سياسية

الرئيسان الأسد وشافيز: دفع التعاون بين البلدين.. طموحاتنا وتحدياتنا متشابهة

أجرى السيد الرئيس بشار الأسد في القصر الرئاسي في كراكاس بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي الفنزويلي مباحثات مع الرئيس الفنزويلي أوغو شافيز.
وتم بحضور الرئيسين التوقيع على تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في المجالات الاقتصادية والزراعية والسياحية والعلمية.

وعقد الرئيسان الأسد وشافيز عقب التوقيع على الاتفاقيات مؤتمراً صحفياً مشتركاً عبر خلاله الرئيس الأسد عن شكره للشعب الفنزويلي على الحفاوة الكبيرة وقال: شعرت بهذا الشيء وخاصة صباح هذا اليوم عندما تمكنت من القيام بجولة خلال ساعات الفراغ من هذا الصباح والتجوال في أسواق مدينة كراكاس بين الشعب الفنزويلي وعلى المحال التجارية والتحدث مع المواطنين الفنزويليين الذين لم نشعر بينهم أبداً بأي مسافة تذكر بل على العكس تماماً كانوا قريبين جداً وكأنهم مواطنون سوريون.

الرئيس الأسد: لايوجد شيء يمكن أن يربط بين أي بلدين كالرابط الشعبي

وأضاف الرئيس الأسد: يسعدني أن أقطع الأطلسي لأول مرة وأقطع هذه القارة لتكون بداية زيارتي إلى أمريكا اللاتينية من فنزويلا.. إنها زيارتي الأولى الشخصية والرسمية والزيارة الأولى لرئيس سوري إلى القارة الأمريكية لكن هذه المسافة البعيدة والغربة الزمنية الطويلة بين سورية وهذه القارة وتحديداً بين سورية وفنزويلا لم تكن ملموسة بالنسبة لنا فمنذ اللحظة الأولى ومنذ وصولنا إلى المطار شعرنا بالوجود السوري البشري في هذه القارة.

وقال الرئيس الأسد: إن المواطنين السوريين يوجدون في مختلف بقاع هذا البلد وفي المناصب والأماكن الفاعلة وشعرنا بأن هناك شيئاً سورياً موجوداً بشكل طبيعي غير مفتعل وغير مصطنع.. وشعرت مباشرة أن هذه المسافات البعيدة بيننا تقلصت وأن هذه الغربة زالت بشكل كلي ولا يوجد شيء من الممكن أن يربط بين أي بلدين كالرابط الشعبي والبشري الذي يتمثل بشكل أساسي بالمغتربين والجالية الموجودة في بلد ما.

وأضاف الرئيس الأسد: تحدثت مع الرئيس شافيز في قضايا كثيرة وعن الشرق الأوسط بتعقيداته الكثيرة والمتراكمة وأيضاً الأوضاع السياسية في أمريكا اللاتينية والتي تتميز بالديناميكية السياسية العالية والتغيرات الكبيرة وخاصة في السنوات الأخيرة.

فنزويلا تمثل للشعب العربي رمزاً للمقاومة والثورة على الطغيان

وقال الرئيس الأسد: كنت تواقاً منذ زمن طويل للقيام بهذه الزيارة وليس فقط للعلاقة التي تربط بيني وبين الرئيس شافيز وليس فقط للمواقف الجريئة للرئيس شافيز والعادلة لقضايانا في المنطقة بل بالدرجة الأولى لأن فنزويلا بالنسبة للمنطقة العربية والعالم العربي والشعب العربي أصبحت تمثل رمزاً للمقاومة والثورة على الطغيان وعلى الاستعمار.

وأضاف الرئيس الأسد: لقد أنجبت فنزويلا الكثير من القادة الكبار لم يكن أولهم سيمون بوليفار المحرر العظيم الذي قاد معارك التحرر في أكثر من دولة في القارة اللاتينية ومنها فنزويلا ولن يكون آخرهم الرئيس الشجاع الجريء في مواقفه وفي وقوفه إلى جانب القضايا العادلة للشعوب في أي مكان من العالم وفي مقدمتهم بالنسبة لنا في القضايا العربية.

