ثقافة وفن

(جمالية الحكي) مقارنة بين النص الأدبي والصورة السينمائية

في كتاب جمالية الحكي للباحث أحمد القاسمي الصادر عن المؤسسة العامة للسينما نجد دراسة منهجية للفن
السابع بمكون الصورة والنص حيث يناقش الكتاب المعنون بجمالية الحكي العلاقة بين الصياغة اللغوية والمعالجة السينمائية سيميائية التواصل التي تبحث في الوسائل المستعملة في التأثير على الآخر.

في الفن السابع وفق منظور الكتاب هنالك نوعان للتواصل هما اللساني وغير اللساني فتتمثل الكلمة والصورة كأداتين للتأثير في الجمهور بينما في علم الدلالة نجد التواصل الجماهيري والأشكال الرمزية والثقافة هي المصطلحات العامة.

ويعرض الباب الأول من الكتاب أهم الاتجاهات السيميائية وما بينها من اختلافات في المنطلقات والرؤى فبعد أن يقدم نشأة المصطلح السيميائي وأصوله ومنطلقاته ومفهوم العلامة وعناصرها في بحث فلسفي محض يتجه نحو المدارس التي ترتبط عضوياً بموضوع البحث السينمائي.

وفي دراسة عملية لمصطلح (الحكي) يمايز الباحث بين الحكي في الأدب والحكي في السينما حيث أن الوسيط بين لغة الأدب المستندة إلى الكلمة ولغة السينما المعتمدة على الصورة يدفع الباحث نحو الخوض في تفاصيل ما هية الحكي.

يتجه الكاتب نحو التفصيل في دراسة الصورة السينمائية والنص الأدبي للبحث عن مضمون الكلمة والصورة في السينما فيقوم فيما بعد بالتفريق بينهما من منطق علمي وفني فالصورة تعرض مكوناتها أما الكلمة فتسردها بمعنى أنها تقولها ومن هذا المنطلق فإن الصورة لاتعطي الدلالة المباشرة للكلمة التي لا تقبل التأويل في الكثير من الأحيان أما الصورة فهي تعطي دلالات أخرى للمشهد ما يفتح باب التأويل والتفسير والاختلاف في معنى الصورة مقابل ضيق هذا التأويل في معنى الكلمة.

ويستند الكتاب إلى النظريات والمقولات الموضوعة في مجالي السينما والأدب فيعرض أهم البحوث التي ناقشت مسألة الكلمة والصورة والأثر المباشر والتراكمي ويصل اثر ذلك إلى مجموعة من القيم والمفاهيم والنتائج العلمية التي تبين الفرق بين المسموع والمرئي ويرد في الكتاب.. الكاميرا ترغم المشاهد في السينما على تبني رؤيتها وعلى التركيز على عناصر بذاتها وعلى النظر من زاوية دون غيرها وهي زاوية التصوير وعليه فإن العلامات لا تصدر من الممثل فحسب وإنما من خلال تدخل الكاميرا واللقطة.

ويرى الكاتب أن المكونين التواصليين الكلمة والصورة يصبان في خانة التعبير فالنص الأدبي يسرد الحكاية فيما يعمد الفيلم إلى عرضها وينتهي التدقيق المصطلحي إلى أن السرد يظهر بقدر موهبة الكاتب وفصاحته بينما العرض السينمائي يظهر بحرفية المخرج.

ويركز البحث في فصل أساليب الحكي السينمائي والأدبي وتقنياتهما على مصطلح الإبصار وهو الذي يميز العلاقة الرابطة بين ما تعرضه الكاميرا وما تراه الشخصية مميزاً حيث يرد هنا مصطلحان هما الإبصار الداخلي والإبصار الثانوي واللذان يدلان على الصورة المباشرة ومضمون الصورة حيث يخضع الإبصاران لهيمنة مخرج يفرض رؤيته للأشياء على المشاهد.

ويحاول القاسمي في كتابه الواقع في مئة واحدى وتسعين صفحة خلق جدلية مفهومية في التعامل مع فن السينما والخروج عن كلاسيكيات النقد الفني والأدبي ويعتمد على مبدأ المقارنة بين المصطلحات والدلالات وإخضاع ذلك لنظريات سابقة مستشهداً بالأمثلة والنصوص والصور التي تنتمي للفن السابع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى