سياسية

ناصر قنديل لموقع قناة المنار : سورية خرجت من دائرة الخطر .. ولبنان خسر كثيراً !

أكّد النائب اللبناني السابق ناصر قنديل أنّ سورية تجاوزت دائرة الخطر منذ أحداث جسر الشغور الشهيرة، لافتاً إلى أنّ المعادلة باتت اليوم أكثر وضوحاً وأشدّ تماسكاً، مشيراً إلى أنّ التطورات الأخيرة تدلّ على أنّ الوضع الميداني في سورية
 لم يعد يسمح بالرهان على تعديل موازين القوى بين معارضة تضمحل وتفقد أوراقها وقيادة سياسية حكيمة يقف خلفها جيش متماسك وأغلبية شعبية عابرة للطوائف.

وفي حديث خاص لموقع " المنار" الالكتروني" أشاد قنديل بالموقفين الروسي والصيني اللذين أسقطا مشروع القرار الأميركي الأوروبي ضدّ سورية، متحدثاً في هذا السياق عن مؤشرات واضحة لتغيّر موازين القوى في المجتمع الدولي، موضحاً أنّ روسيا والصين لم تكونا لتغامرا بهذه المواجهة لو لم تكونا واثقتَين أن المشروع الأميركي الأوروبي سيُهزَم شرّ هزيمة.

لكنّ قنديل انتقد في المقابل الموقف اللبناني الرمادي في مجلس الأمن، واصفاً إياه بالمخزي والمعيب، محذراً من تبعاته على صعيد العلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري، مشيراً إلى أنّ حجّة الضغوط التي يعتمدها البعض لتبريره هي حجّة ساقطة.

وفي موضوع تمويل المحكمة الدولية، أكد قنديل ضرورة العودة للنصوص والأحكام الدستورية، موضحاً أنّ الوعود التي قطعها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجهة التمويل ليست ملزمة باعتبار أنّ قراراً من هذا النوع يتطلب أغلبية الثلثين داخل مجلس الوزراء، معرباً عن اعتقاده بأنّ المنطقي والطبيعي هو أن لا تكون هذه الأغلبية مؤمّنة، لافتاً في الوقت عينه إلى أنّ خط الرجعة يبقى مفتوحاً أمام رئيس الحكومة سيما وأنه سيكون معذوراً أمام من التزم أمامهم.

فصول المؤامرة تكشّفت

النائب السابق ناصر قنديل توقف بدايةً عند التطورات التي يشهدها الملف السوري وما أسماه التصعيد الأمني السياسي الدبلوماسي الذي حملته الساعات القليلة الماضية، في إشارة إلى عمليات التفجير والاغتيال التي تصاعدت في الداخل السوري في الآونة الأخيرة وإعلان تشكيل المجلس الوطني السوري وتقدم الأميركيين والأوروبيين بمشروع قرار تصعيدي ضدّ سورية. ورأى أنّ هذه التطورات إن دلّت على شيء فهي تدلّ على أنّ الوضع الميداني في سورية لم يعد يسمح بالرهان على تعديل موازين القوى بين معارضة تضمحلّ وتفقد أوراقها من جهة وقيادة سياسية واعية وحكيمة يقف خلفها جيش متماسك وأغلبية شعبية عابرة للطوائف من جهة أخرى. ولفت إلى أنّ طبيعة المشروع العدواني الذي يستهدف سورية تكشّفت أخيراً وظهر بوضوح اعتماد المؤامرة على قوى تكفيرية تضليلية عاجزة عن تمثيل سواء المذهب الذي تدّعي الانتماء إليه وسائر الأطياف التي يتكوّن منها الشارع السوري والذي يرفض الانجرار لمشروع الحرب الأهلية الذي يتمّ تدبيره له.

وأكّد قنديل أنّ سورية خرجت من دائرة الخطر منذ أحداث جسر الشغور الشهيرة، لافتاً إلى أنّ السوريين حدّدوا انطلاقاً من هذه الأحداث موقفهم وأفهموا الأقربين والأبعدين أنّ مبايعة مشروع عدواني مثل هذا المشروع غير واردة على الاطلاق، ملاحظاً أنّ السوريين أدركوا منذ هذا اليوم أنّ استبدال النظام الحالي بقوى تكفيرية ظلامية لا تريد الخير لبلدهم لا يمكن أن يحصل. وفيما رأى أنّ المعادلة أصبحت اليوم أشدّ وضوحاً وأكثر حسماً، تحدّث عن تبلور واضح لخيار شعبي كاسح ضدّ المعارضة ترجمها تماسك الجيش العربي السوري والقوى الأمنية. ورداً على سؤال، أعرب قنديل عن اعتقاده بأنّ المسألة قد تستهلك بعض الوقت، ولكنه شدّد على أنّ الاتجاه بات محسوماً بشكل مبدئي.

موقف لبنان مخزٍ ومعيب

واعتبر قنديل أنّ من يقرأ في العمق معنى موقف روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي وإسقاطهما مشروع القرار الأميركي والأوروبي ضدّ سورية من خلال لجوئهما إلى حق النقض (الفيتو) يستخلص مجموعة من النتائج التي يتصل بعضها بمؤشرات تغيّر موازين القوى داخل المجتمع الدولي وعودة التوازن إلى هذه المؤسسة الأممية بعد عقود من الاستئثار. ولفت إلى أنّ روسيا والصين لم تكونا لتغامرا بمواجهة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن لولا ثقتها، بناء على وقائع، بأنّ المشروع الأميركي والأوروبي سيُهزَم شرّ هزيمة وأنّ التغيير في موازين القوى بات أمراً واقعاً، خصوصاً مع اتجاه القيادة السورية إلى الحسم السريع مع البقايا الأمنية التي لا تزال منتشرة في الداخل.

وتعليقاً على الموقف اللبناني الرمادي في مجلس الأمن وامتناعه عن التصويت على العقوبات ضدّ سورية، اعتبر قنديل أنه كان من المخزي والمعيب للبنان أن يأخذ هذا الموقف، رافضاً التذرّع بأنّ الموقف اللبناني لم يكن ليقدّم أو يؤخّر في المعادلة، مشيراً إلى أنّ "فيتو" واحداً كان يكفي لاسقاط المشروع الأميركي والأوروبي ومع ذلك فقد استخدمت دولتان حق النقض هذا، في إشارة إلى الصين وروسيا. واعتبر أن لبنان كان يجب أن يمارس التضامن الأخوي ليس لحماية موقع سورية في المعادلة الشرق أوسطيّة باعتبار أنّ هذه الحماية محقّقة، ولكنها كانت مناسبة ليوجه لبنان رسالة مودّة نحو سورية وبالتالي كانت مناسبة ليقول موقفه بوضوح حتى للذين يضغطون عليه.

بين صبر الأسد.. ورد الشعب

وحذر قنديل من أنّ ردة الفعل لدى المواطنين السوريين يبقى الأساس، معرباً عن اعتقاده بأنّ مشكلة الكثيرين ممّن يتخذون مواقف تصعيدية تجاه سورية أو يمتنعون عن اتخاذ المواقف المتضامنة، ولبنان من ضمنها، أنها تبني حساباتها بناء فقط على أناة وسعة صبر الرئيس السوري بشار الأسد، وهو شيء جيد ويمكن البناء عليه، خصوصاً أنّ هذه المواقف لن تؤثر مثلاً على إيجابية الرئيس الأسد في التعامل مع أي حكومة في لبنان. لكنّه سأل ألا يحسب هؤلاء حساباً لردة فعل الشعب السوري الذي بات اليوم يضع روسيا والصين بمقام الأشقاء والأصدقاء والاخوة في حين يرسم علامات استفهام عريضة على بعض من كان يصنّفهم سابقاً أصدقاء وأشقاء.

وأوضح أنّ تركيا مثلاً، ورغم مواقفها المتقدّمة ضدّ سورية، قد تستعيد علاقة رسمية مع سورية في يوم من الأيام، ولكنه جزم أنّ رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان وغيره من القيادات التركية لن يستطيعوا أن يعودوا مجدداً ليكونوا رموزاً في وجدان الشعب السوري كما كانوا قبل اندلاع الأزمة. وأشار إلى أنّ الأمر يبقى أكثر حساسية بالنسبة للبنان الملتصق عضوياً بسورية، مؤكداً أنه لأمر خطير أن يحمل المواطن السوري قدراً من اللوم والعتب للبنان على خلفية السلوك السياسي لحكومة يفترض أنها تمثل الفريق الحليف والصديق والشريك للقيادة السورية. وقال: "لا شكّ أنّ لبنان خسر كثيراً بهذا الموقف، رغم أن لا ذريعة لنا على الاطلاق تبرّره، فالضغوط كان يمكن أن يكون لها قيمة لو أنّ الأمور لم تكن محسومة بفعل الفيتو الروسي والصيني، وبالتالي فإنّ هذه الحجة ساقطة ولا يمكن أن تنفع أحداً".

غضب الشارع السوري

ورفض قنديل محاولات تبرير الموقف اللبناني انطلاقاً من وجود فريق معارض للنظام السوري في لبنان وله حيثيته وحضوره وإن لم يكن ممثّلاً في الحكومة الحالية التي يترأّسها الرئيس نجيب ميقاتي، متسائلاً إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تأخذ الحكومة موقف هذا الفريق من سلاح المقاومة كما موقفه من تلبية الرغبات الأميركية بشكل أعمى وهو الذي لم يعد يعتبر إسرائيل عدواً، ويعتمد ذات المفردات مع سورية. وأكّد وجود صدام حقيقي مع هذا الفريق، مذكّراً بأنّ إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري حصل للاتيان بحكومة تعبّر عن الارادة الوطنية الحقيقية. ولفت إلى وجود حسابات في بعض المسائل الداخلية التفصيلية التي يمكن التسامح بها، وخصوصاً لجهة كيفية إدارة العلاقة بين مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني، ولكنّه شدّد على استحالة حصول ذلك بالنسبة للشؤون المصيرية، "وإلا نرتكب خطأ جسيماً بحق أنفسنا قبل غيرنا إذا سمحنا بالحديث عن أهمية الركون للتوازن في هذه القضية".

وفيما رأى أن هذا الأمر هو غاية في الخطورة، أعرب عن اعتقاده بأنّ الحكومة سترتّب علينا من خلال موقفها الأخير عبءاً حقيقياً في العلاقة الاجتماعية بين الشعبين اللبناني والسوري بعد الموقف المحبِط والمخيّب للآمال الذي اتخذته في مجلس الأمن. وكشف أنه بات يلمس على أرض الواقع كمية عالية من الغضب والاحباط في الشارع السوري تجاه من يفترض أنها حلفاء وأشقاء، فإذا بروسيا البعيدة والأقل تأثراً وتواصلاً مع الجانب السوري تأخذ مواقف أكثر قوة وصرامة.

على دعاة التمويل احترام الديمقراطية!

وختاماً، توقف قنديل عند ملف المحكمة الدولية واستحقاق تمويلها الذي ينتظر الحكومة، وذلك في ضوء السجال الذي أثير مؤخراً عبر الاعلام على خلفية هذا الملف، فلفت إلى أنّ هذه الحكومة أتت لتصحّح مسار الحكم لجهة الالتزام بالدستور الذي انتهكته الحكومات المتعاقبة التي كان يترأسها فريق الرابع عشر من آذار سواء بشخص الرئيس فؤاد السنيورة أو الرئيس سعد الحريري. وأوضح أنّ الحكومة يجب أن تحتكم، في مقاربتها لأي مسألة خلافية، لنص الدستور، لافتاً إلى ضرورة اعتماد آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، موضحاً أنّ قرارا من نوع تمويل المحكمة الدولية يتطلب أغلبية الثلثين داخل مجلس الوزراء. وإذ أعرب عن تفهمه وتقديره لخصوصية ظروف من يريد التمويل، لفت إلى أن على رئيس الحكومة، بعد أن قاله ما قاله في الأمم المتحدة، الاحتكام لمؤسسة مجلس الوزراء.

ورداً على سؤال عن احتمال حصول هذا السيناريو خصوصاً أنّ رئيس الحكومة قطع وعوداً وقدّم التزامات أمام المجتمع الدولي بتمويل المحكمة، لفت قنديل إلى أنّ الرئيس ميقاتي يعرف جيداً نصوص الدستور وبالتالي فهو يدرك أن العهود التي قطعها لا تلزم مجلس الوزراء الذي يعود إليه مجتمعاً اتخاذ القرار النهائي، أياً يكن. وأكد انطلاقاً من ذلك أن خط الرجعة لا يزال مفتوحاً أمامه، مشدداً على أنه سيكون معذوراً أمام الذين التزم أمامهم بالتمويل في حال فشل في التوصل لهذا القرار، مشيراً إلى أنّ هؤلاء الذين التزم ميقاتي أمامهم هم من دعاة الديمقراطية وبالتالي فهم مطالَبون أن يتفهّموا فشل الرئيس ميقاتي في تمويل المحكمة وفقاً للأصول الديمقراطية.

وعمّا إذا كان يتوقع الوصول لهذه النتيجة، حرص قنديل على عدم استباق الأمور، لكنه رأى أن المنطقي والطبيعي هو أن تصوّت الأغلبية في مجلس الوزراء لجهة رفض التمويل، أو أقلّه أن لا يتمكّن دعاة تمويل المحكمة من الحصول على أغلبية الثلثين الضرورية لتمرير المشروع.

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى