ثقافة وفن

الفنانون الهواة.. عقد نفيس من المواهب الشابة ينتظر مزيداً من الدعم التقني والمعنوي

رغم ما يقدمه الفنانون الهواة في حقول الفن عامة والتشكيل على وجه التحديد من أعمال ابداعية ساهمت
بشكل أو بآخر بشهادة المتخصصين والنقاد في اثراء المتن التشكيلي السوري ورفده بالعديد من التجارب والرؤى الحداثية إلا أن أغلبية هؤلاء الهواة يعيشون بعيدا عن الأضواء هواجس البدايات ومعاناة الخطى الأولى في عالم يعطي الأفضلية تلقائيا لمن طالت مسيرته واتسعت تجربته في نأي نسبي عن المحاولات الدؤوبة لجيل من الشباب يعمل بإصرار على تثبيت بصماته ودفع الدفة الابداعية بدماء شابة.
هو قلق ابداعي ووجودي ما يجمع هؤلاء الشباب و يوحد تطلعاتهم نحو مزيد من الرعاية والاهتمام من قبل المؤسسة الثقافية الرسمية أولا نظرا لما يحتاجه المبدع من دعم مادي ومعنوي ربما تعجز عن توفيره الفعاليات الاهلية والشعبية و هو كذلك هم مشترك بين هؤلاء الهواة قليله ينهض بالموهبة وكثيره يغيبها وربما يقضي عليها الأمر الذي بات يستلزم الالتفات إليه حتى لا تنفرط حبات هذا العقد النفيس من المواهب الشابة.

وفي هذا الاطار أكد فريد رسلان رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في اللاذقية أن الاتحاد يعمل بصورة مستمرة على استقطاب الفنانين الشباب إلى الساحة التشكيلية من خلال فعاليات وأنشطة دورية على رأسها معارض خاصة بالهواة يتم من خلالها تعريف الجمهور بأعمالهم الفنية لتشجيعهم على مزيد من العمل الخلاق مشيرا الى ان مشاركة كل منهم في هذه المعارض تمثل خطوة أولى لقبول انتساب المميزين منهم الى نقابة الفنانين لاحقا.
وأضاف رسلان أن الأعمال التي تشارك في هذه المعارض تخضع عادة لدى انتقائها الى مجموعة من المعايير الفنية الدقيقة ليتم اختيار المناسب منها من قبل لجنة متخصصة تضم مجموعة من خيرة النقاد والفنانين الذين يقومون المستوى الفني بمصداقية عالية لتقديم كل ما يشكل إضافة حقيقية للتجربة التشكيلية المحلية في كل حقول الرسم و النحت و التصوير الزيتي و المائي وبالتالي تحفيز الخطوات الجديدة نحو مزيد من السعي و العمل.

ويتابع أن هذه الأنشطة و سواها من شأنها أن تدعم الجيل الشاب من الفنانين الى حد كبير وتفسح أمامهم فرصة غنية للاطلاع على تجارب بعضهم البعض كما للالتقاء بالنقاد المتخصصين ممن يواظبون على ارتياد هذه المعارض وتقييم الأعمال المعروضة و تقديم النصح و الخبرة لكل الشباب المشاركين كما تتيح هذه الانشطة الفرصة أمام الجمهور الذي عادة ما يقبل على هكذا فعاليات للاطلاع على كل ما يقدم و اطلاق الأحكام المبدئية على كل تجربة على حدة.

وذكر الناقد الفني وسام عبد الله أن ورش العمل و التدريب والمعارض التي تخصص لإبداعات الفنانين الهواة قد أضفت على المشهد الفني في اللاذقية أبعادا أكثر أهمية نظرا لما تقوم به هذه الأنشطة من إضاءة للنتاج الخلاق لهذه الشريحة و رفدها بالدعم اللازم كنواة لجيل فني مستقبلي.

وأضاف أن تجربة التواصل مع الهواة من خلال عدد من المشاريع الخاصة والأهلية في اللاذقية قد أعطت نتائج باهرة تجلى معظمها في معارض جماعية اتسعت أجنحتها و موضوعاتها و تقنياتها لتطول مختلف حقول الطبيعة و البورتريه والغرافيك إلى جانب عالم الحيوان و الحياة النباتية و الحالات الإنسانية المختلفة.

أما الفنان التشكيلي خالد فاضل فقد أشار إلى أهمية التجربة الفنية التي قادتها المقاهي الثقافية في اللاذقية عبر معارضها المستمرة و شكلت على مدى ثلاث سنوات تقريبا ظاهرة لافتة للانتباه استحقت الكثير من النقاش والحوار ولا سيما في اجتذابها لأسماء شابة و تجارب فنية جديدة.
وأوضح أن هذه الظاهرة استطاعت أن تشكل قفزة نوعية في الحراك الفني المحلي حيث شكل العرض في الأماكن العامة فرصة لاجتذاب جمهور أعرض بعيدا عن قاعات العرض المتخصصة و بالتالي توسيع قاعدة المعرفة العامة بالفنون البصرية بين فئات جماهيرية متباينة ثقافيا وخاصة في ظل ما يجمع عليه كثيرون من أن هذه الثقافة باتت إلى انحسار في ظل طغيان الفنون الإبداعية الأخرى.

ورأى الفنان الشاب عماد ناصر أن الانطلاق في الطريق الفنية يتطلب الكثير من الجهد و العزيمة و الصبر إلى جانب العمل المستمر على تطوير الثقافة البصرية والأدوات الفنية لإيصال الأفكار إلى الجمهور المتلقي وخاصة أن هذا الجمهور يتعرف اليها للمرة الأولى.

وأضاف ناصر أن كل فنان شاب يحتاج إلى الدعم و المؤازرة في بداية طريقه و هي مهمة تقع على عاتق الجهات الثقافية الرسمية والتي بإمكانها القيام بالعديد من المبادرات لاجتذاب المواهب الجديدة و فحص نتاجها الفني و تقييمه تمهيدا لطرحه في الساحة الثقافية أمام المتلقي الذي يستطيع فرز الغث من السمين و تصنيف الطاقات الحقيقية و المواهب الجادة في نهاية المطاف.

وذكرت التشكيلية الشابة ابتسام خدام أن المعارض الفنية التي تقيمها نقابة الفنانين ترفع من معنويات الفنان المبتدئ وتشكل حافزا له وخاصة الجماعية منها لانها تتيح المجال للتواصل بين الفنانين الشباب في الحقل نفسه و روءية أعمالهم وخاصة أن كل فنان صاعد يشعر دائما بنقص إمكاناته و أدواته إلا أنه و لدى الاطلاع على أمثاله من الفنانين الشباب يمتلك القدرة على معرفة العنصر الناقص في عمله.

وأضافت أن الشروحات النقدية التي يتلقاها الفنان من زوار المعرض تصقل شخصيته الفنية و تضيف لرصيده المعرفي المزيد من الخبرة مشيرة إلى أنها شاركت في معرض الفنانين الهواة الذي أقيم في إطار احدى دورات مهرجان المحبة السابقة و كان لهذه المشاركة انعكاس ايجابي على عملها اذ ضاعفت من ثقتها بنفسها لتنطلق بعد ذلك في عملها بصورة أكثر جدية و مسؤولية.

إلى ذلك أوضح الفنان الشاب شادي نصير أن المشهد التشكيلي في اللاذقية يفتقد إلى الكثير من الأنشطة التي ترفد الدراسة النظرية للمبتدئين و تمنح الشباب الهواة فرصة للاختبار العملي و قدرة على تطوير الأدوات الإبداعية لكل منهم مؤكدا ضرورة احتضان العديد من ورش العمل التي تلم شمل الشباب الموهوب لتقديم الدعم التقني لهم تحت إشراف و توجيه مباشرين من قبل الفنانين المخضرمين من أصحاب السيرة الابداعية الثرية.

واعتبر الفنان الشاب مصطفى عبد الهادي أنه من الملح جدا التواصل بين المبدعين الشباب في اطار فعاليات مشتركة تنظم خصيصا لهم ليستفيد كل منهم من تجربة الآخر الفنية وخاصة أنه يتشارك و إياه المخاوف ذاتها و التساوءلات نفسها حول كيفية المضي قدما و التعبير عن الحالة الابداعية التي يعيشها.

و لفت عبد الهادي إلى أن المعارض الجماعية التي تنظمها المؤسسة الرسمية تعتبر نافذة للفنان على الجمهور و ربما تكون النافذة الوحيدة ليطل من خلالها اذ يعجز الشاب في مقتبل تجربته على العرض في الصالات الفنية الخاصة ما يقلل من فرصه لتصدير نتاجه الى الوسط التشكيلي و أيضا إلى الجمهور الفني.

أما الفنانة الشابة هلا الجردي فقد رأت أن الفنان في بداية حياته الفنية يحتاج الى كثير من الآراء و التقييمات الموضوعية حول ما يقوم به من عمل و إلا فلن يكون أمامه من فسحة لتطوير فنه و مواكبة ما يقدم في هذا الحقل لذلك فإن أي مبدع شاب يسعى إلى التقاط الملاحظات و وجهات النظر المتنوعة في إطار نقد بناء يرتفع بقدراته و أسلوبه العملي و هو أمر يحتاج إجمالا إلى الكثير من الملتقيات التي تجمع بين الفنان و الناقد والمتلقي.

وأشارت الجردي إلى أن التغاير بين رؤية المتفرج و رؤية الفنان في نقاشهما حول العمل المعروض هو ما يعطي للعمل أهميته و خصوصيته و جماليته لأنه يخلق حوارا بناء وخاصة إذا ما رافقه نقد موضوعي يرفع من حس الفنان و المتلقي في آن معا بالعمل الفني و ينهض بوعيه البصري حول الأعمال الفنية الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى