سياسية

أنصار نجاد يشكون “عفويته” وموسوي يفتح ملف “دعم الممانعة”

بمزيد من الحماسة والغليان والأمل، يستعد الإيرانيون للانتخابات الرئاسية الجمعة المقبل، والتي قد تتحول الى الاستحقاق الأكثر سخونة في البلاد منذ الثورة الإسلامية
إذ تسنى للإصلاحيين وضع مرشحهم مير حسينموسوي في موقع منافسة جدية مع الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد في الدورة الأولى للاقتراع بعد غد.

المسيرات الجوّالة والمهرجانات الحاشدة لأنصار الجانبين، توحي بأن حال التعبئة التي تتدرج الى حد الغليان، قد تدفع الناخبين الى الإقبال على الاقتراع بنسبة تُعتبر سابقة، لا يُستبعد ان تناهز السبعين في المئة من اصل 46 مليون ناخب في أنحاء إيران.

وخلافاً للتصور القائل بأن مرشد الجمهورية علي خامنئي يفضّل «الاستمرارية» مع نجاد على «التغيير» الموعود مع موسوي، تشير المساحة الواسعة لحرية التعبير، الى أن القيادة العليا تنظر الى التنافس بعين الرضا، باعتباره رسالة الى الغرب بأن الممارسة الديموقراطية قائمة من خلال التنافس الحر.

ومع كل مهرجان انتخابي لأنصار موسوي، بات مألوفاً في شوارع طهران والمدن الأخرى الكبيرة حيث يتنامى التأييد للمرشح الإصلاحي، مشهد شبان وشابات من أنصاره في سيارات صغيرة تجوب الشوارع حتى ساعة متقدمة من الليل.

وغالباً ما تصل الحماسة بالشابات، الى درجة أن يخرِجن أيديهن أو رؤوسهن من نوافذ السيارات ليلوّحن برايات خضر، شعار الحملة الانتخابية لموسوي، ويرفعن صوره ويرسمن بأصابعهن علامة النصر.

وانحصر التنافس بين نجاد وموسوي، على رغم وجود مرشحَيْن آخرين للرئاسة هما (المحافظ) محسن رضائي و (الإصلاحي) مهدي كروبي. وهذا بحد ذاته مؤشر الى حضور مفاجئ لموسوي، العائد الى الساحة السياسية بقوة بعد غياب دام نحو عشرين سنة، منذ تنحيه عن رئاسة الحكومة، المنصب الذي لم يشغله أحد بعده، في ظل إصلاح دستوري أدى الى إلغائه ووضع كل السلطات التنفيذية في عهدة رئيس البلاد.

وتجادل «انتلجنسيا» الإصلاحيين – وهي في غالبيتها من الطلاب الجامعيين – بأن الوضع الاقتصادي في إيران لم يعد يحتمل «مغامرات» ولا «تجارب»، بعدما بلغت نسبة التضخم 25 في المئة منذ وصول نجاد الى السلطة، في ظل بطالة متفاقمة وصلت إلى 12 في المئة.

ثمة شعور سائد لدى هؤلاء، بأن لهجة نجاد القوية حيال الغرب لا تتطابق مع الإمكانات المحلية، الأمر الذي عبّر عنه موسوي في اكثر من مناسبة، متسائلاً عن مغزى تقديم الدعم لقوى «الممانعة والتصدي» في الخارج، فيما تحتاج إيران – المصدّر الرابع للنفط في العالم – الى إعادة بناء قدراتها الاقتصادية.

في المقابل، لا يبدو معسكر نجاد ضعيفاً، ولا يشك مراقبون في احتمال حسمه السباق من الدورة الأولى، ففي حين يبدو الوضع محسوماً لمصلحة موسوي في المدن الكبيرة، لا يعرف أحد بدقة حجم التأييد الذي يستند إليه نجاد في الأرياف والمناطق التي يجوبها على مدار الساعة، مستنهضاً طبقات من الفقراء استفادت من مساعدات وقروض ميسرة منحها إياها.

في الوقت ذاته، لا تتباهى أوساط نجاد بقدراته على تحريك «الجماهير المناهضة للإمبريالية»، بمقدار ما تعترف كما أسرّ بعض المقربين منه لـ «الحياة»، بأن «عفويته» توقعه أحياناً في «أخطاء تكتيكية» يستفيد منها الآخرون، تماماً كما حصل عند إبداء دعمه علناً وبكل وضوح لقوى المعارضة في لبنان، أو في حديثه عن «نور» تبدى له خلال إلقائه كلمته الشهيرة في الأمم المتحدة، والتي كرر خلالها مواقفه المعلنة من إسرائيل.

في الإطار ذاته، تعزو الأوساط المحافظة «الدعم العلني» الذي تلقاه نجاد من المرشد، الى رغبته في إتاحة فرصة متكافئة للمرشحين الأربعة للرئاسة، إدراكاً منه بأن من يكون في موقع الحُكم «يواجه انتقادات لا يتعرض لها من هو خارجه». ونقل أحدهم عن خامنئي قوله لعدد من زواره انه «يملك اكثر من غيره ملاحظات على عمل الحكومة، لكنه يترك للناخبين ان يقولوا كلمتهم». وأكد أنه «يقف على مسافة واحدة من كل المرشحين وليست لديه مشكلة في التعامل مع أي منهم… فكلهم أبنائي».

وتجلت وحدة الموقف في القضايا المصيرية، من خلال عزوف أي من منافسي نجاد عن إبداء الاستعداد لتقديم تنازلات جوهرية الى الغرب في ما يتعلق بالملف النووي الذي يعتقد كثيرون انه خارج السجال الانتخابي باعتباره خطاً أحمر، ولو حاول منافسو نجاد الإيحاء بأن لديهم استعداداً لإعادة فتح المفاوضات من منطلقات جديدة، على ألا يمس ذلك تمسك الإيرانيين ببرنامجهم النووي بعد كل ما بذلوه من «تضحيات» في سبيله.

الى ذلك أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بأن كتلة المحافظين في مجلس الشورى (البرلمان)، والتي تضم أكثر من 200 من أصل 290 نائباً، أعلنت دعمها إعادة انتخاب نجاد الذي اعتبرته «الأكثر كفاءة».

وبعث الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني برسالة الى خامنئي، يشكو فيها «الادعاءات غير المسؤولة والعارية عن الصحة» التي ساقها نجاد بحقه وبحق أبنائه، حين اتهمهم بالإثراء على حساب المال العام. وأفادت «وكالة مهر» أن رفسنجاني دعا في رسالته خامنئي الى «اتخاذ الإجراء المؤثر من أجل حل هذه المشكلة ولرفع الفتن الخطرة وإخماد النار التي نرى دخانها انتشر في الأجواء، وأن تحولوا دون انتشارها وازدياد استعارها أثناء الانتخابات وبعدها».

وأبدى 14 من علماء الدين البارزين في مدينة قم، «قلقاً وأسفاً بالغين» حيال تدهور صورة إيران خلال المناظرة بين نجاد وموسوي الأسبوع الماضي. واعتبروا ان «اتهام أشخاص ليسوا حاضرين في المناظرة ولا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم، يتعارض مع ديننا».

الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى