المنوعات

رغم القرارات والإجراءات المتعددة … بيئتنا لا تزال ترزح تحت وطأة التلوث

تناولت صحيفة البعث في عددها الصادر اليوم موضوع تلوث البيئة في المحافظات السورية على الرغم من القوانين و الإجراءات المتخذة،مشيرة إلى مظاهر التلوث و استراتيجية تحديد الأولويات تغطي المشاكل البيئية .
وعرّف قانون البيئة رقم 50 لعام 2002، حماية البيئة: بأنها مجموعة من النظم والإجراءات التي تكفل استمرار توازن البيئة وتكاملها الإنمائي، وتحافظ على بيئة سليمة صالحة للاستمتاع بالحياة والاستفادة من الموارد والممتلكات على خير وجه.. وعرّف أيضاً التلوث: بأنه كل تغيير كمي أو كيفي بفعل الملوثات في الصفات الفيزيائية أو الكيميائية أو الحيوية لعنصر أو أكثر من عناصر البيئة، وينتج عنها أضرار تهدد صحة الإنسان أو حياته أو الأحياء أو صحة وسلامة الموارد الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من القوانين والتشريعات التي تنص على الحفاظ على البيئة سليمة وعدم المساس بها، وعلى الرغم من كل الإجراءات المتخذة، فلا تزال بيئتنا تعاني من التلوث، وهذه التلوثات هي:

تلوث التربة: يُعتبر تلوث التربة في الأراضي الزراعية أحد المشاكل البيئية الرئيسية، وعلى الرغم من أنه لا توجد معلومات وطنية منهجية لتدعم هذه الملاحظة، إلا أنه تمّ تحديد بعض مناطق التلوث الرئيسية والتي تشمل:

– المناطق المحيطة بدمشق: تؤدي التربة الملوثة بمخلفات معامل صهر الرصاص، والمعامل الأخرى «منطقة الدباغات» إلى تلوث المزروعات المستخدمة كغذاء، حيث تم كشف تراكيز عالية من الرصاص والكادميوم والكروم والزرنيخ في المزروعات.

المناطق المحيطة بحمص: يُعتبر تلوث التربة الناجم عن مخلفات الصناعات الكيميائية «خاصة معامل السماد الفوسفاتي» مشكلة كبيرة، لأنه يحدث في منطقة حساسة بيئياً، حيث تؤدي نفوذية التربة إلى إمكانية تسرب الملوثات إلى المخزون الجوفي قليل العمق والمستخدم كمصدر لمياه الشرب.

– المناطق القريبة من حلب: أظهرت نتائج التحاليل التي أُجريت على الخضراوات التي تُسقى بمياه المجاري الملوثة، وجود تراكيز عالية من الزرنيخ تتجاوز الحدود المسموح بها.

التعرية: تُعدّ التعرية الريحية مسؤولة عن حوالي 50٪ من حالات تدهور التربة، وتؤدي إزالة الغطاء النباتي السطحي والرعي الجائر إلى حدوث مثل هذا النوع من التعرية، وتشمل الأسباب ما يلي:

– التوسع في الزراعات. – الاستغلال الزائد للغابات. – الرعي الجائر الناجم عن زيادة أعداد قطعان الماشية.

وتكون التعرية الريحية شديدة في المناطق ذات التربة الخفيفة في شرقي سورية، حيث يُعتبر تطاير الرمال والتركيز المرتفع للجزيئات المعلقة مشكلة كبيرة، وقد أدت الرمال المتحركة إلى انخفاض نسبة الإنتاج في الأراضي المروية في وادي الفرات، حيث أثرت على ما يقارب من 2000 كم2 من هذه الأراضي، كما قُدرت كمية التربة المفقودة نتيجة التعرية المائية في جبال المنطقة الساحلية، التي يصل ميول منحدراتها إلى 12٪ إلى حوالي 20 طناً / هكتار/ العام.

تملّح التربة: يُعتبر تراكم الأملاح في الأراضي المروية مشكلة بيئية، وخاصة بحوض الفرات.

تدهور الأراضي الرعوية الطبيعية: إن من أهم أسباب نمو أنواع نباتية أقل فائدة، وأقل قيمة من الغطاء النباتي الطبيعي، الذي كان يوفر مرعى جيداً لقطعان الماشية ما يلي:

– الإدارة غير السليمة للمراعي. – الرعي الجائر. – التعدي بالفلاحة على أراضي المراعي. – الأعداد الكبيرة لقطعان الماشية. – العوامل التاريخية والاجتماعية المؤدية إلى تغيير للطريقة البدوية في الحياة. – تغيّر نمط الحياة الاجتماعية لدى بعض سكان المناطق الرعوية.

تلوث الهواء

أدى النمو الاقتصادي والتمركز الصناعي والسكاني في المدن، وما يتبعه من نشاطات تجارية واجتماعية وعلمية، وخاصة الزيادة الكبيرة في وسائط النقل، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدن إلى مشاكل بيئية عدة، وفي مقدمتها «تلوث الهواء»، إذ تحولت البيئة من مناطق التجمعات السكانية الكبرى إلى بيئة ملوثة بالغازات والعوالق والمواد الهيدروكربونية والدخان والرصاص والضجيج وغيرها، وانعكس هذا التلوث على صحة السكان ونشاطهم وقدرتهم على العمل في مثل هذه الظروف المستجدة، كما انعكس التلوث في التأثير على الأوابد الأثرية ومواقع التراث الحضاري، وفي انخفاض مساحات المسطحات الخضراء والحدائق والمتنزهات وغيرها.

الوضع الحالي لنوعية الهواء

قامت بعض المؤسسات العلمية " مركز الدراسات والبحوث العلمية، ومركز الأبحاث العلمية والبيئية، وهيئة الطاقة الذرية "، إضافة إلى وزارة الدولة لشؤون البيئة، بإجراء بعض القياسات لفترات قصيرة ومتوسطة الأمد في بعض المدن وبعض المنشآت الصناعية، بهدف وضع تصوّر أولي عن مستويات ملوثات الهواء، ولكن معظم المعلومات التي جرى جمعها تفتقر إلى الشمولية بسبب عدم وجود برامج مستمرة ومنهجية لقياس ومراقبة ملوثات الهواء، سواء في المدن أو في المناطق الصناعية المختلفة.

وتشير نتائج المراقبة المحدودة، التي أُجريت في المدن الكبيرة إلى تدنّي نوعية الهواء، حيث تزيد قيم الانبعاثات عن الحدود الموضوعة في المعايير السورية لنوعية الهواء بشكل كبير.

ونلخّص فيما يلي نتائج حملات المراقبة، التي أُجريت في مختلف المناطق السورية:

الجزيئات العالقة: تشير القياسات إلى أن التراكيز اليومية للجزيئات العالقة الكلية تتجاوز الحدّ المسموح به من منظمة الصحة العالمية 120 ميكروغرام/م3، فقد تراوحت بين 115 و600 ميكروغرام/م3 في معظم المدن السورية.. ومما يجدر ذكره أن تركيز العوالق الكلية مرتفع بشكل كبير في المناطق القريبة من بعض الصناعات، وخاصة معامل الاسمنت، وقد بلغ تركيز العوالق الكلية في مدينة دمشق القديمة، حيث الشوارع الضيقة والاكتظاظ بوسائط النقل وسوء التهوية 1290 ميكروغرام/م3.

كذلك تشير القياسات إلى أن تراكيز العوالق ذات الأقطار الأقل من 10 ميكرون PM10 مرتفعة في كافة المدن السورية، وهي أعلى من الحدود المسموح بها 70 ميكروغرام/م3، وتتراوح بين 118 و287 ميكروغرام/م3. ولتفادي هذه الأوضاع، لا بدّ من تحديد أولويات معالجة الخلل الذي يصيب البيئة، لتكون بيئة نظيفة على مستوى الحدّ المسموح به.

تحديد الأولويات تمّ تصنيف الأولويات البيئية ضمن أربع مجموعات استراتيجية تغطي المشاكل ذات الأولوية البيئية:

1- الاستخدام المستدام للموارد المائية:

يعدّ الاستخدام غير المستدام للموارد المائية من أكبر المشاكل البيئية التي تواجه سورية، لذا يوصى بإعادة النظر في السياسات وإدارة الفعاليات التي تتسبب في استنزاف هذه الموارد، وذلك بهدف الوصول إلى الاستخدام المستدام لها.

2- الاستخدام المستدام لموارد الأراضي:

إن الآثار الرئيسية لتدهور الأراضي تتمثل بتلوث التربة في الأراضي الزراعية، والتعرية التي تؤدي إلى إزالة الغطاء النباتي، والتملح، وتدهور الأراضي الرعوية الطبيعية، وتناقص الغابات، الأمر الذي يؤدي إلى ضغوط اقتصادية وزيادة رقعة التصحر، لذا يوصى بإعادة النظر في السياسات الزراعية، وذلك بهدف الوصول إلى الاستخدام المستدام لها.

3- تحسين الخدمات والبنية التحتية في المراكز الحضرية:

يؤدي التلوث الناجم عن مصادر عديدة، وبالأخص الصرف الصحي والصناعي ووسائط النقل إلى آثار ضارة على صحة الإنسان، هناك حاجة إلى تطبيق إجراءات بيئية، والاستثمار في محطات المعالجة، وإلزام الجهات الملوثة بالمعايير البيئية وحدود الانبعاثات، وذلك لحماية السكان، ولتخفيض حدوث الأوبئة المرتبطة بالبيئة إلى مستويات مقبولة، وهذا يندرج ضمن إطار تطبيق القانون رقم 50 لعام 2002 والخاص بحماية البيئة.

كذلك يتسبب التحول السكاني باتجاه المناطق الحضرية إلى نمو مناطق السكن العشوائي، وقد أربك ذلك قدرات التخطيط الحضري، بسبب الطلب الكبير على السكن والمواقع المناسبة للصناعات الصغيرة، ونتيجة لذلك يجد سكان المناطق الحضرية أنفسهم في بيئة حضرية متدهورة، وينطبق هذا بشكل خاص على هؤلاء الذين هاجروا حديثاً من الريف إلى المدينة، ويمكن تخفيف الضغط عن المراكز الحضرية بتنمية المناطق الريفية، والإلزام بمعايير التخطيط الحضري، وإنجاز المخططات التنظيمية في أوقات مبكرة.

4- التنمية المستدامة للموارد الطبيعية والتراثية:

تعدّ مكونات التنوع الحيوي من أهم الموارد الطبيعية والتراثية الموجودة في سورية، وهي ذات أهمية خاصة للعالم بأسره، كما يُعدّ التراث الحضاري في سورية هو الأقدم في التراث الإنساني. إن التنمية غير المستدامة تتسبب في تدهور هذه الموارد، وبالتالي تهدد مصدراً هاماً للدخل الوطني. إن الهدف من حماية هذه الموارد هو حفظها للأجيال المستقبلية، وتنمية إمكانياتها السياحية والترفيهية ما أمكن.

المصدر
sana

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى