سياسية

إسرائيل ارتكبت مجزرة “أسطول الحرية” برغم اتفاق مسبق على عدم توجّهه إلى غزة

كشفت صحيفة “ميللييت” التركية أمس، الإثنين، 25 تشرين الأول، عن أسرار جديدة من قضية العدوان الإسرائيلي على “أسطول
الحرية" في 31 أيار الماضي، بقولها إن اتفاقا تم على أن تغير القافلة البحرية سيرها وتتوجه إلى العريش في مصر بدلا من قطاع غزة، وذلك بالاتفاق مع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك قررت إسرائيل الهجوم وارتكاب المجزرة.

وكتبت الصحافية التركية أصلي ايدين طاشي باش إن "صيغة العريش" لم تكن موجودة فقط لدى الجانب التركي بل كانت أميركا وإسرائيل ومصر على علم بها. ومع ذلك قام الكوماندوس الإسرائيلي بالهجوم، وقتل تسعة ناشطين أتراك. وهو وضع حقوقي جديد يرتب مسؤوليات على حكومة إسرائيل"، حسبما نقلت عن الصحيفة التركية صحيفة "السفير" اللبنانية.

ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها "ميللييت" فإن الجهود المكثفة بين أنقرة وتل أبيب وواشنطن والقاهرة أفضت إلى اتفاق بتحويل وجهة سفن الأسطول إلى العريش بدلا من غزة. والمفاجأة أن هذه الصيغة لم يتم التوصل إليها في آخر لحظة، بل قبل ثلاثة أيام من الهجوم على القافلة، أي في 28 أيار الماضي. وتم إبلاغ "بشرى العريش" إلى واشنطن صباح الجمعة في 28 أيار، وبعد ساعات أكدت إسرائيل من خلال اتصالها بأنقرة علمها بالصيغة.

وفي حديث إلى "ميللييت" أكد رئيس منظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بولنت يلديريم هذه المعلومات بقوله "كنا سنذهب إلى العريش. والوضع كان على هذا الأساس. وكانت الوجهة المياه الإقليمية المصرية والكل كان يعرف ذلك".
وكانت السفينة "مرمرة" انطلقت من اسطنبول في 22 أيار، ووصلت إلى انتاليا في 28 أيار. وكانت إسرائيل قد وجهت تحذيرات إلى أنقرة بمنع انطلاق السفينة وتجاوبت الحكومة التركية مع التحذيرات وطلبت من هيئة الإغاثة عدم القيام بالرحلة لكن منظمة الإغاثة رفضت النصيحة الحكومية. لكن تم الاتفاق لاحقا على أن تتجه السفن إلى العريش وألا تكسر الحصار على غزة وألا تقوم إسرائيل بأي اعتراض.

وقد دخل في الاتصالات السرية رئيس الاستخبارات التركية الذي اتصل برئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان الذي اقتنع في النهاية بأن يتوجه الأسطول التركي إلى العريش سفينة تلو أخرى وليس بشكل جماعي، خصوصا أن مصر كانت متحسسة من مثل هذه المحاولات لكسر الحصار بحرا على غزة.
وصباح الجمعة في 28 أيار دخلت واشنطن على الخط بعدما وافقت رئاسة الأركان الإسرائيلية في 26 أيار على القيام بعملية عسكرية ضد الأسطول. فذهب السفير الأميركي لدى تركيا جيم جيفري إلى وزارة الخارجية وأبلغ مديرها العام فريدون سينيرلي اوغلو بأن بلاده قلقة جدا وبأن إسرائيل تعد لعملية عسكرية. وردّ سينيرلي اوغلو بأن السفن من تنظيم منظمات مدنية، لا سلطة للحكومة التركية عليها، لكن مع ذلك فإن وجهة السفن تغيرت وتحوّلت إلى العريش، وليس من داع للقوات الإسرائيلية لتتعرض للسفن بصورة عنيفة.

وأثار كلام سينيرلي اوغلو الارتياح لدى جيفري وواشنطن التي أبلغت تل أبيب بذلك عبر السفير الأميركي في تل أبيب جيمس كانينغهام. وقد أبلغ الدبلوماسي الأميركي وزارة الخارجية الإسرائيلية بالخبر في اليوم ذاته. وما كان من مدير عام الخارجية الإسرائيلية يوسي غال إلا أن اتصل مباشرة بأنقرة للتأكد من صحة الخبر. وبعدما أكد له سينيرلي اوغلو الخبر طلب من غال أن تبتعد إسرائيل عن اعتماد أسلوب العنف، وألا تقوم بأي تدخل ضد السفن.
وبالفعل فإن السفن ولاسيما "مرمرة" التي كانت تسير في 30 أيار بسرعة 222 درجة في اتجاه الجنوب الغربي أي نحو غزة حوّلت سيرها إلى الجنوب وبسرعة 185 درجة. وتقول "ميللييت" إن التباسا حدث قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي عندما سألت البحرية الإسرائيلية قبطان السفينة إلى أين يذهب فأجابهم "إلى غزة"، وعندها هاجم الإسرائيليون السفينة.

وتتساءل الصحيفة "لماذا أجاب القبطان إلى غزة وليس إلى مصر رغم معرفتهم أنهم لن يذهبوا إلى غزة بل إلى العريش؟"، والجواب عند مسؤولي منظمة الإغاثة الذين يقولون إنهم بقولهم هذا كانوا يعرفون أن إسرائيل ستمنعهم وتقول لهم إنه لا يمكنهم ذلك، وعندها كانوا سيحوّلون اتجاههم إلى المكان المتفق عليه، أي العريش. لكن الحسابات اختلطت، وبادر الكوماندوس الإسرائيلي إلى الهجوم، وانتهى العدوان بمقتل تسعة أتراك، وسقطت بالتالي صيغة العريش.

إلى ذلك، اعتبرت رئيسة حزب "كديما" المعارض تسيبي ليفني، خلال الإدلاء بشهادتها أمام "لجنة تيركل" الإسرائيلية المكلفة التحقيق في مجزرة الأسطول، وذلك بصفتها وزيرة الخارجية في حكومة إيهود أولمرت التي فرضت الحصار على غزة، إن "غياب عملية السلام، وعدم وضوح سياسة إٍسرائيل في الشأن الفلسطيني، أوجدا فراغاً سياسياً دخلت إليه تركيا، ورأت فيه فرصة لخلق استفزاز"، مشيرة إلى أنّ أنقرة "سعت إلى منح الشرعية لحركة حماس، ولم يكن هدفها إدخال البضائع إلى قطاع غزة".

واعتبرت ليفني إنّ "غياب العملية السياسية أوجد وضعا باتت فيه الاستراتيجية (الإسرائيلية) عاجزة، وبات المفهوم ضمنا بالنسبة للسلطة الفلسطينية والعالم العربي والعالم غير مفهوم ضمنا، وأسطول الحرية هو خير دليل على ذلك"، لافتة إلى أنه عندما كانت هناك "عملية سلام"، كان بالإمكان القول للأتراك إن مثل هذه النشاطات تمس بعملية التسوية.
كما استمعت "لجنة تيركل" إلى شهادة رئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الـ48 محمد زيدان والشيخ حماد أبو دعابيس، اللذان كانا على متن سفينة "مرمرة". ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن زيدان قوله إن قطاع غزة يخضع للحصار. ودعت اللجنة في بيان "أي راكب كان على متن سفينة مرمرة ولديه معلومات قد تساعد عمل اللجنة في إطار التفويض الممنوح لها من الحكومة للمثول أمامها".

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى