سياسية

طهران تربح النقاط مع الغرب بـ”ديبلوماسية شهرزاد”

تعول طهران على أدائها الديبلوماسي الجيد للدفاع عن مكاسبها النووية فيما يحاول الغرب ابقاء عينه على البرنامج النووي الايراني ومنعه من المرور الى مراحل متقدمة عبر قبول التفاوض وفرض العقوبات والتهديد بخيارات أخرى.
غير أن الوقت يمر ولا تبدو نهاية واضحة للنزاع.

وسلمت ايران الخميس ردها الرسمي على مسودة الاتفاق التي صاغها محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد محادثات جنيف بحضور القوى العالمية الست والذي وافقت فيه ايران أيضا على فتح موقع جديد لتخصيب اليورانيوم أمام مفتشي الأمم المتحدة.

وحسب ما تناقلته وسائل الاعلام الايرانية فإن طهران تسعى من خلال ردها الى ادخال تعديلين على اتفاق الوقود النووي الذي صاغته الامم المتحدة أحدهما خاص بنقل تدريجي لمخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب الى الخارج لا تسليمه دفعة واحدة. كما ان ايران تريد "تبادلا متزامنا" تتسلم بموجبه وقودا لمفاعل ابحاث في طهران في نفس الوقت الذي تشحن فيه اليورانيوم منخفض التخصيب الى خارج البلاد.

وستنتظر ايران الآن رد قوى الغربية على مقترحاتها لكن من المتوقع الا يلقى الشرطان قبولا لدى الدول الغربية التي تشك في ان الجمهورية الاسلامية تسعى لامتلاك أسلحة نووية. وترفض طهران الاتهام قائلة ان برنامجها يهدف الى توليد الكهرباء. وعلى هذا الأساس فقد يتم اللجوء مرة أخرى الى جلسات تفاوضية جديدة بناء على الرد الغربي المنتظر ليستمر الدوران في حلقة مفرغة. وهكذا دواليك.

ومثل قصص ألف ليلة وليلة كما تقول صحيفة الديلي تلغراف البريطانية فلا تبدو هناك نهاية واضحة للمفاوضات الايرانية الغربية. وكل ما في الأمر أن الايرانيون نجحوا الى حد الآن في استخدام "ديبلوماسية شهرزاد" في ترويض الكتلة الغربية وربح أكثر ما يمكن من الوقت فيما يواصل قطارها النووي مسيرته دون توقف.

وعلى الرغم من أن مسألة تخصيب اليورانيوم أمر لا يشكل انتهاكا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التى وقعت عليها إيران التي تتمسك بحقها الشرعي في الاستخدام السلمي والمدني للتكنولوجيا النووية، إلا أن الغرب يقول إن لائحة المؤشرات التي تدعم اليوم شكوك المجتمع الدولي تجاه طهران طويلة للغاية، من بينها قيام النظام الإيراني بالاستفادة من مساعدة شبكة الانتشار النووي السرية للباكستاني عبد القدير خان، وحصول الجمهورية الإسلامية على الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، كما أن السرعة التي تتم بها أنشطة التخصيب تتعارض مع فكرة البرنامج النووي المدني، فضلا عن قيام إيران بإطلاق صواريخ بعيدة المدى، والكشف مؤخرا عن وجود موقع نووي جديد في مدينة قم، الذي تقرر إنشاؤه في 2003 في الوقت الذي كانت فيه إيران قد تعهدت بتجميد برنامجها النووي.

ووفقا للخبراء في الغرب، فإن المجتمع الدولي لا يزال أمامه بضعة أشهر قبل أن تتجاوز إيران "الخط الأحمر"، أي مرورها من مرحلة "امتلاك المعرفة اللازمة لتصنيع القنبلة النووية" إلى مرحلة "تطبيق هذه المعرفة" إلا أن الوقت يمر، لأنه، كما كتبت تيريز ديلبيش، مديرة الشؤون الاستراتيجية في لجنة الطاقة النووية، "الردع ضد الدول التي تسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية يبدأ في الأساس قبل حصول هذه الدول على الأسلحة".

وأمام التأثير الهامشي للعقوبات الاقتصادية والنتائج الكارثية المحتملة لأي ضربة عسكرية ضد منشآت ايران إن الغرب لا يملك عمليا في الوقت الحاضر سوى خيار الديبلوماسية رغم أنه قضى أكثر من ست سنوات على طاولات المفاوضات لكن دون ان ينجح في كبح البرنامج النووي الايراني الذي يحظى بدعم مباشر من المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد.

ومع اثبات الايرانيين لتفوقهم الصريح الى حد الآن في التحكم بـ"الوقت والسرعة" في ادائهم الديبلوماسي والنووي فإن الغرب قد يجد نفسه ملزما في النهاية على قبول التعايش مع ايران "دولة نووية"، تماما كما فعل شهريار الملك مع شهرزاد في ألف ليلة وليلة.

المصدر
وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى