أخبار البلد

عيد الشهداء.. استذكار صانعي حرية الوطن الباقين مثلا أعلى للأجيال

يحيي الشعب العربي في سورية يوم غد السادس من أيار عيد الشهداء الأبرار الذين صنعوا بدمائهم الزكية حرية الوطن وصانوا استقلاله وعززوا صموده وسيادته مستذكراً بكل فخر واعتزاز ماقدمه أولئك الذين تساموا إلى مرتبة الصفاء الروحي وضحوا بأرواحهم لتنعم الأجيال بعدهم .
وأصبح يوم السادس من أيار عيداً قومياً بموجب المرسوم التشريعي رقم 897 لعام 1974 حيث توضع فيه أكاليل الزهر على أضرحة الشهداء وتقرأ الفاتحة على أرواحهم الطاهرة ويعلو صوت المآذن مدوياً الله أكبر وتقرع النواقيس في جميع الكنائس وتطلق المدافع الطلقات تحية لأرواح الشهداء الأبرار وتعزف الموسيقا لحن الشهيد.

ومنذ ذلك الحين أولت سورية اهتماماً بمسألة الشهادة والشهداء لا مثيل له وغير مسبوق حيث أرست سورية دعائم مدرسة استشهادية فريدة من نوعها عززت في ذهن المواطن العربي مكامن القوة والعنفوان والاستعداد للتضحية دفاعاً عن تراب الوطن وفي هذا السياق تم عام 1975 تأسيس مدارس ومؤسسات أبناء الشهداء التي تعنى بهم من جميع الجوانب وخاصة التعليمية والدراسية بدءا من المرحلة الابتدائية وانتهاء بالدراسة الجامعية الأمر الذي جسد الشهادة كقيمة إنسانية مشرفة للأجيال ولأبناء الشهداء أنفسهم وكقيمة عليا في المجتمع.

وتعد هيئة مدارس أبناء الشهداء برنامجا متكاملا لأبناء الشهداء يتضمن تلقي الدروس على أيدي خيرة المدرسين الذين يتم اختيارهم بعناية فائقة إضافة إلى ممارسة جميع أنواع الأنشطة الرياضية والفنية والرحلات الترفيهية إلى جميع المعالم الأثرية والسياحية في سورية.

ويتقاضى أبناء وبنات الشهداء رواتب شهرية طوال فترة تحصيلهم الدراسي بما في ذلك المراحل الجامعية إضافة إلى رواتبهم التقاعدية التي ورثوها عن آبائهم الشهداء وتقدم الدولة منزلا مجانيا لكل أسرة شهيد وقد تسلمت اغلب الأسر هذه المساكن منذ فترة طويلة.

وتمنح زوجات وأبناء وآباء وأمهات الشهداء بطاقات شرف يتلقون عبرها الخدمات الصحية مجانا في جميع مشافي الدولة إضافة إلى حسم خمسين بالمئة من أجور وسائل النقل العائدة للقطاعين العام والمشترك بما في ذلك مؤسسة الطيران العربية السورية ويمنحون أيضاً هواتف مجانية وتخصص لزوجات وأبناء الشهداء مفاضلة لدخول الجامعات الحكومية السورية وتأمين فرص العمل لهم بعد التخرج كما يتم تقديم الهدايا المادية والرمزية لاسر الشهداء في المناسبات الوطنية والقومية تقديراً وتكريما للشهداء واستذكارا لبطولاتهم.

وقد أولى السيد الرئيس بشار الأسد أعظم الاعتبار والتقدير للشهادة والشهداء مؤكداً أن الشهداء سيبقون المثل الأعلى دائماً وأبدا وأن قيمة الشهادة لها دور كبير في الإبقاء على قوة الوطن وعزته حيث قدم سيادته كل صنوف الدعم لمدارس الشهداء ولمشاريع إسكان أسرهم ورعاية ذويهم كما يؤكد في كل مناسبة على القيم السامية للفداء والتضحية وعلى دور الشهادة وثقافتها في تحقيق أهداف أمتنا العادلة والمشروعة وفي مقدمتها تحرير كامل الأراضي العربية المحتلة واستعادة جميع الحقوق العربية المغتصبة.

وسورية التي قدمت على مدى عقود طويلة مضت القافلة تلو الأخرى من الشهداء تدرك المعاني السامية التي جبلت بها الشهادة ودورها في حماية الأوطان والدفاع عن الحق وتحرير الأراضي العربية المحتلة حيث أدرك شعبنا الأبي قيمة الشهادة والشهداء وأن ماحققه من انتصارات عبر تاريخه النضالي يعود الفضل فيه إلى شهدائنا الأبرار الذين استعذبوا الموت فكتبت لهم الحياة والخلود وهكذا كانت حرب تشرين التحريرية التي كتب مقاتلونا إلى جانب أشقائهم العرب فيها ملحمة مشرفة وكذا الأمر في جميع المحطات والمواقف التي قدمت فيه قواتنا المسلحة مواكب الشهداء من أجل النصر والدفاع عن الوطن وتحرير الأرض وعلى امتداد تاريخ أمتنا كانت الشهادة ولا تزال قيمة أساسية ومبدأ راسخاً في الفكر العربي ففي الشهادة حياة للشهيد وللوطن والأمة وفيها تتمثل عظمة شعبنا وروعة عطاءاته اللامحدودة في سبيل حرية الوطن وعزته ورفعته وتبرز قيمة الشهادة بأنبل معانيها حيث تواجه أمتنا العربية تحديات ومخاطر غير مسبوقة تهدد وجودها ومستقبلها معاً الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز ثقافة المقاومة والمواجهة المرتبطة حكماً بمفهوم الشهادة والاستعداد للتضحية بالنفس وهذا ما تجسد في ساحات المقاومة ولاسيما في جنوب لبنان وفلسطين وقطاع غزة حيث واجه أهلنا في القطاع قوى الاحتلال والغزو والعدوان مؤكدين تصميمهم الذي لا يلين على مواصلة نضالهم بكل قواهم وإمكانياتهم مهما عظمت التضحيات واشتدت الخطوب.

وإذا كانت قضية الدفاع عن الأرض والحقوق والقيم شكلت في التاريخ العربي قيمة إنسانية كبرى يجب التمسك بها فإن الشهادة بوصفها متلازمة لهذه القيم ارتقت إلى مصاف القيم والأمثولة التي أسست لكل الملاحم البطولية الخالدة في معارك الدفاع عن الوجود لحركة النضال العربي ضد الاستعمار في جميع مراحله وتطوراته ولذلك مثلت الشهادة والشهداء من خلال ارتباطها الوثيق بحركة التاريخ العربي واحدة من أهم القيم والمثل القومية الخالدة لأمتنا التي فرضتها طبيعة التصدي البطولي للتحديات التي هددت الأمة العربية عبر تاريخها.

وقد أضاءت ملاحم الشهادة والشهداء طريق النضال القومي والوطني لأمتنا العربية فكانت بحق نبراساً أنار الطريق الطويل في معارك الدفاع عن الأمة ومشاعل نور متواصلة يهتدي بها العرب في دفاعهم عن حريتهم وأرضهم وحقوقهم التاريخية في مواجهة التحديات المصيرية فمن شهداء أيار عام 1916 إلى معركة ميسلون وحتى يومنا هذا الذي يواجه فيه المقاومون في الجولان ولبنان وفلسطين المحتلة الغاصبين تؤكد الدروس أن الحرية والاستقلال لا يصونهما إلا دماء المقاتلين من أبناء الأمة الذين استشهدوا والمستعدين للاستشهاد في معارك الشرف وهم يواجهون البغي والعدوان حتى تبقى راية الوطن وعروبة الأمة مرفرفة خفاقة.

ولا شك أن هذه المناسبة العظيمة على شموليتها تعيد إلى الأذهان كوكبة المناضلين العرب من قادة ومفكرين ومتنورين قوميين أدركوا خطورة الاستعمار وسياساته وأهدافه فكانوا كوكبة وراء أخرى في ملحمة الدفاع عن الأرض والكرامة العربية بدءاً من كوكبة شهداء عام 1913 في دمشق و1914 و1915 في بيروت ومن ثم السادس من ايار في دمشق عام 1916 لتتواصل معركة الدفاع عن الارض عبر الملاحم البطولية اللاحقة عبر الثورات الوطنية ومن ثم في معارك الدفاع عن فلسطين عام 1948 ومن ثم حرب تشرين التحريرية عام 1973 ومعارك تحرير القنيطرة ثم في معارك الدفاع عن عروبة وسيادة لبنان وعن كرامة الوطن وحريته واستقلاله لتأتي الملحمة البطولية المستمرة لاهالي قطاع غزة البطولية ضد العدوان والممارسات الإسرائيلية.

بواسطة
صالح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى