مقالات وآراء

مقاعد الدراسة .. بقلم الإعلامي أحمد دهان

ماأجمل تلك اللحظات التي كنا نستيقظ فيها من الصباح الباكر .. أغسل وجهي وأمشط شعري ،
ريثما تكون أمي قد أعدت لي ملابسي ، فأحضن دفاتر مدرستي وأفتح الباب مغادرا" إليها دون أن أودع أهلي ..
أتوجه إلى هناك .. حيث يوجد الوطن .. حيث يوجد العلم .. وتوجد مقاعد الدراسة ..
أستمع بصحبة أصدقائي لمحاضرة قيمة ، إحداها في المحاسبة والأخرى بالإدارة وثالثها في الاقتصاد .. وهكذا تتالى علينا المحاضرات بين مدرس ومدرسة ..
كنا ننتظر أوقات الفراغ بفارغ الصبر ، لنسترق وقتنا بين اللعب والمزاح وقصص حاراتنا النقية .. نتأمل معا" ونتألم معا" .. لا .. لا .. كنا لانتألم إلا عند سماع النتائج ..
ماأجمل تلك اللحظات التي قضيناها نحن الأربعين صديقا" بشعبتنا الصفية ، عشنا فيها ساعات وساعات أكثر مما كنا نعيشه مع عائلتنا ، فعلا" كانت مدرستنا بيتنا الثاني ..
على تلك المقاعد الدراسية الخشبية كتبنا أحلى ذكريات ورسمنا طيور وقلوب الحب .. على تلك المقاعد كانت كتبنا ودفاترنا تسجل وترسم مستقبلنا ..
ومضت الأيام والسنين ، أصبحت تلك اللحظات في ذاكرتي منذ عشرة أعوام أو حتى أكثر من ذلك .. وها أنا اليوم بعد كل هذه السنين أتذكر ماكتبناه أنا وزملائي على مقاعد الدراسة وأتذكر أيام المعسكرات والمخيمات الشبابية ، وحملات التبرع بالدم … صحيح أين هو الآن دمي الذي تبرعت به منذ عشرة أعوام !؟
بدأت صور الذاكرة تدور أمام عيني ، لحظات من العمر لاتنسى .. سارعت إلى جوالي لأحاول الاتصال بأصدقائي الأربعين الذين قضيت معهم أجمل لحظات عمري ، وباعتبار أني مازلت أفتش عن وطن آمن بين بلاد العرب توقع صعوبة بلقاء الأصدقاء ..
بحثت عن الأول لأجده عبر الفيس بوك وهو نازح إلى تركيا ، أما الثاني فهو في مصر ، والثالث بإمارة دبي .. هذا لايعقل لابد أن أجد أحدا" مايزال بسوريتي يطمنني عليه ..
اتصلت بنذير فأنا أيقن بأنه لايمكنه أن يغادر سورية ، أجب أخوه ليبشرني باستشهده فقد حرق هو مع مجموعة عمال بمعمل أبيه بالمدينة الصناعية ، أما سامر فبعد عدة محاولات وصلني نبأ خروجه من المنزل ولم يعد حتى الآن ..
محاولات ومحاولات ولا أعرف حتى الآن ماهو مصير باقي الأربعين إذا كانت هذه عينة عشوائية من أصدقاء جمعت معهم مقاعد الدراسة وفرقنا الزمان .. أما مقاعد الدراسة فقد حرقتهم نيران الأزمة السورية ومسحت من ذاكرتنا كل اللحظات الجميلة .. تحياتي العميقة لأصدقاء وأخوة مقاعد الدراسة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هي انا سافرت مين بقا الو نفس يعيش و يشوف هل الدمار قدام عينو اخ عم يقتل اخوه قدام عيونك ااااااااااه بس بشرفي قلبي محروق من جوا ع تراب حلب و مداريس حلب و شعب حلب و اسواق حلب

زر الذهاب إلى الأعلى