القضية الفلسطينية

المفاوضات السرية … العودة إلى أصل الداء الفلسطيني .. بقلم هشام منور

بات الحديث عن العودة إلى طاولة المفاوضات مجدداً حديثاً محموماً في ظل التقارير التي تتحدث عن سلسلة طويلة من التنازلات التي قام بها رجالات السلطة لاستئناف المفاوضات مهما كان الثمن ..

فلم يعد مطلوباً من "إسرائيل" سوى الموافقة على تجميد الاستيطان في الضفة فقط لمدة ثلاثة أشهر فحسب. بيد أن الشروع في المفاوضات، رغم التنازلات "المخزية" المقدمة من سلطة رام الله، أمر لا يمكن الترويج له في ظل حالة الاحتقان وتسخين الأجواء التي تعمل عليها الحكومة الإسرائيلية. 

الحل من وجهة نظر اللاهثين وراء سراب المفاوضات يكمن في العودة إلى الحل القديم والكارثي، المفاوضات السرية، فقد كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية مؤخراً أن طواقم فلسطينية وإسرائيلية تبحث منذ عامين تقريباً سبل إيجاد حلول لقضايا الحل النهائي ولاسيما مسألة الحدود, برعاية معهد بيكر في جامعة رييس في ولاية تكساس الأميركية. وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات تتم بسرية وتتعمق في القضايا الشائكة والصعبة, مشيرة إلى أنها بلورت تقريراً يشمل مقترحات لحلول إقليمية ممكنة من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 

وأشارت "معاريف" أن المعهد دعا مسؤولين رفيعين في المجال الأمني والعسكري من "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية, إلى جانب أكاديميين وخبراء من منظمات دولية وعناصر من القطاع الخاص. وحسب المصادر الأميركية فإن أحد الشركاء الإسرائيليين في وضع التقرير هو المحامي (جلعاد شير) مدير مكتب وزير الدفاع, الذي ترأس وفد المفاوضات الإسرائيلية عندما كان باراك يتولى منصب رئيس الحكومة عام 1999. بينما ترأس الجانب الفلسطيني (سميح العبد) أحد قادة حركة فتح، والذي شغل منصب وزير الإسكان في الحكومة الفلسطينية السابقة, ويرعى المفاوضات الدبلوماسي الأميركي الرفيع (إدوارد دجيرجيان) الذي شغل في السابق منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل وسوريا. 

الهدف الموضوع لهذه المفاوضات هو إيجاد حلول لقضية الحدود, وبعد ذلك توجه المفاوضات لوضع حلول عملية للقضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين والترتيبات الأمنية. وعلى الرغم من مكانة القدس في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا أن النقاش لم يتناولها, بينما دارت المفاوضات حول مصير المستوطنات والأحياء اليهودية التي تقع في غلاف القدس. 

واتفقت الطواقم على مبادئ أساسية، من بينها أن يتم ضم المستوطنات القريبة قدر الإمكان من حدود عام 1967 على أن يتم الحفاظ على التواصل الجغرافي بين الطرفين, ويتم الأخذ في الحسبان الموارد والحاجات البيئية للفلسطينيين, بينما يتطلع الإسرائيليون لعدم إخلاء المستوطنات الكبيرة, إلى جانب ضم مناطق صغيرة إلى "إسرائيل". كما اتفق الجانبان على تأمين معابر للفلسطينيين بين قطاع غزة والضفة الغربية تكون خاضعة للظروف السياسية الفلسطينية, بينما يحافظ الإسرائيليون على الشارع الرئيس في غور الأردن والطريق الواصل بين تل أبيب والقدس. 

إضافة إلى ذلك بحثت الطواقم الحاجة إلى جدول زمني مرن متفق عليه لإخلاء المستوطنات التي لن تضم إلى "إسرائيل" وإيجاد حلول مسبقة للمخلين. وأعدت في هذا السياق خمس خرائط محتملة. وفي نهاية المطاف يوصي معهد بيكر الإدارة الأمريكية بالتفكير في ثلاثة بدائل أخرى: الأول: تبادل 4 في المائة من أراضي الضفة الغربية (251 كم2) في إطاره يخلي أكثر من 115 ألف إسرائيلي. الثاني يقضي بتبادل للأراضي بنسبة 3.4 في المائة (212 كم2) وإخلاء أكثر من 120 ألف إسرائيلي. والثالث يقضي بتبادل للأراضي بنسبة 4.4 في المائة من المنطقة (274 كم2). والحال أن هذه المفاوضات السرية الجديدة ما هي إلا محاولة جديدة لتصفية ما تبقى من الحق الفلسطيني بأيد فلسطينية ومشاركة عملية من هيكل السلطة المتداعية سياسياً وشعبياً، كما جرّت المفاوضات السرية السابقة على الشعب الفلسطيني ويلات أوسلو التي لا يزال يعاني منها ويتجرع مرارتها. 

بواسطة
هشام منور ... كاتب وباحث
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى