مقالات وآراء

الإعلام الرسمي يتعامل مع الأحداث “لا أسمع لا أرى لا أتحدث”

لطالما كان الإعلام السوري الرسمي، محط انتقاد شديد على المستويين المحلي والخارجي، بل إن البيئة التي تتحكم بآليات العمل الإعلامي كانت أيضا محط انتقاد من العاملين في هذا المجال، وهي حسب هؤلاء،
السبب، وراء أداء الإعلام الرسمي غير المرضي. هذا المرض العضال المستشري، كان مشخصا منذ سنوات طويلة. وفي لقاء له مع قناة "الجزيرة" في بداية عهدة أي قبل نحو 10 سنوات، سأل المراسل غسان بن جدو، الرئيس بشار الأسد عن رأيه في الإعلام السوري الذي يوصف بـ "الخشبي"، فكان أن قال الأسد إن هذا "وصف غير دقيق لأن هناك نوعا من الليونة في الخشب، أما الوصف الأدق أن نقول ان الإعلام السوري متحجر". وخلال سنوات مرت عجافا على سورية وسلطتها منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق ومن ثم اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، ظل الإعلام السوري على حاله، يعيش هبات وحالات فردية لا تعبر بالتأكيد عن تطور في هذا الإعلام وبيئته التي تتحكم به. وأشد الانتقادات وجهت لآليات عمل الإعلام خلال الشهر الجاري مع خروج تظاهرات تطالب باصلاحيات معيشية بداية لتتعداها إلى مطالب سياسية وعلى رأسها تعليق قانون الطوارئ وإنهاء احتكار حزب "البعث" الحاكم على السلطة دستوريا، وإصدار قانون للأحزاب وآخر عصري للإعلام. وما كان لافتا في هذا الإعلام، أنه تعامل مع الأحداث وفق المثل القائل: "لا أسمع لا أرى لا أتحدث"، مكتفيا بالتزام الخطاب السياسي الرسمي واستخدام عبارات أثبتت التجربة الحية في تونس ومصر، أنها مؤذية أكثر من أنها مفيدة للسلطة، وأنها تؤجج الحقد لاستهزائها بعقول الناس عند محاولتها تغطية نصف الكأس الملآن. وعل مشكلة المشاكل في الإعلام السوري أنه وعند القضايا الحساسة يلتزم بخطاب موجه مركزي تصدره جهات لا علاقة لها بآليات العمل الإعلامي، وتتدخل هذه الجهات على مستوى صياغة الخبر وبث الصورة وفق معادلة بسيطة تقوم على مبدأ الثقة المفقودة بالإعلاميين مهنيا وسياسيا. وأدت هذه الآلية إلى تشويه حتى المعلومات الدقيقة والصحيحة التي تخدم السلطة لكن طريقة تقديمها جعلها موضع سخرية وتندر. وفي أحداث التظاهرات الأخيرة التي شهدتها بعض المدن خصوصا درعا واللاذقية، ورغم خطورتها على استمرار السلطة بمؤسساتها الحالية، غاب الإعلام المحلي على مستوى الصورة، واكتفت المصادر الرسمية بالترويج لمعلومات كان مطلوب من الناس أن يصدقوها رغم سيل الأخبار الجارف على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت الموثق بالصورة سواء منها الدقيق أو المفبرك. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فرغم قناعة جانب كبير من السوريين داخل البلاد بعدم دقة كل ما تبثه الفضائيات، ظلت السلطات المختصة تعمل وفق مبدأ النقيض للشفافية وتمنع اقتراب الصحافيين المحليين منهم والمراسلين والأجانب من أماكن التظاهرات حتى تشكلت قناعة لدى الناس أن هناك شيء مخفي يجري لا تريد السلطة لأحد أن يصوره. وحتى عند العثور على صيد ثمين لتأكيد "المؤامرة ومشروع الفتنة الخارجي" يقدم بطريقة ينقلب فيها السحر على الساحر إذا صح التعبير، وأفضل مثال على ذلك، رواية المصري حامل الجنسية الأميركية محمد رضوان، الذي اعتقلته السلطات السورية بتهمة أنه يقوم بتوزيع صور التظاهرات في الخارج، الأمر الذي دفع إلى الاستهزاء من مثل هذه الرواية، فما المانع من أن يصور أي كان أحداثا ثم يقوم حتى ببيعها، فهذا هو توصيف المصورين الصحافيين عامة. لكن خطورة رضوان هذا، كشفه بعض من الشباب السوري على مواقع التواصل الاجتماعي عبر توزيع تقرير مصور لتلفزيون "صوت أميركا" عن دور رضوان في الثورة المصرية على اعتبار أنه كان يدير غرفة عمليات تشرف على تحريك الثورة. يبقى أداء الإعلام والقوانين التي تتحكم بعمله والبيئة السياسية التي تحركه، أحد أبرز مطالب الإصلاح في سورية، فهل يؤدي صدور قانون جديد للإعلام يتم الحديث عنه منذ أكثر من 6 سنوات هو المخرج، أم أن المشكلة ليست في القوانين وحدها وإنما فيمن يتحكم بهذه القوانين؟ عبر توزيع تقرير مصور لتلفزيون "صوت أميركا" عن دور رضوان في الثورة المصرية على اعتبار أنه كان يدير غرفة عمليات تشرف على تحريك الثورة. يبقى أداء الإعلام والقوانين التي تتحكم بعمله والبيئة السياسية التي تحركه، أحد أبرز مطالب الإصلاح في سورية، فهل يؤدي صدور قانون جديد للإعلام يتم الحديث عنه منذ أكثر من 6 سنوات هو المخرج، أم أن المشكلة ليست في القوانين وحدها وإنما فيمن يتحكم بهذه القوانين؟

المصدر
زهرة سورية - نيوز سنتر

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. للاسف ان السيد وزير الاعلام السابق هو من كان بعقل متحجر و لا يريد ان يعرف ان الاعلام هو محرك الحياة الان و ان الاعلام يفعل المستحيل حتى جعل الاعلام الرسمي سخرية بكل معنى الكلمة و المواطن السوري يسمع نفس الطريقة و نفس الاداء منذ عقود و حتى انه لم يفسح المجال حتى لبث الحقيقة عندما كان الكل يريد معلرفتها لدعم الوطن بل ترك الناس تبحث عن المصادر الكاذبة اينما كان فهل يجوز ذلك ايها القوم و الحمد لله ان هناك قناة الدنيا و الاخبارية التي فشت خلق المواطن شوي لان الناس كانت رح تططططططق ارجو من الحكومة القادمة الخروج من عصر التحجر و الانفتاح لان لي اقارب والخارج و الللللللله العظيم ازالو محطات الجزيرة و العربية من قاموس المحطات فما بالكم المواطن السوري في الداخل سامحك الله يا وزير الاعلام و شكرا للدنيا و الاخبارية على مصداقيتهما

زر الذهاب إلى الأعلى