المنوعات

اكتشاف طبي سوري.. وداعاً لاستئصال الثدي

السرطان.. هذا المرض الذي لا يزال الكثير منا لا يحب حتى سماع اسمه، المرض الذي ترتعد لها فرائصنا وتقشعر لها أبداننا بترديد أحرفه على مسامعنا.
مرض ينتشر بخلايا الجسد كانتشار النار في الهشيم إذا ما تمكن منه ولم نستطع الكشف عنه مبكرا.. يسبب لمرضاه حالة من الكآبة والانطواء والخوف من كل شيء والابتعاد في حالات كثيرة حتى عن تفاصيل الحياة اليومية العادية.

مرض خطير تعجز بضع كلمات عن وصفه ولكننا محكومون بالأمل.

نقف اليوم على نوع من أنواع هذا المرض الآخذ بالازدياد والانتشار في مجتمعنا وهو سرطان الثدي العدو القاسي الذي لا يرحم المرأة عندما يحل بها فيسلبها جوهرة ثمينة من عقد أنوثتها ليتركها غارقة في بحر أحزانها وآلامها كسفينة غدرت بها الأمواج وتخلت عنها أشرعتها وضاعت موانئها.

ولأن لكل داء دواء وبوجود علماء واختصاصيين باحثين عن كل جديد في الطب لا يملون ولا يكلون من البحث والتجريب مجتهدين لاكتشاف ما يناسب لكل داء استعصى على العلاج بابتكار طرق وأساليب جديدة .. علينا التفاؤل بإنتاجهم.

وفي حديث خاص لموقع سانا تحدث أمس الدكتور محمد عامر الشيخ يوسف اختصاصي علم الأورام عن مرض السرطان فقال: إن الخوف من المرض هو أخطر من المرض ذاته فالخوف من السرطان يؤدي إلى التأخر بالكشف عنه وبالتالي وصول المرض إلى مراحل متقدمة عند المريض ما يسبب له حالة من الاكتئاب واليأس واستياء حالته ما يجعل العلاج أكثر صعوبة.

وأضاف: لقد تمكنا من خلال البحث الأخير الخاص بعلاج سرطان الثدي من الوصول إلى نتائج جيدة ومتقدمة بالمحافظة على الثدي المصاب دون اللجوء إلى استئصاله محققين بذلك انجازا علميا متميزا لسورية في هذا المجال باستعمال العلاج الكيماوي المطور ما قبل الجراحة الذي يقوم على إنقاص حجم الورم وزواله أحيانا مع الحفاظ على عدم تساقط الشعر عند المريضة.

وعن أسباب انتشار المرض قال الدكتور الشيخ يوسف: هناك أسباب عديدة مشكلة لهذا المرض منها تغير نمط الحياة السائد وعدم ممارسة الرياضة البسيطة والاعتماد على الوجبات السريعة وقلة الحركة بسبب تطور الحياة وعدم الزواج والإنجاب وعدم اللجوء إلى الرضاعة الطبيعية وزيادة الوزن الذي أثبتت دراسات كثيرة ارتباطه مباشرة بتشكل سرطان الثدي عند كثير من الحالات بالإضافة إلى العامل الوراثي.

وأشار الباحث الشيخ يوسف إلى أن هناك أدوية خاصة تعطى للوقاية من السرطان للزمر المعرضة له وراثيا وذلك بعد التأكد منها عن طريق دراسة وراثية دقيقة وهذا الدواء موجود ومتوافر في سورية بما يتلاءم مع أوضاع الشريحة الأوسع في مجتمعنا اقتصاديا من حيث التكلفة مطمئنا المصابات بهذا المرض بتحقيق نسبة عالية من النجاح بالمحافظة على الثدي دون التسبب بالتشوه وارتفاع معدلات الشفاء بالمحافظة على الطرف المصاب وهذه معادلة صعبة تم انجازها وتستحق المحاولة والتشجيع أكثر.

وللدكتور الشيخ يوسف الباحث في علم الأورام عدة أبحاث في هذا المضمار كان آخرها بحثه المقدم إلى مؤتمر الجمعية الأميركية للسرطان الاسكوا بعنوان "علاج سرطان الثدي دون اللجوء إلى الاستئصال" وله مؤلفات عدة عن الأورام وتعد مراجع علمية في مختلف جامعات الوطن العربي كونها أول كتب باللغة العربية عن الأورام إضافة إلى أنه حصل على جائزة الباسل لأربع سنوات متتالية في هذا المجال.

ويعمل الآن على عدة أبحاث في الأورام (البلعوم والمري والمعدة) ستبصر النور قريبا.

وفي حديث مماثل مع الدكتور أكرم العباس اختصاصي أمراض وجراحة وتجميل الثدي قال: إن فكرة الحفاظ على الثدي انتشرت بشكل أوسع في العالم منذ خمس سنوات وطبقت الفكرة لأول مرة في عام 1971 في كل من الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا والسويد حيث قام الجراحون باستئصال كتلة الثدي وتجريف الإبط ما يؤدي إلى تشوه كبير بالشكل وفي حالة المريضة النفسية وكان لا بد من التفكير بالحفاظ على الثدي جراحيا وساعد على ذلك فهم آلية تكون السرطان ما أدى إلى الحد من الاستئصال الجراحي وتسليط الضوء على العلاج الكيماوي لاستجابة هذه الكتل للعلاج بشكل كبير فهو يقوم على إنقاص حجمها وأحيانا كثيرة إزالتها وبالتالي يكون دور الجراحة أكثر إيجابية بالمحافظة على الثدي بإزالة الكتلة المتورمة فقط.

وأضاف الدكتور العباس إنه يمكن الإبقاء على شكل الثدي الطبيعي بنسب نجاح عالية جدا مشيرا إلى أنه تم إجراء أكثر من 700 عملية من هذا النوع منذ عام 2005 وحتى الآن محققة نتائج جيدة جدا.

وعن الحالات المتقدمة التي يتعذر بها الحفاظ على الثدي قال: هنا لا بد من الاستئصال الكامل مع إمكانية إعادة الثدي إلى قياسه الطبيعي باستعمال مواد محفوظة ضمن غشاء مرن لا يتفاعل مع المحيط.

وذكر الدكتور العباس أن هناك دراسة أجريت على 320 مريضة طبق عليها العلاج الكيماوي قبل الجراحة وتم استئصال الكتلة وتجريف الإبط وكانت نتائج حدود القطع الخزعة سليمة مئة بالمئة ما يؤكد ضرورة استعمال العلاج الكيماوي قبل الجراحة الذي أعطى نتائج إيجابية كبيرة بالمحافظة على الثدي بشكل مؤكد.

والدكتور العباس خريج جامعة دمشق عام 1989 ويعمل بالتعاون مع الدكتور الشيخ يوسف بأمراض وجراحة وتجميل الثدي دون استئصال. وفي نهاية الحديث ركز كل من الشيخ يوسف والعباس على أهمية دور الإعلام في تثقيف وتوعية الناس بهذا المرض وغيره من الأمراض الخطيرة التي تداهمنا دون طلب الإذن منا بتسليط الضوء على المؤتمرات والندوات والمحاضرات لكونه صلة الوصل بين الاختصاصيين في المجالات كافة وبقية أفراد المجتمع وإنشاء مراكز مختصة بالمسح للمساعدة على الكشف المبكر عن السرطان.

وأشارا إلى أهمية إشراك المريضة في العلاج بالتركيز على رغبتها في العلاج ومصارحتها بطرقه ما يعكس أثرا إيجابيا على حالتها النفسية وبالتالي المساعدة الكبيرة في نجاح العلاج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى