مقالات وآراء

الجسد الفلسطيني المستباح… طبياً .. بقلم هشام منور

إذا كان تقرير غولدستون حول جرائم آلة الحرب الصهيونية على الآمنين في قطاع غزة، قد سلط الضوء على (بعض) ممارسات الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) الإجرامية واللا أخلاقية خلال فترات ما تسميه ، بهتاناً ، الحرب ..

وإن كانت من جانب واحد ومعتد، فإن توالي صدور التقارير المتناولة لانتهاكات الحكومات الصهيونية المتوالية لأبسط حقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني، يثير تساؤلات عديدة حول سرّ تكتم هياكل السلطة وهيئاتها عن الانتهاكات الإسرائيلية سابقاً ودورها في التعمية عليها. 

ففي تقرير مطول لوزارة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أكد التقرير قيام "إسرائيل" باستغلال أسرى فلسطينيين كعينات مخبرية حية لتجريب الأدوية الجديدة المنتجة في مختبرات وزارة "الصحة الإسرائيلية" على أجسامهم، وقياس تأثيراتها على الوظائف الحيوية لأجسام أولئك الأسرى. وكانت منظمات طبية وصحية وإنسانية قد حذرت منذ سنوات عدة من استغلال الأسرى الفلسطينيين لتنفيذ تلك التجارب عليهم. 

وقد أثارت عودة تلك القضية إلى السطح تخوفات كبيرة وكثيرة في صفوف الأسرى الفلسطينيين وذويهم، إذ باتت كثير من الأسر الفلسطينية تخشى على مستقبل أبنائها ووضعهم الصحي داخل المعتقلات الإسرائيلية. فالتخوف القائم لا ينبع من خشية الإهمال الطبي ونقص الأدوية وسوء التغذية وضعف الرعاية الطبية المناسبة لحالات الأسرى، بل أضحى منوطاً بممارسات لا أخلاقية للأجهزة الطبية الصهيونية في ممارسة ما يفترض أنه واجب إنساني تفرضه أخلاقيات مهنة الطب. 

آخر تلك الحوادث تمثلت في قصة الأسير زهير الاسكافي (28عاماً) من مدينة الخليل، حيث تم اعتقاله قبل أكثر من عامين ونصف تقريباً وهو في كامل صحته، ثم قام المحققون بحقنه بإبرة أدت لتساقط شعر رأسه ووجهه بالكامل. وهو ذات الأمر الذي حدث مع إحدى الأسيرات الفلسطينيات من مدينة الخليل حيث فقدت شعر رأسها بعد حقنها بمادة غريبة أثناء التحقيق. 

وفي السياق ذاته، وفي بحث خاص قدمته مؤسسة (التضامن الدولي) حول هذا الموضوع، لخصت فيه دور الطبيب الإسرائيلي في سجون الاحتلال بثلاثة واجبات تتنافى وأخلاقيات مهنته من خلال استغلاله لسحب الاعترافات من المعتقل. فالدور الأول يتلخص في إعداد استمارة خاصة بحالة المعتقل تسمى "استمارة اللياقة البدنية"، يحدد فيه الطبيب بعد إجراء الفحوصات الأولية نقاط الضعف الجسدي لدى المعتقل، ويقوم بإبلاغ جهاز التحقيق عنها لاستغلالها في الضغط على الأسير وإرغامه على الاعتراف. 

والدور الثاني هو إخفاء آثار التعذيب والتنكيل عن جسد المعتقل قبيل عرضه على المحكمة أو زيارته من قبل مؤسسات حقوقية وإنسانية. أما الدور الثالث، فهو ابتزاز المعتقل واستخدام عيادة السجن لربط العملاء مع إدارة السجون لنقل أخبار المعتقلين إليها من خلال تلك العيادات. أما الدور الأشد خطورة، والذي ركز التقرير على التحذير منه، فهو استخدام الأسرى الفلسطينيين حقولاً للتجارب على أدويتها ومستحضراتها الطبية. 

هذه التجارب والاختبارات لا تتم عبر مصلحة السجون ودوائر التحقيقات، وإنما بوساطة وزارة الصحة الإسرائيلية التي تمارس الإشراف والمتابعة وإعداد الدراسات العلمية حول استجابة حالات المعتقلين للأدوية والمستحضرات والحقن والمواد الكيميائية التي يعرضون لها. وتتم هذه العملية في إطار السلسلة المؤسساتية الإسرائيلية تماما كاستخدام الحيوانات المخبرية في مختبرات وزارة الصحة.
وكان عضو الكنيست ورئيسة لجنة العلوم البرلمانية سابقاً "داليا ايزك" قد كشفت النقاب في وقت سابق داخل أروقة الكنيست وفي جلسة أمام أعضائه عن ممارسة ألف تجربة لأدوية خطيرة تحت الاختبار الطبي تنفذ سنوياً بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب داخل السجون الإسرائيلية. 

استباحة الجسد الفلسطيني يأتي ضمن سياق سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية للتاريخ والأرض والإنسان الفلسطيني، وهو ما لم يفاجئ الفلسطينيين بقدر ما أثار استغرابهم صمت المجتمع الدولي المنتحب دوماً للدفاع عن حقوق الإنسان، وإصرار سلطة رام الله على انتهاج طريق التفاوض العبثي لمدة 18 عاماً، فيما تستغل "إسرائيل" ذلك لتوسيع مستعمراتها وتنمية قدراتها الطبية على حساب الجسد الفلسطيني. 

بواسطة
هشام منور .. كاتب وباحث
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم
    هذا هو الفلسطيني فاينما وجد الظلم تم ذكر الفلسطيني وحسبي الله ونعم الوكيل يا ليت كان بالامكان اكثر مما كان.
    وشكرا يا اخ هشام على اثارة هكذا موضوع
    تحياتي

  2. فلسطين ضحية وأخوتنا الفلسطينين دمائهم وأعراضهم وامنهم وضياع حقوقهم وسلخهم عن وطنهم فقرهم عذاباتهم !كل هذه الأمورالعرب هم مسؤو لون عليه امام الله وأمام ضمائرهم ولولا المؤامرات والتخاذلات لكان أمر اليهود في فلسطين منتهي منذ زمن بعيد ولكن الشعب الفلسطينى هو ضحية الصراع الكونى بين الشرق والغرب ولكن الكلام لايفيد والمفاوضات ضياع وقت والصراع على السلطةالفلسطينية من يكون هو مختار القرية زاد من ويلات الشعب الفلسطينى كان الله في عنونكم ودفع الأذى عنكم وصبركم على ما ابتليتم به

زر الذهاب إلى الأعلى