محوره الأبرز “لبنان” بكل ما فيه
أجرت صحيفة السفير اللبنانية حواراً مطولاً مع الرئيس السوري بشار الأسد… العنوان الأبرز للقاء كان لبنان بكل ما فيه، حرب تموز وماذا صنعت وغيرت وأفرزت،
الانتخابات النيابية اللبنانية، العلاقة مع اللبنانيين والوضع في الشمال اللبناني، ثم المصالحة العربية العربية وأين وصلت وإلاما ستفضي؟، وفيما يلي المقابلة التي أجرتها السفير بالكامل نقلاً عنها.
حرب تموز غيَّرت خريطة المنطقة
تضيق شوارع دمشق بمواكب كبار الزوار، الذين يجيئون تباعاً الآن، من عواصم كانت مغلقة في وجه سوريا ورئيسها إلى حد العداء: أميركيون، كثير من الأميركيين، وأوروبيون، من كل أوروبا ورئاسة اتحادها، أصدقاء قدامى من إيرانيي الثورة الإسلامية، وأصدقاء جدد من تركيا ـ إسلام الاعتدال… أما العرب فقد أنهى «الغاضبون» مقاطعتهم، وعاد «المعتدلون» إلى «الشام» بعدما اكتشفوا ان لا غنى عنها، كوسيط من ذوي القربى، في حين يواصل «عرب الممانعة» اعتمادهم دمشق مرجعية أساسية للمشرقيين منهم والمغاربة بغير ان ننسى «السودان» المطلوب لعدالة متهمة بالتحيز والنظر بعين واحدة.
يطل عليك الرئيس الشاب مرحباً عند باب مكتبه، بتهذيبه الفائق وابتسامته العريضة التي تدل على ارتياحه لمجريات الأمور. لعله في هذه اللحظة أكثر القادة العرب شعوراً بالاطمئنان إلى نجاحه، سياسياً، بعد الحروب المتعددة المصادر التي واجهها في لبنان وعبره، في الدرجة الأولى، وهي كانت قاسية جداً، خصوصاً انها تجاوزت ما هو سياسي إلى ما هو شخصي وعائلي، بل وطائفي ومذهبي أحياناً.
لبنان… الجنة المفقودة، صار موضوعه في الخلف، لكن المرارة لمّا تختفِ من نبرة الحديث عنه.
التجربة قاسية جداً، خصوصاً ان بعض مفاعيلها كانت تتصل بصلب النظام. لكن «أبطالها» من السوريين قد اختفوا تماماً، إلا في مجال اعتبارهم المسؤولين عن الاخطاء التي ارتكبت. أما الأبطال اللبنانيون فهم بعيدون وليس للرئيس الشاب أصدقاء قدامى بينهم. لذلك، فهو أكثر حرية في التعامل معهم، ربما لهذا يمكنه التخفف من وطأة التذكر، والالتفات إلى الغد.
وللتخفف من «التجربة اللبنانية» فائدة أخرى: يبرز دور سوريا ـ الدولة ودور بشار الأسد «الرئيس»، وتبهت تدريجاً صورة «النظام المخابراتي» التي كانت موضوع الهجوم القاسي الذي لم يوفر سلاحاً محرماً الا واستخدمه للتشهير «بالوصاية السورية»، وطمس عبره ادوار القيادات اللبنانية المشاركة فيه والمنتفعة منه والمبررة له… والتي سرعان ما استحدثت علاقات وصلات وارتباطات مع أنظمة أخرى، لم يخطر في بال قادتها يوماً ان يصفوها بالديموقراطية والحرص على حقوق الإنسان.
حتى عندما تذكر أسماء «الأصدقاء» الذين انقلبوا إلى «أعداء»، فإن رد الفعل استمر هادئاً… ربما لأن الحلفاء، من ثبت منهم على موقفه، أو من جاء إلى التحالف من خصومة دموية في الماضي، قد عوضوا، بل أضافوا إلى المعنى، خصوصاً ان صيغة التحالف معهم بشعارات واضحة، ثم انها سياسية تماماً، لا تستند إلى العلاقات والمصالح والمنافع العامة في ظاهرها، والشخصية في العالم الأعم.
فماذا عن زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي ضرب علاقة لبنان وسوريا وما زالت تداعياته تتوالى مفسحة المجال لأنواع متعددة من الاستثمار والتوظيف محلياً وعربياً ودولياً…
هل آن الأوان لسيل الأسئلة التي تتوالد من ذاتها وتظل معلقة كغيمة سوداء في أفق العلاقات بين البلدين الشقيقين، نتيجة غياب الأجوبة القاطعة في وضوحها عن المسؤولية عما جرى، بكل ما استولدته الجريمة من تصدعات ومواجهات وشكوك وريبة؟
ـ لا شيء عندنا نخفيه.. فاطرحوا أسئلتكم جميعها، فنحن في طليعة المتضررين، بل اننا أول المستهدفين بهذه الجريمة. لكن لا بد من استعادة لسياق الاحداث التي تواترت قبل الاغتيال وصاحبته وتوالت بعده، فالسياق يجيب عن كثير من الأسئلة المعلقة..
[ [من أين نبدأ إذاً؟!
نبدأ من حيث توقفنا في آخر لقاء صحافي أجرته «السفير» مع الرئيس السوري بشار الأسد في مثل هذه الأيام من العام 2003، والذي فرض الاحتلال الأميركي للعراق نفسه كموضوع أول باعتباره «حدثاً مصيرياً» ستنعكس آثاره على مجمل الأوضاع العربية، ولن يكون أي بلد عربي بعده كما كان قبله.
نبدأ من لبنان، وأخطاء الماضي، في السياسة، والأمن، وعلى الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. لا يُخفي الرئيس السوري ذلك، إلا انه أيضا لا ينسى ان يشير إلى انها علاقة ثنائية، والأخطاء أتت حتماً من الطرفين. كما انه يذكّر بأن التجربة لم تكن بجلّها مريرة: فخلالها، تجنب البلد خطر التقسيم، وتوقفت الحرب الأهلية، وحصل الانسحاب الإسرائيلي.
لا مفاجآت، بحسب الرئيس السوري، بمن بدّل مواقفه من سوريا. ولا مرارة، بدليل الأبواب التي ما زالت مشرّعة بشرط وحيد: الثوابت السورية، أي العروبة والموقف من فلسطين.
ربما لا يزال من المبكر تصور ما ستكون عليه العلاقات الثنائية في المستقبل، إلا في الخطوط العريضة: لا تدخُّل في الشؤون الداخلية لأي من البلدين من قبل الآخر، والاحترام المتبادل. لا عودة عسكرية سورية إلى لبنان، ولا اهتمام استثنائياً بنتيجة الانتخابات النيابية المقبلة إلا في ما يتعلق بما اتفق عليه في الدوحة بضرورة إقامة حكومات وحدة وطنية.
هو يعرف ان الجرح بين الطرفين لن يندمل سريعاً، لكن يجب السماح للوقت بأن يفعل فعله. ألم تكن سوريا دوماً سيدة الصبر والانتظار؟
لا شيء جدياً في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، التي تتوقف، مرة أخرى، حول توصيف خط الرابع من حزيران. اما انتخاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لن يغير الكثير في هذا المضمار، فذلك، برأي الأسد، تغيير تكتيكي وليس استراتيجياً. كما انه يرى في المنحى الذي تميل إليه اليوم إسرائيل نحو اليمين المتطرف، دليلاً على ارتباكها وفشلها.
أما الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً، فالمؤشرات التي أرسلها واعدة، إلا ان سوريا تنتظر الأفعال، خصوصاً أن ملف المفاوضات مع إسرائيل لا يبدو من الأولويـات الحالية للإدارة الجديدة التي سـارعت لإطـلاق مبـادرتين من العراق ومن أفغانستان، في حين انها لم تقدم أي دليل ملموس باتجاه منطقتنا.
أما سوريا، فستشهد، كما سائر الدول، تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وهي، لأنها كانت محاصرة ومعزولة ودول الغرب تسعى إلى قلب النظام فيها، لم تكن مستعدة لانفتاح سياسي بحجم الطموح، لكن ثمة خطوات قد تساعد، أو هي قد تسرّع الانفتاح الموعود، لكن ليس على حساب معادلة: الاستقرار أولاً ثم الإصلاح.
لبـنان يحكم بالتوافق وأية أكثريـة تنتجها الانتخابات نتعامل معها هذه معاييرنا لمن يود زيارتنا… لكن لا للمزاجية والمواقف المتذبذبة
÷ الملف اللبناني لم يفتح بعد بالكامل وهو مهم جداً وحساس ودقيق. ونتمنى ان نتوسع فيه تفصيلاً بعد ان نسمع منكم قراءة للمشهد العربي انطلاقاً من العراق؟
الرئيس الأسد: بالنسبة للعراق، ما قلته للأميركيين هو نفسه ما قلته لصحيفة «السفير» في المقابلة الأخيرة معكم قبل ست سنوات، قلنا لهم ستربحون الحرب وتغرقون في الرمال وستنطلق المقاومة، وانطلقت المقاومة. طبعاً كان الجميع يتوقع أن يستمر القتال على الأقل أشهراً وليس أسابيع، وكان ذلك مفاجئاً للجميع بمن فيهم العراقيون أنفسهم، طبعاً هذه هي الحرب. لكن الرؤية كانت واضحة تماماً، هناك إقرار في العالم أنه لا يمكن لأميركا أن تبقى في العراق وهي مرتاحة.
لا شك أن المشهد العربي قبل الاحتلال تغير من خلال تغّير الأجيال. العرب تعلموا الدروس من حرب تموز 2006، الهجرات كانت محدودة نسبة لأية حرب سبقتها، والمواطن أصبح أكثر تمسكاً بأرضه. في غزة، الناس أكثر تمسكاً بأرضهم وفي الضفة وكذلك أيام جنين. أصبح هناك فكرة التمسك بالأرض، وأصبح هناك أيضاً فكرة المقاومة والاستعداد لدفع الثمن مقابل أن يدفع العدو الثمن، أي في كل الأحوال أنت ستدفع الثمن لو لم تواجه. هذا هو الشيء الأساسي المتعلق بالأجيال. أما الوضع العربي فلا شك أنه بعد كل معركة هناك انهيارات، وكانت آخر الانهيارات خلال مرحلة غزة.
لا أستطيع أن أقول بأننا حققنا قفزة بالمصالحات العربية الأخيرة. بدأت المصالحات وما زالت في البداية. أقلعت الطائرة وتكون مرحلة الإقلاع عادة مرحلة حرجة إن تم تخفيف قوة المحركات تنهار الطائرة ويسقط كل شيء. فنحن الآن في مرحلة إقلاع، وصعود في هذه الطائرة، ولكن ما زال الوضع العربي غير جيد، على الأقل حتى نصل إلى قمة الدوحة ونرى بأن الأمور أفضل. الشيء الجيد ليس فقط المصالحات، ولكن الأهم هو بداية وعي عربي للدروس التي تعلمناها مما حصل خلال الست سنوات الماضية، الصورة أصبحت أكثر وضوحاً.
÷ ندخل إلى الموضوع اللبناني. عملياً منذ عام 1975-1976، تم تفويض سوريا بالشأن اللبناني وتولت مسؤولية الوضع في لبنان، منذ عام 1976 حتى عام 2005. هل قمتم بإعادة نظر نقدية لهذه التجربة؟ لأن الظروف التي رافقت خروج سوريا كانت مانعة لأي حوار جدي حول كيف جرى ما جرى ولماذا جرى ما جرى ومن المسؤول عما جرى؟ هل نستطيع اليوم إعادة فتح لكل تلك الملفات لكل تلك التجربة في وحي ما استفدتموه منها كتجربة غنية جداً ومؤلمة جداً بنتائجها؟ هل نستطيع الدخول إلى الملف كاملاً.
ـ لا شك، أية تجربة يجب أن تحدد أهدافها أولاً كي تقيّمها، لا يمكنك تقييمها دون أن تحدد ما هي الأهداف. لكن حتى لو تحققت الأهداف، هناك دائماً خلال الممارسة للوصول لهذه الأهداف إيجابيات وسلبيات. التجربة السورية كان لها أهداف واضحة: حماية لبنان من التفتيت، توحيده وعودة الاستقرار إليه، حتى التسعين نجحت التجربة وعندما خرجت سوريا من لبنان كان موحداً، ففي هذا المجال نجحت سوريا. حصل التحرير عام 2000، لسوريا دور أساسي في هذا الموضوع، إذن تحققت أهداف التحرير والتوحيد. لكن عندما أعلنتُ أنا الخروج من لبنان في آذار عام 2005، قلت إنه حصلت أخطاء، كنت واضحاً في هذا الكلام، طبعاً حصل تقييم في سوريا، والحقيقة التقييم بدأ قبل تغيّر الظروف، عندما كان هناك سؤال في سوريا لدى الكثير من السوريين الذين كانوا على احتكاك مع اللبنانيين ويسمعون الانتقادات التي تحصل تجاه سوريا، فكان السؤال دائماً لماذا نبقى في لبنان؟ أو إلى متى نبقى؟ بعد الخروج وما حصل بالنسبة للعلاقات السورية اللبنانية كان هناك نقد وتحليل بهذا الاتجاه ولكن الأخطاء التي نتكلم عنها هي أخطاء مرتبطة بأشخاص وليس بالسياسات. أي طالما تحققت الأهداف في وحدة لبنان وتحريره، فالسياسات كجوهر وكمبدأ صحيحة. أما الخطأ فكان في التعاطي مع الوضع الداخلي اللبناني، وهنا توجد تفاصيل كثيرة.
÷ منذ عام 2003، متى أحسستم أن الجو الدولي، واستطراداً العربي، انقلب إزاء الوجود السوري في لبنان، وبدأ تحويل هذا الوجود، دعنا نقول، إلى مطعن لسوريا وضرب للعلاقات اللبنانية السورية.
ـ مباشرة مع الحرب.
÷ مع غزو العراق؟
ـ التهديدات لسوريا بدأت قبل الحرب. «إذا لم تسيروا معنا في الحرب فسوف تدفعون الثمن». كان الكلام واضحاً وكان جوابنا واضحاً نحن مستعدون لدفع الثمن ولكن إذا سرنا معكم بموضوع الحرب فسندفع ثمناً أكبر. الفرق هو دخول فرنسا على الخط بعد حرب العراق. كان المطلوب من سوريا أن تقدم الثمن للمصالحة الفرنسية الأميركية، وهذا ما رفضناه. وهنا بدأ الانقلاب الذي قادته فرنسا في الحقيقة وليس الولايات المتحدة، ولكن الولايات المتحدة كانت سعيدة، الولايات المتحدة أساساً انقلبت على سوريا قبل الحرب، وأتى الالتقاء الفرنسي الأميركي لكي تكتمل الصورة وتتوسع دائرة الانقلاب.
÷ لماذا فعلت فرنسا ذلك؟
ـ ارادت فرنسا أن تصالح أميركا، فالمطلوب منها ثمن. طبعاً لديها جوانب لبنانية في الموضوع مرتبطة بموضوع باريس ـ 2 وقد حصل صراع حول موضوع الخصخصة، وكان المطلوب من سوريا أن تكون جزءاً من هذا الصراع. رفضتُ، وقلتُ نحن لن نكون جزءاً من هذا الصراع، توجد مصالح وأموال، هذه ليست قضيتنا، نحن يمكن أن ندعم أية خطوة في لبنان إذا كان لها جانب سياسي، إذا كانت بحاجة لغطاء سياسي، أما أن ندخل في التفاصيل التقنية، أي شركة ستباع؟ وكيف وآلية البيع وما شابه… رفضنا أن ندخل في ذلك. الجانب الآخر له علاقة بشركات النفط في سوريا، كان المطلوب أن تأتي شركات النفط وتأخذ عقوداً في سوريا بشكل نحن نرفضه بالشكل والمضمون، أي مضمون العقد الذي هو فعلياً نسب التقاسم، وهو يضر بمصالح سوريا، وقد رفضناه. لكن أتى الشيء الأكبر وهو موضوع المصالحة الفرنسية الأميركية…
÷ في حزيران 2004 أم قبل؟
ـ لا، موضوع باريس ـ 2 بدأ عام 2002، ولاحقاً عام 2003 بدأ موضوع النفط وما شابه ذلك، وفي 2004 من خلال لقاء شيراك مع بوش في أوروبا، لا أذكر في أي مناسبة، لكن هو مذكور بشكل واضح في كتاب (لابيفيير)، عندها بدأ الانقلاب الفعلي من خلال هذا اللقاء.
÷ قرروا أنَّ سوريا يجب أن تخرج من لبنان؟
ـ تماماً.
÷ أي القرار 1559؟.
ـ القرار 1559 كان في عام 2004…
÷ والرد عليه كان بقرار التمديد للرئيس لحود؟
ـ لا، لم يكن رداً أبداً. القرار1559 كان نتيجة للقاء بين شيراك وبوش. كان الآلية القانونية الدولية ليحشدوا دول العالم ضد لبنان وسوريا، وكانوا يعتقدون أن 1559 سيؤدي إلى إسقاط النظام السوري، وأن سوريا الدولة بلا لبنان وبلا وجود الجيش السوري فيه ستسقط، هكذا كانت المخيلة لديهم. لكن بالنسبة لهم فإن 1559 كان الهدف منه داخلي لبناني أيضاً. قضية التمديد، لم تكن أساساً مطروحة. وفي حوارنا مع القوى اللبنانية لم يكن هناك من يطرح التمديد، ولم يكن في تصورنا التمديد، والرئيس رفيق الحريري سألني هذا السؤال في إحدى المرات، وقلت له إنه لا يوجد تمديد ولم أسمع من أحد أنه يرغب بالتمديد في لبنان. هذا قبل أن يظهر القرار 1559، هذا الكلام في ربيع 2004 تقريباً. بدأت تظهر بوادر 1559 في شهر حزيران تقريباً، وبدأنا نسمع عن شيء يحضّر في مجلس الأمن، وفعلياً أغلب القوى الصديقة لنا في الغرب لم تكن تعلم بهذا الشيء. كانت خطة 1559 تعتبر أن سوريا ستطرح أحد المرشحين الواردة أسماؤهم على الساحة في ذلك الوقت، وأي مرشح منهم، بغض النظر عن أي مرشح سيكون، سيقال بأنه تدخل سوري. وكان هناك مرشح حتى الآن لم نعلن من هو، لبناني بديل، ستطرح سوريا مع الحلفاء اللبنانيين اسماً ما، فستبدأ نفس المعركة من أجل المرشح البديل، وستأتي المساومة بأن القرار 1559 مقابل منع تدخل سوريا في مرشحين لبنانيين. لم يكن 1559 له علاقة بالتمديد، وأساساً لم يكن وارداً في بالهم التمديد، بالنسبة لهم كانوا يعرفون بأن سوريا لا تريد التمديد، فكان وضع هذا القرار من أجل لعبة أخرى، وأي مرشح آخر، وكان هناك مرشح بديل، سيفترضون أن سوريا ستقف ضد هذا المرشح فسيكون 1559 هو الرد على سوريا.
÷ من هو المرشح ومتى تعلنون اسمه؟
ـ في الوقت المناسب. نحن نعرف بالتفاصيل ما الذي كان يحصل، وعرفناه بعد 1559. عندما حصل 1559 كنا نعرف المبدأ العام، ولكن لم نعرف الشخص بدقة إلا بعد صدور القرار بشهر واحد، عرفنا من هو الاسم من الدول المشاركة في الموضوع، قالوا لنا كل التفاصيل. فهذه هي قضية القرار 1559، كان محضَّراً بشكل بديهي، بغض النظر عن التمديد، لم يكن هناك تمديد. السؤال لماذا واجهت سوريا العالم بالتمديد؟ لا توجد علاقة. عندما توضحت بوادر المعركة كان لبنان وسوريا بحاجة لشخص للمواجهة، وهو الرئيس لحود.
÷ أي أن التمديد كان هجوماً مضاداً؟
ـ لا، التمديد حدث لأن الرئيس لحود بالأساس جُرّب وطنياً في مراحل، أعتقد أنه الآن بدأ يتحدث عنها في مذكراته وفي مقابلاته، ولكنهم جربوا مع الرئيس لحود منذ استلم الرئاسة، أن يدخلوا في قضايا معينة، هي إبعاد لبنان عن سوريا، وإبعاد الرئيس لحود عن المقاومة، فرفض. إذاً فالرئيس لحود هو إنسان مجرَّب وطنياً. فكان لا بد من الدخول في معركة، والتمديد كان هو الرد.
أخطاء اللبنانيين
÷ قلتم في بداية الحديث إنه كان لديكم مهمة في لبنان، هي الحفاظ عليه دون تفتيت أو تقسيم، ولكن ألا تظنون أنه بعد 30 سنة من وجودكم في لبنان كان من الممكن أن تبنوا صداقات أكثر عمقاً، لا أن تتغير مع تغيّر الأحوال، أي أن تبنوا جسوراً اقتصادية واجتماعية وثقافية تكون أمتن بين دولتين شقيقتين؟
ـ كلام صحيح، وهذا يتوافق مع ما قتله أنا في خطابي بأنه كان هناك أخطاء، وهذا أحد الأخطاء.
÷ ولكن هذه الأخطاء ورطت لبنان وسوريا في علاقات متوترة اليوم تنعكس على البلدين.
ـ أنت لا تستطيعين أن تنسي بأن الجانب الآخر من الأخطاء هو لبناني. أنا تحدثت عن الجانب السوري، ولكن إذا أردنا أن نتحدث بشكل موضوعي فالمشكلة لبنانية سورية، وهناك طرف في لبنان، بكل الأحوال، ربط نفسه بسوريا ربطاً مصلحياً وليس ربطاً مبدئياً، لم يرتبط بسوريا عبر الوطنية اللبنانية، وإنما ارتبط بسوريا عبر مصالحه الضيقة ويتحمل المسؤولية.
÷ ولكن ألم تختبروا هؤلاء الأصدقاء؟ هل صدمتم بهم؟
ـ لا، لم نُصدَم، لأنها ليست المرة الأولى التي يحصل فيها تحولات في العلاقات في لبنان.
÷ كان لديكم حلفاء أشداء فجأة أصبحوا خصوماً أشداء؟
ـ لا، كانوا خصوماً أشداء، وفي عام 2000 كان هناك هجوم على سوريا ومحاولات تدخل في الشأن الداخلي السوري، وعادت الأمور مع بعض الأشخاص تتذبذب في اتجاهات مختلفة، وكنا نعرف أن البعض منهم في مراحل معينة كان يتحدث في الدوائر المغلقة بكلام سيئ جداً عن سوريا.
÷ من؟
ـ أنا لا أتعامل الآن مع أسماء…
÷ البعض ممن كان يفترض أنهم من أصدقائكم أو حلفائكم في لبنان؟
ـ بالتأكيد فإن حلفاء كلمة كبيرة، دعينا نقول ولكي أكون دقيقاً، من كان يدّعي صداقته لسوريا كان في الدوائر المغلقة يتحدث بالعكس، ولكن في السياسة تتعاطين مع الواقع أحياناً، لذلك أنا لا أقول إنه لا يوجد أخطاء، ولكن بنفس الوقت لا نستطيع أن نقول إن سوريا كانت مخطئة ولبنان، أو قوى لبنانية كانت تسير بالاتجاه الصحيح. أنا قلت كان هناك أخطاء، من في لبنان قال إنه كانت هناك أخطاء؟ يجب أن يكون هناك من يمتلك الجرأة ليقول هذا الكلام.
÷ تقولون إن التمديد حصل لأن العماد لحود كان مجرَّباً، ولكن ما أُخذ عليكم أنه حكماً يوجد في لبنان شخصيات وطنية، مجرَّبة وصديقة لكم وتهمها مصلحة البلد، وكان من الممكن أن تتولى الرئاسة، وبالتالي تجنب كل المشكلة التي خلقها التمديد.
ـ صحيح، هذا الكلام جميل من الناحية النظرية، لكن عندما تدخلين في المعركة، والمعركة طويلة ولم تبدأ بالقرار 1559. لو أن المعركة بدأت بهذا القرار، لكان هذا الكلام صحيحاً. لكن المعركة بدأت قبل سنوات، والرئيس لحود كان جزءاً من المعركة. أي شخص قد يكون لا يقلّ عن الرئيس لحود وطنية وصلابة وبكل المواصفات، ولكن من يبدأ المعركة قبل هو الأقدر على الاستمرار فيها. الرئيس لحود بدأ قبل، والمعركة قبل لم تكن معلَنة، ولكن كنا نراها ونخوضها.
÷ هل كنتم تخشون أنه لو حصلت انتخابات لما تم انتخاب الشخص الذي….
ـ أبداً، أبداً. القرار 1559 كان محضَّراً تماماً، وهذا الأمر موجود في وثائق، أي أنه أصبح موجوداً في كتب، والغرب يعرف هذا الشيء. لماذا نريد أن نفترض أشياء لم تكن موجودة، الـ1559 كان موجوداً واللعبة كانت واضحة. الآن هناك واقع، هناك معركة خضناها، وبالمحصلة تمكنا من خوض هذه المعركة بغض النظر عن بقاء سوريا في لبنان، أي المعركة كانت أهدافها أكبر.
÷ خسرتم لبنان نتيجة هذه المعركة؟
ـ لا، لم نخسر لبنان بسبب تمديد أو بسبب قرار 1559، خسرنا لبنان بسبب الأخطاء التي تمت في صياغة العلاقة مع لبنان خاصة بعد عام 1990.قبل الـ90 كانت هناك حرب أهلية، كان الوضع مختلفاً، لكن بعد 1990 أنا أعتقد أننا تأخرنا في القيام ببعض الخطوات وخاصة بعد 1998 تحديداً عندما اكتمل بناء الجيش وانتقل الرئيس لحود من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية. هنا بدأت الأخطاء تتراكم أو تظهر مفاعيلها بشكل أكبر.
÷ أي أنه كان يجب أن يبدأ الانسحاب السوري منذ تلك اللحظة بشكل أبرز؟
ـ هو بدأ فعلياً عام 1998 وكانت أول خطوة في 98 أو 99 عندما بدأت القوات السورية تنسحب باتجاه راشيا ومناطق جبل الشيخ، وكان هناك ضجة في إسرائيل بأن الهدف من هذا الانسحاب هو الهجوم على إسرائيل، ولكن الحقيقة كان الهدف منه هو الاقتراب من الحدود السورية كمرحلة أولى، واستمر. وفعلياً عندما صدر القرار 1559، كان قد انسحب 63% من القوات السورية، فإذاً نحن لدينا تصوّر بأنه لا بد من الانسحاب. لكن أنا لا أركز على موضوع الجيش الذي كان قد بدأ بالانسحاب. أنا أركز أكثر على التعاطي مع الوضع السياسي الداخلي، هنا كانت الأخطاء تتراكم. نحن بنينا علاقتنا مع قوى محلية وخسرنا قوى كبرى لأجل قوى أصغر، يعني الإحباط المسيحي كان موجهاً ضد سوريا في جانب منه، وكنا نخسر المسيحيين بشكل عام مقابل قوى سياسية معينة.
÷ حتى اليوم يأخذ عليكم البعض أن تدخلكم أو علاقاتكم تكون مع أطراف وقوى وأحزاب في لبنان، في وقت تتعاطى الدول من دولة إلى دولة.
ـ لا، هذه تؤخذ على لبنان وليس علينا. لأن البلد هو الذي يحدد كيف تكون علاقاته. مثلاً، هل علاقاتكم مع فرنسا هي فقط عبر الحكومة؟ أم لديكم علاقات، أي شخص منكم حر لفتح علاقة مع فرنسا، فإذا كنتم لا تريدون علاقة سوى مع الدولة، فيجب على الدولة اللبنانية أن تتخذ قراراً وأن تقول بأنه يمنع على أي جهة لبنانية، حزب أو جهة أو شخص أن يبني علاقة خارج إطار الدولة اللبنانية، ونحن نلتزم، ولكن لم تأخذ الدولة اللبنانية هذا القرار.
÷ أنتم تشجعون على مثل هذه العلاقات…
ـ كيف نشجع؟ أين شجعنا؟ العلاقات بين كل الدول في العالم لا ترتبط بالدولة، نحن علاقاتنا مع أي بلد في العالم لا ترتبط بالدولة. أي سوري يفتح علاقة مع أي جهة ما عدا العدو الإسرائيلي طبعاً. يذهب إلى أميركا نفسها التي كانت على خصومة مع سوريا لسنوات. لا يوجد شيء يمنع من العلاقات، ولا يوجد مبدأ سياسي أو دولي أو قانوني يقول بهذا الكلام. فإذا كان لديكم مثل هذا المبدأ، أعلنوه لا توجد لدينا مشكلة.
لم نختلف مع الحريري على المقاومة ولا العروبة ولا العلاقات مع سوريا … ولا التمديد مطمئنون أمنياً على لبـنان.. والوضع في الشمال أفضـل من السابق بفضـل الجيش
بين سليمان وعون، ولكن حتى في الشكل، يقارن البعض بين استقبالكم للجنرال عون واحتفائكم به، واستقبالكم لفخامة الرئيس ميشال سليمان، في حين مثلاً استقبلته فرنسا في الأمس القريب، استقبال رؤساء الدول في زيارة دولة، ويقال إنكم ميّزتم بين اللقاءين.
ـ أولاً لا تجوز المقارنة، الرئيس.. أي رئيس أو أي مسؤول، رئيس جمهورية، رئيس وزراء، وزير، هناك بروتوكولات تحكم الزيارة. الرئيس ميشال سليمان لم يأتِ إلى سوريا زيارة دولة. أنا عندما زرت زيارة دولة في فرنسا، استقبلوني بنفس الطريقة التفصيلية التي استُقبل بها العماد ميشال سليمان، لأن هناك تفاصيل، يزور مجلس الشعب، يزور البلدية، تفاصيل معروفة ليس لها علاقة بالحفاوة، لها علاقة بالاتفاق بين الدولتين، ما هو مستوى الزيارة، زيارة دولة؟ زيارة رسمية؟ زيارة عمل؟ أما العماد ميشال عون فلم يأت بصفته مسؤولاً لبنانياً رسمياً في الدولة، هو عضو مجلس نواب، ولكن بنفس الوقت هو زعيم معارضة، والأهم من ذلك الإشارة التي أرادت سوريا أن ترسلها لأن هذا الشخص كان له دور أساسيٌ في اتفاق الدوحة، لأن المعروف بأن العماد ميشال عون وافق وكان أساساً في الموافقة على ما حصل في اتفاق الدوحة وفي مقدمته مجيء الرئيس ميشال سليمان. فهذا ليس حالة سائدة في السياسة اللبنانية أن يقوم شخص بالتخلي عن مصالحه الشخصية لصالح المصلحة الوطنية، فعلينا أن نقدّر دور العماد ميشال عون في اتفاق الدوحة، هو قام بشيء وطني ولولاه لما كان مرّ اتفاق الدوحة، وعلينا أن نقرّ بهذا الشيء، فكان التكريم من هذا الجانب.
أما الجانب الثاني، فهو قد أتى كزعيم مسيحي مشرقي، وهو أعلن نفسه زعيماً مسيحياً مشرقياً، وإذا عدتِ إلى حفاوة الاستقبال فقد كان لها علاقة بهذا الجانب المسيحي المشرقي، أما لو كان رئيس جمهورية، فلم يكن ليقوم بجولة على الكنائس في سوريا. أردنا نحن في سوريا أن نظهر بأننا نتعامل مع شخصية عندما خاصمت سوريا خاصمتها بوضوح، وعندما صادقت سوريا صادقتها بوضوح وهذا كان محل تقدير الشعب السوري، وإذا لاحظتِ الحفاوة التي كانت موجودة، كانت حفاوة شعبية غير منظمة، تستطيعين أن تأتي بالأشخاص إلى الشارع لكن هل تستطيعين أن تجبريهم على الابتسامة والفرح. في لبنان يحاول البعض تحوير بعض الحقائق خارج إطار المنطق، أي أن الخلاف في الرأي شيء وقلّة الأخلاق في التعاطي شيء آخر.
÷ لم نتعوّد في سوريا أن نرى ظاهرة وحفاوة دينية، أكانت مسيحية أم مسلمة، على اعتبار انكم دولة علمانية، ولذلك كان مفاجئا إعطاء الطابع المسـيحي المشرقي للزيارة؟
ـ هذا فهم خاطئ للمصطلحات، لأن العلمانية لا تعني استبعاد الأديان، بل تعني حرية الأديان. ونحن أردنا أن نظهر حرية الأديان كجزء من علمانيتنا وليس العكس. ما رأيتيه هو تماماً جزء من علمانيتنا وليس العكس، فلذلك نحن نختلف مع الكثيرين في تفسير المصطلحات. بالنسبة لنا هذه هي علمانيتنا. لكن لا يهم أن يكون هذا مفاجئاً أم لا، المهم بأن هذه هي الرسائل التي أرادت سوريا أن تنقلها وأولها التقدير للعماد ميشال عون للأشياء التي قام بها تمهيداً لاتفاق الدوحة، ونحن لم نكن نعرف العماد ميشال عون، ولذلك نستطيع أن نكرمه بدون أن يدّعي أي شخص بأن العماد ميشال عون هو دمية سوريا أو أنه يقوم بتنفيذ أجندة سوريا. ونحن كنا على خلاف معه، وهو أكثر شخص اختلف مع سوريا.
÷ ولكن أيضاً حول هذا التكريم، البعض اعتبر أن هذا استمرار في ما كانت تقوم به سوريا من إعطاء دور لمعارضين داخل كل الطوائف، أي أنكم بكل طائفة وفي كل حزب شجعتم أن يكون هناك عدة أطراف، أنتم لستم مع زعامة مطلقة، أو هكذا فُسِّر على الأقل في بيروت، أنه للمسيحيين أكثر من رئيس جمهورية، زعيم، حزب….
ـ لو لعب أي واحد من هذه الزعامات، وأغلبهم له علاقات جيدة مع سوريا، نفس الدور الذي لعبه العماد ميشال عون في مرحلة اتفاق الدوحة، لقمنا بنفس الشيء. نحن لا يوجد لدينا مشكلة، وكنا أحراراً مع العماد ميشال عون لأننا كنا على خلاف معه، لو قمنا بهذا الشيء لشخص قريب من سوريا، لاتُّهم بشتى الاتهامات. لكن العماد ميشال عون لا يستطيعون اتهامه.
÷ تم اتهامه، بكل الأحوال.
ـ في لبنان يحصل كل شيء. ولكن أنا أتحدث عن الاتهام المنطقي وليس أي اتهام.
هنا اخطأنا
÷ قلتم إنه في التسعينيات كان هناك تراكم أخطاء. هل نستطيع أن نعدّد هذه الأخطاء التي حدثت حتى عام 2004؟ قلتم إن أحدها هو التعاطي مع المسيحيين؟
ـ لا، أنا قلت بالمبدأ العام، بأننا بنينا علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى. ثانياً غرقنا في التفاصيل اللبنانية أكثر مما يجب. ثالثاً الطائف كان يتحدث عن إلغاء الطائفية، كان من المفترض أن يكون أساس علاقتنا مع لبنان هو تنفيذ المراحل المطلوبة بعد الطائف، بدل الغرق في تقاسم الحصص بين اللبنانيين.
÷ قلتم سيادتكم بنينا علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى، البعض يأخذ عليكم حتى اليوم في الموضوع المسيحي أن هذه المعادلة تتكرر، أي بناء علاقات مع قوى على حساب قوى أخرى، مثلاً العلاقة مع العماد عون، هناك شخصيات وطنية مسيحية، لم تخل في يوم من الأيام في العناوين الكبرى لها علاقة بلبنان وسوريا والمنطقة.
ـ لا، هناك فرق كبير في المقارنة، في ذلك الوقت كنا موجودين في لبنان، وكان بيدنا مبادرة أكبر، وهامش مناورة أكثر لكي ننفتح على كل القوى، وحاولنا ذلك، ولكن كان هناك بعض الأبواب تُفتح وتغلق وكانت هناك حالة تردد، أي كان هناك وضع مسيحي معين كان يؤدي إلى أن العلاقة مع سوريا فيها تهمة. الآن أصبحت سوريا خارجاً، والمبادرة أقل، ولكن بنفس الوقت نحن أبوابنا مفتوحة، الآن مطلوب من الجانب اللبناني الذي يريد أن يفتح علاقات مع سوريا أن يتحرك، لأن سوريا أبوابها مفتوحة، أي الفرق كبير بين أن تكون موجوداً في لبنان أو بين أن لا تكون موجوداً.
جنبلاط ومعايير العلاقة
÷ الأبواب مفتوحة بدون تحفظ لأية شخصية لبنانية؟
ـ الرئيس الاسد: نحن لدينا أسس في العلاقات، أن يكون الشخص مثلاً لا يؤمن بلبنان عربي، أو أن إسرائيل ليست عدواً؟ أو لا يدعم المقاومة؟ لا، لا نتعامل معه. نحن مواقفنا واضحة، كل شخص يشاركنا المواقف المعلنة لسوريا سياسياً، لا يوجد لدينا مشكلة معه. كل شخص نختلف معه، ربما يكون هناك حوار بهدف إقناعه بما نعتقد، هذا بديهي.
÷ هل تسري قاعدة الأبواب المفتوحة مثلا على النائب وليد جنبلاط، وهل من محاولة إعادة نظر بين الجانبين بالعلاقة التي مرت خلال السنوات الأخيرة ؟
ـ نحن نتحدث عن مبادئ، والمبادئ تقول بأن أي شخص يشارك سوريا مبادئها ويؤمن بالعلاقة السورية اللبنانية وليس العلاقة المصلحية، العلاقة الثابتة وليس المتذبذبة، المبنية على أسس معينة، دعم المقاومة وليس ضرب المقاومة، الوقوف ضد إسرائيل، أي شخص يؤمن بشكل فعلي بهذه المواضيع، يسري عليه هذا الموضوع، وبغض النظر عن الأسماء، لا يوجد استثناء. هذه هي المعايير. إذا كانت تنطبق عليه فالأبواب مفتوحة، وإذا كانت لا تنطبق عليه فالأبواب مغلقة.
÷ في الفترة الأخيرة هو يبعث رسائل شبه يومية ابتداء من سوريا وصولاً إلى إيران، طبعاً ناهيك عن المقاومة..
ـ أنا أعطيتكم المعايير وأترك القياس لكم. والبوابة الحقيقية هي المبادئ والأسس التي نعمل وفقها، نحن لا نعمل وفق مزاجيات، لا مزاجياتنا ولا مزاجيات غيرنا.
÷ هناك موضوع خطير وحساس جداً هو ملف اغتيال رفيق الحريري، وكل ما صدر عن سوريا في هذا المجال مقتضب ومرتبك أحياناً وغير محدد تماماً. اليوم وبعد أربع سنوات من تلك الجريمة، هل أصبح لديكم ملف واضح عن الجريمة وتفاصيلها؟ ومن وكيف والظروف؟ غير الاستنتاجات السياسية؟
ـ من الناحية الأمنية لا يوجد لدينا أية معلومة عن الموضوع، وكان هذا مجال التعاون بيننا وبين لجنة التحقيق، طلبوا كل المعلومات ونحن تعاونا، ولكن لا يوجد أية معلومة لها علاقة، لأننا بالأساس نحن خرجنا مباشرة بعدها من لبنان، وانقطعت العلاقات بيننا وبين كل الجهات اللبنانية رسمياً، فلا تستطيع أن تقوم بعملية بحث عن المعلومات، أو تحقيق مبدئي بدون علاقة مع أجهزة لبنانية. فعلياً، لا، لا يوجد لدينا أي شيء، وأعتقد أنه حتى الأجهزة الصديقة والشقيقة لا يوجد لديها أي معلومات.
÷ عند اغتيال الحريري هل كان يجب اعلان مسؤولية معنوية عن الاغتيال باعتباركم كنتم سلطة موجودة، عسكر وأمن في لبنان؟
ـ لا، هذا الكلام خطأ. بأنه كان علينا أن نعلن المسؤولية، لا نعلن مسؤولية نحن لا نحملها. مسؤوليتنا ليست حماية الشخصيات اللبنانية ولا الحفاظ على الأمن في لبنان، وإنما مسؤولية القوات السورية كانت حماية لبنان من التقسيم ومن الحرب الأهلية ودعم الأجهزة اللبنانية الموجودة، من جيش، شرطة، أمن، كانت مهمتنا دعمها وليس الحلول محلها، فمن الخطأ أن نتحمل مسؤولية لا نحملها.
÷ ولا حتى معنوياً؟
ـ ولا معنوياً أبداً، هناك مسؤولية حرفية. ما المقصود بالمسؤولية المعنوية؟ ما هو تفسيرها قانونياً أو فعلياً؟
÷ لأن الأمن السوري كان موجودا في كل شيء في لبنان؟
ـ في سوريا لا تعرف المخابرات كل شيء، وقد حصل اغتيالات وتفجيرات خلال السنوات الماضية. لا يوجد جهاز أمن يعرف كل شيء في بلده. فكيف في لبنان؟ كانت مهمة الأمن السوري حماية القوات السورية في لبنان التي كانت مهمتها كقوات مؤازرة الأجهزة المعنية وفعلياً الجيش اللبناني.
التعاون مع المحكمة
÷ هناك محكمة دولية أيضاً، أنتم أبديتم استعداداً للتعاون ما بعد فترة ديتليف ميليس التي كان لديكم ملاحظات عليها. هل ترون اليوم أن المحكمة مازالت محكمة مسيّسة وتخضع لاعتبارات سياسية؟
ـ لا يوجد لدينا دلائل، لا نستطيع أن نقول أنها مسيّسة أم غير مسيسة، ولكن نقول أنه لا توجد ضمانات في أي اتجاه، لا يوجد لدينا مؤشرات، لابد من انتظار مؤشرات فعلية، حقيقية، لكي نحكم، ولكن من المبكر أن نتحدث بذلك.
÷ الى اين قد تصل حدود تعاونكم مع المحكمة ؟
ـ حسب القانون السوري، أي مواطن سوري يخضع لسلطة القضاء السوري. فأي تعاون بغض النظر عن حدوده يخضع لأي اتفاقية بين المحكمتين، وأي اتفاقية يجب أن تأخذ بالاعتبار حقوق المواطن السوري، بكل بساطة، كيف؟ تقنياً هذا بحاجة لنقاش بين المختصين، ولكن لم يطرح علينا هذا الموضوع حتى الآن، أي نوع من التعاون لكي نقول ما هو من الناحية التقنية شكل التعاون، ولكن هذه هي المبادئ العامة التي تحكم التعاون بين أي محكمة خارجية والقضاء السوري وهذا الشيء ينطبق على المحكمة الدولية.
÷ هل ستسهّلون في هذا المجال؟
ـ لا توجد لدينا أية مشكلة. طبعاً، طالما أن حقوق المواطن السوري محفوظة بحسب الاتفاقية، لا توجد لدينا مشكلة.
÷ نسبة كبيرة جداً من اللبنانيين تؤمن بأن سوريا قتلت الحريري، حتى سعد الحريري أعلن أن سوريا اغتالت رفيق الحريري، وكل الناس يعتقدون أن المحكمة ذاهبة بهذا الاتجاه، عندما قالوا رؤساء الدول ومسؤولين، من الواضح أنكم انتم المعنيون. ماذا تقولون لهؤلاء اللبنانيين؟
ـ اولا الاتهام يُبنى إما على الدليل أو على المؤشرات، فإذا لم يكن هناك دليل، ننتظر التحقيق حتى يحضر دليلاً، لكن المؤشرات، ما هي المؤشرات؟ هل كان عدواً؟ هل كان خصماً؟ لماذا يُقتل من قبل سوريا؟
÷ يقولون إنه القرار 1559؟
ـ أنا قلت لكم أن هذا القرار كان بين شيراك وبين بوش، أي أنه خيار دولي ولم يكن خياراً لبنانياً، تماماً كهؤلاء الذين يقولون نحن كنا وراء قانون محاسبة سوريا. لم يكن أحد وراء هذا القانون، ولو بذل مجهوداً لم يكن أحد وراءه. فلا يأتي أحد ليقول أنه كان وراء القرار 1559، هذا قرار دولي، كان صراعاً دوليا، فهذا الكلام غير صحيح. يقولون إنه كان وراء 1559 وهذا يعتبر اتهاماً للحريري وذلك فيه إهانة له. ليس لاحد علاقة بالقرار 1559 من الناحية الفعلية، هو فكرة خارجية.
÷ أي أنه ليس لديكم سبب لقتل الحريري كما تقولون؟
ـ إذا كان أصعب شيء بالنسبة له هو التمديد، فهل وقف هو ضد التمديد؟ بعد ذلك أصبح مع التمديد، وكان يقول إن الرئيس شيراك غضب منه لأنه سار بالتمديد، أي أنه مشى مع ما ترغب به سوريا ضد إرادة القوى الأخرى، فأين هو المنطق؟ يجب أن يكون هناك القليل من المنطق على الأقل.
÷ ماذا عما يُحكى عن لقاء متوتر وأنه خرج من عندكم ..
ـ لا، كل ذلك غير صحيح. أنا عندما ألتقي مع شخص بشكل رسمي أتعامل ضمن أسس رسمية، لا أبني علاقاتي على الأساس الشخصي، العلاقات الشخصية أدعها في المنزل، فأنا أتعامل معه على أنه رئيس وزراء وأنا رئيس جمهورية، أتعامل بهذا المنطلق الرسمي، لا يوجد عواطف شخصية، توتر أو عدم توتر، هناك مواقف واضحة، مواقفه من المقاومة كانت واضحة، هل وقف يوماً ضد المقاومة؟ هل وقف ضد عروبة لبنان؟ هل وقف ضد العلاقات السورية؟ لا بد لهم أن يقدموا مؤشراً منطقياً، هم يقولون سوريا، لماذا سوريا؟ لم يقدموا لنا أي مؤشر منطقي لهذا الموضوع، لذلك نحن لم ندخل في جدال.
÷ بالمقابل، سوريا لم تبرر نفسها كفاية باعتبار أن كل شيء كان من مسؤولية سوريا، وأنها كانت مسؤولة عن كل ما في لبنان ومن فيه؟
ـ هذا الكلام غير منطقي، ولا يعني أن سوريا تتحمل مسؤولية أمن كل شخص، لماذا لم يتم تحميل سوريا مسؤولية اغتيال إيلي حبيقة؟ هناك شخص من حزب الله وضعوا قنبلة بسيارته، لماذا لم تتهمونا بقتله؟
÷ من كان المستفيد من توظيف الاغتيال في وجهكم، كيف انقلب الحلفاء فجأة وأصبحوا يستفيدون؟
ـ لا تنس أنه كان هناك جو يُحضّر، الموضوع بدأ في 2003 كما قلت، حتى الجو في لبنان بدأ بالتغيّر في نفس العام وليس بعد، ليس بالقرار 1559، كانت محضَّرة ومهيأة وكان هناك عمل مستمر.
÷ الاغتيال جاء كمحطة دفع لهذا الموضوع…
ـ تماماً، وتم تسويق الاغتيال خلال دقائق، وخلال دقائق كانت سوريا متهمة.
÷ هل لديكم تقدير في السياسة من قتل رفيق الحريري؟
ـ لا، هذا موضوع جنائي. إذا لم يكن لديك دليل جنائي، فالتقدير السياسي ليس له قيمة، نحن لا نعرف خلفية العملية لكي نقدّر سياسياً.
÷ تحدثتم عن هدفين لهما علاقة بوحدة لبنان وتحريره، هل هناك مقاربة استراتيجية سورية للعلاقة مع لبنان اليوم وفي الغد؟ ما هي عناوين هذه الاستراتيجية؟ ثانياً هل موضوع سوريا ووجودها العسكري في لبنان اليوم وغداً هو جزء من هذه الاستراتيجية؟
ـ لا، بالعكس، طالما بدأنا بالانسحاب قبل كل هذه الظروف فنحن مقتنعون بأن القوات السورية لا يجوز أن تبقى، وأنا في أول مقابلة تلفزيونية لي بعد الرئاسة في عام 2001 قبل ذهابي إلى فرنسا مع التلفزيون الفرنسي، سألني المذيع متى تنسحب القوات السورية من لبنان؟ فقلت له أن المكان الطبيعي لأي قوات عسكرية هو في أراضيها. هذا الكلام كان في 2001 لم يكن هناك ضغط دولي وكنا في كل مؤتمر صحافي مع رئيس يقول أن الوجود السوري في لبنان ضروري. فمع ذلك أنا كان لدي قناعة بسحب القوات السورية من لبنان.
÷ الآن يمكن أن يبدأوا بالقول ذات الشيء، إنه ضروري….
ـ لا، وجود القوات العسكرية له ظرف مثل ظرف الحرب الأهلية، أما الآن لا أرى في لبنان أي ظرف يستدعي وجود أية قوات عسكرية، هناك جيش لبناني قادر، هناك مؤسسات لبنانية قادرة ضمن حد معين أن تقوم بواجبها، ولبنان تمكن في عام 2000 من تحرير نفسه، فإذاً لبنان نضج بهذا الاتجاه. الجيش اللبناني تمكن في مفاصل صعبة مر بها لبنان في السنوات الأخيرة، من أن يكون على الأقل المؤسسة التي توحد اللبنانيين. فإذاً لبنان ليس بحاجة لقوات عسكرية، فبالنسبة للبنان وبالنسبة لسوريا لا داعي للتفكير بهذا الموضوع.
÷ والاستراتيجية؟
ـ أولاً طالما قلنا في الأخطاء بأننا دخلنا في التفاصيل اللبنانية أكثر من اللازم، فمن البديهي ألا ندخل فيها، ونترك للبنانيين الدخول في التفاصيل اليومية بأي موضوع. النقطة الثانية هي التعامل مع المؤسسات اللبنانية، نحن الآن نتعامل مع كل المؤسسات اللبنانية، وكما تلاحظون فإن العديد من الوزراء في الحكومة اللبنانية الذين ينتمون لتيارات مختلفة في لبنان أتوا إلى سوريا، وإن نظراءهم من السوريين الذين ذهبوا إلى لبنان التقوا بنظرائهم الذين ينتمون إلى قوى أخرى أيضاً متنوعة، هذا الشيء مستمر. نحن بالنسبة لنا في سوريا اتخذنا قراراً بأن التعامل مع المؤسسات ليس له علاقة بالتفاصيل اللبنانية، طالما أن هناك حكومة تسمى حكومة وحدة وطنية، وهناك إجماع حول هذه الحكومة. فإذاً التعامل أولاً مع المؤسسات اللبنانية هو مبدأ أساسي بالنسبة لنا.
÷ وجود السفارة بالمعنى المؤسساتي هل له دور؟
ـ طبعاً السفارة مؤسسة، ومن الطبيعي أن تلعب دوراً، ولكن علينا أن نضع كل نوع من أنواع العلاقة وكل مؤسسة في حجمها الطبيعي، وفي إطارها. النقطة الثانية هي أن التعامل مع أي موضوع لبناني يمس سوريا يكون من خلال الإجماع اللبناني، أي موضوع لبناني سواء كنا نتفق معه أو نختلف معه، لا يوجد حوله إجماع أو يوجد حوله انقسام، لا تتعامل معه سوريا. ننتظر حواراً لبنانياً يؤدي إلى إجماع ويعلَن ونتعامل معه. هذه هي المبادئ الأساسية الآن للعلاقة مع لبنان.
دور الرئيس التوافقي، بهذا المعنى لديكم تقدير خاص لدور الرئيس ميشال سليمان في مجال تعزيز الحوار والاندفاع به؟
ـ لا شك أن دور الرئيس أساسي، ونحن بالنسبة لنا موقع رئاسة الجمهورية، خاصة بعد الطائف وتراجع الصلاحيات، لابد أن يأخذ بالمقابل دوراً معنوياً سياسياً أساسياً، وهذا الدور خاصة في هذا الظرف، هو دور توافقي، فأي عملية توافق حول أي موضوع، لرئاسة الجمهورية دور أساسي فيها. هذا كان الهدف من الدوحة، أن يأتي رئيس توافقي يقوم بعملية مصالحة حول القضايا الخلافية.
÷ هل يلعب الرئيس ميشال سليمان بتقديركم، هذا الدور؟
ـ يلعب أو لا يلعب هذا تقدير لبناني. لا أستطيع أن أقدّره من سوريا، ولكن نحن ندعمه في لعب هذا الدور. وقلت له منذ اليوم الأول نحن ندعم موقع رئاسة الجمهورية كما دعمناه سابقاً أيام الرئيس لحود وأيام الرئيس الياس الهراوي مع أن كل رئيس كان لديه صفات مختلفة عن الآخر، وربما توجهات مختلفة، لكن نحن ندعم الموقع، لأنه هو الأساس، وإذا لم تتمكن رئاسة الجمهورية من لعب دور أساسي، فهناك مشكلة في لبنان.
÷ إذاً بهذا المعنى أنتم تدعمون طرح الرئيس بقيام كتلة وسطية في لبنان.
ـ هذا موضوع يختلف، هذا موضوع لبناني لبناني، كتلة وسطية ومثل هذه التفاصيل نحن لا ندخل فيها.
÷ لا تتدخلون اليوم، ولا حتى للتقريب في وجهات النظر بين حلفائكم؟
ـ إذا طلب منا الطرفان أن نقرّب في وجهات النظر، سنساهم. ولكن حتى الآن لم يطلب منا أي طرف أن نقرب وجهات نظره من الطرف الآخر، وأعتقد بأن اللبنانيين أقدر على حل مثل هذه التفاصيل، لذلك لن يطلب أحد من سوريا، بحسب توقعي، أن تتدخل في هذا الموضوع، وهذا أفضل لنا ولهم.
÷ الشائعات في بيروت تقول إن بعض الاتفاقات مازالت تتم في سوريا في الشأن الانتخابي، وإن لسوريا دورا في الانتخابات في إنجاح فريق ولها مصلحة ربما استراتيجية في وصول المعارضة للأكثرية؟
ـ نحن نلتقي مع كل اللبنانيين ونتحدث معهم في كل شيء ونسمع آراءهم ونعطي آراءنا، وهذا الشيء طبيعي بالحوار، إلا إذا كان المطلوب من سوريا أن يكون لها فقط آذان وفم مغلق. نحن نتحدث ولكن لا نتدخل. بكل الأحوال التفاصيل تغيرت في لبنان، وهذه نقطة مهمة جداً، اليوم الخريطة السياسية تختلف عن الوقت الذي كنا فيه، ولو أردنا أن نتدخل في التفاصيل فلن يكون لدينا نفس القدرة على القيام بذلك كما لو كنا موجودين في لبنان.
÷ القدرة على التأثير؟
ـ لا، ليس على التأثير، بل على فهم التفاصيل بخريطتها الجديدة. هذه التفاصيل اللبنانية بحاجة إلى وجود يومي واحتكاك يومي وفي كل ساعة. الآن نحن نرى الخطوط العامة في لبنان، ولكن لا نستطيع أن نرى نفس التفاصيل كما كانت بنفس الأسماء، الأسماء تغيرت توجهاتها، التحالفات تغيرت بتفاصيلها الدقيقة، لا يمكن أن نفهمها ولسنا مضطرين إلى ذلك، لم يعد لدينا نفس الاهتمام كما كان سابقاً، وكما قلت إذا كان هذا جزءا من الأخطاء، فهل من الممكن أن نكرر نفس الأخطاء؟
÷ هل من الممكن أن تستمر العلاقات على هذا النحو، أي أن تتعاطوا مع لبنان فقط بالخطوط العريضة؟ خاصة وأنه خاصرتكم؟
ـ لا، نحن الآن، كما قلت، نتعامل مع لبنان الذي لم يندمل جرحه بشكل كامل، هناك جهات لا تريد العلاقة مع سوريا، وهناك جهات تريد العلاقة مع سوريا. فلا بد أن نترك مسافة بيننا وبين لبنان حتى يندمل هذا الجرح الذي هو جرح لبناني لبناني، بين اللبنانيين، ويتفقوا على شيء واضح، عندها سنقترب أكثر من لبنان، ولكن بالتوافق مع اللبنانيين. أما أن تبقى سوريا بعيدة، لا يمكن. فلبنان وسوريا بلدان متجاوران، والتفاصيل يومية بينهما، بالمحصلة لا بد أن يكون هناك تأثير متبادل بين البلدين، والشيء نفسه بين سوريا والعراق.
÷ هل يمكن تصوّر سوريا بدون نفوذ في لبنان سياسياً؟
ـ لا، لا يمكن أن تتصور بلدين بعلاقة طبيعية متجاورين بدون نفوذ متبادل، هذا ش