علوم وتقنيات

دراسة تؤكد أن الوطن الأول للإنسان كان جنوب القارة الإفريقية

تمكن فريق من الباحثين في أمريكا من رسم أول خريطة لتتبع هجرة الإنسان الأول من القارة الإفريقية إلى بقية بقاع العالم بشكل مفصل وفريد من نوعه. وبحسب الدراسة فإن الصفات الوراثية لدى سكان أوروبا تنقسم إلى ثمان مجموعات.
­استطاع فريق من الباحثين في أمريكا لأول مرة رسم خريطة لتتبع هجرة الإنسان الأول من قارة إفريقيا إلى بقية بقاع العالم بشكل مفصل وفريد حتى الآن. وحسب الدراسة التي نشرت نتائجها اليوم الخميس الماضي (23 شباط/فبراير) في مجلة "ساينس" العلمية فإن قارة أوروبا كانت المكان الثالث الذي نزح إليه الإنسان بعد أفريقيا والشرق الأدنى. ووجدت الدراسة، التي تعد الأشمل من نوعها حتى الآن، أن الصفات الوراثية للإنسان الأوروبي مازالت مميزة حتى يومنا هذا، إذ وجدوا على سبيل المثال أن هناك فروقا وراثية دقيقة بين سكان إقليم توسكانا شمال إيطاليا وبقية سكان إيطاليا. كما ثبت لدى فريق الباحثين بإشراف البروفيسور جون لي من كلية طب جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا أن اختلافا وراثيا يفصل بين سكان إقليم الباسك جنوب غرب فرنسا وبقية سكان فرنسا.

مقارنة الصفات الوراثية لدى مئات الأشخاص
وقام معدو البحث بمقارنة الصفات الوراثية لـ 938 شخصا لا تربط بينهم صلة قرابة من 51 مجموعة سكانية موزعة في أنحاء متفرقة من العالم. وبذلك ازداد يقين العلماء بأن سكان العالم نزحوا شيئا فشيئا مع مرور السنين من جنوب القارة الإفريقية إلى بقية دول العالم. ورأى الباحثون أن ترتيب هجرة الإنسان الأول كان في البدء من جنوب القارة الأفريقية إلى شمالها ثم إلى الشرق الأدنى ثم إلى أوروبا ثم إلى وسط وجنوب آسيا ومن ثم إلى جزر أوقيانوسية في المحيط الهادي ثم إلى أمريكا. وبحسب الدراسة فإن مجموعة من البشر كانت تنطلق من آخر منطقة استوطنتها لتهاجر لمناطق جديدة وتؤسس بها حياة. وأعد الباحثون شجرة جديدة لتتبع هذه الهجرات للمجموعات الجينية الواحد وخمسين التي حللوا صفاتها الوراثية والتي منها ثمانية أفرع في أوروبا، وهي: سكان توسكانيا، سكان جزيرة سردينيا التي تمثل إحدى أقاليم إيطاليا العشرين، وسكان إيطاليا، وسكان الباسك والفرنسيون والاسكتلنديون وجزر أوركني والروس، بما فيهم سكان أديجي في جنوب القوقاز.

مجموعات وراثية أوروبية كثيرة
غير أن العلماء يعتقدون أن المجموعات الأوروبية أكثر بكثير من ناحية تصنيف صفاتها الوراثية وذلك لأن الكثير من الأوروبيين لا يستطيعون تمييز أنفسهم وراثيا من خلال هذا التقسيم. كما تبين الدراسة أن السكان الذين يعيشون في أدغال جنوب القارة الإفريقية الذين ينحدرون من شعب البوشمن يأتون في بداية هذه الشجرة من أسفل. ولا يستبعد الباحثون احتمال وجود أكثر من 51 مجموعة وراثية ولكنهم اقتصروا على تحليل الصفات الوراثية لممثلين عن هذه المجموعات. وأقام الباحثون دراستهم على الفوارق الدقيقة في الصفات الوراثية لهذه المجموعات. ويكاد يكون ترتيب الجينات التي بلغ عددها نحو 3.2 مليار جيناً متشابها بشكل شبه تام باستثناء في بعض الحالات التي كشف فيها الباحثون عن بعض الأخطاء مما يعني أن إحدى الصفات الوراثية استبدلت بأخرى دون أن يكون لذلك أثر على ذرية هذه المجموعات. ولكن هذا التبدل أو الاختلاف يظل مصاحبا للمجموعات الوراثية التالية، ثم يتكون نموذج لهذا التتابع الجيني عبر السنين الطويلة.

وينتقل هذا النموذج مع أصحابه الحاملين له في هجرتهم مما يجعل من الممكن معرفة أصل أصحابه وأجدادهم والمكان الذي كانوا يعيشون فيه، فسكان آسيا على سبيل المثال لهم نموذج جيني مختلف عنه لدى الأوروبيين. وتزداد هذه الفوارق عن الأجداد الأوائل مع تزايد البعد الزمني والمكاني عن الوطن الأصلي في جنوب القارة الإفريقية.

المصدر
DW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى