مقالات وآراء

كاظم فاضل كتب لزهرة سورية :البحث عن أحياء بين أمواج السياسة

لا شك أن رحلة البحث عن أحياء بين أمواج السياسة في شرقنا المتخم بالهموم و الآلام و التناقضات ليست بالمهمة السهلة !؟
فالكثير من الأحزاب العربية .. لا يعرف أغلب المنضوون تحت لوائها أيّاً من أهداف تلك الأحزاب ..! ولا ما يميزها عن غيرها ..!
و يعود سبب اختيارهم لهذا الحزب دون غيره .. إمّا لأسباب عائلية
أو مناطقية .. أو تلبية لمصلحة شخصية ضيقة في أحسن الأحوال !؟
و هي أشبه ما تكون بالخضار البلاستيكية // لا طعم ولا رائحة لها //
و تأثيرها على ساحة العمل السياسي في البلدان التي تتواجد فيها يكاد لا يذكر ..!؟ وتحديد موتها من عدمه يبقى في ذمة الأيام.
هذا التوصيف ينطبق على كل الأحزاب العربية .. باستثناء مجموعة تأسست في النصف الأول من القرن الماضي .. لا يتجاوز عددها أصابع الكف الواحدة !
و هذه الأحزاب عانت من الانقسام والملاحقة و التطويق وإن في فترات زمنية مختلفة …. وجمع بينها على الدوام العداء لأميركا وإسرائيل ومن يقف معهما .
وبعد اكتشاف النفط في الخليج العربي في ستينيات القرن الماضي .. وتشكل ثروات طائلة بيد أمراء وملوك تلك الدول بات العمل السياسي في الشرق العربي أكثر صعوبةً ومرارةً ومشقّةً ؟؟
حيث سخّر هؤلاء الأمراء والملوك كل عائدات النفط ومشتقاته للحفاظ على عروشهم .. وبذلوا الغالي والنفيس لخنق و ذبح أي فكر أو حزب ينادي لحريّة العرب و وحدتهم .. أو يطالب بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة !
وبالتالي استنزفت هذه الأحزاب " العريقة " الكثير من طاقاتها وإمكانياتها وقواها بسبب تعدد ساحات المواجهة … إضافة لأسباب أخرى متداخلة لست بوارد بحثها الآن … ما جعلها و في كثير من الأحيان تجاهد للبقاء على قيد الحياة .. ولو بنصف رئة !؟
من غير أن يعني ذلك على الإطلاق .. عدم مسؤولية مؤيدي تلك الأحزاب عما وصلت إليه الحال .. من تكلّس و جمود وتيبّس في مفاصل الحراك السياسي والاجتماعي ..؟
فالحزب السياسي … هو مجموعة رؤى وأفكار و قيم وأهداف ومُثُل عليا … تبقى حبراً على ورق من غير الناس … وهم وحدهم من يضخّون في شرايينها دماء الحياة ؟ وهم وحدهم أيضاً من يفعلون نقيض ذلك !؟
من ناحية أخرى .. ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة تحدد نسبة أولئك المنخرطين بالعمل الحزبي بكل تلاوينه وأطيافه على الساحة العربية بشكل عام .. // باستثناء الدول الخليجية التي استبدلت الأحزاب بالعائلات المقدّسة الحاكمة // .. فإن هذه النسبة لا تتجاوز خمس عدد السكان على أبعد تقدير !؟
وهذا يعني أن الغالبية العظمى من الناس تعيش على " كوكبٍ "
خاصٍ بالحياديين !؟ .. أو المستقلين كما يحلو للكثيرين تسميتها ؟
وبسبب فهم أكثرية سكان هذا " الكوكب " للحيادية و العمل السياسي العام بشكل خاطئ … واعتبارهم هذا العمل شأناً خاصاً " بالمتحزّبين " .. تحوّلت هذه القوة الكامنة إلى ما يمكن تسميته مجازاً " بالآخذ العام " حتى في المنعطفات الكبيرة والصغيرة !!؟ وبما يناقض القاعدة المعروفة // من يقف على الحياد في موسم الزراعة .. عليه أن يفعل ذات الشيء في موسم الحصاد // .
فالحيادية و الاستقلالية لا تعنيان ولا بأي حال من الأحوال عدم المشاركة وتحمّل المسؤولية والمساءلة .. في كل القضايا وعلى جميع الصعد.
وكما أسلفت .. رحلة البحث عن أحياء بين أمواج السياسة في شرقنا المتخم بالهموم و الآلام و التناقضات ليست بالمهمة السهلة !؟
ففي الشرق .. لا يمتلك الأحياء قنوات إخبارية زاهية الألوان .. بهية الطلعة .. تعوم على بحار من النفط والدماء والأنين .. تُذهِبُ العقول بأخبارٍ" أميريّةٍ " سامّةٍ .. فائقة الفتك و السرعة !؟؟
في الشرق .. لا يزال سلطان الأناضول و" سفاحه " الجديد ؟ يراقبان ساحة المرجة الدمشقيّة وأختها في بيروت .. لإعادة الكرّة .. ونصب المزيد من أعواد المشانق لأحفاد .. شفيق مؤيد العظم .. والشيخ عبد الحميد الزهراوي .. و شكري العسلي .. و رفيق سلّوم .. و رشدي الشمعة .. و الأمير عمر عبد القادر الجزائري و سعيد فاضل عقل .. وعبد الغني العريسي .. و الشيخ أحمد طباره .. ومحمد الشنطي اليافي ….. و … و .. و !؟؟
في الشرق .. السماء تمطر ذهباً و ياقوتاً و رصاصاً .. " بإرادةٍ مَلكيّةٍ
ساميةٍ " ؟ بينما الأعين تبقى مفتوحة حتى أثناء النوم .. !؟ والشمس لا ترتاح .. إلا في الغياب …؟؟؟
في الشرق … الغلبة والحضور للماضي دائماً ..!؟؟؟ بينما الحاضر و المستقبل يدوران في فلكه بلا حولٍ ولا قوةٍ …!؟
في الشرق .. يزدهر النفاق والغدر والتناقض والرّشوة والانتهازية والأوهام والرياء والنميمة والازدواجية والمكر والعصبيّة والخداع والغش والتلوّن والكذب والخرافات والتجارة والشطارة والشعوذة والإدعاء ….. بينما الجميع يريد الحرية والإصلاح والقضاء على الفساد .. !!!؟؟؟
في الشرق .. تتبدل و تتغير الخطط والتكتيكات والنهايات والخطابات والبدايات والمبررات والحكايات والعداوات …. على مدار الساعة .. بلا كللٍ ولا ملل !؟؟
في الشرق .. ليس الأحياء وحدهم من يذهبون ويأتون … يأكلون ويشربون … يسمعون ويبصرون … ينامون ويصحون ..!!؟؟
في الشرق .. البسطاء والفقراء .. هناك دائماً من يتحدث نيابة
عنهم ولأجلهم ؟ .. وهو ما لا يجدونه عند استحقاق دفع الكلفة
والتبعات ..؟؟
وفي الشرق أيضاً .. يسألك ظلك ما الذي أتى بك إلى هنا أيها الغريب …؟

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. مع الاسف يا سيد كاظم فكل ما قلته صحيح ولا مكان لنا نحن العاقلون في شرقنا هذا الذي تحدثت عنه .. فنحن لم نعد على حافة الهاوية بل دخلنا في الهاوية والباقي علمه عند الله ..

  2. المشكلة يا صديقي أن التموت أصاب تفاصيلنا لدرجة يصعب معها الاصلاح لدرجة الاستحالة والتفكير بشيئ غير الاصلاح وكما نشاهد اليوم هو ربما انتحار جماعي لنا فحالنا اليوم كما أسلفت في مقالتك التي أعجبتني شخصيا كثيرا عبارة عن ماضي وفقط فلا أمل في مستقبل يقود مثل هؤلاء الذين تحدثت عنهم ..

  3. رغم كل ما يفعله هؤلاء العربان الاغبياء أصحاب القيمية التاريخية صفر 0000 فإن سورية ستبقى بوابة الشمس ولن يستطيع أحد الاقتراب منها أو مسها بسوء فدماؤنا التي سالت ستغدو اللعنة على هؤلاء المتآمرين

زر الذهاب إلى الأعلى