إدارة أوباما تغازل دمشق وتخسر لعبة عض الأصابع
قبل عامين انتقدت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لسوريا واجتماعها مع الأسد، وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الأبيض حينها: لا نعتقد انها فكرة جيدة،
وأضافت: "هذه الدولة (سوريا) دولة راعية للإرهاب وتحاول عرقلة حكومة السنيورة في لبنان وهي التي تسمح لمقاتلين أجانب بالدخول إلى العراق عبر حدودها"…. ترى ما الذي تغير؟؟، عراب الخلاف السوري الأمريكي وأبرز مهندسي توتر العلاقات بين دمشق وواشنطن السفير الأمريكي السابق بلبنان جيفري فيلتمان ومعه مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي دانيال شابيرو في دمشق يجتمعون بوزير خارجيتها ويتحدثون كلاماً منقوعاً بماء الزهر عن دور إيجابي يمكن أن تلعبه سورية في المنطقة.
منذ متى أصبح الدور السوري إيجابياً في عين أمريكا ومنذ متى باتت هناك قواسم مشتركة ونقاط اتفاق بين اللدودين دمشق وواشنطن، سؤال بحجم المنطقة وتفاعلاتها!، والإجابة الدقيقة فقط في المنزل الأبيض للعم أوباما صاحب التغيير الموعود، هل هو التغيير أم تغير الظروف وسقوط فرضيات لي الأذرع وتحطيم العظام التي جهد مسؤلو الإدارة السابقة لإثباتها بأي شكل وتحت أي ظرف ومهما كلف الأمر من ثمن.
هو ليس "التغيير" الذي أوصل أوباما إلى البيت الأبيض ما دفع مسؤوليه لزيارة دمشق ومغازلتها، وإنما هي لعبة عض الأصابع التي أتقنتها دمشق جيداً وعاشت زمناً طويلاً من فصولها منذ عقود كان فيها الراحل حافظ الأسد أبرز متقني هذا النوع من المنافسات وتحديداً مع الإدارات الأمريكية التي تعاقبت على مقارعته.
سئمت واشنطن من حديث الحدود السورية غير المضبوطة مع العراق ودور سوريا في تردي الأوضاع الأمنية هناك وتعبت من لغة المطالبات غير المجدية في ضبط الحدود ومنع تسلل المقاتلين إلى أرض الرافدين، وأيقنت أن السياسة لا تُدار بمحركات حنرال موتورز التي ستعلن إفلاسها قريباً، بل عبر الحوار والاستماع للطرف الآخر، والأبرز من كل هذا هو سقوط نظرية القضاء على المقاومة في كل من لبنان وفلسطين متمثلة بانتصار حزب الله في حرب تموز 2006 وحماس في غزة 2009 وصدمة المفاجئة التي تلقتها أمريكا بصمود ثنائة (حزب الله ـ حماس) والتي أفرزت صحوة غربية وإمريكية بانت نتائجها عبر حديث عن ترحيب أوروبي بحكومة وحدة تكون حماس أبرز مكوناتها، ورسائل بريطانية لحزب الله بهدف الحوار معه وهي أي بريطانيا التي أدرجته قبل أشهر فقط على لائحة المنظمات الإرهابية.
وأخيراً لنعيد ثانية قراءة زيارة فيلتمان لدمشق ووصفه المحادثات بالبناءة "للغاية" وقوله: ناقشنا مجالاً واسعاً من القضايا الإقليمية إضافة إلى العلاقات الثنائية وآمل إحراز تقدم في العلاقات الثنائية والوصول إلى نتائج حول مختلف قضايا المنطقة