سياسية

الرئيس الأسد: ما نسميه عجزاً دولياً ليس الا احتكار دولي من قبل عددمن الدول

أعلن السيد الرئيس بشار الأسد رئيس القمة العربية العشرين اليوم بدء أعمال القمة العربية العادية الحادية والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة.
وأوضح الرئيس الأسد في كلمة له أن الفترة الفاصلة بين قمتي دمشق والدوحة مليئة بالأحداث النوعية سواء على مستوى المنطقة أو العالم وإذا كانت صفة الخطورة والسلبية قد طغت على تلك الأحداث فإنها لم تخل من إيجابيات محددة قد تعطي بعض الأمل بتغيير للأفضل.

وقال السيد الرئيس: إنه وبالرغم من التنوع الكبير للأحداث التي مرت بها المنطقة فإن ماجمع بينها هو حالة العجز الدولي عن معالجة أسبابها وتداعياتها التي خرجت عن حدود السيطرة ولم تعد تستثني دولة غنية كانت أم فقيرة نامية أم متقدمة..وما نسميه عجزاً دولياً ليس في الواقع سوى احتكار دولي من قبل عدد محدود من الدول للقرارات المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتقنيات وغيرها على مستوى العالم والذي أفضى إلى نتائج كارثية أصابت العالم برمته.

وأضاف الرئيس الأسد: إذا كنا كدول عربية سندفع الثمن الذي يدفعه بقية العالم اليوم كنتيجة لاقتصاد عالم يتدهور يضاف للثمن الذي ندفعه كضريبة للخلل السياسي المزمن في العالم وفي منطقتنا فإن هذا الاحتكار الدولي شكل باباً موصداً في وجه أي مشاركة من قبل الدول الأخرى وشعوبها والذي دخل منذ سنوات قليلة في طور التآكل قد أوصل العالم إلى أزمة قد تشكل بالنسبة لنا على الرغم من قسوتها فرصة وباباً مفتوحاً نتشارك من خلاله مع الآخرين في عملية البحث عن أسس لنظام عالمي جديد يحقق العدالة بين الشعوب من خلال إثبات موقعنا ورسم مستقبلنا وإرادتنا هذه المرة وليس بإرادة الآخرين.

وقال الرئيس الأسد: إن عملية التغيير الشاملة التي تحصل الآن في العالم تشبه إلى حد كبير عملية إعادة صياغة العالم منتصف القرن الماضي عندما توسلنا الآخرين حقوقاً كانت بأيدينا.. سلمناهم إياها ليعيدوها لنا..فتجاهلوها ولا يزالون.. وبما إننا لا نسعى لتكرار الأخطاء فعلينا أن ندرك أن العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه..ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده.. ولا يعيد حقاً إلا لمن يعمل على إعادة حقوقه ويتمسك بها ويدافع عنها ويقاتل من أجلها.

وأضاف السيد الرئيس: حينذاك يعني أننا في بداية الطريق الصحيح باتجاه المستقبل.. وتتمة هذا الطريق تكون بامتلاك الإرادة والحماس.. ومن ثم تحقيق التفاهم وتكريس التضامن الذي كان عنواناً لقمة دمشق.. والذي عملنا من أجل تحقيقه بجد ودون كلل مباشرة بعد تلك القمة مع عدد من القادة والمسؤولين العرب الذين عملوا بصمت وهدوء إلى أن وصلنا إلى ما تحقق من مصالحات ولقاءات مؤخراً بين قمة الكويت الاقتصادية وقمتنا الحالية.

وقال الرئيس الأسد: إنه من الطبيعي أن تكون المصالحات الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الأرضية التي يبنى عليها النجاح والفشل في أي قرار نتخذه في جميع المجالات.

وأضاف الرئيس الأسد: ففي ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ.

وقال الرئيس الأسد: ولا شك لدينا أن المواطنين العرب كادوا أن يفقدوا الأمل من أن يكون الخلاف بين الدول العربية هو حالة طارئة بعد أن أصبح التضامن هو الحالة العابرة في العلاقات السائدة بين دولنا وما يعنيه ذلك من فقدانهم الأمل في أن يتجسد أي شيء حقيقي من المواضيع الأخرى على أرض الواقع وتكريس حالة الإحباط السائدة لديهم أصلاً.. وهذا ماكان جلياً في أوضح صوره منذ أشهر قليلة وتحديداً في فترة العدوان الإسرائيلي على غزة الذي كان النتاج الطبيعي للعقل الإجرامي الإسرائيلي من جهة والنتاج غير الطبيعي للضعف العربي الناتج عن انقسامنا من جهة أخرى إلا أن التبدلات التي حصلت في الفترة الأخيرة التي تلت قمة الكويت الاقتصادية قد أعادت بصيص الأمل لدينا جميعاً في إمكانية الانتقال بهذه العلاقات باتجاه أفضل.

وأكد الرئيس الأسد أنه حتى هذه اللحظة لا تزال علاقاتنا تخضع لنا كأشخاص لطبائعنا وأمزجتنا..وبالتالي فهي معرضة لاحتمال سوء الفهم والتقدير وللانتكاسة في كل مرة تواجهنا مشكلة ذات حساسية ما.

وقال الرئيس الأسد: إن الاستمرارية فيما بدأناه لا تتحمل التبدلات الحادة وغير المتوقعة وإن أي إنجاز نسعى إليه ينطلق من امتلاك الإرادة..وأؤكد بثقة أنها موجودة لدينا جميعاً لكن الإرادة الصادقة والنية الطيبة وحدهما غير كافيتين فهما القاعدة والأساس لكننا نسعى اليوم للبناء الكامل.

وأضاف الرئيس الأسد: أن المشكلة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته فهو طبيعي وملازم لتنوع طبيعة البشر سواء في الأمة الواحدة أو الوطن الواحد أو الأسرة الواحدة.. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تعاطينا معها وفي طريقة إدارتنا للخلاف..والذي لايمكن أن نديره بشكل سليم مالم نبدأ من توحيد رؤيتنا للتضامن الذي نريد.

وقال الرئيس الأسد: إن التضامن العربي لا يعني التطابق العربي بل يعني التكامل العربي.. وهو ليس عملية استنساخ للمواقف بل هو عملية تنسيق بينها.. والتطابق في المواقف يحتاج لظروف متطابقة تنتج رؤية واحدة.. وهذا غير موجود لأسباب موضوعية..أما الاختلاف فبدل من أن نراه بشكله السلبي كتناقض بيننا فلنره بوجهه الإيجابي كتنوع يعبر عن الغنى في حال تمكنا من استثماره من خلال تكامل عناصره المختلفة.

وقال الرئيس الأسد: لا يوجد أي تناقض أو تضارب في المصالح بين أي دولتين عربيتين بل هو اختلاف في وجهات النظر المطروحة..وإن المدخل في مثل هذه الحالة لأي تضامن عربي يكون بالحوار القائم على قبول الاختلاف الذي يفرضه اختلاف الظروف التي تحيط بكل دولة.. وبالتالي ينتفي المبرر والإمكانية لتحوله إلى خصومة مريرة تؤدي في محصلتها إلى الإضرار بالمصالح المشتركة التي لم تكن في الأساس سبباً للمشكلة الناشئة.

وأضاف الرئيس الأسد: إذا كان هذا الأساس ضرورياً للنهوض بواقع التضامن العربي فهو غير كاف بكل تأكيد.. فالممارسة السياسية المحددة بضوابط مؤسساتية ضرورية لاستمراره واستقراره.

وطرح السيد الرئيس بعض النقاط العملية المستخلصة من التجارب العربية خلال السنوات الماضية..والتي رأى بأنها كفيلة بتجنب الكثير من المطبات في علاقاتنا العربية.

وقال الرئيس الأسد:إن النقطة الأولى تتعلق بضرورة طرح أي مبادرة من قبل أي دولة عربية قبل انعقاد القمة بفترة زمنية محددة يجري الاتفاق عليها بحيث لا يجوز تجاوزها من جانب أي دولة لكي تتاح الفرصة لجميع الدول العربية لدراستها والتشاور حولها.. حيث دللت تجاربنا الماضية أن بعض المبادرات قد لا تكون محل اتفاق أو إجماع..وقد تؤدي إلى حدوث شرخ في العلاقات العربية يمكن تلافيه فيما لو تم التشاور بشأنها قبل طرحها وبالتالي تفادي أي فشل محتمل للقمة المنعقدة.

وأضاف الرئيس الأسد..أن النقطة الثانية هي حول عدم طرح مبادرات تتعلق بقضايا محددة تخص دولاً معينة دون موافقة تلك الدول الأساسية المعنية مباشرة بتلك القضايا انطلاقا من مبدأ الوقوف إلى جانب بعضنا البعض وليس الحلول محل بعضنا البعض.. فأصحاب القضية هم الأحق والأقدر على تحديد احتياجاتهم وتقدير مصالحهم.

وقال الرئيس الأسد: إن النقطة الثالثة هي بالنسبة للمبادرات التي تطرح وتتعلق بالقضايا الخلافية التي تنشأ بين دولتين أو بين أطراف في دولة واحدة.. فنرى أن تبني أو دعم مؤسسة الجامعة على مستوى القمة أو مستوى وزراء الخارجية لها أي لهذه المبادرة يجب أن يكون مبنياً على قبول كافة الأطراف المعنية بالمبادرة لها.. وليس قبول البعض من هذه الأطراف فقط ..وذلك كي لا تجعل الجامعة العربية من نفسها طرفا بدلاً من أن تكون راعياً ومساعداً.. وما ينتج عن ذلك من تعقيد للمشكلة الأساسية من جانب وزيادة احتمال انقسامنا كدول عربية حول الموقف من المبادرة والحلول المطروحة من جانب آخر.

وأضاف الرئيس الأسد: أنه مع تأكيد دعمنا اللامحدود كقادة عرب للمصالحة الفلسطينية التي نرى فيها مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل إلا أن هذا لا يجعلنا نغفل حقيقة إسرائيل كدولة مبنية على العدوان والقتل.. وعن أنها ترى مستقبلها في تهجير الفلسطينيين إلى وطن بديل بهدف الوصول للدولة اليهودية المنشودة.. ومع ارتياحنا لأن نرى معظم دول العالم تدرك حقيقة توجهات الحكومة الإسرائيلية المنتخبة مؤخرا والمعادية للسلام.

وأكد الرئيس الأسد أن الحكومة الإسرائيلية تعبر عمن انتخبها وهي رسالة واضحة غير مفاجئة لنا.. تعلن أن السلام بالنسبة للإسرائيليين خيار تكتيكي فقط يرمي للتغطية على أهدافهم البعيدة المؤسسة على عدم إعادة أي حقوق اغتصبت منا.. وهذا لا يتطلب منا استبدال استراتيجية خيارنا بالنسبة للسلام ولكن ينبغي على التكتيك والآليات أن تتغير ليس مع تغير الحكومات في إسرائيل.. وإنما مع ثبوت الغايات الحقيقية والنزعة العدوانية للإسرائيليين تجاهنا وتجاه العملية السلمية.

وأكد السيد الرئيس أن الإسرائيليين جميعاً يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم.. وجميعهم يعكس حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي غير مهيأ للسلام.. وهو لم يكن مهيأ من قبل ولكن حالته تسوء يوماً بعد يوم.. وعلينا توقع مجىء حكومات أكثر رفضاً للسلام مع مرور الوقت يتم اختيارها من قبل مجتمع يزداد تطرفاً وميلاً للعدوان.

وقال الرئيس الأسد: إنه بوضوح لا جدال فيه أننا كطرف عربي ومنذ أطلقنا المبادرة العربية للسلام لا يوجد لدينا شريك حقيقي في عملية السلام.. والتي لا يمكن أن تنجز بطرف واحد عربي فقط . فمن الناحية العملية هذه المبادرة غير فاعلة ولو عملنا على تفعيلها وذلك لعدم اكتمال شروط التفعيل.. هذا لأن إسرائيل لن تقبل بمبادرة تستند إلى المرجعيات التي تعيد الحقوق لأصحابها..أي أن إسرائيل هي من قتل المبادرة وليس قمة الدوحة كما حاول البعض تسويقه.. وهذه المبادرة ليست مرجعية جديدة بل هي تأطير للمرجعيات التي يتمسك بها العرب من أجل تحقيق السلام.

وأكد الرئيس الأسد أن السلام لن يتحقق مع عدو لايؤمن بالسلام دون أن يفرض عليه بالمقاومة فرغبتنا في السلام هي الدافع لنا لدعم المقاومة.. ودعمها واجب وطني وقومي وأخلاقي وهو الخيار الوحيد في غياب الخيارات الأخرى فلنجعلها فوق خلافاتنا الظرفية كقضية نتوحد حولها وكمبدأ نؤمن به طالما وجد احتلال أو اغتصب حق فإيماننا بالسلام وتمسكنا به قوي كقوة ايماننا بالمقاومة وتمسكنا بها.

وقال الرئيس الأسد إذا كانت مسؤولية الفشل في تحقيق الاستقرار في منطقتنا تحمل للوضع الدولي فنحن أيضاً نتحمل المسؤولية المباشرة في ذلك عندما لا نتصدى لمحاولات مصادرة قراراتنا والتحكم بمصيرنا والتدخل في شؤوننا الداخلية وما يحصل حاليا بحق السودان هو فصل جديد من فصول استضعاف العرب وعدم احترام سيادة دولهم.

وأضاف الرئيس الأسد إن إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة بحق رئيس عربي تحت عناوين مزيفة هي مرحلة من مراحل تقسيم السودان بهدف إضعافه ومن ثم الاستيلاء على ثرواته وتقاسمها بين مجموعة من الدول تسعى لتكرار تجربة الانتداب عبر تسخير المؤسسات الدولية تمهيدا لعودة الاستعمار الحديث بشكل أكثر حداثة.

وقال الرئيس الأسد إن ما يتعرض له السودان هو ماتعرضت له فلسطين في بدايات القرن الماضي والذي مازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم ونحن مدعوون اليوم ليس لانتقاد المذكرة ولا لتوصيفها وكلنا يتفق حول تسييسها وإنما لرفضها من الأساس وللدعم المطلق للسودان في هذه المرحلة من المواجهة لكي نجنبه ونجنب دولنا المراحل التالية التي ستليها حتما وصولاً إلى تفتيته.

وأضاف الرئيس الأسد علينا القيام بواجباتنا تجاه قضايانا بدلاً من انتظار هبات تقدم إلينا من الآخرين هي ليست حقا لهم بالأساس وعلينا أن نسمي الأشياء بلغتنا نحن فالحرب على الإرهاب هي حرب علينا لصالح الأرهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير هو نشر للفوضى.

وأضاف الرئيس الأسد.. عدم إعطاء إسرائيل الذرائع يعني عدم مطالبتها بالحقوق يعني الانهزام أمامها واختراع أعداء وهميين في منطقتنا يحلون محلها كعدو وحيد هو مساعدة لها أما المقاومة فهي شرف لنا وليست تهمة ضدنا ولا عار علينا أن نفتخر بها علينا إلا نسمح بتوصيف قضايانا من قبل الغير فلا نقصر بحق شعبنا ولا نخسر دعم بلدان تعاطفت معنا ولا نعطي المجال لكل من يريد أن يحل محلنا أو أن يتدخل في شؤوننا أي علينا أن نتوكل لا أن نتواكل عندها فقط نحجز موقعاً يليق بطموحاتنا ونفرض رؤيتنا ونصدر بدلاً من أن نستورد مصطلحاتنا المعبرة عن واقعنا عن رؤيتنا وعن مصالحنا.

وعندها يكون لكل خطوة نخطوها اثرها ولكل قمة نعقدها وزنها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. دائما ياسيدي تشرفناوتعلمنا كيفية التعامل مع الكلمات الصحيحة
    والمنطق السليم الذي يحول الآخرون تزييفه وتزييف الحقائق للوصول الى مأربهم العمياء ظانين ان العرب لايفكرون ولايطمحون بمستقبل مشرق
    ياسيدي رئيس الجمهورية بل يارئيس القلوب العربية النقية نحن مع الحق الجلي والواضح نحن معك برغم كل الضغوطات التي تحول طمس معالم الأخلاق والتراث والآصالة العربية برغم كل من يحول عبثا تشويه سمعتنا .
    ايها العالم نحن عرب ولنا الشرف ونحن دعاة سلام لادعاة حرب ومن يحول ان يعتدي علينا بكلمة او ببندقية سوف ندافع عن انفسنا بقوة الشرف والعز المتأصل في جذورنا هذا معلمنا اياه رئيسنا المفدى بشار الأسد حفظه الله وادامه لنا ذخرا نعتز به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زر الذهاب إلى الأعلى