تجمعنا طموحاتنا المشتركة والتحديات المتشابهة ونسعى لعلاقة استراتيجية مع القارة اللاتينية

وقال الرئيس الأسد: أردت أن نبدأ هذه الزيارة في فنزويلا لهذا السبب ولأسباب كثيرة تجمعنا مع فنزويلا وتجمعنا بشكل عام مع القارة الأميركية الجنوبية ولكن بالنسبة لنا فنزويلا هي جوهر هذه العلاقة وهي المحور الأساسي لعلاقة سورية مع أميركا اللاتينية وهناك أشياء كثيرة تجمعنا.. تجمعنا طموحاتنا المشتركة.. تجمعنا التحديات المتشابهة.. في بعض الأحيان كانت تجمعنا خصومة لدول معينة.. طبعاً نحن لم نبحث عن خصومة وإنما هذه الدول هي التي وضعتنا في موقع الخصم وصادفت أن تكون نفس هذه الدول وبنفس الجدول الزمني.

وأضاف الرئيس الأسد.. أخذت فنزويلا مكانتها من هذه الأسباب وأضيف إليها مواقف لا يمكن أن تمحى من ذاكرة أي مواطن عربي وهي مواقف الرئيس تشافيز تجاه ما حدث خلال حرب لبنان عندما قامت إسرائيل بالاعتداء على لبنان عام 2006 وسقط أكثر من ألف مدني بريء بالطائرات وبالقنابل الإسرائيلية.. الموقف الثاني هو موقف الرئيس تشافيز تجاه الحرب على غزة عندما قتل أكثر من 1500 بريء معظمهم من الأطفال والنساء بقنابل الفوسفور الإسرائيلية.. جانب آخر يمثل بالنسبة للمواطنين العرب رمزاً من رموز الصمود عندما صمد في مواجهة الرياح العاتية التي أتت بشكل أساسي من الشمال.

وقال الرئيس الأسد: بكل تأكيد لا أحد على مستوى العالم لا يحترم الرئيس شافيز.. ولا أحد يحترم من لا يحترم نفسه وهذا يأتي في الإطار الذي تحدث عنه الرئيس تشافيز عندما ذكر مواقف رئيس الوزراء أردوغان تجاه نفس القضايا التي تحدث عنها وخاصة القضية الفلسطينية وبالتالي أصبحت فنزويلا والرئيس شافيز رمزاً للمقاومة ورمزاً للكرامة لذلك نحن نسعى لعلاقة استراتيجية مع القارة اللاتينية.. وتبدأ هذه العلاقة الاستراتيجية بين سورية وفنزويلا.

الاستقلال الحقيقي هو استقلال القرار الوطني…العالم يحترم فقط الأقوياء ولامكان للضعفاء

وأضاف الرئيس الأسد: إننا نسعى لعلاقة استراتيجية تربط بين شعبين أهم شيء يربط بينهما هو الرغبة الشديدة بالاستقلال ورفض الإملاءات الخارجية وعندما نتحدث عن الاستقلال فنحن لا نقصد فقط استقلال الأراضي وربما استقلت معظم الدول في أميركا الجنوبية منذ زمن طويل ولكن الاستقلال الحقيقي هو استقلال القرار الوطني.. فالاستعمار يخرج من الأرض ويعود من الاقتصاد ومن السياسة وأحياناً يعود من خلال "امعات" دمى سياسية تقوم بتنفيذ الأجندة الخاصة بالاستعمار في هذا البلد.

وقال الرئيس الأسد: نحن نعتقد أن أمريكا الجنوبية سارت خطوات متقدمة جداً من أجل الحصول على الاستقلال الكامل الذي يتمثل في الاستقلال الوطني.. وهنا كان لفنزويلا وللرئيس شافيز دور كبير في التحولات التي حصلت مؤخراً خلال السنوات العشر الماضية في هذه القارة ككل.

وقال الرئيس الأسد علينا أن نكون أقوياء لأننا نعيش في عالم له قواعد وهذه القواعد كأي لعبة "لا نستطيع أن نلعب الشطرنج بقواعد كرة القدم" فالقاعدة الأساسية في السياسة الدولية الآن تقول بأن العالم يحترم فقط الأقوياء ولا يحترم الضعفاء ولامكان للضعفاء ولا احترام لهم ولا مراعاة لمصالحهم فإذاً علينا أن نكون أقوياء لكي يحترمنا العالم وعندها يحق لنا أن نتحدث عن مصالحنا الوطنية ومصالحنا المشتركة.

وأضاف الرئيس الأسد: إن أول عامل في تحقيق هذه القوة هو الوحدة الوطنية الداخلية.. العامل الثاني هو القرار الوطني المستقل.. العامل الثالث ألا نبقى منعزلين عن الآخرين وخاصة الأصدقاء ومن هنا تأتي أهمية التعاون بين سورية وفنزويلا.. تأتي هذه الزيارة لكي نؤكد متانة العلاقات وضرورة تمتينها بشكل أكبر.. نحن نريد أن نبدأ الحوار الذي بدأنا به أنا والرئيس شافيز خلال زيارته الأولى الى سورية في عام 2006 في إطار وضع التصورات.. أريد أن ننتقل إلى الإطار أو إلى المستوى الاستراتيجي في هذه العلاقات.

وقال الرئيس الأسد: إن الزيارة الأولى للرئيس شافيز إلى سورية خلال عام 2006 كانت زيارة نستطيع أن نسميها التعارف ليس على المستوى الشخصي فقط وإنما على مستوى السياسات أو التطلعات أو ربما زيارة سبر إمكانية تطوير هذه العلاقات وتحدثنا بأفكار عامة.

وأضاف الرئيس الأسد: تحدثنا بأفكار عامة ووضعنا تصورات معينة وحددنا الاتفاقيات المطلوب منا أن نوقعها ودخلت كما هي العادة في معظم الحالات أن تدخل هذه الاتفاقيات في إطار أو مسار البيروقراطية وتأخرت.. وخلال زيارة الرئيس شافيز العام الماضي إلى سورية تم حسم الكثير من الأمور وحددنا بدقة ما هي الاتفاقيات المطلوب إنجازها بسرعة وأنجز معظم هذه الاتفاقيات قبل هذه الزيارة واليوم وقعنا القسم الأكبر منها.

وتابع الرئيس الأسد: إننا لا نزال في بداية التطبيق الفعلي لكل هذه التصورات التي وضعت خلال الزيارة الأولى والحقيقة ما بدأنا به فعليا هو موضوع الزيتون وبكميات قليلة فالشحنة الأولى كانت بحدود عشرين طنا وهذا يحتاج لوسائط نقل بالدرجة الأولى وهي وسائط النقل البحرية ولتوسيع هذه العلاقة لا بد أن ننشئ خط نقل بحرياً بين فنزويلا وسورية وبالتالي يمكن أن تكون سورية هي بوابة فنزويلا باتجاه آسيا وشرق المتوسط وبالمقابل تكون فنزويلا هي بوابة سورية البحرية تجاه العلاقة مع أمريكا اللاتينية.. ونحن الآن في بداية التطبيق الفعلي لما وضعناه من تصورات قبل أربعة أعوام والآن التحدي هو في التوسع في هذا التطبيق لكي يشمل مجالات مختلفة.

وقال الرئيس الأسد: إن الرئيس شافيز تحدث بما يكفي عن الزيتون السوري ونحن البلد الأول في العالم العربي بإنتاج الزيتون والخامس على مستوى العالم والزيت السوري معروف من ناحية النوعية وهذا الزيت في أمريكا اللاتينية مرتفع الثمن فمن الممكن أن يكون هناك "التطبيق" في المرحلة الأولى لهذا الزيت وفي المرحلة الثانية لا بد أن ننتقل إلى الإنتاج المشترك بحيث نأتي بالزيتون الخام السوري إلى فنزويلا ويصنع في معامل مشتركة في هذه المنطقة.

وتابع الرئيس الأسد: في نفس الوقت هناك اتفاق لدعم فنزويلا بزراعة القطن وهناك اتفاقات أخرى عرضت وهذه مجرد نماذج وموضوع المطالب موضوع مهم فلا يمكن أن يكون هناك علاقات تجارية واقتصادية من دون وجود تسهيلات مالية وأهمها المصارف.. وهناك عقبات موجودة بسبب المسافة من جانب وعدم الإقلاع بهذه العلاقة قبل العام 2006 حيث أن الإقلاع ليس بالسهل في مثل هذه الظروف ولكن بنفس الوقت هناك نقطة قوة هي الجسر البشري الذي يربط بين البلدين.

ودعا الرئيس الأسد الجالية السورية لكي تبدأ بلعب دور مباشر وفاعل على هذا الصعيد من خلال معرفتها باللغتين وبالثقافتين ومن خلال متابعتها لما يجري في بلدها الأم وبالتالي هي تلعب دور المعزز لهذه العلاقة بالاتجاهين أي بالاتجاه السوري وبالاتجاه الفنزويلي.

وقال الرئيس الأسد: اللقاء مع الرئيس شافيز كان غنياً جداً ليس لأن منطقة الشرق الأوسط غنية بالأحداث أو القارة الأمريكية كذلك بل لأننا نتحدث بحرية واستقلالية وعندما لا نتحدث بحرية فلا يمكن أن نناقش قضايانا الوطنية وعادة في مثل تلك الحالات تناقش القضايا التي تهم دولاً أخرى وحكومات أخرى.. وكنا نناقش اليوم باستقلالية قضايانا الوطنية ومصالحنا وهمومنا المشتركة.

وأضاف الرئيس الأسد: سمعت من الرئيس شافيز عرضاً عن الوضع في أمريكا اللاتينية والتحولات الإيجابية التي تجري في هذه القارة وخاصة كما قلت الاستقلال الوطني والرؤية لمستقبل هذه القارة والعلاقة بين منطقة الشرق الأوسط وقارة أمريكا الجنوبية وأكدت للرئيس شافيز دعم سورية بكل ما تستطيع لمواقف فنزويلا ولصمودها في وجه الضغوط التي تتعرض لها من أجل أن تعود بعقارب الساعة إلى الخلف وتصبح البلد الذي ينفذ الأوامر التي تأتي من الخارج.. وبهذه المناسبة نحن نعبر عن ثقتنا بأن الشعب الفنزويلي أيضاً لن يسمح لهذه العقارب بالعودة إلى الوراء والجالية السورية هي جزء أساسي من هذا الشعب وهي تعرف مصلحة وطنها فنزويلا وأيضاً مصلحة وطنها الأم المرتبطة مع مصلحة هذا البلد وبالتالي من واجبنا جميعاً أن ندعم كل من يقف موقفاً وطنياً تجاه هذا الوطن وتجاه الوطن الأم.

الحكومة الاسرائيلية متطرفة وتسعى لاشعال الحروب والفتن والمشاكل في المنطقة

وتابع الرئيس الأسد: تحدثت مع الرئيس شافيز عما يخصنا في منطقة الشرق الأوسط وبشكل سريع لأنكم تعرفون عن منطقتنا الكثير وفي البداية شكرته على مواقفه تجاه القضية الفلسطينية ونفس الشكر موجه للشعب الفنزويلي وللحكومة الفنزويلية التي تنسق معنا وتدعم هذا الشعب وتدعم قضاياه في مختلف المحافل الدولية ولكن باختصار نحن أمام حكومة إسرائيلية لن تعطي ولم تعمل في يوم من الأيام من أجل إعطاء الشعب الفلسطيني دولته المستقلة وكل ما نسمعه عن هذا الحديث وعن هذا الموضوع هو مجرد أحاديث وتصريحات إعلامية ولكن بالممارسات هذه الحكومة هي حكومة متطرفة وحكومة تسعى لإشعال الحروب والفتن والمشاكل في المنطقة والدليل ما يحصل في غزة والحصار على الشعب الفلسطيني منذ عدة سنوات.. مليون ونصف مليون محاصرون ولا يوجد لديهم أدنى الحاجات الأساسية المطلوبة لأي إنسان لكي يعيش.

وأضاف الرئيس الأسد: هناك موضوع آخر يصب في نفس الاتجاه هو موضوع تهويد القدس أيضا هذه حكومة تقوم بطرد السكان العرب الفلسطينيين السكان الأصليين لفلسطين من أراضيهم ومن بيوتهم من أجل أن تأتي بسكان مستوردين من الخارج ويسكنوا بدلاً منهم وهم يتحدثون عن دولة ديمقراطية ويتحدثون عن دولة يهودية بنفس الوقت وفي هذا تناقض كبير كيف تكون دولة ديمقراطية لكل من فيها من العرب المسلمين والمسيحيين وكيف تكون دولة يهودية.. هذا الكلام غير ممكن من الناحية العملية إلا إذا كانت إسرائيل تريد أن تقدم نموذجاً جديداً في الديمقراطية يمكن أن نطلق عليه "وربما هي تطلق عليه" ديمقراطية الفصل العنصري ولا يوجد تفسير آخر لهذا الموضوع.

وقال الرئيس الأسد: إن موضوع التهويد ليس له مبرر فنحن وأنتم شعوب منفتحة منذ 100 عام وأتاكم مهاجرون من مختلف القوميات ومن أديان مختلفة ومن مذاهب مختلفة ولم تعاملوهم بناء على هذه المعايير القومية العرقية أو الدينية وفتحتم لهم أبوابكم ورحبتم بهم في بلدكم ونحن نفس الشيء لدينا تاريخ منفتح بنفس الطريقة والدليل هو التنوع الكبير الموجود في مجتمعنا من الناحية العرقية والدينية والمذهبية.

وأضاف الرئيس الأسد: بكل الأحوال إن حادثة أسطول الحرية التي حصلت مؤخراً والتي اعتدت القوات الإسرائيلية خلالها على سفينة تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة "سفينة تركية" هي دليل آخر ودليل صارخ وواضح على إجرام إسرائيل وعدم إمكانية قيام السلام مع هذه الدولة التي قامت بالأساس على الإرهاب لأن تركيا تحديدا لم تكن في يوم من الأيام خصماً لإسرائيل بل كانت صديقة على مدى 60 عاما منذ قيام إسرائيل ومع ذلك طالت مواطنيها يد القتل والغدر وبالمقابل المجتمع الدولي لم يفعل شيئا كما هي العادة عدا بعض التصريحات الخجولة ولم يقم أحد بمعاقبة إسرائيل.

وتابع الرئيس الأسد: أنا والرئيس شافيز متفقان تماماً حول دعم المقاومة وحول حق المقاومة لكل شعب من الشعوب تنتهك حقوقه وتحتل أراضيه وهذا يكون بغض النظر عن العناوين التي نسمعها بالإعلام أو التي تسوق تحت أي عنوان حتى لو كان هذا العنوان الأمم المتحدة التي حولت إلى مؤسسة تطبق سياسات بعض الدول.

وقال الرئيس الأسد: من المصطلحات المضحكة الآن ما يسمى المجتمع الدولي والتي استخدمتها أنا قبل قليل فيقولون لنا إن المجتمع الدولي غير راض عن سياسات سورية على سبيل المثال.. قبل هذا الطرح بأسابيع أو بأشهر نلتقي بمسؤولين من دول مختلفة في العالم ونسمع منهم عكس هذا الكلام فنسألهم ماذا تقصدون بالمجتمع الدولي.. معظم دول العالم توافق على سياساتنا وعلى توجهاتنا.. في الحقيقة نحن نعرف بأن المجتمع الدولي هو مجموعة دول أرادت ان تختصره بنفسها وتحدد سياسات العالم وتهيمن عليه وبالتالي المقاومة وبغض النظر عن هذه السياسات والمصطلحات والمسميات التي يسمونها أو السمات التي توصم بها هي حق شرعي لكل الشعوب.

الإرهاب بالنسبة لنا في الشرق الأوسط كلمة واحدة لها مرادف وحيد هي إسرائيل

وأضاف الرئيس الأسد: إن وصف المقاومة بالإرهاب بالنسبة لنا وصف غير مقبول.. الإرهاب بالنسبة لنا في الشرق الأوسط هو كلمة واحدة لها مرادف وحيد.. الكلمة إرهاب ومرادفها إسرائيل تحديداً وبالتالي نحن نؤمن بالمفاوضات كطريق طبيعي للسلام ونحن لسنا مع الحروب ولا مع الحصار ولكن عندما تفشل المفاوضات في إنجاز السلام فالمقاومة هي الحل البديل ومن واجبنا جميعاً أن ندعمها.

وقال الرئيس الأسد: تحدثنا في موضوع الملف النووي الإيراني وذكره الرئيس شافيز وأنا أضيف نقطة واحدة بأن المشكلة هي مشكلة معرفة.. هم لا يريدون لأي دولة من الدول النامية أن تكتسب حق المعرفة وخاصة في المجال النووي الذي يعتبر من أعلى المجالات العلمية. وأضاف الرئيس الأسد: بالنسبة لنا نجاح تركيا والبرازيل وإيران في توقيع الاتفاق الأخير حول الملف النووي هو بنفس الوقت فشل للدول الأخرى "الخمسة زائد واحد" في الوصول إلى هذا الاتفاق لأكثر من عام أو عامين تقريباً منذ بدؤوا الحديث حول موضوع نقل الوقود خارج إيران.. وهذا يعني أن إيران لم تكن متشددة بل هي مرنة.. من جانب آخر فان مقاربتهم للموضوع والأساليب التي اتبعت للوصول إلى هذه النقطة مع إيران كانت أساليب غير صحيحة.

وأكد الرئيس الأسد أن كل الدول لها حق في الحصول على المفاعلات النووية السلمية وما سيطبق مع إيران اليوم بغض النظر عن العلاقة القوية بين سورية وإيران سوف يطبق على أي دولة نامية تريد أن تمتلك مفاعلاً نووياً سلميا للكهرباء أو لغيرها.. وبالتالي اهتمامنا بهذا الموضوع ينطلق من علاقتنا بإيران ولكن بنفس الوقت ينطلق من رؤيتنا لمستقبل هذه التقنية وحاجتنا لها في المستقبل كدولة نامية سيأتي يوم وندخل في هذا الموضوع وسيكون أمامنا نموذج جديد خارج عما هو مذكور في اتفاقية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل التي تعطي الحق لكل دولة في هذا العالم ان تمتلك هذه التكنولوجيا طبعا مع إعطاء الحق للوكالة الدولية بالمراقبة.. فسنكون أمام نموذج تصبح فيه هذه الدول هي صاحبة القرار بغض النظر عن الاتفاقية وبدلاً من دور الوكالة في المراقبة تتحول القضية إلى لعبة أخرى في مجلس الأمن كما يحصل الآن.

وعبر الرئيس الاسد في ختام كلمته عن شكره للرئيس شافيز وللشعب الفنزويلي على الحفاوة الكبيرة وعلى الجهود المتميزة في إنجاح هذه الزيارة وإنجاح الحوار اليوم والذي خرج بنتائج مهمة جداً على المستويين السياسي والثنائي.

ورداً على سؤال حول النتائج المرجوة من الجولة في اميركا اللاتينية قال الرئيس الأسد: لهذه الجولة ثلاثة جوانب الجانب الأول: هو الجانب السياسي.. أما الجانب الثاني فهو الجانب الاقتصادي.. والجانب الثالث هو الجاليات السورية الموجودة في أمريكا اللاتينية وفي الجانب السياسي تاريخياً دول أمريكا اللاتينية تدعم القضايا العربية ولو بنسب متفاوتة بين دولة وأخرى ولكن لا نستطيع أن نصف مواقفها بالسلبية ومع ذلك الأمور في الشرق الأوسط تسير بشكل متسارع ومتبدل والتواصل مع هذه الدول من الناحية السياسية لشرح قضايانا وتطوراتها الأخيرة بالنسبة للمسؤولين في تلك الدول يساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح وبالتالي إعطاء المزيد من الدعم لقضايانا.

وأضاف الرئيس الأسد: من جانب آخر اليوم قارة أمريكا الجنوبية والقارة اللاتينية أصبح لها موقع دولي مختلف في القرن الحادي والعشرين عن القرن الماضي وحتى عن العقد الماضي فهذا الدعم التاريخي الذي أتحدث عنه والموجود منذ عقود اليوم له وزن أكبر ونعتبر بأننا كطرف عربي بشكل عام وليس كسورية فقط قصرنا تجاه هذه العلاقة وبالمقابل كان هناك حماسة من دول هذه القارة لعلاقة قوية مع المنطقة العربية تجسدت في قمتين عربية أمريكية لاتينية الثانية في قطر والأولى في البرازيل ولكن لم نر بان هذه الطموحات تحققت على أرض الواقع.

وقال الرئيس الأسد: علينا ألا ننتظر بالضرورة كل الدول بشكل جماعي فقررنا في سورية أن نتحرك لكي نقوم بعملية ربط فعلي للعلاقة والجانب الأساسي منها هو الجانب الاقتصادي وتوسيع المصالح الاقتصادية وخاصة مع ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية وبالمقابل مع صعود دول أمريكا اللاتينية تصبح الفرصة مهيأة أكثر بكثير من السابق لتمتين هذه العلاقة.. والجانب الثالث المتعلق بالجاليات يرتبط بالقسم الأول والثاني وهذه الجاليات تستطيع أن تساعد في فهم الموقف السياسي لسورية وشرحه من خلال وجودها كجزء أساسي من المجتمع والدول في القارة اللاتينية وبنفس الوقت تستطيع أن تساهم بشكل كبير في بناء أسس قوية للعلاقات الاقتصادية.

الرئيس شافيز: التحالف بين دمشق وكراكاس هو محور الشجعان والشعوب والأحرار والعالم الجديد

من جهته رحب الرئيس الفنزويلي أوغو شافيز بالرئيس الأسد معرباً عن سعادة الفنزويليين بهذه الزيارة وقال: إنه شرف كبير لنا أن تكون فنزويلا بلد الزيارة الأول لجولة الرئيس الأسد في هذه الجهة من المحيط الأطلسي واصفاً الزيارة بالمهمة.

وأضاف شافيز: إن شعوب الأمة العربية وأمريكا اللاتينية هي شعوب ليست فقط متشابهة فنحن لدينا نفس الروحانية ونفس العمق والتنوع الثقافي ونفس الإيمان ونحمل في جغرافيتنا ومجتمعاتنا قوة بدأت تساهم وستساهم بقوة في الأعوام والسنين القادمة في إنقاذ العالم.

وأضاف الرئيس شافيز: لقد شرح لي الرئيس الأسد تطورات الشرق الأوسط ولم أتعلم عن تاريخ تلك المنطقة كما تعلمت اليوم.. اليوم يوجد خريطة جديدة في الشرق الأوسط من تكوين شعوب الشرق الأوسط والقيادات الشجاعة مثل سورية.

وقال الرئيس الفنزويلي: إن السياسة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية السابقة كانت سياسة خاطئة وفشلت وإن شعوب الشرق الأوسط وحكوماته وعلى رأسها سورية وضعوا الخريطة الجديدة للشرق الأوسط مؤكدا أن فنزويلا ستدعم دائماً شعوب منطقة الشرق الأوسط في قضاياها العادلة.

وقال الرئيس الفنزويلي: إن الإمبريالية يائسة وتهدد الآن كما تهدد منذ سنين باستخدام القوة أو تستخدم حلفاءها مثل إسرائيل للاعتداء على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم مؤكداً أن فنزويلا ستبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني.

وأضاف الرئيس الفنزويلي: يجب على كل دولة أن تكون ذات سيادة وعلينا أن نحارب ونناضل لأجل سيادة الشعوب واستقلال قرارها.. والآن في الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية والكاريبي علينا أن نلعب دوراً مهماً وبدقة في هذا المجال مشيراً إلى أن التحالف بين دمشق وكراكاس هو محور الشجعان والشعوب والأحرار والعالم الجديد.

وتابع الرئيس شافيز: تباحثنا في موضوع العلاقات الثنائية ونحن نعتمد على الجالية السورية الفنزويلية وعلى سفرائنا ووزرائنا لتكثيف الجهود لتحقيق خطة اندماج "كراكاس دمشق".."سورية فنزويلا" ويجب ألا نضيع الوقت وسأزور دمشق قبل نهاية العام لدفع هذه العلاقات الثنائية داعياً إلى وجود تشاور وتنسيق مستمرين.

وقال الرئيس شافيز: إن لدى الشعب العربي السوري معرفة وقدرات عريقة وخاصة في المجال النسيجي وثقافة الإنتاج النسيجي والزراعي يجب الاستفادة منها مضيفاً: إن الشحنة الأولى من زيت الزيتون السوري وصلت إلى فنزويلا داعياً الفنزويليين إلى شرائه مشيراً إلى أنه تم توقيع اتفاقية لاستيراد زيت الزيتون السوري لتغطية كل احتياجات الشعب الفنزويلي.

إنشاء مصنع مشترك في سورية لانتاج زيت الزيتون وتوزيعه في الشرق الأوسط وأوروبا

وأشار الرئيس شافيز: إلى أنه سيتم إنشاء مصنع مشترك في سورية لإنتاج زيت الزيتون وتوزيعه في الشرق الأوسط وأوروبا وإن ذلك يأتي ضمن التحالف الاستراتيجي بين البلدين.

وقال الرئيس شافيز: علينا أن نطلق أسطولاً تجارياً بحرياً فنزويلياً سورياً.. مبيناً موقع سورية في عمق البحر الأبيض المتوسط وهي بوابة الدخول إلى كل قارة آسيا والشرق الأوسط وتركيا والعراق والأردن وفلسطين والسعودية وإيران وبحر قزوين والبحر الأسود وأوكرانيا.

وأضاف الرئيس شافيز: راجعنا مشروع مصفاة النفط وسورية تؤكد رغبتها في بناء المصفاة في حمص حيث بدأنا بالدراسات الفنية للمشروع بطاقة إنتاجية 145ألف برميل نفط ونحن مصممون على إرسال المازوت والفيول الذي تحتاجه سورية وعلينا أن نتجاوز كل الصعوبات.

وأوضح الرئيس الفنزويلي أن بلاده ستساهم بـ 33 بالمئة من رأس المال لبناء المصفاة وقد تصل إلى 45 بالمئة مشيراً إلى أن حجر الأساس لهذا المشروع سيوضع خلال زيارته المرتقبة إلى سورية وفي العام 2013 ستبدأ المصفاة بالعمل.

وتابع الرئيس شافيز: حيث توجد مصفاة يمكن أن نفتتح مصانع بتروكيمياوية ويمكن أن نميع الغاز ونرسله الى هناك وننشئ مصنعا للغاز الطبيعي مؤكداً أن فنزويلا ستكون دائماً إلى جانب سورية وكل الدول الصديقة التي هي بحاجة إلى هذه الثروة.

وأضاف الرئيس شافيز: اتفقنا أيضاً على إنشاء صندوق مشترك من اجل تمويل المشاريع بـ100 مليون دولار مبدئياً بين سورية وفنزويلا إضافة إلى خلق مصرف مشترك سوري فنزويلي.

وتابع الرئيس الفنزويلي: نريد أن نخصص مكانا للتجار السوريين الذين يعيشون في فنزويلا من أجل تشجيع القروض السهلة والإنتاج في فنزويلا للمواد التي تحل محل المستوردات وتعزيز التبادل التجاري بين فنزويلا وسورية وتعزيز تصدير المنتجات السورية إلى فنزويلا كما اننا سنفتتح شركات مشتركة وصناعات مشتركة سورية فنزويلية في فنزويلا وسندعم هذه الشبكة اقتصادياً ومالياً.

وقال الرئيس شافيز: علينا الاستثمار في سورية وزيادة إنتاج الزيتون والتفاح وإنشاء شركات مشتركة وأن نسير في مجالات الطاقة والأدوية والعلوم والمال والسياحة.

بناء تكامل في الانتاج بين البلدين في ظل ما تمتلكه سورية من مرافئ وأنهار وموقع متميز

ودعا الرئيس الفنزويلي إلى تبادل البعثات العلمية والشركات المشتركة والخطوط الجوية المشتركة وخطوط نقل بحري مشترك وبناء تكامل في الإنتاج بين البلدين في ظل ما تمتلكه سورية من مرافئ وأنهار وموقع متميز بين البحر الأبيض المتوسط والبحرالأحمر والخليج العربي وبحر قزوين والبحر الأسود.

وأكد الرئيس شافيز أن الجولان سيرجع إلى الشعب السوري لأنه ملك له وأننا لا نريد مزيداً من الحروب ولكن يوماً ما ستوضع حكومة إسرائيل في مكانها المناسب بعد أن تحولت إلى الذراع القاتلة للإمبريالية وهذه الذراع تهددنا جميعاً فهي تهديد للشعوب كلها.

وجواباً عن سؤال حول مشروع المصفاة المزمع أقامتها في محافظة حمص قال الرئيس شافيز: إن حجر الأساس لهذا المشروع سيتم وضعه قريباً وستكون هناك مصفاة حديثة مبيناً أن النفط الفنزويلي سيصل إلى سورية ومؤكداً وقوف فنزويلا الدائم إلى جانب سورية وكل الدول الصديقة.

ورداً على سؤال حول التطورات التي شهدتها منطقتا الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية وانحسار النفوذ الأميركي في المنطقتين قال الرئيس شافيز: إن النفوذ الأميركي تراجع في منطقة أميركا اللاتينية على المستويات السياسية والاقتصادية وإن الشيء نفسه حدث في منطقة الشرق الأوسط حيث حاولت الولايات المتحدة إنشاء شرق أوسط جديد وهذا المشروع فشل.. والمعزول الآن في المنطقة هو إسرائيل والولايات المتحدة.

وأكد الرئيس شافيز أن المستقبل سيضمن تحقيق التوازن في الإنسانية وإنقاذ العالم من أحادية القطب والإمبريالية وهذا كفيل بإيجاد عالم حر وديمقراطي يسود السلام والاحترام بين شعوبه.

حضر المباحثات من الجانب السوري وزير الخارجية وليد المعلم والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية ومنصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية وسفير سورية لدى فنزويلا غسان عباس.

ومن الجانب الفنزويلي نائب رئيس الجمهورية ايليا ميلانو ووزير الخارجية نيكولاس مادورو ووزير الداخلية طارق العيسمي ووزير النفط رافائيل راميريز.

وكانت جرت للرئيس الأسد مراسم استقبال رسمية في القصر الرئاسي حيث كان الرئيس شافير في مقدمة مستقبليه ثم استعرض الرئيسان حرس الشرف.

وحضر مراسم الاستقبال عدد من الوزراء الفنزويليين وكبار المسؤولين في الدولة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله فيك وبحكمتك وبقراراتك الشجاعة ونحن معك عالطريق ايها القائد العربي الاصيل نصرك الله على اعدائك واعداء الامة وجعل توحيد هذه الامة على يديك….وفقك الله ايها الاسد ابن الاسد..حامي سوريا الاسد الدكتور بشار حافظ الاسد…

زر الذهاب إلى الأعلى