الرئيس السوري

حديث السيد الرئيس بشار الأسد إلى صحيفة الشرق الأوسط

في حديث للسيد الرئيس الدكتور بشار الأسد مع صحيفة الشرق الأوسط كانت الحوارات التالية ..

· · إذا جاءت إسرائيل وقدمت عرضاً للسلام ينسجم مع المطالب السورية فهل من الممكن أن تقدم سورية على توقيع اتفاق قبل الفلسطينيين ؟ 

ـ نحن نقول دائماً الهدف هو سلام عادل وشامل .. وكلمة شامل تعني كل الأراضي المحتلة الجولان ولبنان ليس سلاماً شاملاً وبالتالي لا بد من أن يكون هناك تواز بين المحور السوري اللبناني والفلسطيني .. 

· · اسمحوا لنا أن نكرر السؤال .. إذا تلقيتم عرضاً كاملاً والمطلوب فقط التوقيع عليه .. فهل تفعلون ذلك ؟ 

ـ ضمن نفس المبدأ توقيع سورية على الاتفاق لا يعني حل القضية والوصول لسلام .. نحن ننطلق من منطلق قومي .. ماذا عن أربعة ملايين فلسطيني مشردين في دول عربية مختلفة ؟ .. ماذا عن الفلسطينيين في الضفة وغزة ؟ حتى الآن بعد حوالي عشر سنوات لم يحصلوا على شيء من الجانب الإسرائيلي له علاقة بالدولة أو بالسيادة أو بالحقوق .. وبالتالي نحن لا نستطيع أن ننظر نظرة قطرية ضيقة .. ومن هنا أتت كلمة الشامل .. كلمة الشامل لها منطلق قومي ونحن نؤكد على السلام الشامل ونؤكد على التعاون مع الإخوة العرب على التنسيق على المسارات الأخرى . 

· · أرجو أن أسمع إجابة صريحة .. هل توقعون ؟ 

ـ هل المطلوب أن نوقع على شيء غير شامل ؟ نوقع على ما هو ضد مبادئنا ؟ نحن نقول السلام العادل والشامل وهذا مبدأ لا نتراجع عنه السلام العادل والشامل ..
· · إذاً لن توقعوا قبل أن يوقع الفلسطينيون ..
ـ ليس الموضوع أن نوقع أو لا نوقع .. يجب أن يكون هناك تواز في المسارات .. ونحن لا نعلم فقد يوقعون قبلنا ! لن نوقع إلا على شيء نضمن بأنه يخدم المنطقة ويخدم السلام الحقيقي لأننا لا نهدف إلى التوصل إلى اتفاقية سلام على الورق فقط فالاتفاقيـة هي وسيلة .. بينما الهدف هو السلام على الأرض وإذا لم تكن الاتفاقية هي اتفاقيـة سلام عادل وشامل فهذا السلام سيكون سلاماً هشاً أي مؤقتاً .. وبالتالي نحن غير مستعدين إلا للتوقيع على سلام نضمن استمراريته ولا يمكن أن نضمن استمرارية هذا السلام إذا لم يتمكن من إعادة الحقوق للجميع .. لكل الأطراف العربية بلا استثناء .. وبالتالي التوقيع من قبل طرف عربي لا يحل المشكلة وهذا ثبت من خلال تجارب السلام العربية السابقة مع إسرائيل . 

· · إذا وقع الفلسطينيون على اتفاق لا يراعي المصالح القومية فما هو الموقف السوري في هذه الحالة ؟ .. 

ـ إذا وقع الفلسطينيون فهم فرضوا واقعاً .. والتعامل مع هذا الواقع سيأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر الشارع الفلسطيني . 

· · وإذا وافق الشعب الفلسطيني فهل هذا يحل سورية من الالتزام الشامل ؟. 

ـ نحن نترك تحديد الموضوع للشارع الفلسطيني الذي تؤكد وكما تظهر الانتفاضة بأنه شارع غير خامل كما يتوقع البعض ، وإذا الشعب الفلسطيني كان موافقاً على الاتفاقيات فمن الطبيعي أن تقبل بها سورية .. لكن هل يتوقع أي شخص في العالم أن هناك شعباً يقبل بأن يتنازل عن أرضه وعن حقه في العودة إلى هذه الأرض ؟! . 

· · بالنسبة للاجئين .. إذا وقع الفلسطينيون على اتفاق يرد فيه ترك الأمر للفلسطينيين ليقرروا البقاء أو عدم البقاء حيث هم .. هل تقبل سورية في هذه الحالة أن يوطن الفلسطينيون على أراضيها ؟ 

ـ نحن من المنطلق القومي لا يمكن أن نرفض أي عربي على الأرض السورية ، هذا منطلق عربي ونحن مع أي قرار يتخذه الفلسطينيون في سورية ، وفي كل الأحوال نحن لم نسمع من أي فلسطيني بأنه يقبل بأن لا يعود .. لم نسمع منهم إلا التأكيد والإصرار على حق العودة وهذا ما يقولونه باستمرار . 

· · هل تتوقعون من الفلسطينيون أن يوقعوا على اتفاق عما قريب ؟ 

ـ نحن لا نبني مواقفنا على التوقعات .. نحن ندرس الاحتمالات وفي حال لم يتم التوقيع فهناك واقع معين .. وفي حال تم التوقيع هناك واقع آخر .. ونحن نتعامل مع الاحتمالين وكل شيء ممكن وليست لدينا معطيات حالياً .. ولكي نعود لنقول الانتفاضة فرضت طريقة تفكير جديدة .. بالنسبة لمن يحلل هناك سؤال .. هل يا ترى سيكون أي اتفاق فاعلاً إذا لم يوافق عليه الشارع الفلسطيني الذي أثبت فاعليته ؟ وبالتالي فإن أي اتفاق يتم دون موافقة الشارع الفلسطيني ليس له قيمة وبالتالي الحكم اليوم اختلف عن السابق . 

· · ألا توجد اتصالات فيما يخص استمرار المفاوضات .. ؟ 

ـ لا .. لا يوجد هناك حالة جمود كاملة .. السبب أن أي وسيط غير قادر على القيام بأي عمل من دون وجود معطيات من الطرفين .. ومعطيات سورية ثابتة لم تتغير وكذلك حقوقها ومبادئها .. وأيضاً بالنسبة للإسرائيليين ما زالوا في طروحاتهم بعيدين عن السعي لصنع السلام الحقيقي .. 

· · ما هي المشكلة ؟ .. ما الفرق بين الموقفين السوري والإسرائيلي .. ؟ 

ـ المبدأ مبدأ الأرض مقابل السلام ، جوهر السلام غير واضح أو غير مقبول لديهم … 

· · هل لا تزال المواقف الإسرائيلية على حالها بالنسبة للجزء الشرقي من بحيرة طبرية ؟ .. 

ـ تماماً .. 

· · وكذلك موضوع المياه ؟ 

ـ نحن نرفض أن نتحدث في أي موضوع إذا لم يتم الاتفاق على الجوهر الأساسي والمبدأ الأساسي .. وبالتالي لا يوجد حديث حول أي موضوع آخر .. في البداية يجب الاتفاق على الجوهر .. ما فائدة الاتفاق على المياه إذا كـان هناك خلاف على الأرض وهي الأساس .. ؟ وبالتالي سورية لن تناقش في أي موضوع حتى تضمن عودة الأرض كاملة حتى حدود 4 حزيران . 

· · يقال إن مواقف الدكتور بشار تظهره أكثر تشدداً من الرئيس الراحل حافظ الأسد ؟.. 

ـ هذا كلام نسبي .. ما طالب به الرئيس حافظ الأسد أطالب به .. لم أنقص ولم أزد عليه شيئاً .. الحقوق السورية لم تتبدل وكذلك الشارع السوري صاحب الحق لم يتبدل ، والرئيس حافظ الأسد لم يتنازل ونحن في سورية اليوم وفي المستقبل لم ولن نتنازل ، فما الفرق بين المواقف ؟ . 

· · ما هو شكل تعاملكم مع رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتخب وما تتوقعون منه ؟ 

ـ نحن نقول للجميع هذه هي شروطنا للسلام من يستطيع أن ينفذها فنحن جاهزون لمتابعة المفاوضات ولذا نحن نتعامل مع الواقع لا توقعات بل وقائع . 

· · ما رأيكم في الإدارة الأمريكية بكم  .. ؟ 

ـ حتى الآن لا يوجد اتصال معهم وليست لدينا أية معلومات . 

· · ماذا تتوقعون من الرئيس بوش .. ؟ 

ـ نحن لا نتوقع إلا ما نريده .. الحياد في رعاية العملية السلمية والفاعلية في تطبيق قرارات مجلس الأمن وفي دفع الطرف الإسرائيلي إلى إعادة الحقوق العربية كاملة ، وعلى كل الأحوال من المبكر إطلاق التوقعات .. 

· · وماذا عن تصنيف الولايات المتحدة لسورية بأنها دولة مساندة للإرهاب ، والمحير في الأمر هنا أنكم تتعاملون معها بالرغم من هذا الوضع ؟ . 

ـ هذا سؤال يطرح على الأمريكيين .. مفهوم الإرهـاب طرحته أمريكا وهو لا يعنينا بالشكل الذي طرح .. ونحن نفرق بين الإرهاب والمقاومة وعلى كل الأحوال هذا الوضع هو عبارة عن أداة ضغط ولكنها غير فعالة ، نحن نتابع الأداء الوطني والقومي ولا نربطه بهذا المفهوم أو بغيره وفي الوقت نفسه نحن من طرفنا نسعى لعلاقات جيدة مع كل الدول ومنها الولايات المتحدة . 

· · هل هناك انعكاس لهذا الوضع عليكم ؟ . 

ـ هناك منع نقل التكنولوجيا إلى سورية لكن هناك مصادر أخرى للتكنولوجيا نعتمد عليها في التطوير التكنولوجي . 

· · لماذا لم نشاهد عرفات في دمشق .. ؟ 

ـ أبواب سورية مفتوحة لكن اللقاءات يجب أن يكون لها هدف وبرنامج مسبق واتجاه معين ، وسورية نهجها معروف .. ونحن دائماً نقول بدعم المسار الفلسطيني رغم كل الظروف ولكن هدفنا واضح .. إعادة الحقوق كاملة دون تفريط على الإطلاق والتنسيق مع الجانب الفلسطيني يجب أن يكون حصراً في هذا الاتجاه خاصة أن تجربة تسع سنوات من عملية السلام أثبتت بأنه لا بديل عن استعادة الحقوق العربية كاملة بحسب قرارات مجلس الأمن . 

· · لوحظ أن تنسيقاً عالي المستوى يحكم العلاقات السورية السعودية .. ما هي انعكاسات هذا التنسيق على الصراع العربي ـ الإسرائيلي ؟ 

ـ مواقف المملكة واضحة تماماً من القضايا العربية ومنها قضية الجولان السوري المحتل وهناك تنسيق مستمر وعلى مستويات مختلفة بالنسبة لهذه القضايا وبالنسبة للقضايا الطارئة وقد أثبت هذا التنسيق فاعليته في مواقف وفي ظروف مختلفة ليست مرتبطة فقط بشأن الصراع العربي الإسرائيلي وإنما بكل القضايا التي تخص الأمة العربية وخاصة التضامن العربي 

· · هناك حديث عن محور مصري ـ سوري ـ سعودي ؟ 

ـ أعتقد لا سورية ولا مصر ولا السعودية تؤمن بسياسة المحاور أو تسعى لإيجاد محاور لكن هناك دول لها علاقة بقضايا أكثر من دول أخرى وهناك قضايا ذات أهمية أكثر من قضايا أخرى وهناك قضايا في ظروف معينة تبرز أكثر من قضايا .. هذا الشيء أحياناً يظهر تنسيقاً بين دول معينة في هذه القضايا بشكل خاص وطبعاً هناك عامل أساسي هو فاعلية تلك الدول في هذه القضايا ومن هنا يأتي التنسيق السوري السعودي المصري الفاعل والضروري خاصة في هذه المرحلة 

· · نلاحظ تغيراً كبيراً في العلاقة السورية مع العراق وكذلك مع الأردن وحتى مع تركيا .. وهذا حصل في أقل من سنة . 

ـ بالنسبة للعلاقة مع الأردن ومنذ أن أتى الملك عبد الله سعى لتطوير علاقاته مع الدول العربية وبشكل خاص مع سورية إذاً موضوع تطور العلاقات مع الأردن أتى مع مجيء الملك عبد الله وقد تكون العلاقة الودية وعلاقة الاحترام المتبادل التي بنيت بيني وبين الملك عبد الله ساهمت في تطوير ودفع العلاقات .
أما بالنسبة للعلاقة مع العراق فهي لم تبتدئ مؤخراً بل في عام 1997 وقد زادت وتيرة زيارات المسؤولين العراقيين إلى دمشق في الفترة الأخيرة مع ارتفاع مستوى المسؤولين القادمين وهذا نتيجة طبيعية لتطور هذه العلاقات التي ابتدأت منذ 4 سنوات ولكنها ظهرت بشكل أوضح خلال الشهور الأخيرة .
فيما يخص العلاقات مع تركيا فهي منذ العام 1998 وحتى اليوم في تطوير مستمر أيضاً أي لا توجد هناك قفزات في العلاقـات كله تطور تدريجي وتصادف أن تظهر صورة هذا التطور مع هذه الدول التي تتكلم عنها في نفس الوقت وضمن نفس الفترة الزمنية لكن المبدأ العام في تطوير هذه العلاقات أن نتلافى كل السلبيات التي تظهر من وقت لآخر وهذا التلافي للسلبيات هو الذي يكرس الإيجابيات . 

· · لوحظ أن هناك ديناميكية في الحركة مع العراق صحيح أن العلاقات تعود إلى عام 1997 ولكن مقدار التطور الذي حصل في الأشهر الماضية تضاعف عما كان عليه في السنوات الماضية . 

ـ الملاحظ بالشكل الأساسي هو زيادة عدد المسؤولين العراقيين الذين زاروا سورية نحن وكما قلنا سابقاً نكرر : إن أبواب سورية مفتوحة للأخوة العرب. 

· · الأبـواب كما نعلم مفتوحة منذ زمن طويل فما هو تفسير ما يحصل الآن .. ؟ 

ـ بما أنك قلت إنها مفتوحة منذ زمن طويل فهذا يعني أن لا شيء تغير بالنسبة إلى سورية ، الإخوة في العراق بادروا إلى تطوير العلاقات مع سورية ومع غيرها من الدول العربية وكان هناك تجاوب من دول عربية عديدة ومنها سورية التي تحرص كل الحرص على رفع المعاناة عن الشعب العراقي وتعزيز التضامن العربي 

· · كيف توفّقون بين دفء العلاقة مع العراق في وقت تحافظون فيه على المعارضة العراقية .. ؟ كيف يقتنع مسؤول عراقي بوجود المعارضة في دمشق وهو جالس مع سيادتكم في قصر الضيافة ؟ 

ـ المعارضة العراقية بالتأكيد ليست ضد العراق أي مواطن عراقي هو وطني وليس مع الحصار الظالم المعارضة هي لنظام سياسي وبكل تأكيد لو سألت أي معارض داخل أو خارج العراق سيكون له نفس الرأي باتجاه رفع الحصار ورفع المعاناة عن الشعب العراقي فنحن مع ما يصب في هذا الإطار رفع المعاناة عن شعب العراق وهو ليس تحالفاً سياسياً مع جهة ضد جهة . 

· · هناك مسألة أخرى غير واضحة المعارضة العراقية هل صحيح أن حجم هذه المعارضة قد تقلص في سورية ؟ 

ـ نحن لم نتدخل في هذا الموضوع سورية أصلاً لم تتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للعراق وبالتالي هي لم تقف مع طرف ضد طرف وبقيت أبوابها مفتوحة للجميع ولكل العراقيين .. خاصة أن المرحلة الحالية مرحلة صعبة بالنسبة للأمة العربية ككل وقد تكون هناك خلافات بين أطراف مختلفة على الساحة العربية وقد تكون لنا وجهات نظر مختلفة عن وجهات نظر الكثيرين من الأطراف وقد تكون لنا اعتراضات في مجالات مختلفة سياسية وغيرها أمام أي دولة عربية لكن هناك أولويات للأخطار وأولويات للتعامل مع هذه الأخطار وبالتالي للتعامل مع القضايا الخلافية لا يجوز لأية قضية خلافية أن تؤثر على القضايا المركزية كقضية فلسطين والانتفاضة ، سلامة ووحدة ، الأراضي العراقية التضامن العربي . 

· · وماذا عن القضية المركزية بالنسبة لمواطن عربي آخر في الخليج .. ؟ 

ـ لا يوجد مواطن في الخليج يقول أو يرضى بتدمير العراق أو بدفعه إلى التفكك كوطن ولو كان ضد الحكم فيه فلذلك هناك قضايا أهم من غيرها فمن أجل التضامن العربي ننبذ الخلافات . 

· · الآن تستقبلون طارق عزيز وطه ياسين رمضان وباقي القيادات العراقية وتتحدثون عن سلامة أرض العراق ورفع الحصار عنه فيما الفلسطينيون لديهم قضية محورية الضفة وغزة والقدس لماذا لم يأت مسؤول فلسطيني واحد إلى سورية ؟ 

ـ لا .. أتى فلسطينيون أنا لم ألتق بهم ولكنني قلت في مؤتمر صحفي إن هناك لقاءات بيننا وبعض المسؤولين الفلسطينيين تهدف سورية من خلالها لدعم الموقف الفلسطيني خاصة في هذه الظروف وخاصة بعد أن أثبتت إسرائيل أنها لا تريد السـلام . 

· · هل نتوقع أن تستقبل سورية الرئيس العراقي صدام حسين ؟ 

ـ كما سبق وقلت أبوابنا مفتوحة للجميع . 

· · هل يمكن أن نرى الرئيس بشار الأسد في بغداد ؟ 

ـ حالياً لم يتم طرح هذا الموضوع والأمور مرهونة بأوقاتها قد يأتي هذا من ضمن تطوير العلاقات بين سورية والعراق ومن ضمن عودة العراق إلى لعب دوره الهام على مستوى الدول العربية بعد أن يتم حل كافة القضايا الخلافية على المستوى العربي . 

· · لكن لدول الخليج حساسية كبيرة من هذه المسألة كيف يتقبلون هذه الصورة .. ؟ 

ـ هم يعرفون أننا لم نغير موقفنا وأنا سبق وقلت في مؤتمر صحفي إن موقفنا لم يتغير وهذا شيء تعرفه كل دول الخليج وهناك تنسيق بيننا وبين دول الخليج ونحن نؤكد دوماً أننا لا نريد أن نربح بلداً كي نخسر بلداً آخر نحن نريد أن تكون علاقاتنا جيدة مع جميع الدول العربية الأخرى وبين الدول العربية كلها مع بعض .. هذا أحد العناصر الجوهرية للسياسة السورية وبالتالي فإن أي خطوة نقوم بها يجب أن تكون بالتنسيق مع الدول العربية الأخرى نحن نسعى دائماً أن لا تكون العلاقات الثنائية منفصلة عن العلاقات العربية ـ العربية ومن هنا نقول إن العلاقات السورية ـ العراقية أو العلاقات السـورية مع أي دولة عربية أخرى يجب أن تراعي العلاقات العربية ـ العربية . 

· · هل أثار هذا التحرك مع العراق حساسية مع السعودية والكويت ؟ 

ـ نحن لا نقوم بأي عمل ثنائي إلا بما يتوافق مع استقرار العلاقات العربية ـ العربية وهذا الشيء يتطلب التنسيق والتشاور المستمر وهو موجود بيننا والسعودية والكويت وهم يعرفون موقف سورية ويثقون به وهو معلن وواضح . 

· · هل يمكن لسورية أن تلعب دوراً في تقريب وجهات النظر ؟ 

ـ جوهر سياسة سورية العربية هو تعزيز التضامن العربي والعراق لا يمكن أن يكون خارج إطار هذه الفكرة صحيح أن هناك مشكلة وعلينا كدول عربية أن نبذل كل الجهود لحلها 

· · عُرف عن دمشق تفريقها بين النظام العراقي والشعب العراقي وهانحن اليوم نراكم تتعاملون مع بعض رموز هذا النظام فما الذي حصل ؟ 

ـ كانت هناك خلافات وكانت هناك مصارحة واستعادة للماضي واعتبرنا هذا درساً نتعلم منه ولا نعيش عليه .. الهدف الأكبر هو التضامن العربي وهذا يتطلب تجاوز الماضي 

· · ولكنكم تتعاملون مع النظام ..! 

ـ الخلاف مع أي جهة ليس خلافاً شخصياً بل من خلال القضايا مواقفنا لم تتغير واقترابنا أو ابتعادنا عن الجهات يختلف حسب نهج تعاملها مع القضايا المطروحة 

· · يقال إن الأردن خسر العلاقة الخاصة مع العراق وإن سورية أصبحت صاحبة هذه العلاقة هل هذا دهاء منكم ؟ 

ـ بلا شك موقع سورية التاريخي والعلاقة القوية التي تربط الشعبين السوري والعراقي بالرغم من قطيعـة طويلة بين البلدين تعطي نوعاً من الخصوصية لعلاقة سورية بالعراق وكذلك العلاقة التي تربط العراق بالأردن والأردن بسورية وليس بالضرورة أن يكون تطور العلاقة بين بلدين على حساب الثالث . 

· · وماذا عن العلاقة مع دولة الإمارات التي زرتموها أخيراً ؟ ما الهدف منها ؟ هل لها علاقة بموضوع الجزر ؟ خاصة أن هذه الزيارة سبقت زيارتكم إلى طهران .. ما هي بالضبط الرسائل المتبادلة بينكم وبين الإيرانيين والإمارات . 

ـ لا توجد رسائل كانت الزيارات لتقييم الوضع العام في الساحة العربية ولتلبية الدعوة لزيارة البلدين وكانت فرصة للاطمئنان على صحة الشيخ زايد بعد رحلتـه للعلاج تسلسل الزيارتين للاطلاع على الموقف في البلدين وليس لنقل رسـائل . 

· · هل تعتقدون أنهما قريبان من الحل ؟ 

ـ ما سمعناه من الطرفين هو الرغبة في الحل السلمي وهذا هو جوهر الموضوع أما تأخر الحل أو عدم تأخره فهذا يتبع للظروف المحيطة في الدولتين . 

· · ألم يتم طلب وساطة من سورية ؟ 

ـ لم يتم طلب أي وساطة . 

· · منذ سنوات طويلـة وسورية تقوم بدور الوسيط بين الخليج وإيران ويقال إن سورية نجحت في تحجيم النزاع الإيراني العراقي كي لا يمتد للخليج فما الغريب أن يكون هناك تحرك سوري في المجال نفسه الآن ؟ 

ـ طبعاً لا مانع لكن الحالة الآن ليست حالة حرب ونحن قلنا بأننا أردنا أن نعرف الموقف ودلت وجهات النظر بأنه لا توجد حالة حرب . 

· · ما هي رؤية إيران تجاه لبنان ، من الواضح أنها كانت مهتمة بلبنان كثيراً أثناء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب والآن انسحبت إسرائيل هل طرح موضوع اهتمام إيران بلبنان أثناء زيارتكم ؟ 

ـ تم النقاش في كل المواضيع كانت هناك جولة تقييم لكل أوضاع المنطقة وفي العالم تم تقييم الوضع الدولي والوضع الإقليمي طبعاً لبنان جزء من الوضع الإقليمي عملية السلام أيضاً وسورية ولبنان في مسار واحد من العملية السلمية فمن الطبيعي أن يكون قد تم التطرق إلى هذا الموضوع موضوع انتصار المقاومة وموضوع الانتفاضة وموضوع الفلسطينيين وكلها مواضيع مرتبطـة ببعضها البعض .. لا يمكن أن تنفصل نقطة عن نقطة أخرى من هذه المواضيع 

· · ما هي رؤيتكم لاتفاق الطائف والبنود التي لم تنفذ منه وخاصة موضوع إعادة انتشار الجيش السوري في لبنان ؟ 

ـ اتفاق الطائف أتى ليضع لبنان على سكة السلم الأهلي والإصلاح في المجالات المختلفة وخاصة في مجال إلغاء الطائفية السياسية وعودة المهجرين وتطرق إلى موضوع إعادة انتشار الجيش السوري خلال مدة افترضت كافية للبدء بتنفيذ مجمل البنود التي ذكرت فيه بشكل متواز وقد قدرت هذه المدة بسنتين وترك الاتفاق للدولتين تقدير وتحديد الظروف التي يتم فيها الانسحاب .
وهذه الظروف كانت تتبدل بشكل مستمر بعد الطائف توحيد بيروت واستعادة الشرعية حرب الكويت ومفاوضات السلام وتلازم المسارين وبالتالي الظروف تغيرت وبشكل متسارع وجود القوات السورية في لبنان يأخذ جانبين الجانب الذي دخلت من أجله سورية وهو موضوع السلم الأهلي وهذا تحديده يعود للدولة اللبنانية والجانب الآخر مرتبط بالمصلحة السورية اللبنانية المشتركة وهو مرتبط بموضوع الحرب والسلام مع إسرائيل لذلك نحن نسمع نقاشات غالباً تدور حول جانب واحد لهذا التواجد طبعاً ما يتعلق بتلازم المسارين لا يرجع إلى سورية فقط بل إلى سورية ولبنان أما المرتبط بالسلم الداخلي فهذا يرجع إلى لبنان لكنه لا يرجع إلى جهة لبنانية ولا لشخصية لبنانية محددة بل يرجع إلى الدولة اللبنانية والدولة اللبنانية عادة تقوم بما تعتقد أنه يحقق مصلحة لبنان وما تعتقد أنه يحقق إجماعاً وطنياً 

· · وماذا عن الحوار بين دمشق وبكركي " مقر البطريركية المارونية في لبنان " أو ما يطلقون عليه اسم الحوار السوري المسيحي ؟ 

ـ بالأساس سورية لا تتعامل مع هذه الأشكال من الطروحات وما أطلق عليه اسم الحوار السوري المسيحي هو بالنسبة لنا حوار لبناني ـ لبناني بينما يحاول البعض أن يوحي بأنه موجه لسورية التي تؤكد على ضرورة توجيه هذا الحوار إليها عبر الدولة اللبنانية وهذا ضمن توجه سورية لتعزيز الدولة اللبنانية وليس لإضعافها فبمجرد أن تتعاطى سورية مع هذا الحوار المفترض من جانب واحد كمن يحاور نفسه بمجرد أن تتعامل معه بشكل جدي فهذا يعني أنها تحجم الدولة اللبنانية بينما هي تسعى وخاصة بعد اتفاق الطائف لتعزيز الدولة اللبنانية وأعتقد أن هذا هو الطريق الوحيد والسليم ليكون لبنان معافى . 

· · وماذا عن اللقاءات التي تشهدها دمشق مع شخصيات مسيحية ألا تعتبرون هذا الشكل من الحوار بديلاً لدور الدولة اللبنانية ؟ 

ـ أولاً هذه اللقاءات لم تنحصر بفئة .. ثانياً هناك نوعان من الحوار الأول تستمع من خلاله إلى الأشخاص لتكوين صورة والنوع الثاني من الحوار هدفـه اتخاذ قرار نحن لدينا الكثير من الأصدقاء اللبنانيين ونلتقي بهم وأحياناً نلتقي بأشخاص قد لا يكونون قريبين من سورية وبالتالي نحن نكون صورة من خلال ما نسمعه من هؤلاء أما الحوار من أجل اتخاذ قرار فلا يجوز أن يتم إلا مع الدولة ، وبالنتيجة فإن أي حوار يتم مع أية شخصية لبنانية ومهما تكن الصورة التي تتكون لدينا في سورية ففي جميع الأحوال هذه الصورة تنتقل بشكل آني للدولة اللبنانية وبالتالي ما يتكون من صورة لدينا يجب أن يتكامل مع الصورة التي تكون لدى الدولة اللبنانية البعض يفهم أن في هذه اللقاءات تجاوزاً للدولة اللبنانية هي ليست كذلك بالعكس الحوار سواء أتى عن طريق الدولة اللبنانية أو لم يأتي سيعود إليها 

· · في نفس مشروعية الحوار .. الحوار مشروع مع رئيس الجمهورية ولكن هناك تاريخاً طويلاً من الحوار بين سورية وشخصيات لبنانية ولم يكن أحد يميز بين أشكال الحوار وغاياته هل التمييز اليوم أصبح ملحوظاً بين أشكال الحوار المتنوعة ؟ 

ـ هنا فرقت بين الاتصال للحوار والاتصال للقرار . الاتصال للحوار ليس له حدود .. الاتصال مع أي جهة أو شخصية ضمن المجتمع اللبناني هو حالة سليمة أما الاتصال من أجل القرار فهو حصراً من خلال الدولة اللبنانية لأن أي قرار يجب أن يحقق مصلحة البلدين سورية ولبنان . وبالتالي من الطبيعي ومن الضروري أن تكون الدولة اللبنانية مساهمة وبشكل كامل في هذا الاتصال أو الحوار .. 

· · هناك فـي لبنان من يحمل رئيس الجمهورية مسؤولية عدم قيامه بالحوار مع سورية أو مع الشخصيات اللبنانية وأن سورية في هذه الحالة تقوم بالحوار بدلاً منه ؟

ـ حسب المقصود بالحوار .. هل المقصود الصدام أم تبادل الأفكار .. إذا كان البعض يقصد بالحوار صداماً فالعلاقة بيننا والرئيس لحود علاقة تفاهم وتقدير واحترام متبادل .. أما بالنسبة للحوار لتبادل الأفكار فلا أعتقد أن هناك شخصاً يحاور سورية كما يفعل الرئيس لحود .. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فهو شأن داخلي لبناني . 

· · هل سيحصل خلافات بينكم وبين الرئيس لحود ؟؟ هل تتفقون معه على كل الأشياء وفي الرؤية .. هل حصل أي إشكالات معه .. ؟ 

ـ بشكل عام إذا لم يكن هناك خلافات فلماذا يكون الحوار ؟ هذا السؤال هو من البديهيات .. الإنسان يتحاور مع الشخص الآخر أولاً لكي يعرف وجهة نظره في القضايا المطروحة وعندما يجد نقاطاً معينة في وجهة النظر التي طرحها الآخر تختلف عن النقاط المقابلة في وجهة نظره يسعى لإيجاد قاسم مشترك وهذا هو الحوار الطبيعي بين أي شخصين . وهذا هو الذي يسمح بالتوصل لنتائج إيجابية وأنا أقول دائماً إن التطابق غير موجود أصلاً بين الأخوة حتى بين التوائم .. الكلام عن التطابق الكامل هو كلام نظري .. وغالباً ما يكون الخلاف ليس على الهدف الإستراتيجي بينما نقاط الاختلاف تكون في تفاصيل صغيرة وهذا موجود بين كل الأصدقاء والأشخاص . ولهذا نحن نلتقي ونتصل على الهاتف لمناقشة المواضيع المختلفة .. 

· · ألم يحصل أن بعث الرئيس لحود مندوباً أو حادثكم هاتفياً لكي يعترض على قرار ما ؟ 

ـ لا .. لسبب بسيط لأننا عندما يكون هناك قرار فهو لا يتخذ إلا بعد موافقة الدولتين عليه وسورية لا تتخذ أي قرار في هذا الصدد لا توافق عليه الدولة اللبنانية. وبالتالي أساساً إذا كانت هناك للدولة اللبنانية وجهة نظر تتعارض مع وجهة نظرنا فإننا نتابع الحوار حتى نصل إلى القاسم المشترك الذي نتفق عليه مع الدولة اللبنانية . 

· · ولكن من ضمن الخصوصية اللبنانية قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر داخل المؤسسة الرسمية اللبنانية .. الحكومة .. مجلس النواب .. معروف تماماً أن رئيـس الجمهورية يمثل الدولة اللبنانية .. ولكن هناك انتقادات توجه له .. وبالتالي هل ما يتخذه رئيس الجمهورية من قرارات مشتركة مع سورية يعبر عن الدولة اللبنانية فعلاً ؟

ـ الخلاف الذي تتكلم عنه هو خلاف على الأمور اللبنانية .. لا خلاف بين الرئيس لحود والمسؤولين في الدولة على موضوع سوري لبناني .. على الأقل هذا ما نعرفه من خلال ما هو معلن .. وبالتالي الشيء الموجود بين سورية والآخرين هو نفسه كما مع الرئيس لحود .. أما الخلاف بينهم فهو في محور آخر ضمن العلاقة اللبنانية ـ اللبنانية .. علاقة مؤسسات الدولة ببعضها البعض .. الدولة بباقي أفراد المجتمع وهنا سورية لا علاقة لها بذلك .. 

· · لماذا نسب إلى مصدر سوري مسؤول موافقة دمشق على تسلم الرئيس لحود الملف السياسي .. اعتبر هذا الموقف تدخلاً سورياً في الشأن اللبناني ووقوفاً مع لحود أمام رئيس الحكومة .. وبدا أن سورية لم تعد محايدة وتقوم بدور الحكم في النزاعات اللبنانية الداخلية 

ـ نحن في موضوع الانحياز لا يمكن أن ننحاز إلى أي منهم لأننا لا نعتبرهم فرقاء .. وبالتالي .. لمجرد أن يتم طرح مثل هذه الفكرة أو مثل هذا المصطلح من قبل جهة محددة فهذا يعني بأنها لا تؤمن بتراتبية الدولة .. وبالتالي يكون مفهوم الدولة غير موجود من الأساس .. نحن في سورية كما في كل العالم نعتبر أن هناك تراتبية معينة في الدولة .. والطبيعي أن رئيس الجمهورية هو رأس الهرم .. ورأس الهرم لا يمثل رأس هرم سياسي أو اقتصادي وإنما لكل المجالات وبالنتيجة كل جوانب المجتمع اللبناني تصب عند رئيس الجمهورية . أما توزيع الصلاحيات بين المسؤولين فهو شيء مختلف عن موضوع التراتبية . وهناك أمور تخضع للدستور وأمور تخضع للأعراف السياسية السائدة . وبالتالي سورية تتعامل مع هذا الواقع اللبناني .. سورية لا تتبنى وجهة نظر محددة في أن يتسلم أحد المسؤولين ملفاً وأن يتسلم مسؤول آخر ملفاً مختلفاً ..

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى