صدى الناس

العقد شريعة المتعاقدين .. أما عقود الإذعان شر لا بد منه..!!

العقد شريعة المتعاقدين .. قاعدة فقهية لا يختلف اثنان على مدى صحتها شرط أن تكون مستوفية الشروط القانونية والاقتصادية والاجتماعية وبقية الشروط التي تنظم المعاملات والعقود بين الناس على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ..
 

فهل ينطبق ذلك على عقود (الإذعان)؟ , تلك العقود التي نتعامل معها و نوقعها مع مؤسسة الاتصالات .. أو المياه و الكهرباء .. أو حتى البنوك ..

تنتشر هذه الأنواع من العقود في المؤسسات الخدمية كقطاع الاتصالات والكهرباء والمياه والبنوك، وجرت العادة أن يتم إبرام هذه العقود في جو من السرعة دون الإطلاع على بنود العقد، و لا تسمع من الموظف سوى كلمة (وقّع هون) ..

هذا النوع من العقود الذي يفرض فيه أحد طرفيه شروطه على الآخر, ويحمله أعباء غير عادلة هي (عقود الإذعان) وهي العقود التي تستخدم نموذجا ثابتا يعده أحد طرفي العلاقة التعاقدية بصورة منفردة ويعرضه على الطرف الآخر الذي ليس أمامه إلا الموافقة عليه كما هو أو رفضه دون أن يكون له القدرة على التغيير في عباراته أو الشروط والأحكام التي يتضمنها . 

وإنني لا أتذكر يوما قرأت عقدا من هذه العقود أو اطلعت على بنوده مع علمي أنها تصب في مصلحة الطرف الأخر, وحول أسباب وجود هذه العقود أشير إلى أن ذلك يعود إلى الاحتكار من قبل بعض الشركات ومؤسسات العامة الخدمية التي تقدمها وحاجة الناس لهذه الخدمة.
 
عقود الإذعان شر لا بد منه" إن عدم وجود بيئة تنافسية ما بين الشركات الخدمية والمؤسسات الخدمية أوجد نوعا من التقييد لحرية المشتركين في هذه الخدمات وأعطى الشركات والمؤسسات العامة قوة احتكارية تصب في مصلحتها من ناحية وجود بنود في العقد تضمن مصلحة الشركة والمؤسسة في تحقيق أرباحها مع عدم الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المشترك. 

كون السلع أو الخدمات محل العلاقة ضرورية بصفة عامة كخدمات الكهرباء والماء والهاتف ضرورية عند توقيع العقد مثل هذه الخدمات ، فلا مفر من توقيعها .!! 

ونوقع عقود التزود بالمياه والتيار الكهربائي وشبكة الهاتف باشتراطات لا تحقق التوازن في الحقوق ما بين الشركات والمؤسسات من جهة وبين المواطن المستهلك من جهة ثانية , وهذا ما نلاحظه اليوم، من اتهامات وأرقام مبالغ خيالية على فواتير الكهرباء، تكسر ظهر المواطن ولا يحق له الاعتراض على ذلك، لأن عقود الإذعان حماية للطرف الأكبر . 

عقود الإذعان والباطلة في كل أنحاء العالم ما زالت في بلادنا درع قوي بوجه الحق، تستخدمها كل المؤسسات والشركات العامة وشعارها ادفع ثم اعترض وهذه هي لغة القوي على الضعيف…!! الثقة انعدمت بين المواطن والجهات الحكومية من وراء تلك العقود المهترئية والبالية .. وكثير ما نسمع صرخات المواطنين من ارتفاع الفواتير الكهرباء والهاتف والمياه والمخالفات الغيابية بحق المواطنين وهذا لا يبشر بخير لنا جميعاً 

فمن حق شركة المياه او الكهرباء قطع هذه الخدمة عن المستهلك في حال تأخره بالدفع مرة واحدة ودون السؤال او التحقق من الأسباب التي حالت وتنفيذ شروط العقد في حين لا يحق للمستهلك الاحتجاج على الانقطاعات المتكررة للمياه او الكهرباء كما لا يحق له المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي يمكن ان تلحق به نتيجة عدم التزام شركات المياه والكهرباء بوعودها بتقديم أفضل الخدمات للمشتركين. والأغرب من كل هذا أن تطالب الشركات فارضة عقود الإذعان المستهلكين بدفع الفواتير الصادرة بطريقة خاطئة بسبب الخلل في العدادات وبعدها يصار إلى حسم الزيادات لاحقا.‏ 

والحال في التعامل مع مؤسسات الكهرباء وشركاتها بصورة خاصة يشير إلى أن العودة عن الخطأ أمر غير وارد في الحسابات المالية واللجوء إلى قطع التيار الكهربائي هو الحل الوحيد وبعدها تبدأ رحلة المطالبة بالحقوق البسيطة التي تدخل في دائرة شبه الاستحالة .. والمطلوب ليس السماح بوجود مؤسسات متنافسة قد تستغل لتنفيذ سياسات أوسع ولكن وضع معايير منطقية تكفل الموازنة في الحقوق ما بين المؤسسات الخدمية من جهة والمواطن المستهلك من جهة ثانية وألا تستمر في فرض عقود خدمية مجحفة كثيرا.‏ 

يلحظ أن هذا النوع من العقود طغى بشدِّة في المعاملات المالية سيما في السنوات الأخيرة حيث أُستغل كمصدر لكسب المزيد من أموال المضطرين، فما السبب وراء ازدياد ظاهرة عقود الإذعان؟ وما هو دور حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، وما هو دور جمعية حماية المستهلك في التصدي للانتهاكات التي تستهدف المستهلك؟ والي اي مدى يمكن أن يدافع المستهلِك عن حقوقه؟ وكيف يمكن تغيير ثقافة المستهلك بحيث يستطيع التصدي لحقوقه المنتهكة بدون تردد؟؟

بواسطة
تيسير مخول
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. تعرض الحي الشرقي في قرية تسيل في محافظة درعا إلى تيار كهربائي عالي أسفر عن احتراق و تعطل عدد من الأجهزة الكهربائية والالكترونية لدى المواطنين، .. اذا هل شركة الكهرباء تعوض بالخسائر التي حدثت من وراء تلك الاستهتار، اعتقد بعيد المنال لان عقود الإذعان ليس لصالح المواطن بل مصيبة محققة على رأسه .

  2. عقد الاذعان هو عقد وضع شروطه الجوهرية مسبقاً أحد طرفيه ليتقيد بها كل من يرغب في التعامل معه وفي هذا النوع من العقود يستبعد كل مناقشة بين الطرفين إِذ يتقدم أحدهما وهو الجانب القوي بمشروع عقد يوجهه إِلى الطرف الآخر وهو الجانب الضعيف ولا يسمح لهذا إلا بالقبول الذي قد يكون مجرد إِذعان لما يمليه الموجب, فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مناقشة ومفاوضة بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إِلا أن يأخذ أو أن يدع إِنه حر لكن حريته تنحصر في قبول التعاقد كما هو أو رفضه ولما كان في أغلب الحالات في حاجة إِلى التعاقد على شيء لا غنى له عنه فهو مضطر إِلى القبول

    فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن ثم سميت هذه العقود بعقود الإِذعان

    برأيكم زملائي الأفاضل ما هو وجه تحقيق العدالة في هذا النوع من العقود وهل من عقود بديلة ترسخ مبدأ العدالة بشكل ينسجم مع حرية

    التعاقد ومع الواقع الاقتصادي خاصة الذي يعيشه المواطن في بلدنا

زر الذهاب إلى الأعلى