعهم ومرشدهم قلة وعيهم وانعدام ذوقهم وافتقارهم لأصول القيادة ومن الملاحظات الكثيرة أيضاً قيام بعض السائقين باتخاذ يسار الطريق والسير بسرعات منخفضة وبذلك يعرقلون مرور باقي السيارات دون أدنى درجات الوعي والفهم والاستيعاب لقانون السير الذي وضَح وبيَن ما على سائق المركبة من واجبات تحميه وتؤمن السلامة له ولغيره إن التزم بها بعد أن يستوعبها بعقله ويجسدها ممارسةً أخلاقية ومهنيةً،قد تبدو بعض المخالفات بسيطة من وجهة نظر قاصرة تميز مرتكبيها بنقص وعيهم لمخاطرها كعدم استخدام المشيرات الضوئية (الغماز) في حالات الانعطاف أو تغيير الاتجاه وهو الفعل الذي عاقب عليه قانون السير بغرامة مقدارها 2000 ل.س وحسم نقطتين،وذات العقوبة لمن قام بتجهيز مركبته بمشعاع ضوئي (برجكتور) اضافي غير الذي يكون من أساس السيارة لأن مصانع ومعامل السيارات لا تقوم بتصنيع سياراتها وتجهيزاتها ومن ضمنها الأنوار الا بعد دراسات فنية متخصصة يراعى بها ظروف الطريق فتركيب (برجكتورات إضافية) ليس منه الا الأذية والاضرار بمستخدمي الطريق حيث كثرت هذه الظاهرة وتنوعت أشكال الإزعاج المقصود والتي لا تقف عند مجرد إزعاج السائقين المقابلين لمرتكب هذه الحماقة بل تتعدى ذلك الى إضعاف الرؤية وحتى انعدامها وهو ما سيؤدي الى وقوع كوارث وهذا ما أكدته دراسات متخصصة في الحفاظ على السلامة العامة والوقاية من الحوادث حيث التعرض لضوء شديد لفترة زمنية لا تتجاوز النصف ثانية (فلاش) قد تفقد السائق الرؤية لمدة تصل سبع ثوانٍ ولنتخيل ماذا يمكن أن يحدث بهذه الثواني القليلة التي غالباً ما تكون كافية لفقدان السيطرة على المركبة وانعدام القدرة على ضبط توجيهها أو إعادة توجيهها بعد انعطاف مفاجئ تكون به الكارثة التي نادراً ما تحيطها ظروف تخفف من آثارها المميتة والمفجعة التي نراها متجسدة بكتل من المعادن المهشمة –سيارات سابقاً- مرميةً في ورشات التصليح وفي مرائب حجز السيارات المتدهورة على طرقات السفر التي تكثر عليها الاستخدامات الخاطئة لأنوار الطريق (الضوء العالي،النورالمبهر،المشعاعات الضوئية المضافة وغير المدروسة) مع ارسال راكبي تلك السيارات في رحلات منها مايطول ومنها ما يقصر زمنه الى المشافي ومنها بلا عودة…
حدد وميز قانون السير أن لاستعمال أضواء السيارة أصولاً وثمة عقوبة لمن يخالف الاستخدام الطبيعي المفترض،لكن هيهات فالوعي وادراك العواقب مفقود عند الكثيرين ممن نلتقيهم على الطرقات داخل المدن وعلى طرق السفر وقد أطلقوا العنان لأضواء سياراتهم غير آبهين ولا مرتدعين،ما يثير الضحك والأسف في آن معاً هو وجود بعض السائقين الجدد الذين يتميزون عن غيرهم فور مشاهدة طريقتهم المرتبكة بقيادة السيارة وعلى وجه التحديد ليلاً حيث يشرعون الضوء غير مدركين أن أنوار الطريق(الضوء العالي) ممنوع استخدامها ضمن المدينة الا في حالات وجود ضباب أو أمطار غزيرة حيث الرؤية متعذرة ويبقى استخدامها مسموحاً بشكل متقطع للتنبيه واعلام سائق آخر بالرغبة في التجاوز ومنهم لا علم ولا دراية لديه بأن من واجبه إطفاء أنوار الطريق(الضوء العالي) والإبقاء على أنوار التلاقي(الضوء الواطي) عند تلقي إشارة ضوئية متقطعة ممن يقابله على مسرب بالاتجاه المعاكس لوجهة سيره لأن السائق الذي يطلق إشارة ضوئية متقطعة(فلاش عالي واطي) يبعث برسالة الى السائق المقابل مفادها (ضوَك عمانا) فيجب الانتقال الفوري بمستوى الإضاءة المستخدم من (العالي الى الواطي) وبلغة القانون يجب إطفاء أنوار الطريق والإبقاء على أنوار التلاقي ومن السائقين أيضاَ من يلجأ لفني كهرباء سيارات ليقوم بتعديل على نظام أضواء السيارة فيقوم بالتلاعب في طريقة عمل الأضواء حيث يجري تعديلاً في كابلات توصيل كهرباء الضوء ليكون أحد الضوئين الأماميين – اليمين مثلا(عالي دائما) والضوء الثاني- اليسار(واطي دائما) وعند التبديل من قبل السائق يتم تبادل شدة الإضاءة مابين الضوء اليميني واليساري ويظل الازعاج والمخالفة قائمين أما من ساعدته قدراته المالية فلن يرضى لسيارته الا أضواءً تسمى – زينون – وهي لكثرة انتشارها باتت لا ترى بالعين المجردة ولهذه النوعية قدرة على التخفي بحيث لا يراها الا المواطن العادي ولا ينزعج من ابهارها للنظر الا السائق البسيط الذي لا حول له ولا قوة بغياب النظر الثاقب لشرطة المرور!!
مع التمنيات الدائمة بالسلامة لكل مستخدمي الطريق من مشاة وسائقين الا أن التمني وحده بغياب الوعي والادراك والردع لا يوصلنا الى السلامة المبتغاة والمرجوة لكل مستخدمي الطريق.

بواسطة
نديم صيداوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى