ثقافة وفن

أسرار اللحظات الأخيرة في حياة الفنانة وردة الجزائرية

بعد دقائق قليلة من إعلان خبر رحيل الفنانة الكبيرة وردة، كان المئات يقفون أسفل العقار رقم 67 في شارع عبد العزيز آل سعود، في منطقة
المنيل بالعاصمة المصرية القاهرة، ليتأكدوا من الخبر، وليحاولوا إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها بعد مشوارها الفني الطويل.
وعلم أن الوفاة حصلت نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية تبعته سكتة قلبية، وكما أكدت لنا السيدة نجاة رفيقتها الدائمة، والمقيمة معها منذ سنوات، فإن وردة قبل الوفاة بدقائق قامت من فراشها وذهبت الى الحمام الخاص بها في حجرتها، وأثناء دخولها اصطدمت قدماها بالباب فشعرت بحالة من عدم الوعي، ونادت على نجاة، وفي لحظات قليلة سقطت وردة على الأرض فاقدة الوعي والقدرة على النطق والتنفس، فسارعت نجاة الى الاتصال بأحد الأطباء الذي جاء ليؤكد وفاتها.
كانت السفارة الجزائرية في القاهرة أول جهة علمت بخبر وفاة الفنانة الجزائرية وردة، فانتقل السفير ندير الغرباوي وبعض مسؤولي السفارة الى منزل وردة، وبعدها بدأوا الإجراءات الخاصة بنقل جثمان الراحلة الى بلادها الجزائر، وذلك عقب وصول أوامر من الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة بإرسال طائرة خاصة الى القاهرة تحمل ابنها رياض لنقل الجثمان لكي يودعه عشاقها في الجزائر.
كانت الفنانة نبيلة عبيد أولى الفنانات اللواتي وصلن الى مسكن الفنانة وردة عقب انتشار خبر وفاتها، وكانت في حالة انهيار بسبب العلاقة الوثيقة التي تربطها بوردة، أقرب صديقاتها في الوسط الفني. ومن شدة تأثرها برحيل وردة لم تستطع نبيلة البقاء طويلاً وغادرت المكان بعد دقائق معدودة.
كما توافد عدد آخر من الفنانين، أبرزهم الماكيير محمد عشوب وابنه، والملحن هاني مهنا والموسيقار وجدي الحكيم والفنانة فيفي عبده وابنتها عزة، والمطربة غادة رجب والمنتج محسن جابر صاحب شركة عالم الفن.
وقال الملحن هاني مهنا عقب وصوله الى منزلها: ‘أعزي العالم العربي وجميع المستمعين العرب بفقدان الفنانة القديرة وردة الجزائرية التي أسعدت الجمهور العربي كله بصوتها وأغنياتها التي ما زلنا نعيش عليها حتى يومنا هذا’.
وأضاف: ‘أحمد الله على أن الفنانة وردة فارقت الحياة وهي في بيتها على فراشها، ولم تتعرض لمرض أو آلام تجعلها تتنقل بين المستشفيات وتتعذب، مثلما حدث مع عدد كبير من الفنانين خلال رحلات شقائهم مع المرض. وأحب أن أشكر السفارة الجزائرية لموافقتها على عدم نقل جثمان المطربة الراحلة الى الجزائر إلا بعد أن يصلي عليها المصريون الذين أحبوا صوتها وغناءها، صلاة الوداع، فوردة كانت أكثر الفنانين عشقاً لمصر، وكانت ترفض أن تترك مصر حتى في أسوأ الظروف’.
أما المطربة الشابة غادة رجب فتقول: ‘رحيل وردة كان صدمة قوية لي، فلا يعلم الكثيرون مدى العلاقة القوية التي كانت تربطني بها، خاصة في الفترة الأخيرة، فقد ارتبطنا بشكل وثيق وكنت أرى فيها أمي في المجال الفني’.
تضيف غادة: ‘آخر لقاء جمعني بالمطربة العملاقة كان خلال إحدى حفلاتي في دار الأوبرا المصرية، ويومها دعوتها لكي تشاهد الحفلة في الأوبرا ووافقت وجاءت في موعد الحفلة، وفاجأتني بإرسال باقة ورد الى الغرفة الخاصة بي مكتوب عليها ‘حظ سعيد’، وعقب صعودي الى المسرح رحبت بها وغنيت لها أغنية ‘يوم وليلة’ وكانت وردة في غاية السعادة’.
واختتمت غادة كلامها بالقول: ‘وردة فنانة لن تعوض، ومن تعامل معها لا يمكن أن ينسى طيبتها وقلبها الحنون وحبها للخير’.
أما الموسيقار الكبير وجدي الحكيم فقال: ‘وردة رحلت عن دنيانا بعد أن أعطت مصر أغاني انتصاراتها العظيمة عبر تاريخها، وأعطت الوطن العربي أجمل أغاني الحب. وردة ظلت نجمة في جيلها ونافست جيلاً قبلها واستطاعت أن تصمد وتظل نجمة في جيل آخر، بل وحافظت على مكانتها بينهم’.
وأضاف: ‘فقدنا وردة في دنيانا، لكن ستبقى الذكريات الجميلة التي جمعتنا بها منذ مجيئها الى القاهرة، وعشقها لمصر حتى رحيلها. فوردة كانت تحب مصر بقدر حبها للجزائر، وكانت تقول دائماً ‘لا أشعر بالراحة إلا وأنا في منزلي بالقاهرة’. وآخر لقاء جمعني بالفنانة الراحلة كان بعد مجيئها من العاصمة الفرنسية باريس، حيث أُجريت لها بعض التحاليل الطبية، وكانت تشعر بالسعادة الغامرة لعودتها الى مصر مرة’.
أما الملحن صلاح الشرنوبي فقال والدموع تملأ عينيه: ‘علاقتي مع وردة تمتد لأكثر من عشرين عاماً، ولم تكن علاقة ملحن بفنانة، وإنما كانت علاقة صداقة إنسانية قوية، وحققنا معاً أهم النجاحات، وإمكانات صوتها الضخمة سمحت لي بأن أحقق أهم نجاحاتي كملحن. وأريد أن أؤكد لجمهورها أن عطاء وردة الفني لم يتوقف لحظة، بل كانت تأمل دائماً في تحقيق نجاحات أكبر. وأدعو الله أن يغفر لها ويشملها برحمته الواسعة’.
وقال المنتج محسن جابر، صاحب شركة عالم الفن التي أنتجت لوردة أغلب أعمالها الغنائية: ‘خبر وفاة الفنانة وردة صدمني، ولا توجد كلمات تعبر عن قيمتها الفنية، فهي فنانة عملاقة، وكانت حريصة في كل اختياراتها الغنائية على أن تطرب جمهورها، ولم تقدم طوال تاريخها الفني إلا ما تقتنع به فقط. ولذلك استحقت حب الجمهور واحترامه في كل مكان’.
أما الفنان صلاح السعدني فيصف وردة بأنها أكرم فنانة دخل منزلها، وقال: ‘شاركت الفنانة وردة في فيلم ‘ليه يا دنيا’، إلا أنها لا تمثل لي مجرد ممثلة شاركتها في فيلم، بل كانت زوجة رجل اعتبرته شقيقي وهو بليغ حمدي الذي عرفته في فترة شبابي، وكنا دائماً معاً. حتى أنني والمنتج المسرحي سمير خفاجي والإعلامي كامل البيطار كنا نسمي منزله ملجأ الأصدقاء، فكانت زوجته الفنانة وردة مثالاً للكرم ونموذجاً متميزاً للمرأة العربية’.
ويقول إيمان البحر درويش، نقيب الموسيقيين، إنه سيكرم اسم الفنانة الراحلة وردة، نظراً الى تاريخها الفني الكبير الذي أثرت به الحياة الغنائية في الوطن العربي، وأنه سيجتمع ببعض النقباء الموسيقيين العرب لدرس كيفية تكريمها بشكل يليق بها وبتاريخها الغنائي، فقد كانت من أكثر الفنانات احتراماً لفنها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى