ثقافة وفن

كرفان الشعر والموسيقا.. مهرجان يؤاخي بين القصيدة واللوحة

تصدرت قصيدة الشاعر الراحل رياض صالح الحسين..كهنة بشوارب طويلة.. أريد أن أعيش في القمر مع
حقل قمح وشجرة وعنزة ورجل أحبه قال الطفل أريد عصفوراً لأطعمه.. قطة لألعب معها.. دفتر رسم وأقلاماً ملونة.. لأرسم القطة قرب العصفور.. المعرض الذي أقامه غاليري مصطفى علي احتفاء بأصوات سورية من أجيال شعرية متعددة.

وتومئء اللوحة المشتقة من تلك القصيدة للفنان عبد الله العمري لمناخات لونية تزاوج بين النص البصري والشعري دامجة بين عدة قراءات عند المتلقي في تجاور عدة أمزجة إبداعية استطاعت كسر الصيغ التقليدية للمعارض التشكيلية عبر استنباط مفردات اللوحة من البيئة الوجدانية لقصيدة الشعر السورية تاركة فسحة واسعة أمام المتلقي للمزاوجة بين صخب اللون وسكونيته من جهة وبين الأثر الذي يتركه الشعر في نفس القارئء من جهة أخرى.

مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية نفذها فنانون سوريون اشتغلوا على عدة قصائد كان من بينها قصيدة الطوفان لـ سنية صالح تقول فيها عبر لوحة للفنان يونس زيت على قماش إنك من الزرنيخ يا سيدي.. أفتح فمي كل صباح.. وأبتلع جزءاً منك.. ولم تنته.. قلت سيأتي يوم أتوحش فيه.. وأفترسك/ حيث نجد في هذه اللوحة قدرة تعبيرية عالية في محاكاة النص وتجسيده لونياً فنشاهد وجها لامرأة غارقة في اللون البني المحروق صارخة وكأنها تتلو علينا قصائدها للتو.

لوحة أخرى رسمتها /ندى علي/ عن قصيدة /الغجري المعلب/ للشاعر محمد الماغوط يقول فيها.. بدون النظر إلى ساعة الحائط أو مفكرة الجيب.. أعرف مواعيد صراخي.. وأنا هائم في الطرقات أصافح وأودع ذاك.. حيث استلهمت /علي/ نص الشاعر عبر تكوينات بصرية زاوجت فيها بين الألوان الحارة والباردة متكئة على تقاسيم لوجه رجل غارق في دخان تبغه.

كما أن الفنانة /لما ندور/ جسدت قصيدة /واحدة من سكان الأرض/ للشاعرة /مرام المصري/ تقول فيها.. أتيتك لا أتعطر برائحة.. ولا أتزين بحلي.. أتيك على حقيقتي دون إطار.. دون زيف.. أتيتك واحدة من سكان الأرض.. إذ اشتغلت الفنانة على كولاج لوني لكتلة من ثمرة الرمان دمجت فيها بين لون الجلنار ومساحات مديدة من الألوان البرتقالية والصفراء مجسدةً إحساس الأنثى وخيبتها في آن معاً.

/خبز وحشيش وقمر/ كانت لوحة /أمجد وردة/ الذي نقل فيها القصيدة الشهيرة للشاعر /نزار قباني/ عبر إكريليك وزيت على خشب مستلهماً قول /قباني/ عندما يولد في الشرق القمر.. فالسطوح البيض تغفو.. تحت أكداس الزهر.. يترك الناس الحوانيت ويمضون زمر.. لملاقاة القمر.. بينما تمكنت الفنانة /دانا النفوري/ من تنفيذ قصيدة /فوضى/ للشاعر الراحل /علي الجندي/ معتمدةً على غربة الشاعر ومناجاته الداخلية عبر استخدام غرافيك محكم للألوان والخطوط والتوازنات في مراكز البصر الموجودة على سطح اللوحة.

بدوره قام الفنان /مرهف يوسف/ بتنفيذ عمل باستيل على كرتون مجسداً قصيدة /انزعوا الأقنعة/ للشاعرة الراحلة دعد حداد مزاوجاً بذلك مع أسلوب الفنان /أحمد خليل/ بتنفيذه لوحة تصوير ضوئي لقصيدة /اعتراف/ للشاعر /بندر عبد الحميد/ وذلك من خلال اعتماد الفنانين على طاقة النص الشعري وقدرته على التخييل وإعادة صياغة العالم وفق رؤءية لا نهائية تجمع الشاعر والكون في لحظة زمنية استثنائية.

واستطاع المعرض الذي تفرد باسلوب جديد وضع تجارب شعرية وفنية أمام وظائف دلالية جديدة أن يقترب من ملامح الثقافة السورية منذ فترة الستينيات ملتقطاً عدة حساسيات إبداعية ساهمت في صياغة وعي الجمهور السوري لسنوات طويلة مبتعداً عن كليشيهات وأنماط الأنشطة الثقافية الاعتيادية للانتقال بالمتلقي نحو آفاق جديدة في مقاربة الفنون وتقابلها على مساحة زمانية ومكانية واحدة.

يذكر أن فعاليات المهرجان تستمر حتى العشرين الشهر الجاري حيث تتضمن مجموعة من الفعاليات الشعرية والموسيقية والندوات النقدية بالتعاون بين وزارة الثقافة وجمعية المكان وجمعية كوسف الإيطالية ومقهى بغداد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى