أخبار البلد

السيدة أسماء الأسد تفتتح قاعة عرض الفسيفساء في قلعة دمشق

افتتحت السيدة أسماء الأسد مساء أول أمس قاعة عرض الفسيفساء في قلعة دمشق في إطار مشروع التنمية والتعاون السوري الإيطالي من أجل إعادة تأهيل المتحف الوطني وقلعة دمشق.
وتحتوي القاعة على لوحات فسيفسائية نادرة تعود إلى الحقبة البيزنطية وهي عبارة عن أرضيات كنائس تبلغ مساحتها الإجمالية 50 مترا مربعا اكتشفت أثناء أعمال التنقيب في شمال سورية ما بين عامي 1950 و1972 وتتميز المواضيع الرمزية في هذه اللوحات بوجود مشاهد حيوانية ونباتية.

وجالت السيدة أسماء الأسد في القاعة واطلعت على اللوحات التي تم ترميمها وإعادة تأهيلها بإشراف مؤسسة رافينا انتيكا الإيطالية وفريق من المرممين السوريين.

وتشكل هذه اللوحات شهادة هامة عن مدى غنى التراث الثقافي السوري الذي يحتضن آثارا تعود إلى عشرات الحضارات التي ازدهرت في سورية وتجسد جميعها تاريخا إنسانيا بالغ التنوع والعطاء يربط بشكل خاص ثقافة الشرق بالغرب.

ويعد الحفاظ على هذه الآثار واظهار جمالها وأهميتها مصدرا حيويا للتنمية من خلال استثمارها سياحيا بما ينعكس إيجابا على مصلحة الوطن والمواطن عبر توفير المزيد من فرص العمل للشباب.

وكان السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء قاما بتدشين المرحلة الأولى من مشروع ترميم قلعة دمشق في شهر تموز من العام 2006.

وتجدر الإشارة إلى أن التعاون التقني بين سورية وإيطاليا في مجال الترميم وجهود بعثات التنقيب الإيطالية عبر تعاونها مع الكوادر الوطنية السورية كان لها الفضل في اكتشاف مواقع أثرية هامة في سورية جسدت جزءاً من الإرث الثقافي والتاريخي لسورية ومساهمتها في الحضارة الإنسانية على مدى التاريخ كما أنه يرسخ التواصل الحضاري بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط.

وتبلغ مساحة قلعة دمشق 31760 متراً مربعاً وتعود أقدم سوية فيها إلى عام 2600 قبل الميلاد وقد بدأت المرحلة الأولى من أعمال الترميم فيها عام 1984 حيث تم تأهيل النصف الجنوبي من القلعة.

ومن أهم معالم القلعة الأبراج السبعة الموزعة على محيط القلعة والتي أنشئت في فترات زمنية متعاقبة وبأشكال مختلفة تتناسب مع الوظائف التي كانت تنشأ من أجلها.

وقد عثر خلال الأعمال الأثرية للقلعة وعمليات الترميم على اكتشافات مهمة ساهمت في تقديم معطيات تاريخية ومعمارية وأثرية مهمة من بينها القاعة الأيوبية المناظرة لقاعة العرش والخوذ المملوكية والحمام المملوكي والبقايا المدفنية العظمية التي تعود لمنتصف الألف الثالث قبل الميلاد والبوابات الجانبية العائدة إلى القلعة الأيوبية.

كما شملت المكتشفات باب السر الغربي الذي يعود للقرن الثالث عشر وجسر الخندق للبوابة الشرقية في آخر مراحله العائدة إلى القرن السادس عشر وبقايا عناصر معمارية مثل البدنة الأيوبية والعناصر السلجوقية وبقايا من اللبن ربما تعود لحصن القرن العاشر.

ومع اختتام هذه المرحلة من ترميم قلعة دمشق يمكن الإشارة إلى أن الحفاظ على الآثار قد اقترن مع التعاطي معها وإظهار جماليتها وتقديمها للعالم ثروة تاريخية وسياحية قادمة من الماضي وحاضرة كإرث قيم يتم استثماره للأجيال الحالية والمستقبلية.

وأشار الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة خلال حفل الافتتاح إلى أهمية التعاون المشترك في مجال الآثار بين سورية وايطاليا بهدف نشر حضارة إنسانية وتقديم نموذمج متميز من الثقافة للانسانية التي تؤكد أن سورية شريك أساسي في صنع حضارة المستقبل لأنها كانت على مدى التاريخ منبع الحضارات، لافتا أنه من خلال العمل بين الخبراء الأثريين السوريين والايطاليين فإننا نحيي الجانب الايجابي المشترك لنقدم للعالم نماذج مبهرة من لوحات الفسيفساء وما تحمله من معاني فنية نقرأ فيها أساطير وتاريخ أمم وتطورها.

وقال إنه بالتعاون المستمر تم اكتشاف مزيد من اللوحات في مناطق مختلفة من سورية معرباً عن شكره للحكومة الايطالية ودعمها للتعاون المستمر في عدد من المشاريع فيما تحقق وأيضا لفريق العمل الايطالي لاخلاصه لعمله في اظهار هذه القيم الجمالية التي تعد رمزا من رموز الحضارة.

بدوره أعرب اكيلي اميريو سفير ايطاليا بدمشق عن سعادته بالتعاون في إنجاز هذا العمل الرائع بالتعاون بين الخبراء السوريين والايطاليين في مجال الآثار والذي كان وراءه دعم الحكومة السورية وتوفيرها كل التسهيلات اللازمة للخروج بهذا العمل الفني الحضاري إلى دائرة الضوء، مؤكدا دعم الحكومة الايطالية لسورية في جهودها الرامية إلى الحفاظ على كنوزها الثقافية وإعادة تأهيل الأعمال الفنية والحفاظ عليها، لافتا إلى أن ترميم هذه اللوحات ينقل رسالة لأجيال المستقبل قصص الماضي من التاريخ العريق.

من جانبه أشار الدكتور بسام جاموس مدير عام الآثار والمتاحف إلى التعاون القائم بين سورية وإيطاليا في مجال الآثار منذ عام 1964 من خلال البعثات الأثرية الايطالية ومديرية الآثار والمتاحف في سورية والتي أفضت إلى نتائج أثرية مهمة وإعادة الحياة إلى كثير من لوحات الفسيفساء التي لن يكون آخرها اللوحات التي تحتضنها قاعة الفسيفساء في قلعة دمشق، مشيراً إلى وجود مشروع عمل جديد بالتعاون مع الحكومة الايطالية في معرة النعمان في محافظة ادلب وحماة.

ويظهر هذا الجهد الكبير الذي أخرج هذه اللوحات المدهشة إلى دائرة الضوء العمل المثمر والناجح بين فريق الترميم من المدربين الإيطاليين والفريق السوري من مدربين ومتدربين.

وأوضح محمد صبيح من دائرة آثار معرة النعمان في إدلب أنه إضافة إلى كوننا متدربين اسهمنا بصورة فعلية وميدانية في عملية الترميم لاسيما إخراج اللوحات من المستودعات وعرضها بطريقة حديثة على حوامل جديدة مدروسة يمكنها المحافظة عليها وصونها لفترة زمنية طويلة لافتا أن الشهادات التي منحت لنا في نهاية هذا العمل الاثري المهم هي بمثابة شكر على الجهد الذي قمنا به ودافع للاهتمام في مجال عملنا والحفاظ على ما نمتلك من ثروة حضارية.

وأشار جواد عقلة أحد المتدربين والمرممين من دائرة آثار حمص إلى الفائدة الكبيرة التي أضيفت إلى خبرته كمرمم آثار من خلال الاحتكاك المباشر مع أحدث الوسائل بالترميم و الحوار المباشر مع المدربين الايطاليين بما يشكل رصيدا معرفيا وخطوة أولى لوضع مشروع عمل للمستقبل بالحفاظ على اللقى الأثرية قائلاً: نحن فخورون بما أنجزناه وحصولنا على الشهادة في نهاية هذا العمل الجميل الذي يزودنا بقراءة جيدة مستقبلية بما يتعلق بالحفاظ على الارث الحضاري الذي نمتلكه.

وجرى خلال الافتتاح عرض فيلم وثائقي عن مراحل العمل من إخراج اللوحات من خلف أبواب العتمة إلى النور في رحلة امتدت على مدى ستة أشهر من العمل الفني الدقيق وحتى عرضها بطريقة فنية جميلة تثير الاعجاب بما تحمل من قيمة جمالية و حضارية وفنية.

بواسطة
صالح

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى