ثقافة وفن

في بدل فاقد.. فكرة تقليدية ومعالجة مبتكرة!

فيلم بدل فاقد الذى كتبه محمد دياب وأخرجه أحمد علاء في أول تجاربه كمخرج دليل جديد على أن الأفلام ليست بأفكارها، ولكنها بالمعالجات المستخدمة للتعامل مع تلك الأفكار ، فرغم أن الفيلم يعتمد على تيمة تقليدية قد تكون شاهدتها في أفلام ميلودرامية أو حتى كوميدية،
إلاّ أن معالجتها بشكل تشويقي متماسك إلى حد كبير هو الذى يجعلك مشدودًا إلى مقعدك حتى اللحظة الأخيرة، ولو نجح دياب في رسم شخصياته وتحديد دوافعها وعلاقتها بصورة متقنة تماثل قدرته على السرد المشوق للعبة للقط والفأر بين رجال الشرطة ومحترفي تهريب المخدرات لكنا أمام عمل أكثر نضجًا، ولكن تظل له خصوصية المحاولة والاجتهاد والرغبة في تقديم المختلف والجديد.
التوأم فارس ونبيل هما محور الحكاية، فقد وضعا في أحد الملاجىء بعد أن عثر عليهما كلقطاء، الأول تبنته أسرة ضابط بوليس فأصبح ضابطًا يطارد تجار المخدرات، والثاني تبنته راقصة فـأصبح شابًا مـدمـنًا وضـائـعًـا، وستحاول عصابة تهريب المخدرات التي ينتمى إليها نبيل وضع توأمه بدلاً منه في موقعه بعد اختطافه لتسهيل تهريب صفقة ضخمة، هذه هي الفكرة التقليدية التي تلعب على تيمة تشابه شقيقين أحدهما ضابط والثاني خارج على القانون، ولكن المعالجة تريد أن تتعامل مع معنى أكثر عمقًا يلخصه هذا التساؤل: لماذا لا نضع أنفسنا مكان الآخر؟ لماذا ننظر إلى الأمور بعين واحدة فقط كما كان يفعل الضابط فارس وكما رسمته زوجته حبيبة فى لوحة لم تعجبه؟
وبناء السيناريو يترجم الرد على هذه التساؤلات من البداية حتى النهاية، ويكسر بنجاح واضح تقليدية الفكرة، فأنت لن تعرف بوجود توأم للضابط فارس إلاّ بعد فترة من الأحداث، ولن يكون هناك أي اسهاب في السرد، وإنما تقديم متماسك لحياة الضابط الذي لا يتصور أبدًا أن يكون في مكان أي منحرف، ثم تقديم مفاجىء لحياة توأمه نبيل، ثم يلتقي الخطان بسلاسة إثر محاولة اختطاف الضابط الفاشلة التي تسفر عن مصرع زوجته حبيبة، بعدها تبدأ لعبة تبادل الهويات، حيث تحاول العصابة وضع «نبيل» بدلاً من فارس، ويحاول رجال البوليس وضع فارس بدلاً من نبيل، ويتقارب الشقيقان ليختار أحدهما بأن يستمر بديلاً لشقيقه إلى الأبد وبعد أن كانت الفروق واضحة في السلوك تكتشف أن تبادل الأدوار أسهل بكثير مما كنا نعتقد، كل ما في الأمر أننا كجمهور كنا ننظر للأمور بعين واحدة مثل الضابط فارس.
لكن هذا الخط التشويقى المدعم بعناء يستحق التفكير لا يسانده الرسم المحكم للشخصيات وتفسير علاقاتها هناك مثلاً شخصية مى (منة شلبى) ابنة تاجر المخدرات الكبير على حسنين وصديقه نبيل وأنت لن تعرف أبدًا لماذا أدمنت المخدرات، ولن تصدق أن نبيل يرفض الزواج منها بسبب سمعة المدمنين، ولم يكن مفهومًا أيضًا أن يتسامح الضابط فارس مع شقيقه نبيل رغم تورط الأخير – بشكل أو بآخر – فى مقتل الزوجة حبيبة، كما أن التحول فى سلوك نبيل و فارس لم يكن مقنعًا بالدرجة الكافية، ولم يأخذ وقتًا مناسبًا مع شخصيات لا تتغير بسهولة مثل ضابط صارم، ومثل مدمن ضعيف الإرادة.

على مـستـوى أداء الـمـمثلين والعناصر الفنية كان هناك أيضًا تباين فى المستوى. هناك مثلاً تألق مُدهش لـ محمد لطفى فى دور رجل المخدرات الشرس خداش فى مقابل مبالغات أحمد عز فى دور الضابط والمدمن، وعدم نجاح منة شلبى فى دور الفتاة المدمنة رغم اجتهادها، وهناك تألق صورة نزار شاكر خاصة فى المشاهد الليلية مع النجاح فى مشاهد خدع الجرافيك فى مقابل موسيقى عمرو إسماعيل التى تذكرك طوال الوقت بالأفلام الهندية، وهناك المونتير البارع أحمد حافظ الذى قدم مشاهداً لا تنسى مثل مطاردة البداية ولعبة النهاية حتى اللقطة الأخيرة فى مقابل مكساج محمود عبد الله الذى أضاع صوت الممثلين فى بعض المشاهد، عمومًا هى بداية جيدة للمخرج أحمد علاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى