الرئيس السوري

الرئيس الأسد :أنا لا أملك البلد و إنما أقود البلد

عندما قامت وزيرة خارجية الدانمارك لين إسبرسن بزيارةٍ إلى سورية في تشرين الأول من العام الماضي، أدلى الرئيس السوري بشار الأسد بحوار متلفز للتلفزيون الدانماركي DR TV ..
نص الحوار:
– سيدي الرئيس، اسمح لي أن أشكرك مرة أخرى لمنحي بعضاً من وقتك الثمين، يسعدني أن أسمع منك قليلاً من نظرتك عن الوضع في سورية و في المنطقة كذلك، هل تسمح أن تبدأ بمقارنةٍ بين سورية في الوقت الراهن وما كانت عليه عام 2000 عندما أصبحت رئيساً لها؟
– الرئيس الأسد: نحن نعيش وسط منطقة معقدة جداً، لذلك فيما يتعلق بهذه المقارنة، علينا أن نكون على صلة مباشرة بالتباين في المنطقة ككل، و ليس داخل سورية فحسب، لأننا لسنا منعزلين عن محيطنا، بل نحن محاطون بقضية الشرق الأوسط والتي تعقَّدت طوال السنوات التسعة عشر الماضية.
لبنان، بلد متعدد الطوائف، و هو الذي كان دائماً، و ربما ما زال من وقت إلى آخر، يرضخ تحت وطأة الحرب الأهلية، إنه يشكل حدودنا من جهة الغرب.. و العراق، الذي يعرف الجميع أوضاعه، يشكل حدودنا من جهة الشرق، و الإرهاب يسود المنطقة، و نحن نشكل جزءاً من هذه المنطقة.
إذاً، الفرق الكبير بين سورية الحالية و سورية سابقاً هو الفرق في هذه القضايا التي تنعكس تأثيراتها على بلدنا.

– تقول (إن الإرهاب يسود)، باعتقادك لماذا هو كذلك؟
– الرئيس الأسد: بسبب اليأس، و اليأس كلمة واسعة جداً، و لها أسباب كثيرة، سياسية و اقتصادية و تربوية و ثقافية، معقدة. باختصار، إنه اليأس المرتبط بالأوضاع هنا في المنطقة و بالسياسات التي تؤثر على منطقتنا، السياسات التي تأتي من الخارج، و بشكل خاص من القوى الكبرى في هذا العالم، سواء في أوروبا أم أميركا أم في الأمم المتحدة و حتى في بلدان أخرى.
– هل يمكن أن تتوسع أكثر بإخبارنا لم وجد هذا اليأس يوماً ما؟
– الرئيس الأسد: عندما تفقد الأمل، فأنت يائس، أقصد عندما تفقد الأمل بتحقيق أي وضع أحسن حالاً، و ثمة مبررات لذلك، لديك أرض محتلة منذ عقود من الزمن و لم تسترجعها بعد؛ لديك حقوق لم تحصل عليها بعد و قد مضت عقود من الزمن، تريد أن ترقى إلى وضع أفضل من الناحية الاقتصادية، لكن بسبب الظروف السياسية، و ربما بسبب ممارساتنا في بعض الأحيان، لأننا نريد أن نخطط لكل الأمور في الخارج، و لكن يبقى السبب الرئيسي دائماً هو وجود الاحتلال و الحروب، و لذلك فمهما يكن ما تفعله من نشاطات مختلفة فستواجهك دائماً قيود، و بالتالي من الناحية الاقتصادية لن يبقى لديك استثمارات، ستبقى محدودة لأنه ثمة حرب، ليس هناك سلام، و هذا وضع خطر، و بذلك لا أحد سوف يأتي ليدفع المال، حتى لو كان هذا المستثمر من المنطقة، فإنه سوف يذهب بأمواله إلى الخارج ليستثمرها هناك. يضاف إلى ذلك أيضاً الجانب التربوي و الثقافي، ففيما يتعلق بالمدارس؛ كيف توفر المدارس للجميع، و أيضاً كيف يمكنك أن تدعم الإبداع و كل ما يتعلق بالتحليل و الانفتاح عند الناس. كيف بإمكانك أن تجعل الناس على تواصل مع الثقافات الأخرى لكي يفهموا هذه الثقافات بشكل أفضل و ليستفيدوا وليتعلموا من الثقافات الأخرى. إن لم يكن لديك هذه التفاعلات فستعيش في عزلة، و هي تنافي ما نملك من وسائل، فلدينا الانترنت و الأقمار الصناعية (Satellites) و محطات التلفزة، و لدينا كل وسيلة تضمن مزيداً من التواصل، لكن، إذا نظرت إلى الوضع في المنطقة حالياً، بل في العالم أجمع و ليس فقط في المنطقة، فإنك ستجد أن هناك تواصلاً أقل و تفهماً أقل مما كان عليه الحال قبل ثلاثين سنة مضت، و هي فترة تمثل جيلا كاملاً قد مر. هذا هو اليأس.
– أظن أن كثيرين من الخارج سوف يقولون، سنأتي و نحاول مساعدتك، لا أعرف كيف يمكنك أن تفسر (نساعدك) ضمن هذا الاطار لكن بخلق مزيد من الديمقراطية ؟ هل باعتقادك أن التدخل من الخارج سيخلق اليأس و الإرهاب؟
– الرئيس الأسد: قبل أن تعطيني الوسيلة، عليك أن تناقش معي الهدف، و الديمقراطية ليست هدفاً، إنها وسيلة، هناك فرق كبير، و هذا سوء فهم من قبل الغرب. الديمقراطية ليست هدفاً، أنت لا تريد أن تبلغ الديمقراطية، و إنما أنت تستعمل الديمقراطية لتبلغ الازدهار، و في هذا الإطار هناك فهم خاطئ. إذاً، أنت لا تقدم لي المساعدة عندما تحدثني عن الديمقراطية، إذا كنت ترغب أن تقدم لي الوسيلة، دعنا نفترض أننا متفقان فيما يتعلق بالهدف، فعليك أن تحدثني عن الوسيلة التي تلائمني، لا أن تطبق علي الوسيلة، هذا هو الفرق. لذلك فـ (المساعدة) بهذا المعنى تتحول إلى (إملاء) و هي ليست مساعدة. إذاً، هذا هو التعريف.
– إذا كان بإمكاننا أن نعود للحديث عن سورية للحظة، هل تقول إن سورية ديمقراطية؟
– الرئيس الأسد: سأقول إن سورية تتقدم في طريق الديمقراطية. لكن بلوغ ذلك الهدف هو طريق طويل، و سأقول بصراحة و من دون تردد، إننا ما زلنا في بدايات الطريق، و سيكون طريقاً طويلاً.
– لماذا يكون كذلك؟
– الرئيس الأسد: لماذا يكون كذلك؟! لأن لدينا ظروفنا. عندنا كان الاحتلال على مدى عقود من الزمن، حصلنا على استقلالنا في منتصف الأربعينات. عندما بدأنا نؤسس أركان دولتنا في السبعينات كان قد مضى جيل، إذاً، فالمسألة و قبل كل شيء هي مسألة وقت.
ثانياً، المسألة تتعلق بالظروف.
ثالثاً، أياً كان الإصلاح فيجب أن يأخذ وقته. الإصلاح لا يرتبط بالسرعة، فليس فيه عداد سرعة حتى تقول إنه سريع أو إنه بطيء. الإصلاح هو مسألة تتعلق بأنه عليك أن تفعل ما بوسعك لأجلها و بأقل التأثيرات الجانبية. الشيء الأكثر أهمية في ذلك الإصلاح هو أنك بحاجة لأن يكون لديك حوار طبيعي، إنه لا يتعلق بالحكومة أو بالرئيس، إنه ليس شيئاً تؤمن به و عليك صنعه، لأنك تفعله لكنك لا تصنعه.
المجتمع هو الذي يصنع هذا الإصلاح. فعندما نتكلم عن المجتمع، و خاصة في منطقة فكرية (أيديولوجية) حيث لدينا تاريخ يعود إلى آلاف من السنين و لدينا معتقدات و عادات، فبالتالي، ليس بالأمر البسيط أن تقول إن ذلك كان خاطئاً و علينا بالتالي أن نسلك الطريق الآخر. عملية الانتقال تستغرق وقتاً.
– لكن، إن تمكنتم من الحصول على الديمقراطية، و لنقل غداً، في سورية، ألا يعتبر هذا هدفاً لكم قد حققتموه؟
– الرئيس الأسد: هي ليست هدفاً، هي وسيلة، أعود و أقول ثانية. الهدف هو الازدهار. علينا أن نملك الديمقراطية لتحقيق ذلك الهدف. علينا أن نملك ديمقراطيتنا الخاصة بنا و ليس ديمقراطية الغرب. الناس في الغرب يرون نمطاً واحداً من الديمقراطية. الديمقراطية مرتبطة بالتقاليد و الظروف و العادات و العقائد.
– عندما تتكلم و بشكل واضح عن الديمقراطية لأنماط مختلفة من المجتمعات، حيث هناك أفكار سياسية مختلفة ستأتي بالتالي، هل تعتقد أن سورية كما تبدو حاليا ليست في ازدهار كبير يسمح بآراء سياسية مختلفة، و لكن بالتأكيد حديثاً هناك آراء سياسية مختلفة ليست مستثناة ؟
– الرئيس الأسد: أولاً وقبل أي شيء، نحن من أغنى مجتمعات المنطقة، لأن لدينا تنوعاً كبيراً في مجتمعنا، هناك الكثير من الأعراق و الأديان و الطوائف داخل هذه الأديان. نحن أكثر غنى من أي بلد آخر و من أوروبا و حتى من أغنى بلدان العالم. مع هذا التنوع، لا يمكنك الحصول على بلد مستقر دون الحصول على ديموقراطية طبيعية. لذلك فما تصفه ليس واقعياً. ما هو واقعي هو أننا سياسياً نتحرك نحو الديمقراطية (كما قلت)، و هذا يأخذ وقتاً، لقد قلتها للتو، فلم أقل إننا ديمقراطيون و لم أعرف سورية على أنها ديمقراطية، لكن المجتمع عندنا في سورية هو مجتمع ديمقراطي، و لو لم يكن كذلك فسيكون لديك حرب أهلية في سورية. لماذا ليس لدينا هنا هذا الصراع الذي تعيشه بلدان عديدة في المنطقة، رغم أنها بلدان تحوي من التنوع أقل مما تحتويه سورية، ومع هذا تعيش صراعاً و حرباً أهلية؟ لأننا في سورية لدينا قبول للثقافات الأخرى.
– لكن، هل تعتقد أنه من الصحيح أن يكون لديكم مراقبة سياسية دقيقة و وضع ناشطين سياسيين في السجون بسب آرائهم السياسية؟
– الرئيس الأسد: لا، ليست الأمور هكذا. إنما يوجد عندنا قوانين في سورية، و القوانين صارمة جداً، و ا لإصلاح يتعلق بالقوانين، و عندما تغير القانون وقتها ستتغير المحاسبة. إنه ليس أمراً يتعلق بالمزاج، ليس تصرفاً مزاجياً أن ترسل شخصاً ما إلى السجن، يوجد قانون، و ذلك القانون هو الكفيل بأن يحدد و هو الذي يقرر متى يتوجب عليك أن ترسل شخصاً ما إلى السجن.
– لكنك تستطيع تغيير القوانين إذا كنت تريد الحصول على أخرى جديدة؟
– الرئيس الأسد: أنت لا تملك البلد و إنما أنت تقود البلد، و هذا هو الفرق. و بالتالي فالقوانين ليست ملكاً للرئيس. على القوانين أن تكون جزءًا من الإصلاح، و الإصلاح يجب أن يكون جزءًا من نقاش المجتمع كله. إذاً، أنت تستطيع أن تقود البلد و لكنك لست المالك لهذا البلد. إذا أردت أن تتقدم في طريق الديمقراطية فأنت لا تطبق ذلك على نفسك فقط، لأن هذا يعتبر نوعاً من الإملاء (الدكتاتورية)، لكي أكون صريحاً معك. و بالتالي، إنه لمن التناقض القول إن (الإملائي) يريد الديمقراطية. عليك إذاً أن تملك هذا التوافق في المبادئ، فأي شيء من دون توافق في المبادئ سوف يفشل حتماً و في جميع المجالات.
– هل ترى نفسك إملائياً؟
– الرئيس الأسد: لا يهم كيف أرى نفسي، الشيء الأهم هو كيف يراني الشعب. إذاً عليك أن توجه سؤالك إلى الشعب السوري لمعرفة كيف يرون رئيسهم؟
– لكن، كيف ترى نفسك؟
– الرئيس الأسد: لا يمكنني أن أكون موضوعياً حتى و لو أردت الحديث بطريقة موضوعية عن شيء يتعلق برؤيتي لنفسي.
– كنت قد لاحظت أنك، خلال تجديد ولايتك مؤخراً في عام 2007, حصلت على 97,62 بالمائة من الأصوات!
– الرئيس الأسد: لأنه تصويت و ليس انتخاباً، هنالك فرق. لا تستطيع توظيف هذه النسبة في سؤالك لأنه لا يوجد منافس آخر. فالعديد من الناس الذين لا يريدون الذهاب للتصويت لن يذهبوا. إذاً هي نسبة 97,62 بالمائة من الناس الذين ذهبوا لكي يدلوا بصوتهم و ليس 97 بالمائة من السوريين.
– تواً و قبل أن أجلس معك، خطر لي سؤال: لو كنت أنا صحفياً سورياً، هل سيكون بإمكاني أن أسألك عن أي شيء؟
– الرئيس الأسد: إذا كنت الآن تستطيع أن تسألني أي شيء، فإن كل سوري يستطيع أن يسألني أي شيء.
– حقاً!؟
– الرئيس الأسد: بالطبع.
– لكن، لديكم من الصحفيين من لديه فهم بأن هناك أشياء لا يستطيع وصفها أو الكتابة فيما يتعلق بها؟
– الرئيس الأسد: هل سألك أحد ما : ماذا سوف تسأل الرئيس؟ لا.
– لا لم يسألني أحد. لكن حتى و لو سألني أحد فلن تكون لدي مشكلة حيال ذلك.
– الرئيس الأسد: لم يكن لدي أية فكرة عن طبيعة أسئلتك!
– هذا صحيح، أعلم أنه لم يكن لديك أية فكرة عن أسئلتي.
– الرئيس الأسد: إذاً عندما أستطيع أن أكون حراً معك، فإنني أستطيع أن أكن حراً معك و حراً مع السوري على حد سواء. و بما أن السوري يستطيع أن يكون حراً معي، فأنت تستطيع أن تكون حراً معي. و لا يمكن أن يكون غير ذلك، فأنا لا أستطيع أن أكون ذا شخصيتين، لا أعاني من انفصام شخصية (شيزوفرينيا).
– دعنا نعد للحديث عن المنطقة. عندما تتكلم مع أي شخص من المنطقة، فإن كل شخص يقول: )نريد السلام(، أنت شخصياً، كرئيس لسورية، كيف تساهم بطريقة ملموسة في خلق السلام في هذه المنطقة؟
– الرئيس الأسد: ببساطة، إذا كان لديك لصٌ يسرق ما تملك، فإنك سوف تطالب بإرجاع نقودك و بطاقتك المصرفية وكل شيء سرقه منك. إذاً، هكذا تكون كيفية الحصول على السلام، فنحن لدينا أرضنا مسلوبة من قبل هذا الاعتداء، و الذي تم عن طريق الاحتلال لهذه الأرض، نحن نريد استرجاع أرضنا و من ثم الركائز الأخرى للسلام، فإلى جانب استرجاع الأرض و الحقوق، نريد استرجاع الأمن. اتفاقيات الأمن على جوانب الحدود، و هذا بسيط جداً. قد تكون تفاصيل هذا الأمر معقدة جداً، لكن هكذا فقط يمكنك تحقيق السلام، هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيقه. و إن كنا لم نحقق السلام بعد فهذا يعود إلى أن ركائز السلام هذه لم تؤخذ بعين الاعتبار بشكل جدي.
– و ماذا ستفعل أنت شخصياً من أجل تغيير تلك الطريقة في التعامل مع قضية السلام؟
– الرئيس الأسد: من أجل التغيير، فالأمر يتعلق بكيفية نظر الطرف الآخر إلى لقضية. إنه يتعلق بفريقين؛ الاحتلال و العرب، و يتعلق بالتفكير العادل في الحكم على القضية. أنا أستطيع أن أغير ما هو متعلق بجانبي في القضية، لا أستطيع أن أخلق هذا الحكم، لا أستطيع أن أجبر المحتل على أن يؤمن بالحكم. إذاً، الأمر يتعلق بأنه على المحتل أن يغير نفسه و طريقته، و يتعلق أيضاً بالأمريكيين الذين عليهم أن يغيروا نهجهم هذا، خاصة بعد تسعة عشر سنة من استمرار فشل هذا النهج.
– كيف تشعر حيال هضبة الجولان؟
– الرئيس الأسد: إنها أرضي. بمنتهى البساطة، و بكل المعاني هي أرضي، شرعياً و سياسياً و قومياً، إنها أرض سورية و يجب أن ترجع لنا عاجلاً أم آجلاً. ليس هناك شعور مخالف نراهن عليه في أية بقعة في سورية بالنسبة لأية مدينة سورية.
– لكن إذا سألت أي شخص منذ الماضي وحتى الآن، فسيقول الكثيرون الشيء ذاته
– الرئيس الأسد: منطقي أن يقول الجميع الشيء ذاته، إنه ليس رأيي الخاص. فقبل كل شيء، إنه حقيقة و قد تم توثيقها. ثم إن الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن يقولان بشكل واضح إنه على الغزو الانسحاب من الأراضي التي احتلها عام 1967. فأنت لا تطلب من بلد أن ينسحب من أرضه، لكن، لكي تكون محقاً، فأنت تطالبه أن ينسحب من الأرض التي احتلها، ممن احتلها؟ من سورية، إذاً هي أرض سورية و بالقانون الدولي هي أرض سورية.
– لكن، يقول البعض إن الظروف تتغير. فحتى )الدانمارك( اليوم تختلف عما كانت عليه منذ قرون من الزمن، حيث كان عندنا أجزاء من السويد. )ألمانيا( أيضاً تغيرت، و قس على ذلك. إذاً هو التغيير؟
– الرئيس الأسد: التغيير يتم بإرادة الشعب و ليس بإرادة الحرب. فبإرادة الحرب لن يكون تغييراً. و إلا، فبإرادة الحرب فعندما يأخذ أحد بيتك بإرادة الحرب، فلن يعود بيتك بعد ثلاثين سنة! و هذا غير منطقي. إذاً هو الأمر ذاته. فالوضع السياسي هو الذي يتغير، أما الحق فلا يتغير، إنه حقك و إلى الأبد.
– كيف تشعر حيال (الإرهاب تجاه إسرائيل)؟
– الرئيس الأسد: دعنا نقل: (كيف) تجد ما يسمى (الإرهاب ضد اسرائيل).
– هذا سؤال جيد… أعلم أن ذلك يقدم حجة، لكن البعض يرى أن تفجير حافلة بوضع قنبلة أو أن يقوم أحدهم بتفجير نفسه بقنبلة في مركز تجاري هو الإرهاب.
– الرئيس الأسد: حسناً، إن الموضوع يشبه أن تكون أمام لوحة كبيرة و أن تنظر إلى زاوية في الجانب الأيسر السفلي لتقول: إن هذه اللوحة جميلة أو قبيحة. عليك أن تنظر إلى اللوحة كاملة لتحكم أنها جميلة أو قبيحة.
فالحديث عن هذا الجانب فقط من الصراع هو النظر إلى جزء ثنائي البعد. علينا أن نظر إلى الأبعاد الفراغية الثلاثة بمنظور ثلاثي البعد حتى يكون باستطاعتنا أن نرى الأشياء كما هي عليه في حقيقتها.
ما تسمونه الإرهاب، نحن ندعوه مقاومة في هذه المنطقة، سواء قبلتم في الغرب أم لم تقبلوا. فيما يتعلق بالاحتلال، عندما تحتل أرضاً، فالمدني ليس عليه أن يتواجد في هذه الأرض، لا يملك الحق بالتواجد في هذه الأرض، عليه أن يغادرها، عليه أن يذهب إلى أرضه. إذاً، هذه هي أرضي، و طالما أدافع عن أرضي، لا يمكن لكم الحديث عن الإرهاب، هذا أولاً. و ثانياً، إذا أردت أن تصف ما يفعله الفلسطينيون، عليك أن تصف أيضاً ما يفعله الاحتلال بحياة الأطفال، عليك أن تتحدث عن القتل الذي يمارسه، كم فلسطينياً قتله الاحتلال؟ لا يمكنك المقارنة.
الاحتلال يقتل بطائراته، هل استعمال الطائرات لقتل الفلسطينيين لا يعتبر إرهاباً، بينما التفجير الانتحاري هو عمل إرهابي؟! الانتحاري بقنبلة، وأنه لا يمتلك مخزناً أو مدفعاً أو بندقية أو طائرة لتحمل هذه القنبلة، فإنه يستعمل نفسه لحمل هذه القنبلة، هذا هو الفرق، إنه فرق في الوسيلة المستخدمة.
– إذاً، أنت لا تقول إنك لا تؤمن بهذا الشكل من الإرهاب أو المقاومة، هل هذا يعني أنك تقبله كوسيلة سياسية لتحقيق هدف؟
– الرئيس الأسد: إن الأمر هو مسألة فعل و رد فعل. عندما تهاجم أناساً، فإنهم سيستخدمون أية وسيلة للدفاع عن أنفسهم. و كيفما كان الدفاع فهو رد فعل، لا يمكنك أن تتحدث عن رد الفعل و تهمل الكلام عن الفعل. و بالتالي، عندما تسألني سؤالك هذا، فأنت تسألني عن رد الفعل، و أنا لا أستطيع الإجابة عن رد الفعل دون الحديث عن الفعل. لهذا السبب، علي أن أكون بانورامياً، علينا أن نتكلم بطريقة بانورامية شاملة. لا أستطيع أن أتحدث عن حالة معزولة لأن ذلك لن يكون واقعياً و لن يكون موضوعياً. علينا أن ننظر إلى القضية من الجوانب جميعها.
– لكن أظن أن ما أحاول الحصول عليه من إجابتك هو أننا في بعض الأحيان عندما نتكلم مع القادة في المنطقة، سواء كانوا من الاحتلال أم العرب، فدائماً الشيء نفسه، الآخرون يستطيعون فعل شيء ما. في نقطة واحدة، يقول الاحتلال: نحن لا نستطيع صنع سلام طالما أن الانتحاريين يفجرون الحافلات و المراكز التجارية!؟
– الرئيس الأسد: الموضوع لا يتعلق بالانتحاريين، إنه موضوع القتل. فالاحتلال يقتل فلسطينيين مدنيين، و الفلسطينيون يتصدون. هذه هي الصورة. لا يهم ماذا أسميهم انتحاريين، سواء أعجبك أنت ذلك أم لم يعجبك. لماذا لا تحب (الانتحاريين) بينما تحب (الطائرات)؟! هل يتعلق الموضوع بالوسيلة أم أنه يتعلق بالفحوى! إنه يتعلق بجوهر القضية الذي هو القتل. أنت تقتل فأنا أتصدى، هذا هو الأمر، إنه الوضع في الأراضي الفلسطينية. لكن هذا الاحتلال يقتل أضعافاً أكبر بكثير، عشرات الأضعاف، بالمقارنة مع ما يقتله الفلسطينيون، هذا هو الفرق. لماذا تتحدث عن الانتحاريين، ليس عليك إضاعة الوقت بالحديث عن ذلك. فلو توفر لدى هذا الانتحاري المدفع، فإنه سيستخدم المدفع و لن يستخدم نفسه.
– لكن ذلك يعني أنكم ترون قتال منظمة كحماس – و التي لها اتصالات وثيقة مع سورية – باستخدامها هذه الوسائل قتالاً مشروعاً؟
– الرئيس الأسد: كرد فعل، إنه رد فعل طبيعي، سواء كان مشروعاً أم لا، لأنه طبيعي، فهو من الطبيعة الإنسانية. لا يمكننا الحديث عن القانون دون أن نأخذ بعين الاعتبار رد الفعل الطبيعي عند الناس، عندما تهاجَم ستهاجِم. هكذا نرى الأمر، إنها وجهات نظر مختلفة. فعلى سبيل المثال يمكن أن نحصل على وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بهذه الطاولة، قد تقول أنت إنها جميلة، أما أنا فقد أقول إنها قبيحة، لكنها في النهاية تبقى طاولة. إذاً، أنا أتحدث عن الحقيقة و ليس عن الآراء، فالآراء ليس لها ما تؤثر به هنا في هذا الموضوع. إنه حقيقة، إذا أردنا أن نحل مشكلة ما، علينا التعامل مع الحقيقة و ليس مع آرائنا أو مع مزاجنا.
– عندما تعقد اجتماعات مع أصدقاء، و أنت تفعل ذلك دائماً و أبداً، فإنك تجتمع مع قادة حماس، هل ستقول: (لا أعتقد أنها فكرة جيدة للاستمرار بفعل ذلك)، أم أنك ستقول: (تابعوا لأنه باعتقادي أن ذلك يخدم هدفاً)؟
– الرئيس الأسد: سأقول: الاحتلال يقوم بأفعال سيئة، إنه يقتل الفلسطينيين كل يوم، و كل فلسطيني، مع حماس أو مع غيرها، له مطلق الحق أن يدافع عن نفسه و يقوم بالمقاومة. (لكي أكون واضحاً جداً معك).
– دعنا نتكلم عن حزب الله، لأن موضوعه أيضاً سيستخدم من الخارج من قبل الغرب و الولايات المتحدة لكي يقولوا إن هذا أيضاً في الواقع يظهر أن سورية بشكل أو بآخر تدعم الإرهاب. ما هو شعورك حيال ذلك؟
– الرئيس الأسد: لهذا السبب فإن الغرب يفشل في كل محاولة، لأنه لا يرى الحقيقة مهما يكن قائلها. لكنني أعتقد أن الغرب قد بدأ يتعلم أن هذا ليس صحيحاً. لأن هذه المنظمة لها ممثلين في مجلس الشعب، و هم منتخبون ديمقراطياً، و لديهم وزراء في الحكومة و يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني. أنت لا تستطيع أن تصف الشعب في لبنان، كامل المجتمع، بأنه إرهابي. هذا ليس واقعياً.
– في النهاية، أود أن أسألك سؤالين: أنت رجل مشغول، و رجل سياسة، و أنت أب لثلاثة أطفال. عندما تأخذ عطلتك، ماذا تحب أن تفعل؟
– الرئيس الأسد: لا أؤمن أن أحداً ما لا يستطيع إيجاد الوقت عندما يستطيع ترتيب الأشياء حسب الأولوية. لديك وقت لأطفالك و لديك وقت للسياسة و لديك وقت للعمل. ليس عليك أن تقول إنك رجل مشغول و لذلك ليس لديك وقت. إن كنت رجلاً مشغولاً و ليس لديك وقت، فذلك يعني أنك لا تجيد إدارة وقتك.

– إذاً أنت تأخذ وقتك للراحة مع أطفالك، ماذا تفعل؟
– الرئيس الأسد: إنه واجبي. عليك واجب تجاه أسرتك. و خاصة في هذه المنطقة حيث الروابط الأسرية متينة جداً. أنا أجد الطريقة، نحن نستيقظ مبكراً، هذا الصباح مثلاً استيقظنا في الساعة السادسة، كان لدينا الوقت الكافي لنجلس معاً مدة ساعة و نصف قبل أن يغادر الأطفال إلى المدرسة و أذهب أنا إلى عملي.
– و هل تستمتع بهذا الوقت الذي تقضيه مع أسرتك؟
– الرئيس الأسد: بالطبع. إنه موضوع هام جداً، فالأسرة جزء هام جداً من حياتنا و في الشرق عموماً. أما أن تقول انك مشغول و ليس لديك وقت لأسرتك! لماذا إذاً كونت أسرة إن كنت لا تملك الوقت لها! من الأفضل في تلك الحالة أن لا تكوِّن أسرة.

– السؤال الأخير: أتذكر عندما تحدثت إلى الرئيس الامريكي بوش، وقتها سألته سؤالاً: (كرجل سلطة، ما هو الشيء الأخير الذي تفكر فيه قبل أن تستغرق في النوم ليلاً؟). و أنت رجل سلطة، تعيش في منطقة مضطربة و لديك مسؤولية كبيرة تجاه بلدك، ما هو الشيء الذي تفكر فيه قبل النوم؟
– الرئيس الأسد: الشيء الذي قرأت عنه قبل النوم (يضحك)… الأمر نسبي، عليك أن تفكر بشيء لتنام أفضل، الأفضل أن تفكر أن تنام مرتاحاً لكي تستيقظ نشيطاً في الصباح، و بعدها تبدأ التفكير. إذاً هذا جزء من ترتيب أولوياتك. عندما تتحكم بتفكيرك بحيث لا يأخذ عملك حيز تفكيرك كل لحظة، عليك أن تحافظ على التفكير بالعمل لكن ليس فوق الحد الطبيعي، في بعض الأحيان ليس لديك الخيار، عليك أن تعيش كشخص عادي في المنزل وأن تكون بعيداً عن كل المشاكل. و هذا يكون سبب نجاحك في عملك.
– هل ستُحِلُّ السلام في الشرق الأوسط؟
– الرئيس الأسد: هل سأُحِلُّ السلام! سأفعل ما بوسعي لإحلال السلام. لكن هذا السؤال يتوقف على اللاعبين المختلفين الذين في القضية. إنها ليست سفينة بربان واحد، إنها سفينة بقباطنة عدة من أجل الوصول إلى تحقيق السلام.
– شكراً جزيلاً سيدي الرئيس. كان من دواعي سروري التحدث معك. حقاً كان كذلك، لقد استمتعت بالمحادثة معك.

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. نحنا معك دائما وانتي يا سيادة الرئيس بعهدك سنترك اوروبا ورائنا ولكن يلزمنا بعض الوقت ويلزمنا محاسبة كل شخص ليس من قبل الدولة ولكن من نفسة اولاً

  2. نفتخر بك ياسيادة الرئيس ونعتز بك أنت أمل الأمة العربية أنت الأمل الساطع ياشمس العروبة الخالدة ياصانع السلام جميع أبناء الأمة العربية وفي كل الدول العربية كانوا ولازالوا مؤيدين ومناصرين لمواقف الدكتور بشار الأسدالوطنية والقومية الشجاعة والمميزة رعاك الله ياقائد الوطن وحماك وأيدك بنصره ودمت مرفوع الرأس وشامخا وليحرسك الله بجنده والله ولي التوفيق

  3. انت تملك محبة 22مليون سوري والله اعلم محبة الغير سوري مممممممممممممممممنننننننننننننننننننننننننحححححححححححححححححححححببببببببببببببببببببببببببببكككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككك

زر الذهاب إلى الأعلى