الزاوية الإجتماعية

الضمانات الأساسية لحقوق الأفراد و حرياتهم

الحريات العامة تهم كل فرد في المجتمع لذلك يجب توفير الضمانات لممارستها فهنالك الضمانات السياسية و تتمثل في الفصل بين السلطات و التعددية السياسة و الديمقراطية و هنالك الضمانات القانونية

 و تتمثل في مبدأ المساواة و استقلال القضاء و مبدأ الشرعية و هنالك ضمانة آلية الرقابة و تتمثل في الرقابة الإدارية و الرقابة على دستورية القوانين و المحكمة الدستورية ودعوى الإلغاء و دعوى التعويض .
أولا: الضمانات السياسية :
أ‌- الفصل بين السلطات : يقصد به عدم جمع السلطات و عدم تركيزها في قبضة شخص واحد أو هيئة واحدة و بهذا المعنى يقصد بمبدأ فصل السلطات كقاعدة من قواعد فن السياسة , أما المعنى القانوني لمبدأ فصل السلطات فيتعلق بطبيعة العلاقة بين السلطات المختلفة , ووفقا لذلك هنالك نظم رئاسية كالولايات المتحدة الأمريكية و جمهورية مصر العربية قبل سقوط نظام حسني مبارك و نظم برلمانية كالجمهورية اللبنانية و الجمهورية التركية ونظم وسط بين نظامين البرلماني و الرئاسي . في النظام الرئاسي يسود فصل مطلق و عضوي إذ كل سلطة مستقلة , أما في النظام البرلماني فهنالك تعاون و رقابة متبادلة و خاصة السلطتين التشريعية و التنفيذية , فمن حق الحكومة حل البرلمان و في مقابل ذلك يمكن للبرلمان مسألة الحكومة عن طريق السؤال و الاستجواب و سحب الثقة , فالحرية هي حق عمل كل ما تبيحه القوانين فمن خالف القوانين فقد حريته .
ب- التعددية السياسية : إن تعدد الأحزاب يعتبر مظهرا من مظاهر الحريات العامة و من ناحية أخرى يعد ضمانة لجميع الحريات و يعتبر تمكين الأفراد من الاختيار بين الأحزاب المتعددة أو المذاهب السياسية إحدى الحريات الأساسية العامة .
ج-الديمقراطية : يشكل موضوع اختيار الحاكم بإرادة الشعب الأساس الحقيقي لمشروعية هؤلاء الحكام , إن النظام الديمقراطي هو النظام الذي يختار فيه المحكومون الحاكمين عن طريق الانتخابات الحرة و النزيهة , و ينص دستور الجمهورية العربية السورية في مادته الثانية الفقرة الثانية (السيادة للشعب و يمارسها على الوجه المبين في الدستور) ثم كرست حقيقة المفهوم الديمقراطي كضمانة للحريات العامة من خلال اختيار الحكام و ممثلين للشعب في المجالس المختلفة كمجلس الشعب و مجلس المدينة و مجلس المحافظة
ثانيا: الضمانات القانونية : و تتمثل في مبدأ المساواة واستقلالية القضاء و مبدأ الشرعية .
أ‌- مبدأ المساواة :
إن المساواة هي الركيزة الأساسية لكل الحريات و لا وجود للحريات بدونها فكانت الحرية مشتقة من المساواة و المهم هو أن القانون و القاعدة العامة لا تفرق بين أعضاء المجتمع , و تكون المساواة أمام القانون و المساواة أمام القضاء و المساواة في تولي الوظائف و المساواة أمام الضرائب فلمساواة ركيزة لكل الحريات .
ب‌- استقلال القضاء :
إن السلطة القضائية إذا بقيت مستقلة مصونة إنما تشكل الضمانة و الملاذ للأفراد من تعسف الحكام و الظلام و جور الأفراد , و استقلال القضاء يعد شرطا جوهريا لدفع أي اعتداء على حرية الأفراد , و إن ضمان عدم الاعتداء على الحرية يتطلب هيئة نزيهة وعادلة , القضاة هم نخبة من رجال الأمة إشربت نفوسهم بحب العدل و إحقاق الحق , بل و الدفع عن مبدأ الحق و العدالة , و لقد كرس الدستور السوري مبدأ استقلال القضاء الذي نص في مادته أل(131) على أن السلطة القضائية مستقلة و يضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال و يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى
و أقترح في هذا الصدد تعديل المادة(132) في الدستور السوري لتصبح (يرأس رئيس مجلس القضاء الأعلى أقدم قاضي في مجلس القضاء الأعلى) و ليس رئيس الجمهورية حرصا على مبدأ الفصل بين السلطات .
ج- مبدأ الشرعية :
من أهم الصفات الدولة القانونية هو خضوع الدولة للقانون أو ما يسمى بمبدأ سيادة القانون أو مبدأ سيطرة أحكام القانون , و مبدأ الشرعية يضع الحريات العامة للأفراد في حمى أو مظلة القانون و منع وضع أي قيد عليها إلا بموجب نص قانوني .
و أن مضمون مبدأ الشرعية هو سيادة حكم القانون و إن كل أنشطة الدولة تتم بوجود رقابة قضائية منظمة تكفل رقابة أعمال الإدارة , و يفترض في ظل هذا المبدأ إن تلتزم الإدارة بجميع تصرفاتها الحدود المرسومة لها في مجموعة القواعد القانونية المقررة في الدولة وتشمل القواعد( الدستور , القانون الأساسي , القانون العادي , المرسوم التشريعي , اللائحة , القرار الإداري ) وغير المكتوبة ( العرف , المبادئ القانونية العامة) و هذا رأي الدكتور عبد لله طلبة في كتابه القضاء الإداري .
ويترتب على مبدأ الشرعية نتائج هامة :
1- كل قاعدة عامة واجبة الاحترام حتى من السلطة التي أصدرتها
2- لا يجوز لأي سلطة إن تصدر عمل قانوني إلا في حدود سلطتها
3- إن كل قيد يفرض على الحريات العامة يتعين أن يصدر بتشريع
4- احترام مبدأ المشروعية أو مبدأ تدرج التصرفات القانونية الصادرة عن سلطات الدولة .
ثالثا: الرقابة:
هنالك خروج السلطة التشريعية أو التنفيذية على أحكام الدستور و هنا يتعين وسيلة للطعن بعدم دستورية القانون أو عدم دستورية اللائحة و قد تخرج السلطة التنفيذية على القانون و ينتج عن ذلك ضرر فأتح المشرع للأفراد حق مراجعة الإدارة بالتظلم أو من خلال وسائل قضائية كدعوى الإلغاء و دعوى التعويض
أ- الرقابة الإدارية :
وتعني الرقابة الإدارية ما يسمى بالطعن الإداري و يتم بطريقتين :
1- تظلم لمصدر القرار
2- تظلم للسلطة الرئاسية
ففي الصورة الأولى يسمى بالتظلم الاسترحامي و تسمى بالرقابة الذاتية , و الصورة الثانية هي تظلم رئاسي انطلاقا من مفهوم التسلسل الإداري و يستطيع الرئيس الإداري الأعلى ممارسة هذا النوع من الرقابة على أعمال مرؤوسيه و يمكن أن يقوم بذلك بناء على تظلم مقدم من الأفراد و يستطيع الرئيس الإداري سحب أو إلغاء أو تعديل القرار الذي أصدره المرؤوس
و يمس حقوق و حريات الأفراد لمصلحة الإدارة نفسها لجهة تمكنها من تحقيق المصلحة العامة و هي الغاية الأساسية للنشاط الإداري
ب- الرقابة على دستورية القوانين:
بناء على هذا المبدأ يجب على كافة السلطات ممارسة صلاحياتها ضمن الدستور و من ذلك السلطة التشريعية إذ يجب عليها ممارسة اختصاصاتها ضمن الحدود المرسومة لها في الدستور فإذا خالف القانون أو تشريع نص دستوري تكون السلطة قد خالفت مبدأ الشرعية لأنها خالفت القانون الأسمى في الدولة .
و يمارس الرقابة الدستورية على القوانين إما هيئة سياسية كالمجلس الدستوري أو هيئة قضائية .
وتتم الرقابة القضائية على دستورية القوانين بطريقتين:
1- الرقبة عن طريق الدعوى الأصلية
2- الرقابة عن طريق دفع الفرعي
أما الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية فهي تعتمد على إنشاء محكمة دستورية عليا كما هو الحال في سورية
أما الرقابة عن طريق الدفع الفرعي فظهرت في أميركا و هي تمنح جميع المحاكم سلطة مراقبة دستورية القوانين بطريقة الدفع , حيث يتقدم أحد المتقاضين في الدعوى في دعوى موجودة أما المحكمة بمخلفة القانون المطلوب تنفيذه و عندها تنظر المحكمة في دستورية القانون و تقرر مخالفته لأحكام الدستور إذ تبين لهد ذلك
أما في سوريا فتختص المحكمة الدستورية العليا بالنظر في دستورية القوانين
أذا اعترض رئيس الجمهورية أو ربع أعضاء مجلس الشعب على دستورية القانون قبل إصداره , و التحقق في طعن انتخابات مجلس الشعب و محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى إضافة إلى اختصاص استشاري أذا أقرت المحكمة الدستورية العليا مخالفة قانون ما أو مرسوم تشريعي يعتبر لاغيا , لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر للقوانين
التي يطرحها رئيس الجمهورية على الاستفتاء الشعبي و تنال موافقة الشعب .
ج – دعوى الإلغاء :
يهدف هذا النوع من القضاء الى إلغاء القرارات الادارية المخالفة لمبدأ الشرعية والى الغاء القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الادارية نظرا لعدم مشروعيتها , وينحصر حق رافع الدعوى في هذا النوع من القضاء في طلب الغاء قرار اداري ( فردي –تنظيمي ) مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية
( عيب الاختصاص – عيب الشكل – عيب مخالفة القانون والانحراف في استعمال السلطة ) انها دعوى ضد القرار .
فاذا تأكد القاضي من عدم مشروعية القرار الاداري فان الحكم الوحيد الذي يستطيع ان يصدره هو الالغاء , وهذا الحكم بمثابة اعدام لذلك القرار من يوم اصادره , واثره لايقتصر على مقدم الدعوى بل يسري على الجميع وهو ذو حجة على الكافة وهذا هو حكم المحكمة الادارية العليا رقم /13/ لعام 1971 .
ودعوى الالغاء وسيلة ناجحة لتأمين مبدأ سيادة القانون من قبل الحاكم والمحكوم على السواء ومع ذلك تتعتم الادراة بقدر من الحرية تمكنها من تحقيق التوازن بين الصالح العام ومصلحة الافراد وتظهر هذه الحرية في الاجراءات التي تستطيع اتخاذها لمجابهة ظروف استثنائية وغير عادية , وكذلك في القرارات التي تتخذها الادارة في موضوعات تتعلق بسيادة الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي وكذلك اعمال الحكومة والتي تشكل تصرفات خطيرة وغير شرعية في ميدان الحريات العامة وحقوق الافراد .
دعوى التعويض :
يسمى هذا النوع من القضاء بالقضاء الكامل بسبب امتداد سلطة القاضي وشمولها
للالغاء والتعويض , وينصب موضوع دعوى القضاء الكامل على وجود حق معتدى عليه من قبل الادارة , والحكم الصادر في هذه الدعوى ذو حجية نسبية يقتصر اثره على طرفي النزاع ولا يتقيد رافع دعوى التعويض بميعاد الــ /60/ يوم فهو مقرر لدعوى الالغاء فقط .
ويظهر دور قضاء التعويض في مسؤولية الادارة عن اعمالها غير التعاقدية وهذا ما استقر عليه القضاء السوري عندما قررت المحكمة الادارية العليا السورية في قرارها رقم /107/ لعام 1967 على ان مسؤولية الدولة عن اعمالها التي تبنى على الخطأ تستلزم توافر اركان ثلاث هي الخطأ المنسوب للادارة وضرر يصيب فرد بسبب هذا الخطأ وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر .
ويشمل قضاء التعويض تعويض عن الاضرار المادية والادبية .
ويمارس القضاء حماية الحريات العامة عند النظر ببعض القضايا المتعلقة بالاحوال الشخصية كالاسم والموطن والاهلية وقضايا الاسرة والملكية الخاصة ومسؤولية الادارة عن الاضرار التي تسببها للغير وغالبا يحصر المشرع اختصاص القضاء العدلي بحالتي الغصب والتعدي .
والغصب كما في حالات استييلاء الادرة بصفة دائمة او مؤقتة على عقار مملوك لاحد الافراد بصورة غير مشروعة .
اما التعدي فهو قيام الادراة بعمل مادي مشوب بعيب جسيم يتضمن اعتداء على ملكية عقار او منقول او حرية عامة فيملك القاضي اصدار حكم التعويض والحكم على الادراة بالرد .
وهكذا يبقى القضاء خير ضمان وحصن منيع لحماية الحقوق والحريات الفردية للافراد .

بواسطة
المحامي احمد رامي شعبان
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى