صدى الناس

هل يعتبر باعة الفول المدمس و الحمص من تجار الحروب ؟

ربما يعتبر البعض ان هذا العنوان من قبيل المزاح ،فبائعي الفول محببين عادة و قريبين من قلوب الناس ، لانهم يقدمون لقمة شعبية طيبة بأسعار مناسبة للجميع و للدراويش خاصة .
و لكن أليس تجار الحروب هم من يستغلون الظروف لاستغلال الناس و خاصة الضعفاء و الفقراء منهم .
بدراسة بسيطة لتكلفة الفول و الحمص مع اسعار مبيعه الحالية نكتشف أن هناك استغلال غير مسبوق تبلغ فيه نسبة الربح أكثر من تسعمائة بالمائة .
لو كانت هذه المادة كمالية و رفاهية فلا بأس و ليدفع من يريد الترفه ضريبة رفاهيته هذه في هذه الظروف .
و لكن الفول و الحمص في زماننا صارا غذاء رئيسيا للفقراء و متوسطي الدخل بل مرتفعي الدخل " سابقا " في زمن تساوت فيه الاوضاع المادية للجميع .
يقول فوال مشهور بحلب " اللي بيشارك المي ما بيخسر "
سعر الكيلوغرام الواحد من الفول اليابس حوالي 120 ل س ( كان سعر الكيلو غرام قبل الازمة 40 ل س ) و بعد نقعه لمدة سبع ساعات بالماء ثم وضعه على نار متوسطة حتى يسخن الماء ثم تخفيض النار تحته لأدنى درجة و اضافة بعض " الكربونات " إليه لمدة ساعتين يكون قد بلغ ثلاثة او اربعة أضعاف وزنه و صار جاهزا للبيع .
أي بكلفة 130 ل س " فول زائد غاز للتسخين زائد كربونات لتسريع السوي " للكيلوغرام الواحد ينتج لدينا اربعة كيلوغرامات فول مسلوق ، أي كلفة الكيلو غرام الواحد فول مسلوق حوالي 27 ل س.
ملعقة الفوال الكبيرة التي تسمى " جمجاية " تأتي بمقاسين " 8 و 10" و حاليا يعتمد الغالبية مقاس " 8" و تباع " الجمجايتين " بمائة ليرة سورية و هما بوزن ربع كيلو غرام كحد أقصى ( كانتا تباعان قبل الازمة بعشرين ليرة سورية )
أي تبلغ كلفتهم سبعة ليرات ( يضاف اليهم قليلا من الماء مع ملح الليمون و رشة كمون و ملح و سن او سنين ثوم )لتصل الكلفة لعشر ليرات و لكنها تباع بمائة ليرة سورية .
أما ان اردت معهما قليلا من الطحينة لتكون فولا بطحينة فالامر يستلزم اقل من ملعقة طحينة محلولة بماء و حمض الليمون بكلفة تقل عن عشرة ليرات ( سعر كيلو الطحينة 700 ل س ) ليصير سعر الفول مائة و خمسين ليرة .
اي استغلال اكبر من استغلال مادة غذائية شعبية بتكلفة خمسة عشر ليرة لتباع بمائة و خمسين ليرة ؟
اما صحن الفول الذي يباع في المطاعم بمائة و خمسين ليرة فلا يكلف مع الخبز و البصل و الزيت سوى ثلاثين ليرة .
أما الحمص فالاستغلال بذات النسبة ، فسعر كيلو الحمص " الحب " يقارب سعر الفول ، و بعد نقع كيلو الحمص بالماء يصير وزنه ثلاث كيلوغرامات و مع قليل من الطحينة للثلاث كيلوغرامات بوزن خمسين غرام و طحنه بالخلاط يصير ما كلفته مائتي ليرة بسعر تسعمائة ليرة .
يباع كيلو الحمص حاليا بثلاثمائة ليرة و كلفته الفعلية سبعون ليرة .
طبعا ذات الامر بالنسبة للفلافل فتكلفة القرص الواحد ليرة سورية واحدة( بعد دراسة مشابهة للدراسات اعلاه ) ليباع بسبع ليرات او بعشر في محلات أخرى .
و همس لي احد الباعة ان صندويشة الفلافل هي الاكثر ربحا ، فلا تكلف الواحدة ما يزيد على الاربعين ليرة لتباع بمائة و خمس و عشرين ليرة .
طبعا يضاف الى التكاليف أجور العمال و آجار المحل و غيرها من مصاريف و لكنها ان توزعت على كلفة الكيلو الواحد للفول او الحمص لم تبلغ شيئا .
يبدو ان ارباح هذه المهنة ما زالت مخفية ، و رغم تكاثر محلات الفول و الحمص و الفلافل في الآونة الاخيرة لكن الاسعار لم تنخفض رغم وجود المنافسة .
كل مواطن يستطيع صنع الفول و الحمص و الفلافل في بيته بفارق سعر هائل عما يبيعه المستغلون في المحلات .
كفى استغلالا للدراويش ،رفقاً ، و الله كلنا استوينا و بدون كربونات …

بواسطة
المحامي علاء السيد
المصدر
صفحته الشخصية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى