صدى الناس

لماذا يتم تغريم وإغلاق الأفران الخاصة

عندما تقول الحكومة على شيء ما أنه خط أحمر فهي بلا شك تهدف إلى خدمة المواطنين، ومن هنا جاء اعتبار رئاسة الوزراء الخبز خط أحمر “يمنع رفع سعره”

عندما تقول الحكومة على شيء ما أنه خط أحمر فهي بلا شك تهدف إلى خدمة المواطنين، ومن هنا جاء اعتبار رئاسة الوزراء الخبز خط أحمر "يمنع رفع سعره". ولكن كأي مهنة من المهن يوجد في المقابل بشر يصنعون الخبز ويبيعونه في أفران خاصة، وقوت يومهم وعائلاتهم من هذه الأفران، وعددهم ليس واحداً أو اثنين بل بالآلاف، وهؤلاء أيضاً مواطنين ولديهم قضية فهل نتجاهلهم؟.
من هنا ندخل إلى جوهر المشكلة، فعدد أفران الخبز الخاصة التي صدر بحقها ضبوطاً تموينية من قبل مديريات التموين في المحافظات خلال السنوات القليلة الماضية  ليس قليلاً، والأسباب حسب مديريات التموين معروفة، وأهمها (نقص وزن ربطة الخبز_عدم وجود لوحة إعلان لسعر الربطة_ بيع بسعر زائد_ بيع جزء من الدقيق التمويني المدعوم أو زيادة نسبة الرطوبة في الرغيف)، وهنا نتساءل هل هذه أسباب أم أساليب يتبعها أصحاب الأفران ولها أسباب أهم وأكبر بكثير…
 خسائر بالمليارات
تعترف الحكومة ونتيجة سياسة دعم الخبز بأنها تتكلف سنوياً خسائر تقدر بمليارات الليرات السورية، طيب مشكورة الحكومة.
لكن، يوجد في سوريا أكثر من 2700 فرناً خاصاً، ينتج حوالي 60% من احتياجات المواطنين من الخبز، وهؤلاء فتحوا هذه الأفران ليعيشوا هم وعائلاتهم منها وبالتالي هي مشروع تجاري لإعالتهم، فما ذنب هؤلاء ليخسروا؟.
وبما أن سعر ربطة الخبز لم يتغير منذ 10 سنوات تقريباً، بينما مصعد أسعار مختلف المواد أخذ كل شيء معه إلى طوابق مرتفعة، لم يكن أمام أصحاب الأفران الخاصة إلا القيام بأساليب تصنّف أنها ملتوية ليحافظوا على مصدر رزقهم.
وصحيح أنه لا يمكن نفي الجشع والطمع عند بعض الخبازين، إلا أن كثرة الضبوط التموينية تشهد بوجود مشكلة تدفع البعض لمخالفة القانون.
فمثلاً في محافظة مثل طرطوس، أحصت مديرية التموين منذ بداية العام 127مخالفة تموينية بحق الأفران (الغالبية العظمى للأفران الخاصة والسبب الأكثر ظهوراً هو نقص في الوزن)، علماً أنه يوجد في طرطوس 74 فرناً خاصاً. فالمسألة ليست جشع.
لذلك قررنا البحث في الأسباب وليس النتائج من خلال لقاء أحد أصحاب الأفران الخاصة والتي أقفلت مديرية التموين فرنه لعدة أيام.
"نحن شرفاء ولكن لا أحد ينظر من زاويتنا"
يقول أحد أصحاب الأفران الخاصة :"قبل أن أتكلم بأي كلمة، أنا عندي عتب على بعض الصحفيين وهم في النهاية بشر خطّاءين،  فبعض الأقلام اتهمتنا نحن أصحاب الأفران بأننا نغش المواطن دون أن يبحثوا في الحقائق، ناسين أو متناسين أننا مواطنين أيضاً ولنا كرامة وهذا عيب فلينظروا إلى الرأي والرأي الآخر".
ويضيف الفران " نحن نعيش بين مطارق المسؤولين ومديريات حماية المستهلك وبعض المواطنين ضعيفي النفوس (الذين يهددونا إن لم نبيعهم قبل غيرهم سيشتكون علينا) وسندان القانون".
وهو إذ يؤكد أن" تكاليف مواد إنتاج الخبز زادت خلال السنوات الماضية، ورواتب الموظفين وتكاليف المعيشة وكل شيء زاد إلا سعر ربطة الخبز، ناهيك عن أجور العمال والكهرباء والصيانة ولاننسى أجور نقل الدقيق إلى المخابز المتواجدة في القرى وليس ضمن المدن وغيرها"، يقدم اقتراحاً يرى فيه الحل المنشود للجميع.
"مجرّد اقتراح للدراسة"
 يقترح صاحب الفرن" بما أن هذه المشكلة تعاني منها جميع الأفران الخاصة في سوريا والحكومة تعتبر الخبز خط أحمر فهو قوت المواطن الأساسي وأنا معهم، أقترح تطبيق خطوة المازوت على الخبز، أي نقدّم دعماً مالياً للفقير ونحرر الخبز، وباعتقادي أن خسائر الدولة سوف تقل كثيراً، ولكن أحب أن أوضح أنه في حالة وجود أسباب جوهرية أجهلها، تمنع الحكومة من تطبيق هذا الأمر فأنا أسحب اقتراحي، فالحكومة تعلم أكثر منّي". 
في كل الأحوال
نحن إذ لا نؤيد أو نرفض ما ذكره صاحب هذا الفرن، لكن نعتقد أن الأمر يحتاج إلى دراسة سريعة وجدية من الحكومة في هذا الموضوع، ونعيد لنذكّر أن كثرة الضبوط التموينية وسببها تخبر بوجود مشكلة والمواطن هو أولاً وأخيراً الخط الأحمر. وفي كل الحالات نرى أن إقفال الأفران عند وجود مخالفة لا يضر صاحب الفرن فقط بل يضر المواطنين الذين يشترون من هذا الفرن دون غيره ولأسباب إنتاجية تحتاج إلى تحقيق آخر.

بواسطة
الصحفي حسان اسماعيل
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى